ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الاثنين 29 تموز 2019 على عودة التصعيد الجنبلاطي الارسلاني على خلفية تداعيات حادثة قبرشمون والتي عطلت الحلول والمبادرات المطروحة… ما انكس سلبا على مصير الجلسات، ما ادخل الحكومة برمتها في اجازة طويلة …
* الاخبار
الحكومة في إجازة إلى أيلول؟
تبدو حكومة الرئيس سعد الحريري في أسوأ أيامها منذ تشكيلها بعد الانتخابات النيابية. أمس، أعلن وليد جنبلاط رفضه مبادرة الحل، وتعطّلت مساعي اللواء عباس إبراهيم. وإذا بقيت الحال كذلك، فلا جلسة هذا الأسبوع، وربّما لا جلسات في آب الذي يمضي الحريري معظمه في إجازة!
نهاية هذا الأسبوع، تقطع حكومة الرئيس سعد الحريري شهرها الأول غارقة في شللٍ تام، تغوص في وحل الأزمات واحدة تلو الأخرى. والوهن الحكومي لا يُقارن بالمناخ المذهبي والطائفي الذي تبثّه بين اللبنانيين حفنة من السياسيين، في مشهد مكرّر بابتذال لتجارب سابقة أسّست لاقتتال داخلي.
فلم يكد ينسى اللبنانيون فضيحة بلدية الحدت (العلنية!)، حتى أصرّ وزير الخارجية جبران باسيل على تذكيرهم بمستقبل البلاد المظلم، باعتراضه على المادة 80 في الموازنة (حفظ حق الفائزين بمباريات مجلس الخدمة المدنية)، بذريعة التوازن الطائفي. ومع علم باسيل بعدم قدرته على إلغاء البند بعد إقراره في مجلس النواب، ومحاولته سابقاً إسقاطه بالتصويت قبل أن يتراجع عن الخطوة، دخل وزير الخارجية في مناورة لا تهدف إلّا إلى شدّ العصب الطائفي في الساحة المسيحية، محرجاً الحريري أوّلاً، الذي حَرِدَ قبل أيام وسافر في إجازة قصيرة. لكنّ همروجة باسيل انتهت أمس، بحسب معلومات «الأخبار»، بالاتفاق على توقيع رئيس الجمهورية للموازنة اليوم أو غداً، وتفادي تأخيرها في هذا الوقت الحرج ووقوع لبنان تحت المراقبة الدولية الدقيقة للوضع المالي.
«انفراج» الموازنة قابله تصعيد من قبل النائب السابق وليد جنبلاط، برفضه لقاء النائب طلال أرسلان في بعبدا، واضعاً سدّاً أمام مبادرة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، بعد مفاوضات شاقّة خاضها الأخير للوصول إلى تسوية تعيد الحياة إلى الحكومة وتحصر ورم الفتنة المتأهبة في الجبل، ما دفع أرسلان إلى الردّ بوضوح رافضاً لقاء جنبلاط.
وتوقّف مبادرة إبراهيم أو تأخيرها، يعني عدم قدرة الحريري على عقد جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع. وجرياً على عادته وغيره من السياسيين، فإن الحريري الذي من المفترض أن يعود إلى بيروت اليوم، يمضي معظم شهر آب خارج البلاد في إجازات عائلية، أي إن الحكومة، وتحت كل التهديدات والأزمات الداخلية (لا سيّما أزمة العمالة الفلسطينية التي افتعلها وزير العمل كميل بو سليمان وجاراه فيها باسيل وتتفاقم في المخيمات مع مؤشّرات أمنية مقلقة)، أمام احتمال التعطيل حتى بداية أيلول المقبل، هذا إذا تقرّر الحلّ إلى حينها!
خلال الأيام الماضية، قدّم أرسلان تنازلاً كبيراً لإنجاح مبادرة إبراهيم. فهو، بعد لقاءات مع إبراهيم واجتماع في وزارة الخارجية مع باسيل وحضور الوزيرين الياس بو صعب وسليم جريصاتي، ثم مع حزب الله، قَبِلَ المخرج القائل بتشكيل لجنة من ثلاثة أجهزة أمنية تتولّى التحقيق وحضور لقاء مصالحة مع جنبلاط في بعبدا، برعاية عون وحضور الرئيسين نبيه بري والحريري، على أن يُعلن في اللقاء موقفٌ داعم للقضاء وقبول المسار القضائي من الطرفين في المحكمة العسكرية، والتي لها خيار أن تعلن عدم اختصاصها بجريمة البساتين فيتم طلب تحويل الملفّ إلى المجلس العدلي بالتوافق بعد شهرين. ويترافق ذلك مع غياب الوزيرين صالح الغريب وأكرم شهيّب عن جلسات الحكومة.
عون سيوقّع الموازنة اليوم
أو غداً خشية التأخير
والمواقف الدولية
إلّا أن جنبلاط الذي كان قد أبدى بعض التجاوب مع المبادرة، عاد أمس معلناً رفضها عبر تغريدته، كاشفاً بشكل موارب، ولو بخطاب تصعيدي في الشكل، عن رغبته في التواصل المباشر مع حزب الله. وموقفه أمس ليس معزولاً عن أجواء الاجتماع الذي عقده مع نوابه ومستشاريه يوم السبت، والذي خاطب فيه فريقه بلهجة اتهامية لحزب الله، بمحاولة تطويعه ودفعه إلى الاستسلام. فهو، كما يشرح لمراجعيه، وإن كان يريد فكّ الاشتباك في الجبل عبر لقاء بعبدا، إلّا أن ما يصل إلى مسامعه عن عودة عون إلى موقفه الأوّل باعتبار البساتين محاولة لاغتيال باسيل وإصراره على المجلس العدلي، يجعله «يخشى المجلس وشيطنة الحزب الاشتراكي واتهام شهيب»، سائلاً عن القاضي الذي ستعهد إليه القضية.
أما سبب عودة عون إلى التمسّك بالمجلس العدلي بعد الليونة التي أبداها الأسبوع الماضي، فمردّها إلى ثلاثة تسجيلات صوتية لاشتراكيين في البساتين، جعلت الرئيس يقتنع بأن ما حصل كان محاولة استهداف فاشلة لباسيل.
والأمر الأغرب هو الفرح الذي يعبّر عنه جنبلاط من قرار القاضية غادة عون إقفال كسّارة بيار فتوش في ضهر البيدر، بعد كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الأخير حول القضية. وهو ما تصفه مراجع سياسية بارزة بـ«قتال العونيين عن جنبلاط في معركة عين دارة»، مشيرةً إلى القرار و«اتفاق ضمني بين العونيين والاشتراكي لمنع فتوش من العمل في عين دارة».
ومع الأزمة الحكومية، تزداد كل يوم أزمة العمالة الفلسطينية تعقيداً، مع التحركات الشعبية والفصائلية واللبنانية التي تشهدها بشكل مستمر مخيمات الجنوب ومدينة صيدا، وإصرار وزير العمل وحزب القوات اللبنانية على إهمال قرار رئيس الحكومة بسحب الملفّ إلى مجلس الوزراء، واستمرار لعبة السباق بين القوات والتيار على بثّ التحريض في الساحة المسيحية. وعلمت «الأخبار» أن قائد الجيش العماد جوزف عون وضع رئيس الجمهورية، الأسبوع الماضي، في أجواء التحركات الفلسطينية والمخاطر الأمنية لاستمرارها، ومخاطر الخطابات التحريضية التي تخرج على لسان المسؤولين، والتي تشكّل مادةً لمتابعة التحركات الفلسطينية. وعدا عن التجاذب الشعبي والسياسي في المخيمات بين حركتي فتح وحماس و«التيار الإصلاحي» التابع لمحمد دحلان، فالمعلومات الأمنية تؤكّد بالدلائل سعي بعض الجماعات الإرهابية إلى استغلال التحركات الشعبية للتصويب على الجيش اللبناني والإعداد لمواجهات أمنية تغرق الفلسطينيين والجيش في فتنة واقتتال دامٍ.
حردان: سنواجه الطائفيين والمذهبيين
انتقد رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان من سمّاهم الطائفيين والمذهبيين، مشيراً في لقاء داخلي مع قيادة الحزب، إلى جانب رئيسه المنتخب حديثاً فارس سعد، أن «السلم الأهلي مهدّد اليوم» وأن «الاقتتال الداخلي مهّد سابقاً للاجتياح الإسرائيلي». وفي معرض حديث انتشر جزء منه، أعطى حردان مثلاً عن «أحد اعترض على الموازنة لأنها أعطت حقاً لمواطنين نجحوا في الخدمة المدنية، فقامت القيامة بحجة أنه ليس هناك توازن طائفي». وسأل: «وإذا لم يكن هناك توازن؟ هل ينتهي لبنان؟ هذه العصبية الطائفية تستثمر إلى أقصى الحدود». وأكّد أمام قيادة الحزب أن «الحزب سيكون في مقدمة المواجهين لهذا المشروع»، ونحن «لا نخاف من المذهبيين والطائفيين، وسنشنّ عليهم هجوماً ونعرّيهم ونحمّلهم مسؤولية تهديد الوحدة الوطنية في لبنان. القوميون أثناء الأحداث المؤلمة في الحرب كانوا أداة وحدة، وأسهمنا في إسقاط مشروع التقسيم، وفي وحدة لبنان، والوحدة اليوم مهددة. يجب علينا أن نضع كل طاقاتنا في هذا المشروع، ومنذ 86 عاماً مررنا بامتحانات وأثبتنا قدرتنا على المواجهة».
“حل سحري” من «رامكو» لنفايات كسروان وبعض بيروت
«ميني أزمة» كوستابرافا الاسبوع الماضي، وأزمة امتلاء مطمر برج حمود المتوقعة قريباً ، حتّمتا البحث عن حلول سريعة… ومربحة! «استباقاً» للأزمة، تعاقدت «رامكو»، وريثة «سوكلين»، مع بلدية بيروت لنقل نفاياتها الى معمل غوسطا (بعد تشغيله) في كسروان، مقابل 23 مليون دولار لثلاث سنوات. الشركة اكتشفت فجأة أن المنطقي ان تعالج نفايات كسروان في غوسطا ونفايات بيروت في برج حمود. لذا قررت أن تفعل ذلك مستفيدة من الوفر الذي تحققه بعد تخفيف كلفة النقل ومن عائد يقدر بأكثر من 50 دولاراً عن كل طن من نفايات كسروان!
قبل سنتين، أُقيم في بلدة غوسطا الكسروانية معملٌ لمعالجة النفايات، أُطفئت محركاته في كانون الأول 2018. التوقّف أتى «قسرياً»، بسبب غياب الإمكانات المادية لدى البلديات «المخنوقة» مركزياً بالديون المتراكمة عليها لشركة «سوكلين». هذا هو السبب الذي تحدّث عنه يومها كلّ المعنيين. اقتراحات عدة رُفعت لإعفاء المجالس المحلية من هذا العبء، من دون جدوى. أزمة أموال البلديات لم تُحلّ بعد، ما يعني عدم انتفاء الأسباب التي أجبرت «غوسطا» على التوقّف عن العمل. إلا أنّه، منذ أيام، ترتفع وتيرة الحديث عن تشغيل المعمل من جديد. لماذا؟ لأنّ أزمة النفايات اشتدّت في بيروت، فانفرجت في كسروان. وللدقة، يُمكن القول إنّ شركة «رامكو» أفرجت عن معمل غوسطا، مُجنّبة القضاء تجدّد أزمة تجمّع النفايات فيه، بعد أن يبلغ مطمر برج حمود أقصى قدرته الاستيعابية. فالشركة المُكلّفة جمع وكنس النفايات في المتن وكسروان، وبعد أن انتزعت من بلدية بيروت عقداً بالتراضي («الأخبار»، 19 تموز، لنقل 200 طن من نفايات العاصمة ومعالجتها، بقيمة 23 مليون دولار، وافقت على نقل نفايات كسروان، من البلديات إلى معمل غوسطا. «هذا إنجاز»، يقول النائب نعمة افرام. ما لا يقوله الأخير، أنّ «الإنجاز»، يُشكّل في الوقت نفسه «إدانة» لشركة «رامكو»، بأنّها تتحمّل مسؤولية إيقاف معمل غوسطا. ففي المُخطط الأول للمعمل، كان يُفترض بالبلديات أن تنقل نفاياتها إلى غوسطا، وتدفع مُباشرةً للمعمل مبلغ 60 دولاراً للطن كلفة الفرز والمعالجة. انطلاق الخطة، كان سيرتد سلباً على إيرادات «رامكو»، الناتجة من الجمع ونقل النفايات إلى برج حمود، والتي تبلغ قرابة الـ114 دولاراً للطنّ. في 14 آذار الماضي («الأخبار»، عدد 14 آذار 2019، قال رئيس اتحاد بلديات كسروان – الفتوح جوان حبيش، لـ«الأخبار»، إنّه «يبدو أنّ النية هي إبقاؤنا مربوطين بشركة رامكو». في المفاوضات بين الأخيرة وبلدية بيروت، ثمّ مع القيمين على «غوسطا»، تبيّنت صحّة توقعات حبيش، ليتأكد من جديد أنّ التعامل مع ملفّ أساسي كتراكم النفايات في الشوارع، مع ما تُنتجه من مشاكل بيئية وصحية، يتمّ بمعزل عن مصالح السكان، وبعيداً عن أي خطّة استراتيجية لحلّ الأزمة جذرياً. تتحول النفايات إلى «نفط» لبنان الجديد، وساحة تنافس بين «مُتعهدي» الجمهورية.
في عقد التراضي بين بلدية بيروت و«رامكو»، لم يُحدّد معمل الفرز الذي ستُنقل إليه الـ200 طنّ من النفايات. ولكن انتشرت معلومات تُرجّح أن تكون وجهة الشاحنات، غوسطا، في حال توقّف برج حمود والكوستابرافا عن استقبال النفايات. ترافق ذلك مع إطلاق نعمة افرام «وعداً»، في 20 تموز، بأنّ إعادة تشغيل المعمل ستتمّ «في غضون أسابيع قليلة»، ما أسهم في تعزيز صحّة الشائعات. «الخبرية» أثارت عدداً من علامات الاستفهام، أبرزها، أنّه إذا كان معمل غوسطا قادراً على استقبال 200 طن من نفايات العاصمة، فلماذا تُقفل أبوابه بوجه نفايات قضاء كسروان؟ وكيف سيحلّ الأخير أزمته، حين يتوقف مطمر برج حمود عن تلقّي النفايات، إذا كان معمل غوسطا مُتاحاً لنفايات بيروت فقط؟
يوضح افرام لـ«الأخبار» أنّ نفايات كسروان هي التي ستُنقل إلى معمل غوسطا، «فبلدية بيروت اتفقت مع شركة رامكو، والأخيرة تتفاوض مع غوسطا. بهذه الطريقة، يكون الجميع قد ربح». الاتفاق بين غوسطا و«رامكو» لم يُبتّ بعد، «من المفترض أن يتم الانتهاء منه في غضون أسبوعين». لم تكن «رامكو» لتقبل التفاوض مع معمل غوسطا، لولا أنّها لم تنل «تعويضاً» بقيمة 23 مليون دولارٍ من العاصمة. مع ذلك، فهي لن توقّع اتفاقاً مع «غوسطا» يُلغي هامش الربح الذي كانت تُحقّقه من عملية جمع ونقل نفايات كسروان إلى برج حمود. تفاصيل العقد لا تزال غامضة، ويُفضّل المعنيون التكتم عليها، إلى حين التوقيع عليه، خوفاً من نفض «رامكو» يديها من الاتفاق، وإعادة فرضها حظراً على «غوسطا». ولكن، بحسب افرام، فإنّ كلفة الجمع والنقل لن تنخفض بعد أن تقلّصت المسافة الجغرافية التي كان على «رامكو» أن تتكبّدها (النقل من كسروان إلى برج حمود)، «العقد ثابت، ولكن ما أُضيف هو دفع «رامكو» 60 دولاراً لمعمل غوسطا، لقاء فرز ومعالجة النفايات».
لم تكن «رامكو» لتقبل التفاوض
مع غوسطا لولا حصولها
على 23 مليون دولار
من بيروت
أنشأت شركة «فينيكس انرجي» معمل معالجة النفايات في غوسطا، عام 2017، على مساحة 30 ألف متر مربع، وبقدرة استيعابية تصل إلى 200 طن يومياً. كان يُفترض أن يتمكن من معالجة أكثر من نصف كمية النفايات التي تُنتجها بلديات قضاء كسروان – الفتوح، وتبلغ 350 طنّاً من النفايات في اليوم. ولكن، خلال فترة تشغيله القصيرة، اقتصرت أعمال «غوسطا» على معالجة 15 طناً في اليوم من بلدات غوسطا وعينطورة وجديدة غزير وغبالة. حالياً، لا معلومات لدى اتحاد البلديات في القضاء عن الاتفاق المنوي المضي به بين «غوسطا» و«رامكو»، ولكن بالنسبة إلى رئيس بلدية جونية جوان حبيش، هناك العديد من علامات الاستفهام التي تُطرح، تحديداً حول طريقة عمل «رامكو»، إن كان في «ضمّ تكاليف إضافية في العقود للعام الحالي، أو مشكلة تجميع النفايات قبل لمّها أو المبلغ الكبير الذي ندفعه، لنكون عملياً قد عُدنا إلى نفس الوضع زمن سوكلين. النفايات مصدر رزق لكثير من السياسيين، من دون أن نستثني أحداً». ويتحدّث حبيش عن مشكلة في وزن النفايات، «لا نعرف الوزن الفعلي للنفايات التي تُحمّلها رامكو. يتم استخدام أساليب ليكون الوزن أكبر من الواقع». ففي إحدى المرات، وبعد إثارة الموضوع، «وافقت الشركة على أن تُرافقها دورية من قبلنا إلى الميزان حيث يتم وزن النفايات، ولكن مُنع العناصر من الدخول». حبيش، الذي لا يُبدي حماسةً لإعادة افتتاح معمل غوسطا، يكشف عن حلّ اقترب الانتهاء منه بين قضاءَي جبيل وكسروان – الفتوح، «حُكي بشأنه مع رؤساء البلديات واتحادَي البلديات في القضاءين، لكن يبقى بحاجة إلى بعض التفاصيل قبل بدء تنفيذه». الحلّ يقوم على الجمع بين وجود معمل للفرز ومطمر من دون أن يُحسم موقع كل منهما بعد.
«الأخبار» حاولت الاتصال بالمدير التنفيذي لشركة «رامكو» وسيم عماش، للاستفسار منه بشأن الاتفاق مع معمل غوسطا، لكنه لم يُجِب.
مناقصة معامل الكهرباء: التصنيف غير قانوني؟
انطلقت الخطوات العملية لبناء معامل الكهرباء. الخطوة الأولى تتعلق بتصنيف الشركات المؤهلة للمشاركة في المناقصة. لكن يتبيّن أن إشكالات عديدة تواجه هذه الخطوة، أبرزها أن عملية التصنيف مبنية على مرسوم استثنيت منه صفقات أشغال وتجهيز وتركيب مراكز توليد الطاقة الكهربائية. وعليه، هل تخاطر الوزارة بتعريض عملية التصنيف للطعن أم تعمد إلى سدّ تلك الثغرة القانونية قبل فوات الأوان؟
عندما أعلنت وزيرة الطاقة ندى بستاني بدء قبول طلبات التصنيف للشركات الراغبة في تطوير مشاريع لإنشاء معامل لإنتاج الكهرباء وفق صيغة IPP (المنتج المستقل للطاقة)، برزت إلى الواجهة مجموعة ملاحظات تتعلق بآلية إجراء المناقصة وبتوجهات الوزارة. واحد من الأسئلة التي ترددت، ولا تزال، يتناول مبدأ تصنيف الشركات. لماذا لجأت الوزارة إلى التصنيف وليس إلى التأهيل، كما العادة عند طرح مناقصة تتعلق بصفقة محددة؟ لماذا لم تترك الأمر إلى دفتر شروط المناقصة الذي يحدد تلقائياً مواصفات الشركات التي يحق لها المشاركة، كما حصل في مناقصة دير عمار 2؟
بداية، لا بد من الإشارة إلى أن التصنيف يشمل، بحسب المرسوم الرقم 3688 الصادر في 25/1/1966، الذي تعتمده الوزارة، الشروط الواجب توافرها في الشركات، لتسجل في لائحة المتعهدين الذين يحق لهم الاشتراك في تنفيذ بعض الصفقات العائدة للأشغال العامة، والتي تتطلب كفاءات خاصة. وغالباً، كل الوزارات والمؤسسات العامة، لديها لوائح تصنيف للمتعهدين، وهي لوائح تتعرض لانتقادات كثيرة مرتبطة بطريقة التصنيف وآلياته. ولذلك، يتم حالياً البحث في آليات جديدة، تُدرس بالتنسيق مع نقابة المتعهدين ونقابة المهندسين. في المقابل، فإن التأهيل يتناول صفقة محددة تطرح للمنافسة دولياً، وهي المرحلة الأولى من مناقصة تطلق عادة لهذه الغاية. ومن الأمثلة على ذلك مناقصة النفط، التي سبقتها مرحلة تأهيل الشركات، التي يحق لها المشاركة في المناقصة، ومناقصة محطات الغاز، التي استبعدت من التقديم إليها كل الشركات التي لم تنجح في مرحلة التأهيل.
بستاني: التصنيف يفترض أن يكون
للشركات خبرة في التشغيل
لا في البناء فقط
ثمة فارق آخر بين الأمرين، فالتصنيف يجري غالباً في الوزارة المعنية، فيما التأهيل يتم عبر الجهة المولجة إطلاق المناقصة. على سبيل المثال، أطلقت منشآت النفط مرحلة التأهيل لمناقصة محطات الغاز لأنها هي التي أطلقت المناقصة وليس وزارة الطاقة. كذلك، فإنه لو اعتمد التأهيل لمناقصة معامل الكهرباء، لكان على إدارة المناقصات، المولجة إطلاق المناقصة، أن تنفذ مرحلة التأهيل. لكن بما أن الوزارة ارتأت أن يكون التصنيف هو المتّبع، فإن العملية أصبحت تلقائياً من صلاحيتها. لكن هل فعلاً التصنيف هو الطريقة القانونية المناسبة لهذا النوع من الصفقات؟ وإلى أي مدى يصبح اتهام الوزارة بأنها تقوم بتأهيل مقنّع للشركات واقعياً؟
تصنيف لا تأهيل
بالنسبة إلى وزيرة الطاقة ندى بستاني، يراعي التصنيف المعتمد على المرسوم 3688 أعلى معايير الشفافية وهو تم بإشراف شركات استشارات عالمية، مؤكدة أنها ليست المرة الأولى التي يجري فيها تصنيف شركات لإنشاء معامل الكهرباء، إذ سبق أن حصل ذلك، عند بناء معملي الذوق والجية. كما تشير إلى أنه تم التنسيق مع إدارة المناقصات بهذا الشأن، علماً بأن مصادر الإدارة اكتفت، لدى سؤالها عن موقفها من عملية التصنيف، بالإشارة إلى أنها لا تعطي رأياً بملف غير معروض عليها.
الطاقة تبني عملية التصنيف
على مرسوم لا يشمل
أشغال الكهرباء
من جهة أخرى، توافق بستاني أصحاب الرأي الذي يشير إلى عدم جواز تصنيف المتعهدين للقيام بصفقة واحدة حصراً. وتعلن أن التصنيف الذي أعلنت عنه مرتبط بكل مناقصات إنشاء المعامل التي تنوي الوزارة إطلاقها في المرحلة المقبلة، ولا يتعلق بمعمل واحد أو صفقة واحدة.
أما بشأن طريقة توزيع عملية تصنيف الشركات، فتوضح وزيرة الطاقة أن توجه الحكومة نحو الشراكة بين القطاعين العام والخاص يفرض تقسيم الأعمال المرتبطة بعقود IPP إلى فئات مختلفة. ولذلك تحديداً، فإن التصنيف يميّز بين الشركات المطوّرة (Developer) وتلك الخاصة بالتشغيل والصيانة (O&M) أو المزودة بالطاقة (Energy Supply Company) والمتعهدة التي تعنى بالبناء والتجهيزات الهندسية (EPC). كما تميز شروط التصنيف بين المطوّر الرئيسي والمطور الثانوي. ففي الحالة الأولى، يُفترض أن تكون الشركة قد سبق لها أن بنت معملاً، وحدها أو كشركة رئيسية في تحالف شركات، بقدرة لا تقل عن 800 ميغاواط، عبر عقود BOT أو BOOT أو DBO أو DBOT، بينما المطور الثانوي يفترض أن يكون قد ساهم في إنشاء معامل لا تقل قدرتها عن 300 ميغاواط.
ثمة إشكالية تطال هذا التقسيم، فالجدول الرقم 4 المرفق بالمرسوم الرقم 3688، والذي يتعلق بالكفاءات المطلوبة للتسجيل في فئة متعهدي صفقات «المشاريع الكهربائية» لا يتناول كل الفئات المطروحة وفق التصنيف المطروح، بل يشير حصراً إلى أشغال تركيب وتجهيز محطات التوليد والتحويل بكل فئاتها، من دون أي إشارة إلى التشغيل والصيانة أو التزويد بالطاقة أو التصميم. واستطراداً، لا يطال هذا التصنيف الشركاء المؤهلين في التحالفات (consortium) حصراً، بل يمتد ليشمل تصنيف أي شركة قادرة لديها الكفاءة لتنفيذ فئة أشغال متشابهة محددة في المرسوم. وهو ما يرى فيه البعض حداً للمنافسة لأنه يحصرها عملياً بعدد محدود جداً من التحالفات، بما يجعل من السهل التحكم بمسار الصفقة وفرض أسعارها.
«الكهرباء» مستثناة
إذا كانت عملية التصنيف تواجه العديد من الإشكاليات، فإن ما كُشف أخيراً يمكن أن ينسفها من أساسها. إذ تبين لوزارة الطاقة أن المرسوم الرقم 3688/66 الذي تبنى عليه عملية تصنيف الشركات، قد أخرجت من أحكامه نهائياً مشاريع توليد الطاقة الكهربائية بموجب أحكام المرسوم 14901 تاريخ 11/7/1970. فالمادة الأولى منه تشير بشكل لا لبس فيه إلى أن «تستثنى من أحكام المرسوم الرقم 3688 تاريخ 25/1/1966 والجداول المرفقة به، صفقات أشغال وتجهيز وتركيب مراكز توليد الطاقة الكهربائية ومحطات تحويل هذه الطاقة بقوة 60 ك ف أ وما فوق…». أي أن المرسوم الذي يرعى عملية التصنيف، وأشارت إليه الوزارة بوضوح في الشروط الواجب اتباعها في عملية التصنيف (ص 18 من مستندات التصنيف المنشورة على موقعها الإلكتروني) لا يشمل صفقات معامل الكهرباء. وهذا يعني أن كل ما تنجزه وزارة الطاقة حالياً معرّض للطعن، إذا لم يُصر إلى معالجته، لأن لا أساس قانونياً له.
بستاني: عملية التصنيف
تراعي أعلى معايير
الشفافية
بعيداً عن طرق توزيع الشركات واعتماد الوزارة على مرسوم غير ذي صلة، فإن أحد المهتمين بمناقصات المعامل، يطرح مسألتين تستدعيان التوقف عندهما، الأولى تتعلق بعدم اكتفاء الوزارة بفرض شرط يتعلق بتقديم شهادة خبرة تثبت قيام الشركة بإنشاء معمل بقدرة 800 ميغاواط، بل ذهابها إلى اشتراط أن تكون هذه المعامل قد نفذت على أساس عقود BOT (بناء وتشغيل وتحويل إلى الدولة) التي تتضمن تأمين الشركة الرابحة للتمويل، والثانية تتعلق بعدم تحديد مهلة لتقديم طلبات التصنيف. ويسأل المصدر إذا كان للشركة الخبرة اللازمة لبناء هذا النوع من المعامل، فما أهمية اشتراط أن تكون خبرتها مرتبطة بتأمين مصدر التمويل لهذه المعامل؟ معتبراً أن وضع هذا الشرط إنما يساهم في حصر المنافسة، إذ لا شيء يمنع أن تكون شركة كبرى قد نفذت عشرات المعامل في أماكن مختلفة من العالم، من دون أن تساهم في تمويلها، بينما في لبنان توافق على أن تؤمن هي التمويل.
مهلة مفتوحة
«ذلك أمر غير مطروح»، تقول بستاني، التي توضح أن اشتراط أن يكون المطوّر قد نفّذ معامل وفق عقود BOT، لا يتعلق بطريقة التمويل، بل بضمان أن يملك خبرة ليس ببناء المعامل فحسب، بل بتشغيلها وصيانتها، مذكّرة بأن المطروح أن تقوم التحالفات ببناء وتشغيل المعامل لمدة 20 سنة (لم تحسم المدة بعد). ولذلك لا يمكن المخاطرة بالتعاقد مع شركة لا تملك الخبرة بإدارة المعامل.
أما بشأن الملاحظة المرتبطة بعدم تحديد شروط التصنيف مهلة لتقديم العروض، فتوضح وزيرة الطاقة أن ذلك متعمّد ويتعلق بزيادة مقدار الشفافية، فكل مهتم بالمناقصة له الحق في تقديم مستندات التصنيف ساعة يشاء، منذ لحظة بدء قبول الطلبات وحتى آخر يوم قبل إطلاق المناقصة.
1.4 مليار دولار تُهدر على الخـ…!
تنتشر في لبنان نحو 22 محطّة رئيسة للصرف الصحّي، يضاف إليها نحو 65 محطّة صغيرة في القرى والبلدات المُختلفة. نظرياً، يُفترض أن هذا العدد، الكبير نسبياً، من المحطّات أكثر من كافٍ لمعالجة المياه الآسنة المُنتجة في لبنان، وبالتالي الحدّ من الملوّثات الناجمة عنها. إلّا أن الواقع هو على النقيض تماماً، إذ أن 70% من هذه الأوساخ تُرمى في مجاري الأنهر والبحر من دون أيّ معالجة، والـ30% الباقية تلحقها إلى المصبّات نفسها، وإنّما بعد فصل الأجسام الصلبة والكبيرة عنها فقط. الطامة الكبرى أنّه تمّ إنفاق 1.4 مليار دولار من الأموال العامّة لإنشاء هذه المحطّات وبقيت النتيجة… برازاً ببراز.
«يُنتج» لبنان، سنوياً، نحو 310 ملايين متر مكعب من مياه الصرف الصحّي، نحو 250 مليون متر مكعب منها تأتي من الصرف المنزلي، والبقية من النفايات الصناعية السائلة. «الاستراتيجية الوطنية لقطاع الصرف الصحّي» التي أعدّتها وزارة الطاقة والمياه عام 2010 تشير إلى أن أكثر من 70% من مياه الصرف الصحّي تُصرّف، من دون معالجة، في البحر ومجاري الأنهار والأودية أو يتمّ طمرها في الأرض. أمّا الـ30% المتبقية فيُعالج معظمها بطريقة أولية، أي تُفصل عنها المواد الصلبة الكبيرة، وتُصرّف بدورها، من دون أن تكون خالية من الملوّثات، في مجاري الأنهار وبقية الأوساط البيئية.
خلال عقدين، تجاوزت قيمة الاستثمارات في قطاع الصرف الصحّي نحو 1.4 مليار دولار. إلّا أن المعطيات الميدانية تؤكّد أن هذه الأموال ذهبت هدراً، فيما تفاقمت الأزمة وتضاعفت تداعياتها البيئية والصحّية، وباتت خطورتها تفوق خطورة النفايات الصلبة، بإجماع الخبراء البيئيين والصحّيين، لا سيّما أنّ تأثير المياه الملوّثة سواء في البحر أو المياه الجوفية أو تلك المُستخدمة بالريّ تمسّ صحّة المُقيمين في لبنان وتساهم في تسريع تدمير الأوساط البيئية فيه.
محطّات تكرير لا تكرّر!
عام 1982، وضِع المخطّط التوجيهي الوطني لقطاع الصرف الصحّي (حُدّث عام 1994)، ونصّ على إنشاء 12 محطّة ساحلية كبيرة و20 محطة داخلية متوسطة الحجم لمعالجة 80% من مياه الصرف الصحّي، ويضاف إليها نحو 100 محطّة صغيرة في البلدات والقرى لمعالجة الـ20% المتبقية.
من أصل المحطّات الكبيرة الـ12 والكفيلة بتلبية احتياجات نحو 65% من المُقيمين، أُنجزت ثماني محطّات فقط، (طرابلس، شكا، البترون، جبيل، الغدير، النبي يونس، صيدا، صور) فيما لا تزال محطّات العبدة وكسروان وبرج حمود قيد الإعداد، وتنتظر محطّة ساحل الزهراني تحديد موقعها (في الصرفند أو الغازية) وتوافر التمويل لإنشائها. اللافت أن من بين المحطّات الثماني، هناك اثنتان فقط تعملان، هما محطّتا صيدا والغدير (جنوب مطار بيروت)، لكن عملهما يقتصر على ضخّ المياه على بعد 2 كلم تقريباً من الشاطئ، بعد أن تخضع لمعالجة أولية تقتصر على إزالة المواد الصلبة فقط. فيما أربع محطّات أخرى (شكا، طرابلس، البترون، والنبي يونس) تعمل جزئياً بانتظار وصلها بالشبكات، وفق مصدر في مجلس الإنماء والإعمار، واثنتان أخريان (صور وجبيل) لم توضعا في الخدمة بعد.
في المناطق الداخلية، أنجز مجلس الإنماء والإعمار 14 محطة متوسّطة الحجم من أصل المحطّات العشرين المُقرّة بالمخطّط التوجيهي، إلّا أن ثلاثاً منها (الباروك، نبع الصفا، كفرصير) لا تعمل، فيما تعاني البقية من مشاكل تقنية تؤثّر في مسار العمل فيها، أبرزها محطّة النبطية، أو تحول دون تشغيلها بالقدرة المُصمّمة لها، مثل محطّة اليمونة التي تعمل بنسبة 50% فقط من قدرتها بسبب وقوعها في نقطة مرتفعة عن المنازل، وكذلك محطّة إيعات في بعلبك التي لا تستوعب الكميات الوافدة إليها. فيما هناك محطّات تعمل جزئياً (أبلح، الفرزل، صغبين، زحلة، عيتنيت)، ومحطّتان (زحلة وجب جنين) معرّضتان للتوقّف عن العمل بسبب تحويل الصرف الصناعي إلى الشبكة العامّة. أمّا محطّة تمنين التحتا، فمشكلتها بأن الموقع الذي حُدِّد لإنشائها، سمحت البلدية باستملاكه لاستخدام خاصّ!
أمّا في ما يتعلّق بالمحطّات الصغيرة، فتؤكّد مصادر في وزارة الطاقة إنشاء نحو 65 محطّة من دون التنسيق مع الوزارة أو مجلس الإنماء والإعمار. وقد نفّذتها البلديات بتمويل من جهات مانحة، إلّا أن «معظمها لا يعمل» وفق تقرير «الاستراتيجية الوطنية».
في الخلاصة، تبيّن «الاستراتيجية الوطنية لقطاع الصرف الصحّي» الصادرة عام 2010، أن «ثلثي سكّان لبنان موصولون بشبكات تجميع مياه الصرف الصحّي، لكن 8% فقط من هذه المياه تصل إلى المنشآت الأربع العاملة (صيدا، الغدير، بعلبك، اليمونة) وتتمّ معالجتها». ورغم مرور تسع سنوات على وضع «الاستراتيجية»، إلّا أن المعطيات تفيد بأن الواقع لم يتغيّر كثيراً كون معظم المحطّات التي أُنجزت منذ ذلك الوقت لا تزال خارج الخدمة.
أسباب التوقّف ليست «تقنية»!
أطلقت عملية بناء محطّات الصرف الصحّي خلال مرحلة إعادة الإعمار، وأنيطت هذه المهمّة بمجلس الإنماء والإعمار الذي كان مسؤولاً عن إعداد دفتر شروط بناء المحطّات بالإضافة إلى تلزيم عملية التشغيل والصيانة. على مدار أكثر من عقدين، تمّ إنفاق أكثر من 1.4 مليار دولار على قطاع الصرف الصحّي. وطوال هذه الفترة، جرت العادة على توقيع عقود تشغيل مع شركات خاصّة لثلاث سنوات، يُجرى تجديد العقد في نهايتها.
في عام 2001، تمّ إصدار قانون المياه الذي نصّ على إنشاء مؤسّسات المياه (عددها أربع: بيروت وجبل لبنان، الشمال، البقاع، الجنوب)، ووضعت ضمن مهامها إدارة عملية بناء محطّات الصرف الصحّي وتشغيلها وصيانتها. لكن ما يحصل في الواقع هو أن مجلس الإنماء والإعمار لا يزال حتى اليوم يضع دفتر شروط بناء المحطّات ويلزِّم هذه العملية إلى شركات خاصّة، ليُطلب لاحقاً من مؤسّسات المياه تسلّمها. وهنا لبّ المشكلة.
أكثر من 70% من مياه الصرف الصحّي تُصرّف من دون
أي معالجة في البحر ومجاري
الأنهار والأودية وما تبقّى
يُعالج بدائياً!
عملياً، تشير مصادر متابعة للملف إلى أن مؤسّسات المياه ترفض تسلّم المحطّات لسببين رئيسيين، هما أن عملية بناء المحطّات غير مطابقة لدفتر الشروط، ولا تترافق مع عملية مدّ الشبكات وإيصالها بها أو لأنها معطّلة ومتهالكة نتيجة الإهمال أو تشغيلها خلال فترات سابقة من دون مراعاة المعايير التقنية والعلمية. بالإضافة إلى أن مؤسّسات المياه عاجزة مالياً ومديونة لصالح مؤسّسة كهرباء لبنان، فضلاً عن أنها لا تمتلك القدرات البشرية والتقنية الكافية لإدارة هذه المحطّات المعقّدة تقنياً وتتطلّب كلفة مرتفعة جدّاً نظراً لكونها تعمل على مدار الساعة. وتعيد المصادر نفسها فشل عملية تشغيل وإدارة هذه المحطّات إلى غياب القرار السياسي بحيث تمتنع الحكومة عن تمويل مؤسّسات المياه للقيام بوظائفها وفقاً لما ينصّ عليه القانون مبقية على الوضع الشائب.
تقاذف المسؤوليات
في معرض ردّه على أسئلة «الأخبار»، لا يعترف المصدر المسؤول في مجلس الإنماء والإعمار بأزمة تشغيل، ويقول إن المجلس نفّذ «22 محطّة ووضع 17 محطّة منها في الخدمة، وانتهى من تنفيذ 4 محطّات مؤخراً على أن توضع في الخدمة في وقت قريب. أمّا المحطة المتبقية، أي محطة جبيل، فإن استكمال الشبكات يمكن أن يستغرق نحو سنة ليصبح بالإمكان وضعها في الخدمة».
إلى ذلك، تشير رندة نمر، مستشارة وزيرة الطاقة، إلى أن «مؤسّسات المياه مسؤولة قانوناً عن تشغيل محطّات تكرير المياه المبتذلة (في نطاق استثمارها)، إلّا أنها تفتقر للقدرات المالية للتشغيل وتعتمد على طلب سلف من الحكومة التي تقوم بدورها بدفع السلف إلى مجلس الإنماء والإعمار بدلاً من إعطائها لمؤسّسات المياه. وقد أبقت هذه الآلية مسؤولية الملف مُنوطة بمجلس الإنماء والإعمار». أمّا الاستثناء، وفقاً لنمر، فيتمثّل «بمنح مؤسّسة مياه البقاع سلفة لتشغيل محطّة إيعات عام 2018، وقيام وزارة الطاقة بتنفيذ محطّة تكرير في بشعله في البترون لم تنتهِ منها بعد».
بهذا المعنى، يكون مجلس الإنماء والإعمار الجهة المسؤولة، واقعاً، عن تشغيل المحطّات، طالما أنه المسؤول عن تأمين السلف المالية وإعداد دفاتر الشروط لتشغيل المحطّات وصيانتها كل ثلاث سنوات.
ما هي الحلول؟
يرى الخبير البيئي الدكتور ناجي قديح أن «السبب الرئيسي لأزمة القطاع أبعد من المسائل التقنية المتّصلة بالشبكات والتمويل وغيرها، وتتعدّاها إلى تغييب تطبيق استراتيجية وطنية تقوم على معالجة فعلية للمياه وتخفيف عبء الملوّثات الناجمة عنها، فضلاً عن إعادة استخدام المياه المعالجة». ويوضح أنه «منذ التسعينيات حتى اليوم، ورغم الأموال الطائلة التي صُرفت، فإنّ أياً من الهدفين الرئيسين لمعالجة المياه لم يتحقّق. وهو ما يدفع إلى طرح التساؤلات حول دفاتر الشروط التي يعدّها مجلس الإنماء والإعمار، مع التحذير من مخاطر استمرار القطاع من دون إقرار استراتيجية وطنية ترتقي إلى مخاطر فوضى هذا القطاع».
من جهته، المدير العام لمؤسّسة مياه لبنان الجنوبي وسيم ضاهر يلفت إلى أن «التلزيمات التي ينفّذها مجلس الإنماء والإعمار يطغى عليها الطابع السياسي، وهو ما يجعل عملية استرداد هذا الملف من المجلس وإعادته إلى مؤسّسات المياه، أمراً ضرورياً من شأنه أن يعيد تصويب الواقع». ويؤكد أن «إدارة قطاع الصرف الصحّي عملية سهلة نسبياً، وأن مؤسّسات المياه قادرة على إدارتها، مع ضرورة اعتماد منهجية واضحة لمعالجة كلفة إدارة القطاع، وذلك باسترداد جزء من كلفة التشغيل عبر بيع الماء المكرّر إلى المزارعين للريّ أو من خلال توليد الطاقة من الوحول الناجمة عن التكرير».
في حين تقول نمر إن الوزارة الحالية «التزمت بالشقّ المتعلّق فيها والمتمثّل بإعداد مقاربات نظرية واستراتيجيات. ويبقى الالتزام فيها وإقرارها مسؤولية مجلس الوزراء».
نفايات المصانع ترفع حدّة المخاطر
لا تقوم غالبية المصانع بمعالجة مياهها المبتذلة الأمر الذي يؤدّي إلى تفريغ النفايات الضارّة في شبكات التجميع أو في الطبيعة، ما يزيد من خطورة مياه الصرف الصحّي، المكوّن أصلاً من مصادر مختلفة (مياه مراحيض ومياه غسيل وجلي واستحمام وأعمال التنظيف في الشوارع والمؤسّسات) تضاعف من أنواع الملوّثات وتجعلها أكثر تعقيداً وخطورة، خصوصاً في حال دُسّت في المياه الجوفية أو استخدمت في الريّ. ومن المعروف أن سوء طريقة تجميع مياه الصرف الصحّي ومعالجتها يساهمان في رفع تكاليف الرعاية الصحّية نتيجة الأمراض المتناقلة وتلويث الموارد المائية والتربة.
المعالجة وإعادة استخدام المياه
يشرح الخبير البيئي الدكتور ناجي قديح أن هناك أربع مراحل لمعالجة مياه الصرف الصحّي: المرحلة الأولى وهي المعالجة التمهيدية التي تُعنى بإزالة الأجسام الصلبة والكبيرة الحجم عبر استعمال أشباك لالتقاطها ولإزالتها، وترسيب الرمال والحصى من خلال تمرير المياه عند دخولها المحطّة. وهي مرحلة على أهمية بالغة لجهة حماية تجهيزات محطّة المعالجة من الأعطال وخصوصاً الأنابيب والمضخات.
المرحلة الثانية وهي المعالجة الأولية الميكانيكية، أي ترسيب المواد الصلبة في أحواض الترسيب الأولية، بهدف الحصول على سائل متجانس قابل لأن يُعالج بيولوجياً في مرحلة لاحقة، وعلى وحول قابلة للمعالجة بشكل منفصل.
المرحلة الثالثة وهي المعالجة الثانوية البيولوجية، التي يتمّ خلالها إزالة نحو 90% من المواد العضوية الموجودة في المياه المبتذلة، والمواد العضوية الذائبة التي تتفلَّت من مرحلة المعالجة الأولية. أمّا المرحلة الأخيرة فهي المعالجة الثلاثية التي تهدف إلى تحسين نوعية المياه لكي تستجيب لمستويات محدّدة تتوافق مع مواصفات مياه الشرب.
يقول قديح إن أياً من المحطّات الموجودة في لبنان لا تقوم بالمعالجة على أربع مراحل، لافتاً إلى وجود مشكلة في تصريف الوحول، وثغرات في دفاتر الشروط تؤدّي إلى فشل تشغيل المحطّات. ويشير قديح إلى أنّ «كلفة معالجة هذه المياه مرتفعة، إلّا أن المقابل أهم بكثير. إذ يكفي إعادة استخدام هذه المياه في ريّ المزروعات وتوزيعها مجّاناً على المزارعين، فضلاً عن الوقاية من الكلفة الصحيّة والبيئية المرتفعة».
* اللواء
تهاوي المبادرات يُفاقم المأزق.. وجنبلاط لن يرفع الراية البيضاء!
الحريري يستأنف نشاطه في السراي اليوم.. والفصائل تتحفظ على الإجتماع مع أبو سليمان
المادة 80 من موازنة العام 2019 في طريقها إلى الحل، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ماضٍ في اتصالاته حول حادثة قبرشمون، لإيجاد تسوية على الرغم من تهاوي المبادرات المطروحة الواحدة تلو أخرى، في وقت رفض النائب السابق وليد جنبلاط الاستسلام، من زاوية دخول قوى إقليمية ومحلية نافذة على خط تصفية الحسابات الداخلية، من دون أن يرفع الراية البيضاء.
وعاد ليلاً الرئيس سعد الحريري إلى بيروت بعد قضاء إجازة عائلية في الخارج، ويعاود نشاطه اليوم في السراي الكبير للمساهمة في معالجة العقد، تمهيداً لاستئناف جلسات مجلس الوزراء، في ضوء المطالبة باستئناف جلسات الحكومة لمعالجة القضايا الملحة.
إجهاض المبادرة الجديدة
في هذا الوقت، وصلت معالجات أزمة حادثة قبرشمون- البساتين إلى جدار عال من الاسمنت سميك نتيجة تمسك طرفي الأزمة بمواقفهما حيال إحالة الجريمة إلى المجلس العدلي أو إلى القضاء العسكري، ما دفع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي يرعى مبادرات الحل إلى تحميل جميع الأطراف المسؤولية لما آلت إليه الأمور، فيما ذهب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى حدّ رفض اقتراح عقد لقاء مع رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان في قصر بعبدا، فيما بدا واضحا ان المختارة اتخذت خيار المواجهة بدل الاستسلام، على حدّ تأكيد مصادر «مستقبلية».
وقال جنبلاط في حديث إلى موقع مجلة «المدن» الالكتروني: «ما يجري عملية ابتزاز وتخويف كبيرة.. ولن أذهب إلى بعبدا لالتقي أرسلان.. وإذا كان لا بد فمع مندوب مباشر للسيد نصرالله». متسائلاً عن أسباب انتقال تنظيم الخلاف السياسي (مع حزب الله) إلى عداء سياسي في هذه المرحلة؟
أضاف: «يريدوننا ان نكون اما معهم أو ضدهم، وربما ما يجري هو في سبيل الضغط على سعد الحريري لأن نكون في صفوفهم، أو ان نصطف معهم في ظل المواجهة الكبرى بينهم وبين الأميركيين.. لكن لا يُمكن القبول بالاستسلام».
وكان جنبلاط يرد على ما تردّد عن اقتراح جديد طرحه اللواء إبراهيم بمبادرة من الرئيس نبيه برّي بتسوية لحادثة قبرشمون يقوم على عقد لقاء خماسي في بعبدا يحضره الرؤساء الثلاثة مع جنبلاط وارسلان لتسوية المشكلة، بالتلازم مع عودة مجلس الوزراء إلى الانعقاد من دون الوزيرين اكرم شهيب (عن الاشتراكي) وصالح الغريب (عن الديمقراطي)، لكن الرئيس الحريري أكّد انه ليس في وارد الموافقة على ربط دعوة مجلس الوزراء للانعقاد بالمسار الذي ستسلكه مبادرة إبراهيم، أو ان لا تشمل الدعوة ايا من الوزراء.
وعزت مصادر حكومية سبب عدم موافقة الحريري إلى ان هناك من يحاول التعامل مع اللقاء الخماسي المقترح في بعبدا وكأنه المرجعية التي سيناط بها تحديد الإطار العام للعناوين التي ستناقش في مجلس الوزراء، كما ان القبول ببعض مضامين الاقتراح يعني ان الحريري قرّر بملء ارادته التنازل عن صلاحياته لجهة توجيه الدعوة لعقد الجلسة وتحديد جدول أعمالها بعد التشاور مع رئيس الجمهورية.
ورأت ان مجرّد تعليق دعوة مجلس الوزراء على اجتماع سياسي يقع خارج حدود الدستور ولن يلقي تأييدا من الحريري، فكيف إذا أريد منه ان يوجه دعوة مبتورة لعقد الجلسة.
وفي هذا السياق، نقلت محطة L.B.C عن مصادر الحريري قولها ان الدعوة لعقد جلسة للحكومة ما زال مخططا لها. موضحة بأن «الكلام المتداول حالياً عن استقالة الحريري جرّاء تراكم الأزمات ليس سوى تمنيات، ولم يتم التطرق إليه ابداً، وقالت: «نحن نسمع من رئيس الحكومة كلاماً عن قرف وانزعاج وعدم رضى، لكننا لم نسمع كلاماً عن استقالة».
وأشارت إلى ان الحريري «يعمل على تهدئة الأمور في ملف حادثة قبرشمون، ولم يصل إلى حائط مسدود»، لافتة إلى ان «الخلاف ليس مع الرئيس ميشال عون بل مع «التيار الوطني الحر» الذي يدرج كل أسبوع مشكلة جديدة على قاعدة «علِّي وخود جمهور» كما حصل في زحلة.
الا ان تصريح اللواء إبراهيم لمحطة «الجديد» أوحى ان الاقتراح الجديد لم يجد طريقة إلى القبول، لا من الحريري ولا من جنبلاط وارسلان، حيث قال إبراهيم لـ«الجديد»: «انا أعمل للقاء مصالحة تسبقه مصارحة، لكن يبدو ان كل الأطراف لا تريد المصارحة»، إلا انه أبلغ الرئيس ميشال عون والمعنيين انه مستمر في اتصالاته في الساعات 48 المقبلة لتحريك الأمور والتوصل إلى نتائج إيجابية.
ورد ارسلان فورا على جنبلاط عبر تغريدة قائلاً: «لن ألتقي جنبلاط على حساب دم الشهداء علاء أبي فرج ورامي سلمان وسامر أبي فرّاج… القاتل واحد والحقد واحد والضغينة واحدة واللي بيوقع من السما بتستلقي الأرض… زمن اللعب بدم الأبرياء قد ولّى وسنكون بالمرصاد لأي تحرك مشبوه مهما كلّف الثمن».
وعلى خط آخر علمت «اللواء» ان مسؤولي وكالة داخلية الحزب الاشتراكي في منطقة عاليه يجولون منذ مدة على العائلات والفعاليات المسيحية في المدينة والمنطقة في سبيل طمأنتهم الى سلامة وجودهم وعدم المس بهم بعد الاحداث التي حصلت بموازاة حادثة قبرشمون، وقد عقد امس لقاء موسع في منزل مدير «مركز ستاتيستيك ليبانون» ربيع الهبر في الحي الغربي بعاليه، حضره عضوا وكالة داخلية الحزب هشام الريس ويوسف دعيبس ونحو خمسين شخصا من اهالي عاليه المسيحيين، ووصفت مصادر متابعة هذه اللقاءات بأنها ايجابية ومُطمئِنة.
الموازنة المعلقة
في غضون ذلك، انفتحت أزمة جديدة حول تريث الرئيس عون في توقيع قانون موازنة العام 2019 إلى حين اتضاح الجدل الذي حصل في جلسات المجلس النيابي حول المادة 80 من القانون التي حفظت حقوق الناجحين في امتحانات مجلس الخدمة المدنية بالتوظيف ولو بعد انقضاء سنتين على صدور النتائج، وهي أزمة أضيفت إلى أزمات البلد وانقساماته، خصوصاً بعد كلام رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل امام رئيس الجمهورية في زحلة، والذي اعتبر فيه ان ما حصل في المادة 80 من الموازنة ليس بسيطاً لناحية الإخلال بالتوازنات والتفاهمات والاتفاقات», الأمر الذي فهمه نواب كثر من كتل نيابية مختلفة ردوا عليه، بأنه تجاوز للدستور، الذي شدّد حصراً على ان المناصفة تأتي حصراً على مستوى الفئة الأولى (المادة 95 من الدستور).
وسألت «اللواء» وزير المالية علي حسن خليل عن رأيه في الموضوع؟ فأجاب: «لن نتكلم الان حتى لا نثير مزيدا من التوتر في البلد، وسننتظر ما سيصدر عن رئيس الجمهورية، لذلك حتى الان لا تحرك ولا موقف».. مشيرا الى ان هذا ايضا رأي الرئيس نبيه بري.
في هذا الوقت، تواصلت المشاورات للبحث في مصير قانون الموازنة الذي تريث الرئيس عون في توقيعه، رغم انه كان من الداعمين له، إلا ان مصادر بعبدا اكدت انه لن يتخلف عن توقيع القانون خلال الساعات المقبلة، وتحديداً اليوم، لكن بعد جلاء الغموض الذي احاط بالنقاش في المادة 80 في المجلس النيابي.
واوضحت مصادر وزارية مقربة من رئيس الجمهورية لـ«اللواء» ان الرئيس عون هو المسؤول عن انتظام المال العام عملا بقسمه ودوره وموقعه وهو من ادخل الموازنات الى الانتظام المالي العام بعد العام 2005 كما انه أدخل الانتظام المالي الى وزارة المال عندما وضعت الحسابات النهائية منذ العام 1993 حتى العام 2017 ضمنا واحالتها الى ديوان المحاسبة لبيانات المتطابقة بهدف التدقيق النهائي.
ولفتت الى ان الرئيس عون حرص على نشر الموازنة بحيث تم اصدار قانون يسمح للحكومة ان تقوم بنشر الموازنة على الرغم من عدم وجود قطوعات الحساب وبمهلها 6 اشهر من اجل انجاز قطوعات الحساب كاملة عن السنوات التي ذكرت مشيرة الى انه يجب الا ينتظر احد من رئيس الجمهورية الحريص على كل ذلك الا يوقع على الموازنة. وقالت ان عون سيوقع الموازنة ولن يردها ولن يطعن بها.
ورأت المصادر نفسها ان موضوع انعقاد حوار وطني يدعو له الرئيس عون كما المح اليه النائب الان عون وارد طالما انه مؤتمن على الدستور، انما هناك احتمالات اخرى امامه وكلها في حينه والحين قريب. ولفتت الى ان ذلك منفصل عن مبادرة رئيس «تكتل لبنان القوي» الوزير جبران باسيل الذي سيقدم باسم كتلته اقتراح فانون يحمل صفة العجلة يطلب الاستغناء عن المقطع الوارد في المادة 80 ويبين فيه الأسباب الموجبة ومسألة العجلة.
علمت «اللواء» انه بعد ان يوقع الرئيس عون الموازنة اليوم معللاً أسباب التوقيع والتأكيد على اهمية الموازنة، سيعرض ملاحظاته بشأن المادة 80 على ان التوقيع لا يلغي بقاء اللغط في طريقة اقرار الموازنة.
ورأت مصادر مطلعة ل اللواء ان هناك حاجة لمعالجة ما تم في هذه المادة منعا لتكرار ما جرى في كل مرة وتأكيد فصل السلطات ومسؤولية السلطة التنفيذية في عدد من المواضيع. ولفتت الى انه حتى المادة 95 التي يتذرع بها الفريق الذي يؤيد اقرار المادة 80 تحتاج الى توضيح لأنه لم يتم الدخول في المراحل التي تسقط المناصفة عن كل الموازنة كما انه لم تطبق المرحلة الانتقالية التي اشارت اليها المادة 95 ولم تشكل لجنة الغاء الطائفية السياسية ولا مجلس شيوخ ولا انتخابات على اساس لا طائفي وبما ان ذلك لم يحصل فيفترض المحافظة على الأمور كما هي لجهة المناصفة بين المسلمين والمسيحيين وفق مقتضيات الوفاق الوطني وبإمكان هذه التوضيحات ان تطرح لاحقا منعا لتكرار ما جرى في كل مرة يواجه لبنان وضعا مماثلا.
الى ذلك علمت «اللواء» ان المبادرة لمعالجة حادثة قبرشمون لم تعلق، وانه يتم انتقال من واحدة الى اخرى انما الوضع يضغط وقالت مصادر مواكبة لما يجري لـ«اللواء» ان الحكومة مدعوة الى الاجتماع لاتخاذ قرارات في عدد من الملفات، مشيرة الى ضرورة ان يضع القضاء المختص يده على كل جريمة وفقا لتوصيفها الجرمي، على ان الكلام عن الخوف من تحويل مجلس الوزراء الى ساحة خلاف بسبب التصويت للاحالة الى المجلس العدلي ليس في محله، لأن الحكومة هي المساحة لبت اي خلاف والا اين تترك الخلافات هل في الشارع فنجد البساتين رقم 2 انطلاقا مما جرى امام منزل الوزير صالح الغريب.
وقالت انه ليست نهاية العالم اذا أحيلت الحادثة الى المجلس العدلي كما انه ليست نهاية العالم اذا لم تحال مذكرة بكيفية نتيجة حسم التصويت في حال تم.
واوضحت انه في حال لم تحصل كل تلك الأمور فإن القضاء العسكري المختص ينظر بحادثة البساتين فيما القضاء العادي ينظر بحادثة الشويفات.
وكررت القول ان على مجلس الوزراء الانعقاد من اجل معالجة الملفات المؤجلة.
على صعيد ملف العمالة الفلسطينية، وموقف الفصائل الفلسطينية من طروحات وزير العمل كميل أبو سليمان.
وحتى ساعة متأخرة من ليل أمس لم تكن المساعي أسفرت عن موافقة الطرف الفلسطيني الاجتماع مع الوزير رفضا لما وصفته مصادر فلسطينية بأنه استفزازي، ومعادٍ للحقوق الفلسطينية.
* الجمهورية
سقطت المبادرات.. والحكومة في المجهول.. والأزمة الى تفاقُم
يبدو انّ تداعيات حادثة قبرشمون صارت أخطر من الحادثة نفسها، ولاسيما لناحية الفرز الحاد الذي احدثته في الواقع السياسي، ووزعته على ضفّتي المجلس العدلي بين فريق مصرّ على إحالتها عليه، وبين فريق رافض مصرّ على الإحالة المزدوجة لحادثتي قبرشمون والشويفات معاً، وكذلك لناحية الوضع الصعب للحكومة ومصيرها في ظل تربّع بعض القوى السياسية على اشجار التصعيد والامعان في القصف السياسي، وربط عودة الحكومة الى الانعقاد بالتسليم المسبق بتغليب طرف على آخر، وبمنطق تطويع بعض الاطراف واخضاعهم لأسباب وحسابات تبدو ابعد بكثير من الحادثة نفسها.
هذا الوضع القاتم، والمقفل على الحلول، ينثر في الاجواء علامات قلق من استمراره، وخصوصاً اذا ما تلاقى مع سلبيات شديدة الخطورة على الوضع الداخلي برمّته، حيث تحدثت مصادر موثوقة لـ»الجمهورية» انّ لبنان يقترب من لحظة تصنيف سلبي جديد له، من قبل المؤسسات الدولية، وتحديداً عبر تقرير التصنيف المنتظر من قبل وكالة «ستاندرز اند بورز» في 23 آب المقبل.
وبحسب معلومات «الجمهورية»، انّ اشارات التصنيف الائتماني السلبي للبنان التقطها احد الوزراء اللبنانيين، خلال مراجعة له قام بها في فترة سابقة، بتكليف من مستويات مالية رسمية، مع معنيين في تلك الوكالة، وجاء بجواب سلبي وتمّ ابلاغه الى المراجع الرسمية، التي ابدت مخاوف جدّية مما تترتب عليه هذه الخطوة، لو حصلت، من مخاطر.
يتزامن ذلك، مع معلومات تردّد انّها وردت الى جهات رسمية في الدولة ، تفيد بأنّ المبعوث الفرنسي المكلّف متابعة تنفيذ مؤتمر «سيدر» السفير بيار دوكان، كان بصدد زيارة يقوم بها الى بيروت في هذه الفترة، الّا انّ هذه الزيارة قد تأجّلت الى وقت لاحق، ربما الى آخر شهر آب المقبل، اي الى ما بعد صدور تقرير «ستاندرز اند بورز».
عون ينشر الموازنة
وفي سياق متصل، علمت «الجمهورية»، أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سوف يوقّع مشروع الموازنة وسينشرها.
وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ تكتل «لبنان القوي»، سيتقدّم في الايام التي تلي نشر رئيس الجمهورية للموازنة، باقتراح قانون معجّل مكرّر من أجل إلغاء المادة 80، وهي المادة «الاشكالية»، لطرحه في اول جلسة لمجلس النواب ليبنى على الشيء مقتضاه. وقد تمّت استشارة خبراء دستوريين لأجل ذلك ولأجل إجتراح الحلول والمخارج القانونية لهذه المادة.
ازمة الحكومة
سياسياً، عطلة نهاية الاسبوع، لم تحمل أي جديد يُعوّل عليه لتفكيك صواعق هذه الازمة، بل على العكس من ذلك، فإنّ اجواء اطرافها، توحي بأنّ هوّة الانقسام السياسي الحاد الذي افرزته، قد تعمّقت اكثر، ليس فقط على صعيد العلاقة المهزوزة اصلاً بين الاطراف، بل على الصعيد الحكومي مع دخول تعطيل مجلس الوزراء شهره الثاني، واعتراف مكونات الحكومة جميعهم، بأنّ الحكومة، قد دخلت فعلاً الى منطقة الخطر، وثمة علامات استفهام جديّة بدأت ترتسم حول مصيرها، والمآل الذي سيدفعها اليه استعصاء الازمة الراهنة.
وسط هذه الاجواء، تصبح الآمال ضعيفة جداً في امكان إحداث ثغرة ايجابية في جدار الازمة، يمكن النفاذ منها الى حلحلة ما، خلال الاسبوع الجاري، وهذا لسان حال القيّمين على حراك الحلحلة، الذين يؤكّدون صراحة، انّّ مهمتهم تزداد صعوبة يوماً بعد يوم، لانّ هذا الحراك المستمر منذ نحو شهر حتى الآن، لم يقابَل بالتجاوب المطلوب، بل على العكس، اصطدم بالسلبية، ودار حول نفسه في حلقة الشروط والشروط المضادة، ما يعني في خلاصة الأمر انّ الأمور ما زالت عند نقطة الصفر.
على أنّ هذه المراوحة عند نقطة الصفر، اكّدها الخطاب الأخير للأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، بنبرته العالية، التي جدّد فيها الانحياز الواضح والكامل الى جانب النائب طلال ارسلان ومطلبه بطرح حادثة قبر شمون على المجلس العدلي.
إحتقان درزي
واذا كان مضمون خطاب نصرالله قد حقن، كما هو واضح، الجسم الارسلاني بمعنويات سياسية اضافية، الّا انّ ارتداداته كانت شديدة السلبية في المقلب الجنبلاطي، حيث اكّد مسؤولون اشتراكيون لـ«الجمهورية»، انّ خطاب نصرالله بما تضمنه، صبّ الزيت على النار، واستبطن المنحى التطويعي والتحجيمي الذي يتم سلوكه ضد وليد جنبلاط، ومن شأن هذا المنحى ان يؤدي الى عواقب غير محمودة، وخصوصاً انّ الجو الدرزي في اكثريته الساحقة، في اعلى درجات التشنّج والاحتقان إن في اتجاه «حزب الله» او في اتجاه «التيار الوطني الحر». علماً انّ جنبلاط ردّ بموقف قاسٍ على نصرالله واتهمه بأنه «نصّب نفسه محققاً وقاضياً وابرم الحكم سريعاً».
وعلمت «الجمهورية»، انّ الساعات الثماني والاربعين الماضية، شهدت حركة اتصالات مكثفة لاحتواء الموقف، ولكن من دون ان تظهر اي علامات تقدّم في هذا الاتجاه، وقاد جانباً اساسياً منها، رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي اجرى سلسلة اتصالات في اكثر من اتجاه، والتقى في الوقت نفسه الوزير السابق غازي العريضي. واكّد بري خلال هذه الاتصالات انّ «الأزمة القائمة لا بدّ ان تُحتوى وتُعالج بالتفاهم والمصالحة، ذلك انّ تفاقم الامور سيقود البلد الى سلبيات خطيرة، ما يوجب على الجميع تداركها قبل حصولها».
سقوط مبادرة
وعلمت «الجمهورية»، انّ المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم لم يغادر حلقة المساعي، بل سعى بعيداً من الأضواء الى تسويق مبادرة لحل ازمة قبرشمون، تقترح عقد لقاء خماسي في القصر الجمهوري في بعبدا يجمع الى رئيس الجمهورية كلاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان، بعد سلسلة من الخطوات القضائية التي يجب اتمامها عبر القضاء العسكري الى حين صدور القرار الظني.
وتلحظ المبادرة «عقد جلسة لمجلس الوزراء يغيب عنها وزير التربية اكرم شهيب ووزير النازحين صالح الغريب»، الّا انّ الرئيس الحريري رفض الفكرة معتبراً انّ مجلس الوزراء يعقد جلساته بحضور كامل ما لم يحل دون ذلك سبب جوهري يبرّر غياب اي من الوزراء.
وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ اللواء ابراهيم حمل المبادرة الجديدة يوم الجمعة الماضي الى عين التينة والسراي الحكومي، بعدما تشاور فيها مع رئيس الجمهورية، الّا انّ هذه المبادرة لقيت المصير عينه للمبادرات السابقة، حيث اعلن ارسلان رفضه لقاء جنبلاط «على حساب دم الشهداء علاء أبي فرج ورامي سلمان وسامر أبي فرّاج… القاتل واحد والحقد واحد والضغينة واحدة، واللي بيوقع من السما بتستلقي الأرض». وكذلك رفض جنبلاط لقاء ارسلان، مفضّلاً ان يتم اللقاء مع ممثل عن السيد نصرالله.
خطوة منتظرة
وفيما اكّدت اوساط الحريري لـ»الجمهورية»، أنه فور عودته الى بيروت سيواصل مساعيه لعقد جلسة لمجلس الوزراء في اقرب وقت ممكن، علمت «الجمهورية» انّ الرئيس بري بقي على تواصل مع رئيس الحكومة، وقد جرى اكثر من اتصال بين الحريري ووزير المال علي حسن خليل.
وكشفت مصادر معنية مباشرة بحركة الاتصالات لـ»الجمهورية» انّ الاسبوع الجاري قد يشهد خطوة ما او موقفاً ما من قبل رئيس الحكومة، من دون ان توضح هذه المصادر ماهية الخطوة».
ورفضت المصادر التأكيد ما اذا كانت الخطوة المنتظرة من الحريري توجيه الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء ليضع الجميع امام مسؤولياتهم، الا انّها لفتت الانتباه الى انّ الرئيس الحريري اكثر من مستعجل لانعقاد الحكومة، وهو ما ابلغه الى الرؤساء ومختلف الاطراف، وتوجيه الدعوة الى انعقاد مجلس الوزراء امر يجب ان يحصل، لكن في الظرف الحالي، هناك رأيان يتجاذبان الواقع الحكومي، الأول يقول بالدعوة الفورية لانعقاد الحكومة لحسم هذه الازمة على طاولة مجلس الوزراء.
واما الثاني، تضيف المصادر، فيرى انّ الدعوة الى انعقاد الحكومة في هذه الاجواء الخلافية القاسية معناها توجيه دعوة غير مباشرة الى تفجير الحكومة من الداخل، بالنظر الى ما قد يحصل من نقاش في الجلسة في ظل الجو الخلافي القائم، والانقسام الحاد بين مكونات الحكومة، اي اننا نكون في ازمة صعبة، فنصبح في ازمة اكثر تعقيداً، بحيث قد تفلت الامور من ايدي الجميع وتضع الحكومة في وضع أصعب مما هو عليه الآن، ويصبح مصيرها على المحك.
نعاقب انفسنا!
ما تورده هذه المصادر يتقاطع مع موقف حاد لأحد الشركاء في الحكومة، الذي رفض ذكر اسمه، حيث ابلغ «الجمهورية»، قوله: «لست متفائلاً ابداً في امكان بلوغ حلحلة، لا احد يستجيب لجهود الحل، مع الاسف ثمة قرار واضح بربط مصالح العباد والبلاد بظروف مخجلة، وشل الحكومة ورهن البلد وتجميده على خلاف بين حزبين لكل منهما سنده السياسي الخلفي. الصورة في شكلها وفي مضمونها اصبحت مخزية، يجب ان نعترف انّ كل مكونات الحكومة مربكة؛ فما يحصل هو «كارثة الكوارث»، واخشى ان يكون السبب الاساس لذلك هو الجنوح المريب نحو سياسة التحجيم».
ويضيف هذا الشريك قائلاً: «الوضع هش على كل المستويات، وثمة امعان من كل الاطراف في زيادة هشاشته، وصلنا الى وضع لم نعد نلوم فيه الاميركيين، فعندما يُصدرون عقوبات حيال لبنانيين ننتقدهم وندينهم، ولكن ماذا نقول عن سيناريوهات العقوبات المتتالية التي يفرضها اللبنانيون على انفسهم».
شدياق
وفي السياق، قالت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية مي شدياق لـ «الجمهورية»: «هذا التعنت ومحاولة البعض إعطاء انفسهم حجماً يفوق حجمهم الطبيعي، يخلق حالةً من الشلل في البلد نتيجة موقف يتعلق بحادثة يؤسف لها، لوقوع ضحايا، لكن حصل شبيهاتها في البلد ولم يُشلّ البلد، ما يوحي باحتمالية وجود نوايا من تحت الطاولة لهدّ البلد على رأس الجميع».
وأكّدت أنّ «اي لبناني مؤمن بلبنان لا يرضى بشل البلد بهذه الطريقة، ولا أحد يقول لنا أنه لا يستطيع الجلوس على الطاولة مع اناس مختلف معهم، فها هو رئيس الحكومة يجلس مع اناس متهمين ربّما بقتل والده، وأنا (مشقّفة) وأجلس مع أناس ربما يكونون متهمين بمحاولة اغتيالي واتعاون معهم لما فيه مصلحة البلد».
وتابعت شدياق: «صحيح أننا صوّتنا ضد الموازنة لأنه كانت لدينا آراء لم يُؤخذ بها، لكن عجلة العمل المؤسساتي يجب أن تأخذ دورتها الطبيعية ليبدأ الدعم من الخارج، ويعود البلد ليقف على رجليه».
وتحسّرت على الموسم السياحي الذي كان يبدو واعداً قبل الأحداث الاخيرة «فكل موسم صيف إذا ما ضربنا العدو، نحن نخترع اسباباً داخلية لشل البلد، عبر تعظيم للأمور لدرجةٍ بات فيها المعرقل مرتاحاً لقدرته على شل البلد وتعطيله».
اللقيس
اما وزير الزراعة حسن اللقيس، فأكّد لـ»الجمهورية»، انه لا يرى الوضع سوداوياً الى هذه الدرجة، «فهناك خلاف على بعض المواضيع التي نعرفها، والمساعي مستمرة لتذليل العقبات».
وقال: «نعوّل على المسعى الذي يرعاه الرئيس بري، ونحن وكل الأطراف نثق به وبطروحاته التي تنطلق من غايات وطنية لمصلحة البلد، وفي نهاية المطاف لا بدّ أن تمشي الأمور».
مراد
وقال وزيرالدولة لشؤون التجارة الخارجية حسن مراد لـ»الجمهورية»: «الوضع الاقتصادي سيئ جداً في ظل الظروف الاقليمية العالمية، ونحن في لبنان نبذل جهدنا لتحقيق نقاط ايجابية فيه».
واكّد مراد «ضرورة ان يقارب الوزراء ملفاتهم على رغم تأخّر انعقاد مجلس الوزراء لأنّ الناس اولوية ووجعهم اولوية، ويجب ابعاد شؤونها عن المناكفات السياسية».
البعريني
ومن جهته، عضو كتلة المستقبل النائب وليد البعريني قال لـ»الجمهورية» رداً على سؤال عمّا اذا كان حلّ الأزمة الحكومية بات قريباً: «الملف معقّد جداً، ولا حلّ في الأفق الآن»، مضيفاً: «نرى في هذا التعطيل والكلام العالي السقف استهدافاً للبنان بكافة مكوناته».
وعن سبب عدم دعوة الرئيس الحريري لانعقاد جلسات الحكومة، قال: «العقلاء في لبنان يشعرون بأنّ نفس الرئيس الحريري بات طويلاً». واشار الى أنّ «هدف تيار المستقبل ابعاد سيناريو الفتنة لانقاذ البلاد، لكن تعنّت بعض الأفرقاء وتصعيدهم يصبّان في خانة الأنانية، ليحافظوا على مركزهم».
ورداً على سؤال قال: «لا يمكننا أن ننسى يوم كان وليد بيك قادراً على وضع يده على كافة المراكز في الجبل، لكنه دائماً يحترم فكرة وجود الآخر، والشريك في الجبل وفي الوطن».
* البناء
إيران والاتحاد الأوروبي متفائلان باجتماعات فيينا… وموسكو لا ترى سبباً لدعوة طهران للتراجع
تصعيد جنبلاطي إرسلاني يُسقط مشروعين للحلحلة… ويمدّد التعطيل الحكومي
سعد ورعد وبزّي للخروج من الطائفية… وحردان: القوميّون طليعيّون في تحصين الوحدة
كتب المحرّر السياسيّ
تبدو المناخات الإيجابية المرتبطة بأزمة الملف النووي الإيراني انطلاقاً من اجتماعات فيينا على مستوى مسؤولية الإدارات السياسية في وزارات الخارجية للدول المنضوية في الاتفاق بعد الخروج الأميركي منه، مرشحة للتزايد مع التصريحات التي وصف بها الوفدان الإيراني والأوروبي نتائج الاجتماعات التي ستتواصل على مستوى الخبراء لأيام مقبلة، في محاولة وصفها معاون وزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي بالبناءة لردم الفجوة بين الفهمين الإيراني والأوروبي للالتزامات اللازمة لنجاح مساعي الحفاظ على الاتفاق، التي يعلنها الطرفان، بينما علق نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي رياباكوف على بعض المطالبات الأوروبية لإيران لوقف خطواتها التي بدأتها بالخروج من الاتفاق بغير المنصفة، لأن إيران ابدت استعدادها للتراجع عن هذه الخطوات عندما تملس تقدماً جدياً من الشركاء الأوروبيين في الاتفاق لتطبيق التزاماتهم.
على خط الأزمة الإيرانية البريطانية الخاصة بحجز الناقلات قالت مصادر سياسية متابعة إن تقدماً ملحوظاً تحقق على خط التفاوض لتبادل الإفراج عن الناقلات وفقاً لمسار قضائي
التتمة ص9
وسياسي متزامن في الحالتين، بينما كشفت المصادر عن تشدد إيراني في تكريس مرجعيتها عن العبور في مضيق هرمز ورفض اعتباره مجرد ممر مائي دولي مفتوح، وأعلن أكثر من مسؤول إيراني أن طهران لن تسمح بتحويل الوجود الغربي العسكري في منطقة الخليج سبباً للانتقاص من حقوقها في الإشراف على مضيق هرمز وحصر التعاون في هذا المجال مع عمان التي تملك حقاً موازياً، وربط التعاون الأمني في المياه بالدول المشاطئة لإيران في الخليج وليس مع أي دولة أجنبية.
لبنانياً، عادت لغة التصعيد لتطبع الوضع السياسي بعد سقوط مساعي الحلحلة التي برزت في اليومين الأخيرين، سواء بمحاولة ربط إحالة حادثة قبرشمون إلى المجلس العدلي بإحالة موازية لحادثة الشويفات، أو بالدعوة لمصالحة في قصر بعبدا بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال أرسلان، جرى التداول باعتبارها مشروعاً للحلحلة يرافق مسار المحكمة العسكرية في التحقيق بحادثة قبرشمون تمهيداً لإحالتها إلى المجلس العدلي، لكن بدا أن جنبلاط يتحين كل مرة يطل فيها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ليصوّر المشكلة بين الاشتراكي وحزب الله، وليست بينه وبين الديمقراطي وأرسلان، وهذا ما أعاد فعله هذه المرة بالقول إنه يفضل التحدّث مع الأصيل، مشيراً لحزب الله، متسائلاً عما يريد، بينما كان السيد نصرالله قد قال إن ليس لدى حزب الله مطالب خاصة ولا رؤية ولا مبادرة تخصه في هذا الملف، معتبراً أن التضامن مع النائب طلال أرسلان هو أقل الواجب الأخلاقي مع حليف معتدى عليه، مكتفياً بالقول نقبل ما يقبله في هذا الملف.
وفيما أكد المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم مواصلة مساعيه، بدا أن التصعيد الجنبلاطي الأرسلاني قد تكفل بالعودة بالملف إلى المربع الأول عشية الحادثة، وامتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بحضور الفريقين التصعيدي.
لبنانياً، أيضاً سجلت مواقف مهمة لرئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي فارس سعد ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد والنائب علي بزي بالنيابة عن كتلة التنمية والتحرير في احتفال إحياء الذكرى السنوية لغياب الرئيس السابق للحزب علي قانصوه ركّزت جميعها على ضرورة تجاوز الطائفية والخروج من التعصب والانغلاق، بينما أكد رئيس المجلس الأعلى للحزب أسعد حردان في اجتماع حزبي أن كل تهديد للسلم الأهلي يفتح الباب ويمهّد لعدوان إسرائيلي جديد، معتبراً أن القوميين في طليعة المعنيين بتحصين الوحدة وحماية السلم الأهلي.
أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي فارس سعد أن لبنان بحاجة إلى جراحة إنقاذية، تنقذه من آفة الطائفية والمذهبية ومن فيروس الفساد، وهذا لا يتمّ إلاّ باحترام الدستور وتطبيقه، بدءاً من السير بقانون انتخاب يعتمد لبنان دائرة انتخابية واحدة مع النسبية الكاملة ومن خارج القيد الطائفي، إلى إلغاء الطائفية بشكل تامّ، إلى تحقيق الإنماء المتوازن من دون تفرقة ولا تمييز بين منطقة وأخرى، الى تعزيز العلاقات بين لبنان وسورية.
وقال خلال إحياء الحزب «القومي» وأهالي الدوير الذكرى السنوية الأولى لرحيل الرئيس السابق والوزير علي قانصو: ما هو مؤسف، أنّ الحكومة اللبنانية لا تطبّق الدستور، وتُراكم المشكلات والأزمات، ولا تتحمّل مسؤولياتها تصدّياً للأوضاع الصعبة والمأزومة فتزيد الأوضاع تفاقماً. كيف لهذه الحكومة أن تجد حلاً لأزمة النازحين السوريين، وهي تمتنع عن الحوار مع الحكومة السورية بهذا الشأن؟ ويخالجنا الشعور يوماً بعد يوم أنّ بعض أجنحتها ينفذ إملاءات خارجية! المطلوب وقف الاستثمار اللاإنساني، الداخلي منه والخارجي في معاناة النازحين السوريين، وعلى الحكومة مجتمعة، أن تُسارع الى خطوات عملية في هذا الاتجاه، لأنّ التعامل مع السوريين، نزوحاً ويداً عاملة، يحمل في بعض الأحيان سمة العنصرية والكراهية، وهذا أمر خطير.
وقال إنّ تطبيق القوانين مطلب وضرورة، ولكن ماذا عن تطبيق الدستور؟ فلبنان لم يعد يحتمل مزيداً من الأزمات، فلماذا يسعى البعض الى إشراكه في مخطط تحويل العمالة الى نزوح؟ هذا تحدٍّ خطير نضعه برسم المعنيين جميعاً.
إلى ذلك، اكد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد في كلمة له خلال إحياء « القومي» الذكرى السنوية الأولى لرحيل قانصو، أن « اتفاق الطائف الذي كان تسوية ارتضاها اللبنانيون ، خطوة على طريق إلغاء الطائفية السياسية ، مقتضيات الوفاق الوطني الذي نص عليه، من المفترض أن تؤخذ بعين الاعتبار من أجل التخفيف قدر المستطاع وفي كل ظرف وآن من النزعة الطائفية والمذهبية عند المسؤول وعند المواطنين. ونحن في الحقيقة لا نجد تفسيراً يتمسك بتفسير خاص لمقتضيات الوفاق الوطني فينزع به نحو تعزيز التمثل الطائفي والمذهبي في هذه البلاد».
وقال النائب علي بزي من جهته في الاحتفال عينه: «لا يُبنى الوطن على سياسة التجاذبات والانقسامات والاصطفافات والسمسرات. لقد سئم وملّ اللبنانيون لغة التعصّب والتطرّف والفتنة والتحريض، يريدون زعامات وقيادات مسؤولة تتفنّن في صناعة الخير العام لعموم الناس ولهذا البلد. تقشفنا بالأمس خلال جلسات مناقشة الموازنة، تقشفنا في كثير من البنود التي لها علاقة بالنفقات، فلنتقشف في ما يتعلق بلغتنا وخطابنا السياسي الطائفي المذهبي العصبي والتحريضي ونرتقي جميعاً إلى مستوى ما يتطلع إليه كلّ اللبنانيين بغضّ النظر عن أسمائهم وطوائفهم ومناطقهم وانتماءاتهم.
وأكد رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان أن التحديات اليوم، تسكن في كل تفصيل، ولذلك، نحن معنيون بالتصدي لكل صغيرة وكبيرة تستبطن تفتيت مجتمعنا. والقوميون مطالبون بأن يواجهوا كل أمر يحمل في طياته أهدافاً مشبوهة ويخدم اجندات استعمارية تصبّ في خدمة العدو الصهيوني.
وأشار حردان خلال كلمة له في اجتماع حزبي في ضهور الشوير إلى أنه في الحرب الأهلية التي شهدها لبنان فُرز البلد طائفياً، ولكن اليوم، في زمن السلم الأهلي المشهد المذهبي هو أخطر ما يكون على وحدة لبنان. … بالأمس اعترض احدهم على الموازنة لأنها تضمنت نصاً يعطي الناجحين في امتحانات مجلس الخدمة المدنية الحق بالتوظيف، وتقوم قيامة البعض على هذا النص، بحجة غياب التوازن الطائفي. ماذا يعني غياب التوازن الطائفي؟ هل يتجرد المواطن من لبنانيته مثلاً؟ أو يتم نفي حقيقة أنه تقدم للامتحان؟ هذه العقلية في لبنان لدى كل الطوائف والمذاهب وتستثمر إلى أقصى الحدود.
أضاف: مّن سيواجه هذا الأمر؟ الحزب السوري القومي الاجتماعي لكونه أبرز الطليعيين في موضوع تحصين الوحدة، ولأنه لا يخاف من المذهبيين والطائفيين، ولذلك يجب أن نعريهم ونحملهم مسؤولية ما يتهدد لبنان في وحدته وسلمه الأهلي. وشدّد على ان لبنان إلى وحدة وطنية حقيقية وإلى سلم أهلي ناجز، فالحرب الأهلية مهدت للاجتياح «الإسرائيلي»، واليوم فإن اي تهديد للسلم الأهلي القائم، يمهد لعدوان جديد على لبنان، لذلك نحن معنيون بمواجهة كل ما يمس السلم الأهلي والوحدة الوطنية، ولدينا من الوعي والإدراك والقدرة ما يمككنا من تغيير الواقع.
من جهة ثانية، لا مجلس وزراء حتى الساعة، فكل المعطيات تشير الى ان التوتر سيد الموقف، فكل المحاور السياسية منها والدستورية لا تزال عالقة، فالاتصالات لإيجاد حل لمشكلة حادثة البساتين لا تزال تدور في حالة المراوحة، في حين ان المادة 80 دفعت الشرخ الطائفي الى الواجهة مجدداً بين المسيحيين من جهة والمسلمين شيعة وسنة ودروزاً من جهة أخرى.
وبينما تشير مصادر بعبدا لـ«البناء» إلى أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لن يرد الموازنة او يطعن بها، التزاماً منه بالانتظام المالي العام، تشدد المصادر على أن هناك جملة صيغ وطروحات تدرس بين رئيس الجمهورية ومستشاريه القانونيين لتصحيح الخلل، لافتة الى أنه من المرجح حتى الساعة ان يتقدم نواب تكتل لبنان القوي باقتراح قانون يقوم على تعديل المادة 80 على أساس حذف الفقرة المتصلة بحق الناجحين في الخدمة المدنية بالتعيين، لأن النتائج تخلّ بالتوازن الطائفي، مع تشديد المصادر على أن وظائف القطاع العام يجب أن تكون متوازنة ومتناصفة بين اللبنانيين.
في موازاة ذلك، تلفت مصادر نيابية في كتلة التحرير والتنمية لـ«البناء» إلى أن لا خطأ مادياً على الاطلاق في ما يتعلق بالمادة 80 التي صدقت بعد أن جرى التصويت لصالح إقرارها من دون إضافة تعديلات. مشيرة الى ان أحداً لا يحق له الغمز من قناة ان محاولة تزوير حصلت، لافتة الى انه اذا كان «لبنان القوي» متأكداً من انه سوف يسقط البند المتعلق بحق الناجحين في الخدمة المدنية بالتعيين فليتقدم باقتراح قانون ولم يتم التصويت عليه وعندها يبنى على الشيء مقتضاه.
وقال الناجحون في مجلس الخدمة المدنية: «لقد فاقت أعداد المسلمين المتقدمين للامتحانات أعداد المسيحيين لأسباب نعلمها جميعاً تتعلق بأسباب عديدة منها الواقع الديموغرافي في لبنان وغيرها، وهذا لا يبرر ظلم الناجحين المسلمين والمسيحيين بذريعة الميثاقية، خصوصاً أن جميع القوى السياسية تدّعي الحرص على إلغاء الطائفية السياسية وتتشدق بالحديث عن الوحدة والعيش المشترك وبناء الدولة على أسس مدنية وعلمانية، كما أن كافة القوى السياسية تقرّ بشغور مواقع اساسية في المؤسسات والوزارات وهي مواقع لا يمكن إشغالها الا باختبارات تضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وهو أمر يقع في صلب مهام مجلس الخدمة المدنية».
أضافوا: «صرح الوزير باسيل بأن الامور كلها خاضعة للحوار فيما نواب كتلته ما زالوا يهولون علينا في موضوع إلغاء النتائج بعد مرور سنتين على صدورها، علماً ان من يعطل صدور المراسيم هو الفريق نفسه، ولأن الحق دائماً ما ينتصر نعرض اليكم رد مجلس الخدمة المدنية المتعلق بقطع المهلة المشروط، فهل ما يجري هو تبادل للأدوار تمريراً للوقت بهدف فرض أمر واقع؟».
رأى عضو تكتل «لبنان القوي» النائب ألان عون أنّ «من نجح في مجلس الخدمة المدنية هم ضحية الإشكال الحاصل على المادة 80»، معتبراً أنّه «لا بدّ من الحفاظ على الحدّ الأدنى من التوازن في الادارات العامة». وأعلن أنّ «الرئيس عون سيقوم بخطوة في الساعات المقبلة لتسوية الخلل في التوازن الموجود في الدولة عن طريق الدعوة لحوار وطني مسؤول بعيداً عن الخلافات كي لا نقع مرة جديدة بمشكلة مماثلة للمادة 80».
وأضاف: «حصل سوء تفاهم في المجلس النيابي حول المادة 80 التي لم يتم تعديلها إذ إنّ تكتل «لبنان القوي» فهم أنه أُخذ بالتعديلات التي طالب بها، وخلال الساعات المقبلة سيوقع الرئيس عون على الموازنة ريثما يتنهي من دراستها».
وقال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي: «لا يمكن القبول بخرق قاعدة المناصفة وبممارسة الاستئثار والاحتكار في الوظائف الرسمية، في الوقت الذي تبقى فيه النزاهة والكفاءة والمناقبية القاعدة الأساس للتوظيف. ولا بد من الإشارة إلى وجوب إصدار المرسوم بتعيين الناجحين في مباريات كتاب العدل وقد التقيناهم أول من أمس. لماذا تحطيم آمال شبابنا الذي يريد أن يعيش في لبنان ويخدم مؤسساته؟ أي جواب تعطيهم السلطة للدلالة على أنها تحترمهم وتحترم القانون الذي تسنه هي ثم تخالفه تطبيقاً؟».
وعلى الخط الحكومي فإنّ الأمور بانتظار أن يعاود سعد الحريري اليوم اتصالاته بعدما عاد أمس من إجازته العائلية في أوروبا، في وقت لا يزال المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم ينشط في الحل لقضية قبرشمون وفق صيغة تحافظ على الاستقرار وتقوم، بحسب معلومات «البناء» على ضرورة إحالة القضية إلى المحكمة العسكرية، بالتوازي مع عقد جلسة لمجلس الوزراء يغيب عنها وزراء الاشتراكي والديمقراطي، وتسليم كل من الاشتراكي والديمقراطي المطلوبين للتحقيق، فلقاء مصالحة في القصر الجمهوري يضمّ الى الرئيس ميشال عون رئيسي المجلس النيابي والحكومة والنائب السابق وليد جنبلاط والنائب طلال ارسلان، بالتوازي مع إحالة قضية حادثة البساتين وملف الشويفات الى المجلس العدلي، بعد ان يكون القضاء العسكري عرض تحقيقاته على مجلس الوزراء.
ولفتت المعلومات الى ان مساعي ابراهيم تحظى بدعم رئيس الحكومة أسوة برئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي، ومع ذلك فإن الأمور لا تزال معقدة بعد حادثة البساتين الثانية ليل الجمعة – السبت التي زادت الوضع تعقيداً.
وكانت أعلنت قيادة الجيش أنّه عند «الساعة الثانية فجراً وفي بلدة البساتين عاليه، ولدى محاولة المدعو ريان مرعي وهو بحالة السكر الظاهر، الدخول إلى باحة المبنى الذي يقطنه الوزير صالح الغريب، تدخّلت عناصر الجيش في النقطة العسكرية المولجة حماية المنزل لردعه، لكنّ الإشكال تطوّر عند تدخّل عناصر الحماية الشخصية للوزير الغريب، تلاه تدافع وإطلاق نار من أحد عناصر الوزير، ما أدّى إلى إصابة المدعو مرعي برجليه، نُقل على أثرها إلى أحد المستشفيات للمعالجة».
وأوضحت قيادة الجيش في بيانها أنّ «وحدات الجيش اتّخذت التدابير اللازمة في المنطقة، فيما تولّت قوى الأمن الداخلي التحقيق بالموضوع بإشراف القضاء المختص».
وفي السياق يعقد رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان مؤتمراً صحافياً اليوم في دارته في خلدة يتناول فيه آخر التطورات. وكان ارسلان غرد عبر حسابه على تويتر: «لن ألتقي جنبلاط على حساب دم الشهداء علاء أبي فرج ورامي سلمان وسامر أبي فرّاج… القاتل واحد والحقد واحد والضغينة واحدة واللي بيوقع من السما بتستلقي الأرض… زمن اللعب بدم الأبرياء قد ولّى وسنكون بالمرصاد لأي تحرك مشبوه مهما كلّف الثمن».
وكان جنبلاط هاجم حزب الله بطريقة مباشرة وغير مباشرة امس، ورأى في حديث لموقع المدن أن ما يجري هو تصفية حساب قائلاً: «كان مقرراً بالنسبة إلى البعض أن نلتزم بما يقولونه، أو يفرضونه، في رواية أن ما جرى هو جريمة مدبّرة، تحال إلى المجلس العدلي وبعدها نذهب لإجراء مصالحة عشائرية». ولكن «أنا مش طالع أعمل مصالحة عشائرية ببعبدا، ولن أذهب إلى بعبدا لألتقي بطلال ارسلان. وإذا كان لا بد من لقاء، فمع مندوب مباشر لنصرالله. وإذا ما أحبّ إرسال مندوب، لا مشكلة، لنفهم لماذا انتقل تنظيم الخلاف السياسي إلى عداء سياسي، في هذه المرحلة؟».
واعتبر جنبلاط أن البعض في لبنان يتمتع بنظرية مؤامراتية: «يريدوننا أن نكون إما معهم أو ضدهم، وربما ما يجري هو في سبيل الضغط، عليّ وعلى سعد الحريري لأن نكون في صفوفهم، أو أن نصطف معهم، في ظل المواجهة الكبرى بينهم وبين الأميركيين. ولكن كيف بإمكاننا الاصطفاف معهم؟ ففي الأساس، الرئيس الحريري قدّم كل التسهيلات، وأنا كذلك. تراجعت عن الكثير من الانتقادات للنظام الإيراني، وللنظام السوري. لكن لديّ استقلاليتي. ولا أريد لأحد أن يصادرها منّي».
المصدر: صحف