الصهيونية والتكفير… توحشٌ واحد بقيادةٍ واحدة – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصهيونية والتكفير… توحشٌ واحد بقيادةٍ واحدة

العدوان على غزة
علي علاء الدين

الإبادة المتوحشة هي عنوان ما يمارسه الكيان الصهيوني بحق شعب غزة وشعب لبنان، وما يمارسه الأميركي بحق الشعب اليمني، وما دأب على ممارسته التكفيريون حيثما حلّوا، وآخرها كان في الساحل السوري. الإبادة المتوحشة هي عنوان المرحلة الراهنة من المصير المشترك للمنطقة العربية، المعزولة عن الحياة بفعل تطلعات المتوحش الأكبر في بسط السيطرة على مقدرات الأرض العربية، وحماية كيانٍ مسخٍ مزروعٍ في هذه المنطقة.

ما كانت تراه القوى الاستعمارية سابقًا مصلحةً في نهب ثروات الأمة العربية، باتت تراه اليوم، عبر عرّابها الأميركي، موطنًا لمشاريعها ومرتكزاتها الاقتصادية، عن قرب وبتماسٍّ مباشر.

ورغم إعادة ترتيب أولوياتها في المنطقة، فإنها لا تزال تعتمد على غريزتها الأساسية وأسلوبها الوحيد: الغريزة القائمة على إبادة الآخر المقاوم لمشروعها النهبوي.

أميركا التي تضرب بعرض الحائط كل الشرائع والأخلاقيات والقيم، تجسد صورة واضحة عن الصهيونية، فيما يُراد للعرب أن يكونوا وقودًا لبقائها وترسخها، وإعادة هيكلتها وفقًا لخرافة “الأرض الموعودة”، كأكبر كذبة عرفتها البشرية.

التوجه لإبادة الأقليات في سوريا هو ذاته التوجه لإبادة الأكثرية في غزة، وهو توجه لإبادة حركة المقاومة اليمنية، بالتزامن مع ضرب الأرضية الشعبية للمقاومة اللبنانية.

في النتيجة، الإبادة الوحشية التي تمارسها أميركا والصهيونية والفصائل الإرهابية التكفيرية، هي إبادة موحدة المصدر، مشتركة الإدارة، متناغمة الأسلوب والأداة: ذبحًا، تفجيرًا، قصفًا جوّيًا، وجرائمَ بريةً، بكل ما يمكن فعله لاستكمال مشهد “بقاء المجرم” على حساب هوية الأرض وأهلها.

مجزرة العُرس اليمني نموذجٌ متكررٌ استهدف المدنيين العزّل، وتصدّر الطيران العربي الحليف للأميركي سماء اليمن، مستهدفًا أمنه واستقراره، ناشرًا الخوف والترهيب والموت المجاني بحقّ من هم في الحقيقة ضحايا أطماعهم لكسب ودّ “الشيطان الأكبر”، مستندين إلى منهجية قتل “الآخر” الذي لا يشبههم عقائديًا، كحجة ومبرر للإبادة.

في اليمن، تم التبرير على خلفية “الاقتتال اليمني الأميركي” وفق ادّعاءاتهم، عازلين اليمنيين عن عروبتهم الحقة. وسبقت اليمنَ مجازرُ العراق كمجزرة “سبايكر” وغيرها، التي يُدمى لها القلب، وكانت الحجة فيها طائفية.

وفي سوريا، استخدموا المبرر ذاته لتدمير البلاد وإبادة أقلياتها، بطريقة منظمة ودقيقة، مستهدفين القرى ذات اللون العلوي، ليس فقط لذبح العلويين، بل لتوجيه رسالة إلى جميع الأقليات في سوريا، كخطوة أولى لتحجيم الشعب السوري وتأطيره، سعيًا إلى تقسيم يُسهّل استمرار التجزئة ويسهّل السيطرة.

في غزة، لم يكن المبرر طائفيًا. لم يحتج الصهاينة إلى أي تبرير لإبادة غزة بالكامل، على مرأى ومسمع العالم. ولم تنجح كافة الاحتجاجات العالمية في وقف الإجرام المستمر هناك، كما لم تفلح المحاولات الخجولة في وقف المذابح بحق السوريين، ولا الاعتداءات المتواصلة على الشعب اليمني.

انصبّ الحقد الأكبر على بيئة المقاومة اللبنانية، ليُستكمل بذلك ملف الإجرام ويُطبّق بأبشع صورة، ولكنهم لم يُغلقوا بابه بعد، فشرّهم يستبيح العروبة بكل أطيافها السياسية والدينية والفكرية، إن لم تعد البوصلة إلى توجهها الصحيح.

سوريا، غزة، اليمن، لبنان… باتت ساحات لتفعيل مشروع “إسرائيل الكبرى”.

فالتوحش والإرهاب غير المسبوقين اليوم يسعيان إلى خلق صدمة على أوسع نطاق، شعبي وحكومي، تمهيدًا للقبول بالوجود الإسرائيلي، بل والمطالبة به، إنْ قورن بالأفعال الدموية التي يمارسها التكفيريون.

المشترك بين الإرهاب والصهيونية لا يقتصر على أسلوب القتل والوحشية، بل يشمل أيضًا السعي لاستبدال القيم الأخلاقية النابعة من الوطنية والعقيدة والمصلحة المجتمعية، بقيم دخيلة تنسجم مع غايات العدو، ضمن مشروع ما بعد الحداثة.

وهذا ما يجب أن يأخذه الفكر المقاوم بالحسبان، من خلال إعادة صياغة فكرية مناسبة للمواجهة الأشرس، ضد فكر العدو الإبادي الإرهابي التكفيري الصهيوني المتوحش.

المصدر: موقع المنار