مع ارتفاع عدّاد الضحايا الفلسطينيين في الوسط العربي (أراضي الـ 48)، وبلوغه مستوى غير مسبوق، جرّاء حرب منظّمات الجريمة العربية فيما بينها، أبدى المستوى السياسي الرسمي الصهيوني اهتماماً علنيّاً واضحاً بهذا الملف، الذي لم يزدد مع الوقت إلا تفاقماً وتشعّباً. ويأتي ذلك في ظلّ ارتفاع صرخة المجتمع العربي، الذي يئنّ تحت وطأة هذه الظاهرة المتنامية، وأيضاً في ظلّ شكوك واتهامات بتواطؤ أو غضّ طرف رسمي تاريخي، الأمر الذي أوصل ظاهرة القتل المتبادل بين منظّمات وعائلات الجريمة في المجتمع العربي إلى حدّ صدرت معه تحذيرات من أن تنتشر هذه الظاهرة أيضاً لدى الجمهور اليهودي.
لطالما كان ملفتا حجم السلاح الموجود بين أيدي العصابات في المجتمع العربي دون تدخل او حتى محاولة الشرطة الصهيونية لانتزاعه منهم او محاربتهم ، بينما تجدها عند كل مفترق في حال كان السلاح متوجه لفلسطيني لديه خلفية قومية ، و يتهم الاهالي الشرطة الصهيونية بانها تغض الطرف بل وتدعم وصول السلاح الى عصابات الجريمة المنظمة في المجتمع العربي .
تركَّز الخطاب الحكومي الصهيوني، خلال الأيام الأخيرة، لاسيّما بعد “مجزرة يافة الناصرة” التي ذهب ضحيتها خمسة فلسطينيين دفعة واحدة، تركّز على إدخال جهاز الشاباك على خط مكافحة الجريمة في المجتمع العربي، الأمر الذي تجلّى في تصريحات لعدد من المسؤولين على رأسهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي يُعدّ من الداعين لتوسيع مهام “الشاباك” لتشمل مكافحة الجريمة الجنائية في المجتمع العربي، وقد أعلن نتنياهو تعليقاً على “المجزرة” أنّه عازم على إدخال الشاباك في جهود مكافحة الجريمة في المجتمع العربي.
يُذكر أنّ تعامل الشاباك مع ملفات جنائية (غير إرهابية) يتطلّب تعديلاً قانونياً، يُتوقّع أن يلقى مُعارضة المستشارة القضائية للحكومة .
ويتخوّف البعض في الكيان الصهيوني من أنّ فتح قانون الشاباك، وإضافة مهام إليه، يمكن أن يكون بداية منزلق، إذ سيكون عليه، في المرحلة الأولى، معالجة الجريمة في الوسط العربي، ولاحقاً الجريمة في الوسط اليهودي، الأمر الذي سيكون له انعكاسات سلبية على حقوق الفرد والحياة الديمقراطية.
وعلاوة على الانقسام الإسرائيلي (اليهودي) حول توسيع مهام الشاباك، فإنّ ثمّة تباين في الرأي حول هذه المسألة داخل المجتمع العربي نفسه، بين مؤيّد ومعارض لفتح أبواب المجتمع العربي أمام تدخّلات الشاباك.
على خلفية تصاعد مؤشّرات وأرقام الجريمة في المجتمع العربي داخل أراضي الـ 48، وتحطيمها أرقاماً قياسية (أكثر من 100 قتيل منذ مطلع السنة الحالية) خصّص الإعلام العبري بأنواعه كافّة مساحات واسعة نسبياً لتناول هذه الظاهرة المتنامية. ودار النقاش الإعلامي حول عدد من المحاور، برز منها محور توسيع مهام الشاباك، لمساعدة الشرطة الإسرائيلية في مكافحة الجريمة في المجتمع العربي.
وذكر مُعلّقون أنّ للشاباك عدّة أسباب للتحفّظ على مشاركة واسعة في مكافحة الجريمة الخطرة في الوسط العربي: الخشية من غياب إلمام عناصره في هذا المجال (مكافحة حماس لا تشبه متابعة عائلة الجريمة العربية)، والخشية من تحويل موارد على حساب مكافحة الإرهاب، وخطر تسرّب معلومات عن الوسائل والأساليب التي يستخدمها الشاباك إلى منظمات “الإرهاب”.
النقاش حول محاسن ومساوئ توسيع مهام وصلاحيات الشاباك، تفرّع للحديث عن واقع الشرطة الصهيونية المتردّي، وهو أمر يحظى باتفاق واسع في الكيان لصهيوني ، بأنّ واقع الشرطة سيّئ، ويحتاج إلى معالجات جذرية، وهو جهاز بحسب مُعلّقين “ضعيف ومتخبّط وملكوم، إذ تنقصه عناصر وموارد وقيادات كافية في الأركان والألوية والوحدات”.
وحول واقع الشرطة يعترف مسؤولون فيها بأنّها ضعُفت في أعقاب مشكلة خطرة في القوّة البشرية. حيث ينقها اليوم حوالى 700 شرطي دورية من ضمن 3500 من المفترض أن يشكّلوا قوّة رد أوّلي، وهناك أقل من 2500 شرطي. كما أنّ عدّة محطات شرطة ليس لديها قوّة رد.
ويعتقد مُعلّقون أنّ تحويل عناصر الشاياك أو وسائله إلى الوسط العربي سيأتي على حساب مهام أُخرى، من إحباط هجمات في الضفة الغربية، والجهوزية لمعركة في غزة، وصولاً إلى الصراع الدائر مع إيران في تهريب وسائل قتالية وهجمات عملانية وسيبرانية.
المصدر: قناة المنار