ركزت افتتحيات الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم 27 ايلول 2021، على نشاط الرئيس ميقاتي وسعيه لتامين الدعم الدولي لحكومته ووعد الرئيس ماكرون له بالتواصل مع دول الخليج باستثناء السعودية، في حين استمر تفاعل قضية نيترات البقاع وخصوصا بعد تقرير الجيش اللبناني.
الاخبار
الجيش: نيترات البقاع تُستخدَم للتفجير ونسبة الآزوت 34.7 في المئة وقابلة للتفجير
من أين دخلت نيترات البقاع إلى لبنان؟
نسبة الآزوت في نيترات البقاع مماثلة لنسبتها في نيترات العنبر الرقم 12
لم تتمكن استخبارات الجيش بعد من كشف مصدر نيترات الأمونيوم التي ضُبِطت في مستودعات سعدالله صُلح في بعلبك. الجيش أخضع النيترات المضبوطة لكشف مخبري بعد تشكيكه في نسبة الآزوت فيها ليتبين فعلاً أنها 34.7، أي أنها تدخل في تصنيع المتفجرات، ومن النوع الذي يُمنع دخوله من دون إشراف الجيش
لم يكن أحمد الزين، مدير المشتريات في مستودعات سعدالله صلح، يعلم أنّه يُورِّط نفسه عندما قرّر الإيقاع بكل من رب عمله (صلح) ومارون الصقر في شأن شحنة نيترات الأمونيوم التي ضُبطت في سهل بلدة إيعات (بعلبك) قبل عشرة أيام. اعتقد الزين، وهو رتيب متقاعد يعمل لدى صلح منذ نحو عام ونصف عام، أنّ ما أدلى به في مفرزة بعلبك القضائية قد يحميه من التوقيف، لكنه لم يُمنح حماية المُخبر التي تتم بموجب ورقة يوقعها مدعي عام التمييز. بعد ضبط الشاحنة فرّ صلح والزين قبل أن يُقرر الأخير تسليم نفسه، فاتّصل بواسطة ضابط بمفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة فادي عقيقي عارضاً تسليم نفسه. وقد أوصله الضابط بنفسه إلى ثكنة المقرّ العام حيث احتُجز في المكان الذي يُحتجز فيه الضباط. فيما أعطى القاضي عقيقي أوامره لفرع المعلومات بختم التحقيقات وإيداعه الملف مع الموقوفين، كما أعطى إشارته بمنع محققي الفرع من الاستماع إلى الزين لأن الأخير أبلغ مفوض الحكومة بأنّ حياته في خطر لدى قوى الأمن، بذريعة أن صلة قرابة تربط زوجة أحد الضباط بسعدالله صلح، وأن أبناء الأخير سبق أن تعرّضوا له ولعائلته بالتهديد.
قرر عقيقي نقل الملف إلى مديرية المخابرات بعدما انتقل بنفسه، بعد منتصف الليل، للاستماع إلى إفادة الزين، فتحدث الأخير عن لقاء بين السفيرة الأميركية والقيادي القواتي إبراهيم الصقر (شقيق مارون الصقر)، وعن نية «لتركيب» الملف «لأحد الأشخاص من الثنائي الشيعي. وأبلغ الزين القاضي عقيقي أنّ نجل أحد المعنيين بالملف عرض عليه أن يتحمّل مسؤولية شراء النيترات مقابل مبلغ مالي كبير، وقال إنه كان ينوي تصوير عملية الدفع، مؤكداً أن في حوزته تسجيلاً صوتياً موثقاً.
زوجة الزين، داليدا الزين، قالت في اتصال مع «الأخبار» إنّ زوجها علم بهذه التفاصيل إثر استراقه السمع إلى اتصال بين صلح ومارون الصقر قال فيه الأخير إنّ السفيرة الأميركية كانت في ضيافة شقيقه إبراهيم. وأضافت أن زوجها حاول ثني صلح عن شراء النيترات بسبب خطورة الأمر، إلا أن صلح لم يستمع إليه. وأعربت عن خشيتها على سلامة بناتها، مشيرة إلى أن العائلة تعرضت مرات عدة إثر ضبط شاحنة النيترات.
الشمّاس لم يبع النيترات للصقر والأخير يتمسك بنفي علاقته بالأمر رغم اعترافات صلح
في المقابل، قالت مصادر عسكرية لـ«الأخبار» إنّ هناك رواية مقابلة لرواية الزين تفيد بأن الأخير أقنع صلح بشراء النيترات لبيعها لأشخاص في عرسال لاستخدامها في أعمال تفجير في الكسارات ومقالع الصخر.
وعن سبب نقل الملف ثلاث مرات، من الشرطة القضائية إلى فرع المعلومات فمديرية المخابرات، قال مرجع قضائي لـ«الأخبار» إنّ القاضي عقيقي أخذ في الاعتبار مسألة الصلاحية المحصورة بالجيش في ملف النيترات بحسب قانون الأسلحة والذخائر، مع أنّ ذلك لم يسرِ في ملف نيترات الأمونيوم في العنبر رقم 12 التي اعتبر الجيش نفسه غير معنيٍّ بها. وفيما كشفت مصادر عسكرية أنّ مديرية المخابرات تُشكك بنتائج الفحوصات المخبرية التي أجريت في المختبرات الجنائية لقوى الأمن الداخلي حول نسبة تركيز الآزوت، علمت «الأخبار» أنّ العينات المضبوطة أُخضِعت للكشف مجدداً في مختبرات الجيش وقد تبيّن بالفعل أن نسبة تركيز الآزوت فيها تبلغ 34.7، أي أنها مما يُمنع استيراده من دون إشراف الجيش وموافقة وزارتي الدفاع والداخلية. وهنا، بقي أمام استخبارات الجيش تحديد مصدر النيترات. إذ إنّ الصقر لا يزال ينفي بيع النيترات المضبوطة لصلح، بينما يؤكد الأخير والزين ومعظم العاملين معهما أنّها اشتُريت من الصقر.
وقد دهمت استخبارات الجيش مستودعات صلح وصقر وصادرت أجهزة كومبيوتر للتدقيق في المبيعات والمشتريات، علماً أن الإفادات تؤكد وجود علاقة تجارية بين الرجلين منذ أكثر من عشر سنوات. كما جرى توقيف ثلاثة أشخاص جُدد في القضية.
كذلك علمت «الأخبار» أنّ صاحب الشركة اللبنانية للمتفجرات مجيد الشماس سُئل عن إمكان أن يكون قد باع بعضاً من النيترات التي يستوردها الصقر، فأكد الأخير أنّه يستخدم كل وارداته من النيترات في تصنيع الديناميت. هكذا بقي أمام محققي المخابرات إفادة الزين الذي ادعى أنّ الصقر يحصل على النيترات عبر مرفأ بيروت، وأنها تهرّب على أنها «علف للدواب»، وهو ما يفرض فتح تحقيق مع الجمارك.
أيام صعبة على أيتام أميركا
ابراهيم الأمين
إعلام السعودية والإمارات المسيطر على الشاشات من دون منافسة جدية، مضافة إليه مواقع وصحف، على تعاستها، كلها منشغلة هذه الأيام، كما هي حال قوى سياسية ومنظمات «ثورية مدنية»، بالبحث عن سبل لعلاج ما يصفونه بـ«أزمة تخلّي أميركا عن لبنان». ومشكلة هؤلاء تشبه مشكلة نظرائهم في دول كثيرة في العالم، من أميركا اللاتينية إلى وسط آسيا، ومن أفعانستان إلى سلطة محمود عباس في رام الله، ومن العراق وسوريا واليمن إلى لبنان، وما تمظهر أخيراً من إحباط في عدد من إمارات القهر في الخليج.
حال الإنكار ليست وصفة خاصة بشعب من دون غيره أو بحزب من دون غيره. وهي موجودة لدى كثر بمعزل عن أصنافهم وأهوائهم. لكنها، في بلادنا، تتحوّل إلى مرض مستدام وعضال يفتك بكثيرين. ومع ذلك، فإن من يتّبع أثرهم في الحياة العامة لا يتعلم الدرس. والخلاصة البديهية هي أن كل هؤلاء يمارسون التناقض في فهم وشرح سياسات الولايات المتحدة. انظروا إلى فرنسا كيف تعاني الأمرّين جراء ما حصل في صفقة الغواصات. مشكلة فرنسا أنها تعتقد بأن العالم سيقف على خاطرها، ويغضب الفرنسيون قليلاً قبل أن «ينضبّ» الجميع، ويعودوا إلى بيت الطاعة ليصرخوا كل على طريقته: ليس باليد حيلة!
حقيقة الأمر أن فرنسا، مثلاً، لا تريد أن تقرّ بأن التغييرات التي طاولت سياساتها الداخلية والخارجية في العقدين الماضيين، لم تكن لتأتي بنتيجة مغايرة. لا هي دولة عظمى قادرة على ادّعاء قدرات عسكرية استثنائية، ولا هي دولة تشهد نمواً خاصاً في الاقتصاد المنتج، بينما غلبت على نخبتها حلقة مالية يمثلها اليوم إيمانويل ماكرون وصحبه، وهي حلقة تنتمي إلى سوق الأعمال الذي قرره الأميركيون ما بعد انتهاء الحرب الباردة. قررت النخب الفرنسية التخلي عن كل ما كان يعرف بالتقاليد التي تميزها عن غيرها. لكنها، في حقيقة الأمر، ليست سوى دولة استعمارية ضعف عودها، ولم تعد تُرهب أو تغري، لا العالم المتقدم ولا العالم الفقير. مع ذلك، فإن ماكرون، مثلاً، يشعر بالغبطة وهو يرى أن في العالم شعباً كاللبنانيين ينتظر منه المنّ والسلوى، وهو مستعد لقضاء عطلته الأسبوعية في بيروت بدل سماع ضجيج المحتجين في باريس.
اللبنانيون أنفسهم، الذين يحجّون إلى باريس طلباً للعون، يراهنون اليوم على قدرة فرنسا على ملء فراغ كبير ناجم عن «التخلّي الأميركي» كما يعتقدون. وهؤلاء يرفضون الإقرار بالهزيمة التي أصابت كل مشاريعهم في كل هذه الأمكنة من العالم. وبدل الإقرار بالفشل ولا جدوى حروبهم على أنواعها، يرمون بالمسؤولية على الخارج. سبق أن طوشونا بنظرية حروب الآخرين على أرضنا، والآن يريدون صمّ آذاننا بنظرية تخلّي الآخرين عنا. هؤلاء سيرفضون، من الآن إلى أبد الآبدين، الإقرار بالهزيمة. وليس منطقياً ولا مستحباً أن ينتظر أحد خروجهم من الساحة. هل تظنّون أن ملك الاعتذارات والاستدارات وليد جنبلاط سيخرج على أبناء طائفته، قبل بقية اللبنانيين، يعتذر منهم عن المصائب التي لحقت بهم جراء سياساته. وهل تعتقدون أنه، وغيره من بقية الإقطاعيين من الجيلين القديم والجديد، سيطلق رصاصة على رأسه تاركاً وصية بتوزيع ما استولى عليه من الناس عليهم، أو أن يتخلى أحد من هؤلاء عن السلطات بعد كل الفشل الذي أصاب سياساتهم؟ لن يحصل ذلك. لا تنتظروا شيئاً من هذا القبيل…
الإنكار وسيلة الأتباع بدل المراجعة وعلينا تحمّل صراخهم بأن «العالم تخلّى عنا»
اليوم، يريدنا هذا الفريق أن نصدق أن أميركا وكندا وبريطانيا وبقية الاتحاد الأوروبي، ومع هؤلاء إسرائيل والسعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت ومصر وجماعات أخرى، لم يجرّبوا كل السبل لتطويع هذه البلاد، وكأن اجتياحات الجيوش الأميركية والفرنسية والبريطانية والإسرائيلية للبنان حصلت قبل ألف سنة وليس قبل أربعة عقود فقط، أو كأن عشرات مليارات الدولارات التي أنفقت على هؤلاء، وسرقوا معظمها، لم تُصرف لإنجاح مشروع الفاشلين، أو كأن كل أنواع الضغوط والحروب والحصار والقتل والعقاب لم تحصل ولا تزال مستمرة.
مشكلة اللبنانيين المحبطين أنهم لا يريدون سماع ما يقوله عنهم الأميركيون والغربيون وأمراء الفتنة في الخليج، وكيف يكيلون لهم الشتائم ويلعنون الساعة التي تعاونوا فيها معهم. حتى إسرائيل، نفسها، ضاقت ذرعاً بهؤلاء وتركتهم عند بوابة الذل…
اليوم، نحن أمام مفصل جديد في هذه السياسات. أميركا تعالج خسائرها القائمة أو المرتقبة. وهي محقّة في العمل على برنامج الحدّ من الخسائر. فشلت عقود من حروب التدخل في تطويع دول كبيرة أو صغيرة. وهي تعرف أن خيار الخروج من المنطقة ليس للنقاش، بل هو ما تفعله بهدوء كما حصل في أفغانستان، أو تحت أزيز الرصاص الذي سيطاردهم على أي هيئة كانوا عليها، جيوشاً أو أمنيين أو عملاء بصفات دبلوماسية وأكاديمية وخلافه. وتعرف أميركا، جيداً، أن خصومها لن يتوقفوا عن العمل على طردها كيفما كان من المنطقة. وهي تعرف أنها غير قادرة على التضحية أكثر حيث لا جدوى من البذل. لكنها متيقّنة من أنها غير قادرة على حماية نفسها بواسطة من اعتبروا أنفسهم حلفاء لها وتصرفت معهم على الدوام كأدوات وعملاء.
اليوم، يحصد قسم من اللبنانيين الخيبة والإحباط جراء عقدين من الرهانات المجنونة. وليس متوقعاً أن يجري هؤلاء أي مراجعة، بل سنرى مزيداً من التعنت والجنون، ومزيداً من البحث عن خارج يوفر لهم ما يفترضون أنه حماية أو دعم. لكن هؤلاء، يلمسون، اليوم أكثر من أي وقت مضى، أن مصيرهم ليس على جدول أعمال رعاتهم من العرب أو أهل الغرب المتعالي، الذي لا يتوقف عن إذلال اتباعه، ودفعهم إلى القتال، إنما من دون أدوات إضافية. وهو يدرك، عملياً، أنه يدفعهم إلى الانتحار وليس أي شيء آخر.
قلة قليلة من العقلاء أو الواقعيين تطل برأسها في عدد من دول المنطقة، تحاول البحث عن مخرج يمنع تدفيعها الثمن مرات إضافية. لكن، ليس في بلادنا ما يشير إلى أن فرق المجانين، المنتشرة في كل نواحي البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية والثقافية والإعلامية، قد تعلمت الدرس. وجلهم لا يزال ينتظر أن يرنّ هاتفه، وأن يسمع على الطرف الآخر موظفاً من السفارة الأميركية يلقي عليه التحية أو يسأله عن أحواله!
ماكرون لميقاتي: مستعدّون للتدخّل لدى دول الخليج باستثناء السعودية
النتائج الأولى لزيارة الرئيس نجيب ميقاتي لباريس ضرورية وإن لم تكن كافية، تبعاً لبعض التوقعات المغالية التي سبقتها. لم يكن منتظراً أكثر ممّا عاد به. مقدار ذهابه إلى هناك بنيّات، عاد منها أيضاً بنيّات. بيد أن الأصل هو مَن يبدأ أولاً
ما سمعه الرئيس نجيب ميقاتي في باريس الجمعة قاطع: على الحكومة اللبنانية التي يترأس، المبادرة فوراً إلى برمجة الإصلاحات البنيوية المدرجة في برنامج صندوق النقد الدولي. عنى ذلك أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أقرن نيّاته الإيجابية بالمساعدة والدعم، بشروط واجبة لا يسع لبنان إلا استجابتها، إذا كان يريد فعلاً إخراج نفسه من القعر، ويعوّل على حبل باريس لسحبه من أسوأ ما خبره هذا البلد.
سمع ميقاتي من الرئيس الفرنسي مطالب ومواقف أساسية، منها:
1 – مباشرة التفاوض مع صندوق النقد الدولي بوفد لبناني رسمي موحّد، يحمل وجهة نظر واحدة لا تكرّر ما خبره الصندوق في المفاوضات السابقة التي أجراها في لبنان، إبان حكومة الرئيس حسان دياب، عندما وجد نفسه أمام وفد لبناني منقسم على نفسه، تتجاذبه وجهتا نظر متناقضتان، إحداهما كانت تمثّل الحكومة والأخرى مصرف لبنان، ما تعذّر معه الاتفاق.
2 – على نحو جازم، قال الرئيس الفرنسي إن لا مساعدات للبنان، أياً يكن حجمها ومستواها ومبرّرات الحاجة إليها، ما لم يُقدم، بحكومته وبرلمانه، على وضع إصلاحات حقيقية في نظاميه الاقتصادي والمالي، ومباشرة تطبيقها. من ثمّ بعد التأكد منها، تصل المساعدات تباعاً.
3 – لا يزال في وسع لبنان التعويل على قروض كان قدّمها إليه البنك الدولي في ما مضى، ولم يصر إلى الاستفادة منها. بحسب باريس، لا تزال أموال القروض المخصصة للبنان متوافرة، يمكن الاستعانة بها في مرحلة لاحقة لانطلاق الإصلاح وتلمّس نتائجه.
4 – وضع الفرنسيون بضع أولويات لمباشرة برنامج الإصلاح، هي الكهرباء وخصوصاً تأليف الهيئة الناظمة، وإدخال إصلاحات جوهرية في القطاع المصرفي كما في النقد ومالية الدولة، ناهيك بمصرف لبنان. عوّلوا أيضاً على دعم الجيش اللبناني والأسلاك العسكرية الأخرى من أجل حماية أدوارها في البلاد.
5 ـ أظهر الفرنسيون اهتمامهم بإعادة إعمار مرفأ بيروت، خصوصاً في الجزء غير المتصل بالإهراءات، كما بالكهرباء على أن يشرف البنك الدولي على إعادة تأهيل الكهرباء في البلاد.
6 ـ بدا مثيراً للانتباه توقّف باريس عند الوزيرين الشيعيين اللذين سمّاهما حزب الله في الحكومة وهما وزير الأشغال العامة علي حميّة ووزير الزراعة عبّاس الحاج حسن. أراحها أنهما يحملان الجنسية الفرنسية ما يتيح التعاون معهما، خصوصاً أن الفرنسيين ينظرون بتوجّس إلى محاولة ألمانيا تولي إعادة إعمار المرفأ، مع علمهم أن دون المحاولة هذه عقبات صعبة التذليل إذا كان لا بد من الأخذ في الاعتبار أن ألمانيا أدرجت حزب الله في لائحة المنظمات الإرهابية، والحريّ أن لا يوافق الحزب ولا الوزير الذي سمّاه، وزير الأشغال العامة المعني بالمرفأ، على منح مهمة كهذه لها.
خلافاً للألمان، حافظ الفرنسيون على تواصل مع حزب الله، وعلى حوار متقطع من خلال قنوات مباشرة وغير مباشرة. أبرز مؤشراته العالية التأثير وليس آخرها، وجود نائب الحزب ورئيس كتلته محمد رعد إلى طاولة ماكرون في قصر الصنوبر في الأول من أيلول 2020، أضف حواره وإن المقتضب معه.
أما في المواقف السياسية ذات الدلالة التي لمسها ميقاتي من الرئيس الفرنسي أو سمعها، فثلاثة:
أولها، دعوته إلى غداء عمل رسمي في الإليزيه في اليوم الرابع لنيل حكومته الثقة في البرلمان. ضاعف اهتمام الرئيس الفرنسي بضيفه قصر المحادثات عليهما وعلى مستشاريهما الخاصين، رغم الإشارة السلبية إلى تغيّب وزيريْ الخارجية المعنيين مباشرة بالعلاقات الثنائية التي تناولها الرئيسان، كما بمضمون المحادثات نفسها. مع أن اجتماع باريس كان أول تحرّك يجريه ميقاتي كرئيس للحكومة خارج البلاد قبل أن يمرّ بالسعودية ومصر في أحسن الأحوال، إلا أن أهمية الحدث أنه أول تحرّك رسمي حيال دولة كبرى لمسؤول لبناني رفيع منذ حكومة دياب، بدا لبنان خلال الفترة المنصرمة كأنه محاصر من الغرب والشرق في آن، مقاطع ومحظّر التواصل معه.
ما بَانَ في محادثات باريس ودلالاتها، أن أياً من دول الغرب والشرق لا يقاطع هذا البلد الذي يمتنع عن استجابة ما يلحّ عليه المجتمع الدولي لمساعدته ونجدته من أزمته الخانقة، ناهيك بإهدار 13 شهراً بلا حكومة وسلطة إجرائية تتحدّث إلى الخارج أو تتفاوض معه. قال الفرنسيون إن أحداً في المجتمع الدولي لا يريد للبنان الانهيار. أما المضاف، المكمّل لبداية انفتاح الخارج، الذي تكشّف في الساعات الماضية، فهو زيارة مسؤول أميركي لبيروت هذا الأسبوع هو آموس هوكشتاين كان سبق له أن جال بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية ما بين البلدين قبل المفاوضات غير المباشرة. هي إشارة إضافية إلى مقاربة جديدة للبنان في ظلّ حكومته الجديدة، وإن بملف منفصل تماماً عن مهمة رئيس الحكومة.
ثانيها، إبداء الرئيس الفرنسي استعداده للمساعدة على ثني دول الخليج العربي عن مقاطعة لبنان والابتعاد عنه، والطلب منها الوقوف إلى جانبه ودعمه. بيد أنه استثنى السعودية من هذه المحاولة. استثناء كهذا مع الدولة الخليجية الأولى ذات التأثير الحاسم في جيرانها، أفصح مجدّداً عن إخفاق فرنسي لا يزال مستمراً في إقناع الرياض لإعادة النظر في موقفها من لبنان، والانفتاح عليه مرّة أخرى. كانت باريس بذلت جهوداً مضنية تولاها ماكرون مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لإنهاء قطيعته المزدوجة مع الدولة اللبنانية والرئيس المكلف آنذاك سعد الحريري، فلم يلقَ تجاوباً من جرّاء تشدّده في إدارة الظهر للبنان في الوقت الحاضر، واعتبار الحريري من الماضي.
ثالثها، لباريس حذر حيال المهمات الصعبة التي تنتظر حكومة ميقاتي. منوط بها مسؤوليات أكبر من العمر القانوني المرسوم لها، وينتهي بإجراء الانتخابات النيابية العامة ربيع 2022. في تقديرها أن نصف الأشهر الثمانية في عمر الحكومة ستأكله انتخابات الربيع، ما يجعل الوقت ضيّقاً للغاية أمامها لإتمام الكثير المستحق أمامها من الإصلاحات، وبعض هذه يُعوِّل بنتائجه على عامل الوقت أولاً وأخيراً. حذر الفرنسيين يقودهم إلى ما هو أبعد، وهو خشيتهم من فشلها.
عندما يدعو جعجع إلى تجاوز عقوبات أميركا على إيران!
فجأة، ومن خارج البرمجة المعتادة، قررت قناة «الحرّة» الأميركية أن تجري مقابلة مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من مقره في معراب. المقابلة التي استمرت نصف ساعة، وروّجت لها القناة وجهاز الإعلام في القوات بشكل واسع، لم تحمل جديداً نوعياً في مقاربة الملفات الداخلية. فهو كرر معارضته للحكومة الحالية مع تمييز لرئيسها وبعض الوزراء. وشن حملة قاسية مكررة ضد الرئيس ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، وشتم النظام في سوريا، مبدياً إعجابه وتأييده للسعودية ودول الخليج العربي.
ما يمكن اعتباره جديداً نوعياً في كلام جعجع، أمران:
الأول، إعلان تنصّل القوات من نشاط الأخوين مارون وإبراهيم الصقر في مجال تخزين واحتكار المشتقات النفطية، ونفيه أيّ صلة للقوات بملف نيترات الأمونيوم التي يتّهم الصقر ببيعها في البقاع، وإعلانه تجميد عضويّتهما في القوات.
الثاني، مقاربة ملف المازوت الإيراني بصورة لافتة تضمّنت، للمرة الأولى، تصريحاً لمسؤول سياسي لبناني يعمل مع المحور الأميركي ــــ السعودي، ويدعو الى أن تتولى الدولة اللبنانية استيراد المشتقات النفطية مباشرة من إيران، وعن قدرة لبنان على الحصول على إعفاء أميركي من العقوبات الأميركية على صادرات النفط الإيراني كما فعل مع العراق حين سمح له باستجرار الطاقة الكهربائية من إيران.
صحيح أن المسؤولين الرسميين في القوات شرحوا الموقف على أنه مستقل ويهدف الى دعوة إيران لـ«عدم انتهاك السيادة» والتعامل «مع الدولة اللبنانية مباشرة»، إلا أن معطيات تحيط بالمقابلة نفسها وبهذا الكلام تشير الى ما يوجب المتابعة، ومنها:
أولاً: إن هناك دوراً خاصاً للسفارة الأميركية في ترتيب المقابلة على وجه السرعة، وإن المعنيين بالأمر يعرفون أنه لو كان جعجع يستهدف الحديث عن الشأن الداخلي فقط وعن ملف الأخوين الصقر، لكان لجأ الى قناة محلية واسعة الانتشار وليس الى قناة «الحرة» المحدودة الانتشار في لبنان والمنطقة.
ثانياً: إن قناة «الحرة» التي تمنع على الصحافيين فيها استضافة أي خصم للولايات المتحدة أو منتمٍ الى التيار الذي يدعم المقاومة لأنه يناقض سياسة المحطة الخاضعة لسلطة الحكومة الأميركية، لم تكن لتسمح بتسويق دعوة الى تعاون رسمي بين الحكومة اللبنانية وإيران التي لا تزال عرضة لعقوبات وحصار وضغوط إضافية حتى مع استئناف المفاوضات حول ملفها النووي.
ثالثاً: ان جعجع نفسه، المشهور بمراعاته لقوة خارجية توفر له الدعم السياسي والمالي، لم يكن ليغامر بموقف لافت حيال عدم معارضة تعاون بين الدولة اللبنانية وإيران، لو كان يعلم أن لهذا الموقف انعكاسات سلبية أو مترتّبات تعرّض علاقاته العربية والغربية لأيّ اهتزاز.
تخشى القوات من تحوّل توزيع المازوت الإيراني إلى ورقة خدماتيّة لحلفاء الحزب في الساحة المسيحيّة
رابعاً: إن الأميركيين الذين فوجئوا بجدّية إيران وحزب الله في جلب المحروقات الى لبنان بخلاف ما كانوا يتوقّعون، واجهوا سيلاً من الغضب من قبل حلفائهم اللبنانيين الذين كانوا يراهنون على أن بمقدور واشنطن منع وصول هذه المحروقات الى لبنان ولو عبر سوريا. بل أكثر من ذلك، فإن السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، تعرّضت للاستهزاء حتى من حلفائها اللبنانيين على ردّة فعلها المباشرة على إعلان السيد حسن نصر الله مباشرة نقل المحروقات الى لبنان، بالإعلان عن موافقة بلادها على استجرار الغاز والطاقة الى لبنان عبر سوريا، علماً بأن كل المعطيات، حتى الآن، تشير الى أن الموافقات الخطية على استثناء هذه العملية من عقوبات قانون قيصر لم تصدر حتى اللحظة عن وزارة الخزانة الأميركية، وهو ما تطلبه الجهات المشاركة في هذه العملية من حكومات وشركات عامة أو خاصة.
خامساً: تعاون الأميركيين مع حلفائهم اللبنانيين في خطة احتواء مضاعفات العملية الكبيرة التي يقوم بها حزب الله من خلال استجلاب المشتقات النفطية وبيعها بأسعار مخفضة في كل لبنان. وتستمع السفارة الأميركية كما سفارات غربية الى كلام من حلفائهم من خصوم حزب الله، بأن هذه العملية أظهرتهم في موقع الضعيف والعاجز، كما فتحت الأبواب أمام حزب الله لدخول مناطق لبنانية كانت محظورة عليه حتى وقت قريب بسبب التحريض السياسي. وإن استمرار هذه العملية سيجعل العلاقة بين الحزب وبين مؤسسات لبنانية رسمية وأهلية وسياسية علاقة عمل ومصالح، وهو أمر سيكون له تأثيره على المعركة العامة ضد الحزب، ولا سيما أن الناس يحتاجون الى هذه المشتقات النفطية في حياتهم اليومية.
سادساً: إن القوات اللبنانية تظهر خشية إضافية من كون برنامج توزيع المازوت الإيراني تحوّل الى ورقة خدماتية يمكن لحلفاء الحزب في الساحة المسيحية استخدامها، وهو يقصد بصورة خاصة التيار الوطني الحر وتيار المردة وشخصيات مستقلة في أكثر من منطقة لبنانية. وهو لمس أن جهات بلدية وأهلية ومؤسسات تعليمية بعضها يعود للراهبات، تسعى للحصول على المازوت الإيراني بأسعار مخفّضة. بينما يجري تحميل القوات مسؤولية ما قام به الأخوان مارون وإبراهيم الصقر في البقاع من تخزين واحتكار هذه المواد وحجبها عن هذه المؤسسات، وحصر توزيعها بالمقرّبين من تيارهم السياسي. وقد ظهرت أجواء امتعاض خاصة عند القوات من المساعدات التي يقدمها حزب الله لمؤسسات في المناطق المسيحية، وصلت الى بشري، ورسائل الشكر التي تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، وآخرها من رئيس مجلس إدارة شركة كهرباء زحلة أسعد نكد.
وقالت مصادر متابعة إن تصريحات جعجع منسّقة بشكل أو بآخر مع الأميركيين، وإن التوقيت يتعلق بالسعي الى «احتواء الموقف وعدم زيادة الخسائر السياسية»، وإن قائد القوات يتصرّف على أساس أنه في حال تحوّل ملف المحروقات الإيرانية الى أمر واقع، فلماذا لا يصار الى ضبطه عبر الدولة لا عبر الحزب. وهو يعتقد أن بمقدور حكومة الرئيس ميقاتي الذي تربطه علاقة بالحزب وبالغربيين إجراء الاتصالات لجعل الأمر يتمّ من خلال الدولة. بالإضافة الى كون جعجع يمثل في خياره الاقتصادي «فريق الخصخصة» الشاملة، وهو من يقود الحملة ضد أي برنامج للدعم، لا بل يشجع على تحرير الأسعار من دون ضوابط، وهو يستمع الى شكاوى عدد غير قليل من أصحاب الوكالات الحصرية، وبينهم عاملون في حقل النفط والمحروقات من الذين يخشون على احتكاراتهم إذا وسّع حزب الله نشاطه النفطي ليشمل البنزين وحتى الفيول الذي تحتاجه معامل إنتاج الطاقة في لبنان، عدا عن أن جعجع سمع عن برامج إضافية لحزب الله تخصّ استجلاب كميات كبيرة من الأدوية والمواد الغذائية التي يتوقّع انتشارها الكبير في ظلّ تعاظم حالة الفقر والعوز في لبنان.
جنين تحاصر العدو
يمضي الاحتلال الإسرائيلي بقراره شنَّ عمليات خاطفة وسريعة، عبر قوات نخبته، للقضاء على بذور المقاومة في مدينة جنين، مفضّلاً عدم خَوْص معركة عسكرية شاملة لن يكون ممكناً التنبّؤ بمآلها. وفيما تتّجه الأنظار إلى مخيّم جنين بوصفه معقل المقاومة، تطفو على السطح بؤر تصعيد جديدة بعيدة نسبياً، مثل بلدة برقين، ومنطقة شمال غرب القدس، حيث ارتقى، أمس، خمسة شهداء في اشتباكات مع العدوّ الذي أصيب أحد ضبّاطه وجنوده، فيما توعّدت المقاومة بتدفيع الاحتلال الثمن
جنين | خمسة شهداء وعدد من المعتقلين، إصابة ضابط وجندي نخبة في جيش الاحتلال، حصار بيتٍ ومنطقة جبلية، اشتباكات مسلّحة عنيفة ومواجهات شعبية. هكذا بدا المشهد في جنين وشمال غربي القدس، يوم أمس، قبل أن يعلن العدو عن تنفيذ قواته الخاصّة ضرباتٍ متتالية استهدفت خليّة مقاوِمة تابعة لحركة «حماس». ففي جنين، بدأت «الحملة» الإسرائيلية باكراً، من خلال عملية خاطفة نفّذها جنود يستقلّون مركبة مدنيّة، هاجموا المطارَد محمد مازن السعدي، ورفيقه أحمد صلاح أبو رميلة – وكلاهما يتبع لحركة «حماس» -، واعتقلوهما من مركبة كانت متوقّفة لتعبئة الوقود داخل محطة محروقات «النفاع»، ليردّ مقاومون من «سرايا القدس»، بعد اعتقالهما بدقائق، بإطلاق النار على حاجز الجلمة قرب جنين.
لساعات قليلة، خيّم السكون على المنطقة، قبل أن تعاود قوّة الاحتلال الخاصّة، «دوفدوفان»، التسلُّل، فجراً، إلى بلدة برقين غرب جنين، فارضةً طوقاً عسكرياً وحصاراً حول بيتٍ يقع عند أطراف البلدة. حصارٌ سرعان ما اندلع على إثره اشتباك مسلّح بين القوّة الإسرائيلية ومقاومين، ليتبيّن أن الهدف من وراء العملية العسكرية، خلية تابعة لـ«كتائب القسّام» كانت متحصّنة داخل البيت المستهدَف، وفق ما أفادت وسائل إعلام عبرية. وبحسب زوجة صاحب المنزل المستهدَف، فإن الزوج الذي يعمل ممرّضاً لم يكن موجوداً في الطابق الثاني حيث يقطنان، لكنها اكتشفت، عند اقتحام جيش العدو محيط منزلهما، أنه كان برفقة مقاومين آخرين أسفل البيت، حيث شاهدته جريحاً. وتشير المعطيات المتوافرة إلى أن مقاومين اشتبكوا مع جنود الاحتلال فور حصارهم للبيت، وفيما حاول بعضهم الانسحاب، أعلن العدو اعتقالَ أفرادٍ من خلية تابعة لـ«حماس» في جنين. وتزامن ذلك مع مواجهات دارت في محيط البيت المستهدَف، استشهد على إثرها أسامة ياسر صبح (من «سرايا القدس»)، والفتى يوسف محمد صبح (16 سنة). وأوضحت مصادر «الأخبار» أن الفتى الشهيد أطلق النار على جنود القوّة الخاصة من بندقية «كارلو» كانت بحوزته، فيما خاض الشهيد أسامة اشتباكاً مسلّحاً مع جيش العدو في محاولةٍ لفك الحصار عن البيت الذي تحصّن فيه المقاومون. ولمّا كانت القوّة الخاصة، «دوفدوفان»، تهمّ بالانسحاب، لاحقتها مركبة مسرعة، وأطلقت النار عليها، قبل أن يُقدم العدوّ على اعتقال سائقها. وعلى خلفية تسارع الأحداث، وصفت إذاعة الجيش الإسرائيلي الحدث في برقين بـ«المعقّد»، بسبب إصابة ضابط وجندي من «قوّة النخبة» التي وقعت في كمين مقاومين فلسطينيين، أمطروها بالرصاص من على مسافة قريبة، فيما جرى إجلاء المصابَين اللذين وصفت حالتهما بالخطيرة، بطائرة مروحية.
حدث ما لم يكن في الحسبان حين أصيب قائد القوّة الخاصّة المهاجِمة وجندي آخر برصاص المقاومة
لم تكد العملية في جنين أن تنتهي، حتى اتّجهت الأنظار إلى منطقة عين عجب في بلدة بيت عنان شمال غربي القدس، حيث تحصّن ثلاثة مقاومين من بلدة بدّو، هم: المطارَد أحمد زهران، وزكريا بدوان، ومحمود حميدان، وجميعهم ينتمون إلى حركة «حماس»، وأسرى محرّرون من السجون الإسرائيلية، في مغارة وكوخٍ يقع إلى جانبها. وأفادت مصادر «الأخبار» بأن مقاوماً أطلق النار على القوّة الخاصّة الإسرائيلية عند اكتشافها، بينما حاول آخران الانسحاب من المكان، لكن الثلاثة استشهدوا. وبحسب الرواية المحلّية، فإن حميدان وبدوان عملا كمساعدَين لوجستيين للمطارَد زهران، حيث كانا برفقته على رغم أنهما يعيشان حياة طبيعية وليسا مطلوبَين، بل وحضرا حفل زفاف قبل استشهادهما. وأشارت آخر التقديرات إلى أن الاثنين ربّما أحضرا طعاماً أو مواد تموينية وتوجّها نحو مخبأ زهران، حيث تمّت ملاحقتهما قبل مداهمة القوّة الخاصّة الإسرائيلية للمكان. من جهته، نشر الإعلام العبري صورتَين من مكان استشهاد المقاومين الثلاثة، تظهر فيهما بندقية وعدّة مخازن ذخيرة، إضافة إلى منظار عسكري ومعدات أخرى ومواد غذائية وسجائر، فيما أعلن العدو أنه ضرب خلية تابعة لـ«حماس» في جنين وشمال غربي القدس، واغتال أربعة مقاومين على الأقلّ، واعتقل عدداً آخر، قبيل تنفيذهم عمليات فدائية ضدّ أهداف إسرائيلية. والشهيد أحمد زهران هو أسير محرّر من حركة «حماس»، أمضى ما مجموعه أكثر من ستّ سنوات في السجون الإسرائيلية بعد اعتقاله ثماني مرات، وهو شقيق الشهيد زهران زهران، أحد أبرز قادة «القسّام» في منتصف التسعينيات، والذي شارك في خطف الجندي الإسرائيلي نحشون فاكسمان. ويتعرّض أحمد زهران وعائلته، منذ أسابيع، لملاحقة إسرائيلية بدأت على إثر رفضه تسليم نفسه، وقراره المضيّ مطارَداً خارج بيته، فيما أقدم العدوّ على اعتقال تسعة من أفراد عائلته ثم زوجته للضغط عليه، لكن من دون جدوى. ونعى بيان رسمي صادر عن «كتائب القسّام» الشهداء، مشيراً إلى جهودهم في الإعداد والتجهيز للمقاومة، وفي هذا إشارة تدل على صحّة فرضية وجود خلية لـ«القسام» كانت في طور التشكُّل أو أنها كانت تتجهّز لتنفيذ عمليات. وتعهّد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، صالح العاروري، بتدفيع الاحتلال الثمن، و«نعد شعبنا أن دماء الشهداء لن تذهب هدراً».
وبينما تتّجه الأنظار إلى مخيّم جنين بوصفه «معقلاً للمقاومين والمسلّحين»، تطفو على السطح بؤر تصعيد جديدة بعيدة نسبياً، مثل بلدة برقين (غرب)، ومنطقة شمال غربي القدس. ولدى مطابقة بيان «القسّام» مع بيانات جيش العدو وظهور مقاومين في مخيم جنين، يتأكّد بما لا يدع مجالاً للشكّ وجود جمر يغلي تحت الرماد و«اشتباكات مسلّحة مؤجّلة»، في ظلّ حديث جيش العدو عن استمرار ملاحقة مقاومين آخرين لا يزالون طلقاء. أمّا أزمة مقاومي المخيّم، فلا تزال على حالها، حيث خرج عشرات المسلّحين من فصائل مختلفة قبل أيام في تأبين لآخر أربعة شهداء في جنين متوعّدين العدو الإسرائيلي.
وعلى رغم محاولة «الشاباك» وجيش الاحتلال الابتعاد عن خوض مغامرة غير محسوبة في جنين، يبدو أن القرار الإسرائيلي كان، كما رجّحته «الأخبار» سابقاً، بشنّ العدوّ عمليات خاطفة وسريعة عبر قوات «مستعربين» أو قوات نخبة خاصة للقضاء على المسلّحين والمطلوبين تدريجياً. ويهدف العدوّ من وراء هذا التكتيك، إلى الحدّ من خسائره وتجنّب سقوط أعداد أكبر من الشهداء الفلسطينيين، والذي يمكن أن يؤدّي إلى تصعيد أعنف وأوسع نطاقاً في الضفة الغربية، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان، حين أُصيب قائد القوّة الخاصّة المهاجِمة وجندي آخر برصاص المقاومة الفلسطينية.
اللواء
أولوية ميقاتي الأربعاء: تأمين 14 ساعة كهرباء خلال شهرين
ضغوطات «عونية» على المجلس والحكومة قبل الدورة العادية..
مع عودة الرئيس نجيب ميقاتي إلى بيروت، بعد أوّل جولة خارجية، بدأت بلقاء مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وشملت زيارة إلى لندن، حيث استقبل الوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا جيمس كفرلي. من المفترض ان تنطلق العملية العلاجية للملفات المعيشية والحياتية، على وجه، لا يحتمل التأجيل، وفي الواجهة مسألة المحروقات، والحؤول دون توقف مؤسسة كهرباء عن العمل، وانفصال الشبكة كما تحذّر دائماً المؤسسة، فضلا عن انعكاس أزمة المازوت على قطاعات التعليم والانتقال وإعادة تفعيل الإدارة، وتوفير عمل المستشفيات والأفران.
وفي الواجهة أيضاً، العمل على إعادة النظر بوضع الرواتب والأجور، بعدما أدى أمتناع الأساتذة والمدرسين عن افتتاح العام الدراسي إلى قرار وزير التربية بتأجيل العودة إلى المدارس، في ضوء مدى قدرة الحكومة على الاستجابة لطلبات المعلمين في ما خص توفير المحروقات، والكهرباء، والانترنت.
وإذا انعقد مجلس الوزراء بعد غد الأربعاء، فان الورشة رسمياً ستنطلق، وبالموازاة بدأ الوزراء ورشات عمل، وتحركات عملية للاضطلاع بما يتعين عليهم فعله في وزاراتهم.
هذا الاسبوع يتبين الخيط الابيض من الخيط الاسود خلال جلسة مجلس الوزراء المرتقبة الاربعاء، ولو ان على جدول اعمالها توقيع الوزراء الجدد على مراسيم وموافقات استثنائية وإحالات لمشاريع مراسيم بالمئات من ايام حكومة الرئيس حسان دياب، لكن توجه الجلسة العملية الاولى سيكون بمثابة دليل على مسار الحكومة لاحقاً.
و توقعت مصادر وزارية، ان تبدأ وتيرة عمل الحكومة الجديدة بسرعة، مع عودة الرئيس ميقاتي من زيارته الى باريس ولقائه المهم مع الرئيس الفرنسي ماكرون، لترجمة نتائج هذا اللقاء عمليا، استنادا الى الالتزامات التي قدمها ميقاتي لتنفيذ جدول الاصلاحات المرتكز للمبادرة الفرنسية.
وتوقعت المصادر ان يستهل رئيس الحكومة باكورة اجتماعاته اليوم، بايلاء الشؤون الاقتصادية والمعيشية اليومية، الاهتمام اللازم والمباشرة مع الوزراء المعنيين في اعادة تفعيل عمل الوزارات والادارات والمؤسسات العامة، لتكون قادرة على مواكبة عمل الحكومة لوقف الانهيار والبدء بعملية الانقاذ على جميع المستويات.
واشارت المصادر إلى ان التركيز بالاجتماعات، سيتناول الاجراءات والتدابير اللازمة، لمعالجة الأزمة المالية وتشكيل الوفود واللجان التي ستبدأ عملها على الفور لوضع الخطط التي ستفاوض صندوق النقد الدولي والهيئات الدولية.
وستركز الاجتماعات أيضا على دراسة العديد من الافكار والطروحات، لحل ازمة الكهرباء التي لم تعد تحتمل التأخير او التأجيل وتأليف لجنة مختصة لانجاز التصور المطلوب، كما ستتناول الاجتماعات ايضا، اتخاذ سلسلة اجراءات، لحل ازمة المحروقات، بكل تفرعاتها، بعدما باتت تضغط على الحياة العامة وتهدد بتداعيات خطيره، تطال ايضا الدورة الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية كلها.
ولاحظت المصادر ان الرئيس ميقاتي، يولي موضوع البطاقة التمويلية اهتماما خاصا، لعلاقتها بتحسين الوضع المعيشي لشريحة كبيرة من اللبنانيين في ضوء التدهور الاقتصادي والمعيشي وغلاء المعيشية على نحو غير مسبوق.الا انها، استبعدت ان تتخذ الاجراءات المطلوبة، للمباشرة بالعمل بالبطاقة المذكورة قريبا، بعدما تبين استحالة العمل فيها، لوجود ثغرات ونواقص عديدة، تنظيمية وتمويلية، الامر الذي يتطلب، اعادة النظر فيها، ووضع آلية جديدة، لسد جميع النواقص، وتسهيل استفادة المحتاجين الفعليين من كل المناطق والشرائح، من دون استثناء وان تطلب الامر مزيدا من الوقت.ولم تستبعد المصادر ان يتولى رئيس الحكومة شخصيا تولي امر وضع الالية الجديدة للبطاقة مع وزير الشؤون الاجتماعية وعدد من المستشارين والخبراء المختصين.
في المعلومات أن مجلس الوزراء ينعقد بعد ظهر الأربعاء في القصر الجمهوري. وهذه الجلسة الأولى لحكومة معا للأنقاذ تضم جدول أعمال. وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن الجلسة تشهد مواقف لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف عن العمل الحكومي المقبل واولويات المهمات التي تنطلق من شؤون الناس.
ولفتت المصادر إلى أن بنودا كثيرة تنتظر الحكومة وتحمل شقا يتصل باجراءات إصلاحية أخرى من البيان الوزاري للحكومة وابرزها مفاوضات صندوق النقد مؤكدة أن ثمة مواضيع ستعرض ولاسيما موضوع الكهرباء فضلا عن أخرى عاجلة.
وقال النائب نقولا النحاس ان همّ الرئيس ميقاتي تأمين 14 ساعة كهرباء يومياً، خلال أسابيع، وهذا الأمر ينشغل عليه، من أجل النّاس والاقتصاد، رافضا الكشف عن الخطة التي يجري العمل عليها في الشهرين المقبلين.
وقال: عدد المعامل هو تفصيل، والمهم كيفية تأمين 2400 كيلواط في المرحلة المقبلة، وهذا سيكون من اختصاص لجنة تؤلف في مجلس الوزراء.
ودعا إلى انتظار جلسة مجلس الوزراء، لمعرفة ما تمّ التوصّل إليه بين الرئيس ميقاتي ووزير الطاقة.
ودعا إلى الثقة من أجل السيطرة على تقلبات سعر صرف الدولار.
ضغوطات على المجلس
نيابياً، مع الدورة العادية لمجلس النواب التي تفتتح حكماً في 19 ت1 المقبل، تحتشد على الأجندة النيابية، مع العلم ان نص المادة 32/د واضح لجهة ان الجلسات تخصص للبحث في الموازنة والتصويت عليها قبل أي عمل آخر، وتدوم مُـدّة هذا العقد إلى آخر السنة.
ومن أبرز المواضيع الخلافية، إدخال تعديلات على قانون الانتخاب، في ما خصَّ اقتراع اللبنانيين في بلاد الاغتراب، والبطاقة الممغنطة.
ومن المتوقع، ان يخرج تكتل «لبنان القوي» بعد خلوة يعقدها لايام، بمواقف يخشى ان تؤثر على العمل الحكومي، في ضوء اصراره على مشاريع تتعلق بالخطة المالية والاقتصادية التي اعدها رئيس لجنة المال والموازنة النيابية إبراهيم كنعان، بما في ذلك رفع سقف سعر صرف الدولار في المصارف من 3900 ليرة لبنانية إلى رقم آخر، لم يتفق عليه بعد.
المحروقات.. انفراج ولكن!
نفطياً، وبدءاً من اليوم الاثنين، تفتح المحطات بمعظمها أبواب خراطيمها امام السيّارات ايذاناً باختفاء الطوابير من الشوارع، خلافاً للمازوت، حيث لم تتوفر هذه المادة بعد للمحطات.
وشجب وزيرا الاقتصاد أمين سلام والطاقة وليد فياض التلاعب في سعر مادة المازوت عند تسليمه للمستهلك. وهددا في بيان مشترك بتوقيف تسليم البضاعة إلى الموزعين المخالفين ومقاضاتهم قانونياً.
وفي مدينة صور، نظم مكتب مديرية أمن الدولة، دوريات على محطات الوقود وواكب عملية تعبئة البنزين بعد أن شهدت بعضها عدة إشكالات. وتمكنت العناصر الامنية من ضبط الامور وإعادة الهدوء وتنظيم عملية التعبئة بالدور، وجالت الدوريات في المحطات للتأكد من سير عملها منعا للاحتكار ومحاربة السوق السوداء.
وحسب هادي بيكي عضو لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني فإن الوقود الذي ارسلته إيران إلى لبنان، لم يكن مجانياً، وتم دفع ثمنه»، مشيرا نحن نتعامل مع التجار اللبنانيين والشعب اللبناني وليس مع الحكومة..
دعوة لاستكمال تحقيقات التليل
على صعيد آخر، توجه عدد من أمهات ضحايا انفجار التليل الى مكان الانفجار في ذكرى مرور أربعين يوما على حصوله، ومعهن أطفالهن يحملن صور الضحايا. وقرأت الامهات الفاتحة عن أرواح الضحايا، ووجهن رسالة الى جميع المعنيين بضرورة استكمال التحقيقات بجدية ومعاقبة كل من تثبت إدانته متورطا او شريكا في هذه الجريمة المروعة التي اودت بحياة 31 ضحية وإصابة العشرات ممن لم تشف حروقهم.
وفي احتفال شعبي تضامني، طالب العميد المتقاعد مصطفى شريتح «بإحالة ملف جريمة التليل على المجلس العدلي، للتوسع بالتحقيق وكشف المقصرين والمحرضين والمنفذين لهذه الجريمة البشعة، لينالوا عقابهم المناسب.
622235 إصابة
صحياً، اعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي عن اصابة 500 شخص بفايروس بكورونا و9 حالات وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 622235 حالة مثبتة مخبرياً، منذ 21 شباط 2020..
البناء
الرئيس ميقاتي لأسبوع عمل يمهّد لإطلاق خطة الكهرباء والمفاوضات مع صندوق النقد
النائب رعد: يشحذون كلّ أسلحتهم للمعركة الانتخابية… لكنهم «زحطوا» بالمازوت
«القومي» يحيي شهادة خالد علوان وعملية الويمبي: لتفعيل معاهدة التعاون مع سورية
كتب المحرر السياسي
في مناخ دولي تظلله العودة إلى مفاوضات فيينا الخاصة بالملف النووي الإيراني، بعدما نضج الموقف الأميركي بقبول العودة غير المشروطة إلى الاتفاق النووي من دون أوهام إضافة بنود للتفاوض أو الحفاظ على إبقاء بعض العقوبات، وبيئة إقليمية ترسم إطارها العودة العربية إلى سورية، وقد شهدت نيويورك على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، لقاءات وزير الخارجية السوري الدكتور فيصل المقداد بعدد من وزراء الخارجية العرب كان أبرزها اللقاء المفصلي بوزير الخارجية المصري سامح شكري، يبدأ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أسبوع التمهيد لانطلاق العمل الحكومي على ثنائية أولوية الكهرباء والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
إنجاز خطة واضحة تحدد المطلوب في ملف الكهرباء يفتح الباب للتدقيق في طبيعة الغاز المصري الذي سيتمّ ضخه عبر الأردن وما إذا كان مصدره كيان الاحتلال، ومثله التدقيق بالكهرباء الأردنية وما إذا كانت تنتج بالغاز «الإسرائيلي»، قبل المضي قدماً في تنفيذ الخطوات اللازمة إدارياً وتقنياً لإتمام مقدمات عملية الاستجرار، كذلك التفاوض مع صندوق النقد الدولي يفترض حسم الآلية التي ستعتمدها الحكومة لتحديد الخسائر وكيفية توزيع أعباء تحملها، بالمقارنة مع خطة حكومة الرئيس حسان دياب التي وقفت المصارف ووقف مصرف لبنان بوجهها، بالتالي تحديد التوازن الاجتماعي الذي ستعبّر عنه الحكومة مالياً في ظل تحرك مصرفي لرمي أثقال الخسائر على المودعين والدولة طمعاً بما تبقى من الودائع وأملاك الدولة ومؤسساتها.
بالتوازي تستمر التحقيقات الخاصة بانفجار مرفأ بيروت في الواجهة، سواء لجهة مصير مهمة المحقق العدلي القاضي طارق البيطار في دعاوى كف اليد والردّ والارتياب المشروع التي تنتظره، أو لجهة الحقائق المخفية في قضية نيترات البقاع التي تلقي بظلالها على قضية المرفأ من زاوية فتحها ملف سرقة النيترات من المرفأ ونقلها إلى البقاع وصولاً إلى عرسال لحساب الجماعات الإرهابية المسلحة، وتوضيح الجواب عن سؤال حدود تورط القوات اللبنانية في ذلك بعدما بات ثابتاً دور شركة الإخوة صقر المحسوبة على القوات في قضية نيترات البقاع.
الملفات الداخلية التي خلطت أوراقها سفن كسر الحصار، وقدم من خلالها حزب الله صوراً مغايرة لذاكرة اللبنانيين في التعامل مع القضايا الشعبية وأولويات الأحزاب، تبدو متمحورة حول الاستحقاق الانتخابي المقبل، حيث بدأت التحضيرات من قبل كل الأطراف، وأعلن نائب الأمين العام لحزب الله إطلاق ماكينة الحزب الانتخابية، بينما قال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد إن خصوم المقاومة يشحذون كل أسلحتهم للنيل منها ومن حلفائها في المعركة الانتخابية، وقد وضعوا في يد سلاح العقوبات والتلويح بها بوجه حلفاء المقاومة ومرشحيهم، وفي اليد الأخرى موازنات مالية هائلة لخوض السباق الانتخابي، لكن رعد أضاف أن هؤلاء جميعاً «زحطوا بالمازوت»، مشيراً إلى حجم التأثير الذي بدت تداعياته تظهر مع توزيع المازوت الإيراني في كل المناطق وبصورة عابرة للطوائف، بما يقلق المراهنين على إضعاف المقاومة وحلفائها في المعركة الانتخابية المقبلة.
وفي قلب خيار المقاومة وثقافتها وتذكيراً بثوابتها أحيا الحزب السوري القومي الاجتماعي ذكرى عملية الويمبي والشهيد خالد علوان في احتفال أقيم في شارع الحمراء، حيث نفذ الشهيد خالد علوان عمليته التي سقط فيها ضباط وجنود جيش الاحتلال برصاصات المقاومة الأولى، ودعا الحزب إلى الحفاظ على منجزات المقاومة، وإعطاء الأولوية لقضايا الناس، معتبراً أن من أولى مهمات الحكومة معالجة الهموم المعيشية الضاغطة، وأن الأولوية السياسية الراهنة التي تفتح أبواب الكثير من الحلول الاقتصادية، هي لتفعيل معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق مع سورية.
أحيا الحزب السوري القومي الاجتماعي ذكرى عملية «الويمبي» وبطلها الشهيد خالد علوان باحتفال حاشد في مكان تنفيذ العملية ـ شارع الحمرا الرئيس، شارك فيه قوى وحركات وأحزاب المقاومة وفصائل رمزية من النسور والأشبال وجمع كبير من القوميين والمواطنين.
وألقى كلمة الحزب عميد العلاقات العامة الدكتور جورج جريج، الذي أكد أن «رصاصات خالد علوان البطل والشهيد شاهد على صراع بين إرادتين، إرادة احتلال عنصري غاشم، وإرادة قيامة أمة باحتشاد العز في طلقات قلبت المعادلة وحوّلت الغزاة إلى مندحرين، وأعادت لبيروت صفاء سمائها، بنسمات الحرية، وعزفت أهازيج النصر، وثبتت مسار فعل السيادة، وملأت فضاءات بيروت بصراخ جنود العدو «يا أهل بيروت لا تطلقوا النار إننا راحلون».
ودعا جريج الحكومة لأن تبادر إلى اتخاذ الإجراءات العملية، لمنع انهيار ما تبقى وإيجاد العلاجات المطلوبة، لتعزيز قدرة المواطن على الصمود، خصوصاً أننا على أبواب عام دراسي جديد، الأمر الذي يشكل تحدياً جدياً لقدرة الحكومة على التعامل مع مفاعيله الداهمة في وسط الأزمات، ليكون الانكباب على العمل عنواناً نحكم على أساسه وننتصر دوماً وأبداً لوجع الناس وكرامتهم. كما طالب الحكومة أن تبذل الجهود وتكثّف المساعي وتفعّل المشاورات، مع الحكومة السورية، ليس فقط لإمرار الغاز والكهرباء، بل تفعيلاً لمعاهدة الإخوة والتعاون والتنسيق، وتنفيذاً للاتفاقيات المشتركة، وبحثاً عميقاً في الملفات الحيوية، وتأكيداً للحقيقة العلمية المتمثلة بوحدة الدورة الاقتصادية بين كيانات الأمة». وتابع: «نعم، نحن نرى وجود مصلحة للشعب، في هذا التكامل الاقتصادي، ونؤمن بذلك، ونعمل لتحقيقه، وأنطون سعاده مؤسس الحزب، كان واضحاً بالتأكيد أن «الرابطة الاقتصادية هي أساس الرابطة الاجتماعية وفي هذا السياق جاءت مبادرة الحزب، في طرح مشروع قيام مجلس تعاون مشرقي، يشكل إطاراً للتعاون والتساند والتآزر على مستوى الأمة.
وشدد على أن سورية ـ الشام هي رئة لبنان، وإن صمودها شعباً وجيشاً ومقاومة، بقيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد، وتصديها بحزم وبسالة، للحرب الإرهابية الكونية، حمى لبنان من التحول إلى بؤرة فوضى، لا بل أن انتصار سورية على الإرهاب، شكل عنصر قوة لبنان في معركته لدحر الإرهاب، ولتثبيت وحدة مركزية الدولة بمواجهة مشاريع الفدرلة والتقسيم، فكل الشكر لسورية، التي لم تتخل يوماً عن دعم لبنان واحتضان مقاومته، ومساندته في التغلب على المحن والصعاب وفي مواجهة العدوان والاحتلال والشكر للعراق والجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولجميع الدول التي أسهمت في الوقوف إلى جانب لبنان ونجدة أبنائه. ونقدّر عالياً مبادرة حزب الله وأمينه العام السيد حسن نصرالله لكسر الحصار الأميركي، والتخفيف من أعباء الناس ومعاناتهم.
ورأى جريج أن الحياد الملون والمقنع هو دعوة للانقلاب على ثوابت لبنان وخياراته ودماء شهدائه، وعلى الهوية والدور، وعلى نهج المقاومة، هذه المقاومة التي نستظل اليوم فيء وهج انتصاراتها، نؤكد تمسكنا بها خياراً لا يحتمل المساومة، ونهجاً لا يحتمل أنصاف المواقف، ونؤكد بأننا على هذا النهج ثابتون، ثبات الأرز في لبنان وشامخون كشموخ صنين.
وفي سياق ذلك أدان عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حميّة مؤتمر أربيل الذي دعا إلى التطبيع مع العدو الصهيوني ودعا إلى اعتبار رعاة المؤتمر والمشاركين فيه، مجموعة أشرار تعمل لمصلحة عدو يعيث قتلاً وإجراماً بحق أبناء شعبنا في فلسطين.
وقال في بيان: أن انعقاد ما سُمّي بـ «مؤتمر السلام والاسترداد» في مدينة أربيل العراقية، واتخاذه منصة لإطلاق الدعوة إلى التطبيع مع العدو الصهيوني، يشكل تحدياً صارخاً لموقف العراق واستفزازاً لمشاعر كلّ أبناء شعبنا والشعوب العربية وأحرار العالم، الذين يدعمون المسألة الفلسطينية العادلة وحق الفلسطينيين في المقاومة لتحرير أرضهم من الاحتلال الصهيوني. وأضاف: أن هذا المؤتمر التطبيعي، لا يعبّر عن إرادة أبناء شعبنا في العراق، ولا عن موقف الدولة، بل هو محاولة ميؤوس منها للزجّ بالعراق في أتون الدعوات المشبوهة، خصوصاً أن العراق وقف دائماً ولا يزال إلى جانب فلسطين ومقاومتها.
في غضون ذلك، تترقب الساحة الداخلية نتائج زيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى فرنسا، لا سيما لجهة إعادة إطلاق مؤتمر سيدر لدعم لبنان مالياً في إطار إعادة النهوض الاقتصادي، وعلمت «البناء» أن أجواء زيارة ميقاتي كانت إيجابية والمسؤولون الفرنسيون أبدوا كامل استعدادهم لدعم لبنان بمساعدات مالية واستثمارات في قطاعات عدة لكنها مشروطة بحزمة إصلاحات مالية واقتصادية بالتوازي مع استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي»، لكن مصادر وزارية تشير إلى أن «هذه الإصلاحات التي يطالب بها المجتمع الدولي وفرنسا تحتاج إلى وقت ودراسة معمقة وإلى توافق داخل الحكومة لكي لا تزيد في الدين العام أولاً ولكي لا تأتي على حساب المواطنين».
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظم احتفالاً حاشداً لميقاتي في قصر الإليزيه قبل أن ينتقل ميقاتي إلى بريطانيا على أن يعود إلى بيروت نهاية الأسبوع. ومن المتوقع بحسب مصادر «البناء» أن يعقد مجلس الوزراء جلسة الأربعاء المقبل في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون وعلى جدول أعمالها جملة بنود، لا سيما رفع الدعم والبطاقة التمويلية وملف ترسيم الحدود، على أن يضع ميقاتي عون ومجلس الوزراء في أجواء زيارته إلى فرنسا وبريطانيا وسيبلغ المجلس ضرورة الإسراع بإنجاز الإصلاحات المطلوبة وبدء التفاوض مع صندوق النقد.
وكان ميقاتي استقبل في مقر إقامته في لندن وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جيمس كلفرلي، في حضور سفير لبنان لدى المملكة المتحدة رامي مرتضى. وجرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين البلدين وحاجات لبنان في هذه الأوقات الصعبة ودور بريطانيا في دعمه ومساندته، ومواكبتها لخطة النهوض الاقتصادي التي تعمل عليها الحكومة. وعلمت «البناء» أن ميقاتي سيقوم بجولة عربية تشمل قطر والكويت ومصر وربما الإمارات والسعودية.
ولفت مصادر سياسية لـ«البناء» إلى أن «القوى الغربية لا سيما واشنطن وباريس ترى أن المهمة الأساسية للحكومة هي تأمين الاستقرار الداخلي كمرحلة مؤقتة للانتخابات النيابية وإجراء هذه الانتخابات أملاً بتظهير موازين قوى جديدة كتقليص كتلة التيار الوطني الحر وحزب الله وإدخال قوى جديدة إلى البرلمان من ممثلي الحراك المدني لكي تصبح هناك «كوتا» نيابية تدين بالولاء المباشر للأميركيين والفرنسيين إضافة إلى قطع الطريق على تعاظم النفوذ الإيراني في لبنان». وتوقعت المصادر معركة سياسية ساخنة قبل الانتخابات المقبلة كون المجلس النيابي الجديد هو الذي سينتخب رئيس الجمهورية المقبل، مشيرة إلى معركة أخرى تلي معركة الاستحقاق النيابي هو استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية لا سيما أن قوى وشخصيات عدة تعتزم خوض هذا الاستحقاق في ظل رهانات خارجية على نتائجه».
وفي سياق متصل قال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد: «عادوا للتمسكن وشكلوا حكومة نواكبها من الداخل والخارج، ويهيئون الآن الفرصة من أجل خوض الانتخابات النيابية». وأضاف يحضرون كل العتاد والعدة وسنشهد ضغوطاً كبيرة على المرشحين من الذين يؤيدون نهج المقاومة، وسيمنعون إذا استطاعوا أن تكون هناك تحالفات وسيضغطون على سحب عدد من المرشحين الذين يمكن أن ينجحوا ويكونوا في صف المقاومة. سيضغطون عليهم إما بالتهديد بمصالحهم خارج البلاد أو بتهديدهم بعقوبات ستفرض عليهم، وبخاصة إذا كانوا يعملون ولهم مصالح خارج البلاد، وسيحاولون شراء الذمم ودفع أموال باهظة من أجل أن يعدلوا موازين القوى ويسيطروا على الأكثرية المقبلة في المجلس النيابي». وأضاف: «كل ذلك توهم منهم بأنهم يستطيعون أن يغيروا المسار السياسي في هذا البلد ويأخذوه إلى حيث أخذوا بعض دول الخليج لمصالحة العدو الإسرائيلي وتطبيع العلاقات معه. سنواجه هذا الاستحقاق بكل ما يتاح لنا قانوناً وسنخوض هذه المعارك الانتخابية وثقتنا كبيرة بشعبنا وبوعي أبناء البيئة المقاومة، وسنشرح كل ما لدينا للناس حتى يكونوا على اطلاع ووضوح كامل بالموضوع».
على صعيد أزمة المحروقات، سجلت حلحلة جزئية في ما خص أزمة البنزين حيث لوحظ تراجع طوابير السيارات أمام المحطات، وذلك بعدما سلمت أغلب الشركات المادة إلى المحطات التي فتحت أبوابها يوم السبت الماضي وعملت على تعبئة البنزين للمواطنين الذين رحبوا بهذا الانفراج، إلا أن مصادر نفطية أشارت لـ«البناء» إلى أن هذا الانفراج مؤقت حتى بداية الشهر المقبل حيث من المتوقع تكرار السيناريو مرة أخرى حيث سيصار إلى تقنين توزيع المحروقات من قبل الشركات خوفاً من الرفع الكامل للدعم ما يعيد أزمة الطوابير إلى حالها قبل أن يرفع مصرف لبنان الدعم كلياً لتعود الأمور إلى طبيعتها. وتوقعت المصادر أن يبلغ سعر صفيحة البنزين بعد تحرير سعرها إلى 250 ألف ليرة.
وكان شركة الأمانة للمحروقات قد واصلت توزيع مادة المازوت الإيراني على المؤسسات في مختلف المناطق اللبنانية، حيث حطت رحالها في محافظة عكار وسلم عدداً من أفران المنطقة في بلدات الحيصا، التليل، شربيلا، وعكار العتيقة وسط ترحيب أصحاب هذه المؤسسات والأهالي على أن تستكمل عمليات شحن المازوت خلال الساعات والأيام المقبلة لتسليم هذه المادة إلى المؤسسات المختلفة، لا سيما المؤسسات الصحية والإنسانية. إضافة إلى آبار المياه التابعة للبلديات وإلى أصحاب مولدات الاشتراكات الكهربائية.
وأعلن نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، أنّه «في حال لم تتحرّك الشركات ومصرف لبنان لتأمين حاجات البلاد من المحروقات سنستمر بإدخال المواد النفطية»، مؤكداً أن «حزب الله على استعداد لإدخال المازوت عبر المعابر الحدودية المعروفة ولكنّ البعض في البلد يخاف من أميركا وعقوباتها». وفي حديث عبر قناة «المنار»، قال قاسم إن «الكميّة التي طلبها التجار اللبنانيون وصلت إلى نحو 25 مليون ليتر». وأشار إلى أن موازين القوى هي التي أتت بالمازوت الإيراني إلى لبنان، وأي اعتداء إسرائيلي على لبنان سيقابله ردّ من حزب الله حتى لو جرّ إلى حرب». ولفت قاسم إلى أن «المشاكل الأساسية في عدم وجود خطط اقتصادية والفساد والعقوبات الأميركية هي التي أوصلت البلاد إلى هذه الحال»، قائلاً: «المازوت الإيراني الذي مرّ عبر سورية بواسطة حزب الله كسر أهم حصار على لبنان منذ تاريخه حتى الآن».
ورأى قاسم أن «الحكومة اللبنانية هي المسؤولة عن متابعة أيّ إشكال في موضوع ترسيم الحدود»، وقال: «نحن ننتظر موقف الحكومة اللبنانية في موضوع الحدود البرية والبحرية وحين يصل دورنا نقوم بواجبنا».
على صعيد ملف شاحنة النيترات المضبوط في بعلبك، فقد تم ترك غ. الصلح، خ. الحجيري، م. السحاب، م. درويش و ا. الشمالي العاملين في مؤسسة الصلح، بحسب ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام.
وأشار عضو كتلة «الوفاء للمقاومة»، النائب حسن فضل الله، إلى أن «الاستمرار في إخفاء المعطيات الحقيقية عن مصدر نيترات البقاع، وطريقة دخولها إلى لبنان وتخزينها خلافاً للقانون، يطرح علامات استفهام كبيرة حول الخلفيات والجهات التي تحاول طمس هذه القضية المحورية، لأنه بات من الواضح أن الكشف عن خيوطها سيؤدي إلى معرفة أمور كثيرة، حول كيفية إدخال النيترات إلى لبنان، والجهات التي تقوم بذلك، بما فيها نيترات المرفأ». ولفت، في تصريح، إلى أن «الأجهزة الأمنية والقضائية، مدعوّة لتقديم إجابات شافية للرأي العام، عن الأسئلة الجوهرية المشروعة حول هذه القضية، وتبديد أي شكوك تثير مخاوفه»، وتساءل «من هي الجهات التي أتت بهذه النيترات، ومن أين، وكيف أدخلتها، ومن سهّل لها، ولأي غرض حقيقي، وهل تمّ التحقيق مع جميع المشتبه بهم، وأي علاقة لذلك كله بنيترات المرفأ؟».
وكان جعجع حاول التنصل من المسؤول القواتي مارون الصقر وشقيقه إبراهيم الصقر، مشيراً إلى أنه تم تجميد عضوية الصقر من القوات حتى انتهاء التحقيقات معه.
وفي مؤشر على ارتفاع مستوى الخطاب السياسي قبيل أشهر قليلة من موعد الانتخابات النيابية، انفجر السجال بين القوات والتيار الوطني الحر، فبعد الانتقادات اللاذعة التي وجهها جعجع للرئيس عون والنائب جبران باسيل شن عضو تكتل «لبنان القوي»، النائب زياد أسود هجوماً شرساً على جعجع، بالقول، «الدور المسيحي، يا سمير، يفرض تصحيح الخلل الذي ارتكبته عام 1988، بضرب الجيش والمناطق الحرة وتسليمها للسوري والسعودي، وإنهاء الحالة السياسية للمسيحيين، ويدخُل فيها رهانك، أن تتخلص من الجميع، وشعار اعرف عدوّك والأمر لي وحالات حتماً ما سقطت، في الوقت الذي هربت من عين الرمانة إلى الشياح»، موضحاً أن «وقت «كنت عم تقرق» مع وليد جنبلاط على حرب الجبل وغيرك كان يقاتل ويستشهد، هل كنت تقوّي الدور المسيحي أو كنت تخدعه وتستعمله بمؤامرة كنت شريكاً فيها بتهجير الناس وتعريضهم للقتل بحروبك «البايخة».
المصدر: صحف