ضربت معركة طوفان الاقصى عمق الوعي الصهيوني وضربت هيبة الجيش الذي لا يقهر بحسب رواياتهم واساطيرهم، كما حفرت في العقل الجمعي لمجتمع الكيان صورة الجيش المهشم والمذلول، صورة جنود تساق كالاغنام من داخل دباباتهم الاسطورية، لتشعل النار بين الالوية عسكرية والمؤسسة الامنية، حول من يتحمل الفشل.
أما النتيجة المباشرة الثانية ليوم الطوفان كان ضرب اتفاقات المذلة التي سميت باتفاقات ابراهام وعودة القضية الفلسطينية الى واجهة العالم العربي والغربي بل الى العالم كله، بعدما حاول الغرب وبعض المتخاذلين من العرب طمسها اما الضربة الثالثة كانت لمجتمع الكيان من الدخل حيث ظهر انقسام سياسي عامودي جعل بعض المحللين الصهينة يتحدث عن احتمال نشوب حرب اهلية.
أمام هذه الوقائع اضطر الكيان أن يخوض حربا نفسية في محاولة لاعادة التوازن لدى الجمهور الصهيوني، بالاضافة لبث السموم لدى بيئة المقاومة في لبنان والخارج لمحاولة بث الخلاف وايجاد الفرقة بين المقاومة وجمهورها.
المستوى الأول من التأثير النفسي موجه للجمهور داخل الكيان من خلال الضخ الإعلامي والتصريحات الرسمية متوجهين فيها لتهديد المقاومة وتضخيم منجزات العدو وقدرته على تدمير حماس, فخطابات الكيان تمجد قوة جيشه ويتفاخر بها. وقد سعى نتنياهو إلى زيارة الجبهات وأخذ الصور معهم كرسالة إلى شعبه أنه والجندي معا.
أما المستوى الثاني فكان موجه للمقاومة وبيئتها, وهنا يُظهر الكيان الصهيوني أسوأ ما لديه من تداول صور دموية عنيفة من اغتيالات وتفجيرات ومذابح لدرجة أنه يُضحي بسمعته أمام الرأي العام في سبيل ترهيب الناس والرأي العام اللبناني واللجوء إلى استخدام عبارات لها أثر نفسي (احذروا وحذّروا أبناءكم) والتشكيك الدائم بجدوى المقاومة، فهي بحسب رواياته تتكلف تكلفة باهظة لمحاربة الكيان ولكن دون فائدة تُذكر. ومن جانب آخر نجح كيان العدو في إنشاء حسابات مزورة وغير مزورة ناطقة بالعربية و أهمها صفحة (أفيخاي أدرعي) في سياق بث الحرب النفسية لجمهور المقاومة.
المستوى الثالث فهو موجه للداخل الصهيوني وشعب المقاومة معاً. أولاً من خلال بث الأفلام المصورة لأي عملية اغتيال أو تهديد أو استهداف مما يترك أثراً نفسياً سيئاً لدى المستهدفين ولو في المرحلة الأولى مابعد الاستهداف. وثانياً من خلال التضليل الإعلامي والتعتيم من جانبهم في إخفاء الخسائر وبذات الوقت تعظيم وتهويل خسائر المقاومة.
لقد تم استخدام أدوات جديدة في تلك الحرب النفسية الصهيونية, فإن نشر الترويع بين الناس وكسر إرادة المقاومة هو هدفاً أساسياً لتحقيق هزيمة المقاومة من مبدأ أن الحرب النفسية جزء مهم لإنجاح الحرب العسكرية.
هذا ما سعى إليه الاحتلال من خلال إرسال رسائل شخصية عبر الهواتف النقالة للمواطنين الفلسطينيين إما للتهديد أو الترغيب لترك المقاومة. واستخدام الطائرات المسيًرة المؤذية للمواطن وتعد من التقنيات المستجدة في الحرب النفسية.
كل ما سبق جاء لتحقيق هدف العدو في إقناع الرأي العام بأنه لا جدوى من مقاومته وبذلك سيكون من الإمكان إضعاف الروح المعنوية لدى البيئات المؤيدة للمقاومة و رفعها لدى البيئة الشعبية الإسرائيلية.
ولعل ما حدث في الايام الماضية خير دليل على المحاولات الصهيونية الدائمة لتقليل اهمية المقاومة، فجند لذلك كل ما امكنه من وسائل اعلام غربية وعربية وصهيونية وعلى رأي القنوات العربية كانت (قناة العربية) لايهام الرأي العام الداخلي الصهيوني بأن رد المقاومة فشل وان المقاومة لم تستطع تحقيق الهدف ولاقناع الرأي العام العربي ان لا جدوى من صواريخ ومسيرات حزب الله. ولكن الواقع يقول ان 12 قاعدة عسكرية ضربت في الشمال بالاضافة لوصول المسيرات لعمق 100 كلم وضرب مركز وحدة 8200 الصهيونية.
كما يقول ايضا ان جبهة الاسناد لا زالت مستمرة وان الهدف الرئيسي التي انطلقت منه المقاومة في اسنادها لغزة في 8 تشرين لا يزال على رأس الاهداف وهو نصرة المقاومة في غزة دون اشاحة الانظار العالمية الى أي مكان آخر.
المصدر: بريد الموقع