ركزت افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 22 تموز 2019 على المفاعيل المترتبة عن اقرار الموازنة العامة، وتسليط الضوء على مجلس الوزراء وعودة جلسات الحكومة للانعقاد إن نجحت بتجاوز ما بات يعرف بـ»كوع قبرشمون»… حيث لا تزال الحكومة عالقة عند «الكوع» عاجزة عن التقدم، رغم الوساطات المستمرة والمساعي الأمنية التي يقودها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم .
* الاخبار
سلامة يعفو عن التزوير والاختلاس!
ماطل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بضعة أشهر قبل أن يصدر تعميماً يمنع المصارف من منح القروض للشركات والمؤسسات المتهرّبة من الضريبة أو التي تقدّم بيانات مالية غير متطابقة مع البيانات التي تقدّمها للإدارة الضريبية. التعميم بدا كأنه يمنح «عفواً عاماً» لكل المتورّطين بما يسمّى «ظاهرة الدفترين» المنتشرة في القطاع الخاص، ويمهلهم سنة كاملة لتسوية أوضاعهم
أصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تعميماً يحظّر على المصارف إقراض أو تجديد القروض للشركات والمؤسّسات المتهرّبة من تسديد الضريبة عبر إبراز «دفترين» لبياناتها ونتائجها المالية. يفترض أن يسهم التعميم في الحدّ من التهرّب الضريبي للشركات وللمؤسسات التي اعتادت أن تزوّر سجلاتها المالية المقدّمة للإدارة الضريبية، إلا أنه في الوقت نفسه، جاء بمثابة براءة ذمّة للمحتكرين عن الأموال التي تهرّبوا من تسديدها للخزينة، أي بمعنى قانوني ومحاسبي، اختلسوها.
نصّ التعميم 521
يوم الخميس الماضي أصدر سلامة تعميماً يحظّر فيه على المصارف والمؤسسات المالية «منح أو تجديد تسهيلات إلى أي مؤسسة أو شركة حجم أعمالها السنوي يساوي أو يزيد على 1.5 مليار ليرة إلا ضمن الشرطين التاليين مجتمعين:
– أن يكون قد تم الاستحصال من المؤسسة أو الشركة على بيانات مالية مدققة وفقاً للأصول (الميزانية وحساب الأرباح والخسائر وبيان التدفقات النقدية) بحيث تتم الدراسة الائتمانية على أساس هذه البيانات.
– أن تكون هذه البيانات مطابقة لتلك المقدمة للإدارة الضريبية».
كذلك أمهل التعميم «المصارف والمؤسسات المالية المخالفة مهلة حدّها الاقصى 30/9/2020 لتسوية أوضاع ملفات التسليفات العائدة لعملائها. وعلى المصارف والمؤسسات المالية طلب التسديد الفوري لكل قرض لم يتم تسوية أوضاعه خلال المهلة المشار إليها أعلاه، وإلا إيداع احتياط خاص في حساب مجمد غير منتج للفائدة في مصرف لبنان بذات العملة الممنوح بها القرض، بما يوازي قيمته لغاية إتمام تسوية أوضاعه».
ظاهرة الدفترين
التعميم يعترف بانتشار ظاهرة الدفترين المستعملة بنسبة واسعة من شركات القطاع الخاص بهدف التهرب من تسديد الضريبة الواجبة عن أرباحها الفعلية:
– الدفتر الأول يقدّم لوزارة المال – الإدارة الضريبية، وهو دفتر مزوّر بشكل عام يخفي الأرباح الفعلية المحققة من الشركة، أو يخفي جزءاً منها عبر عشرات الطرق المحاسبية وبنود الإنفاق الوهمية من تضخيم للرواتب والأجور والنفقات التشغيلية وسواها مما لا يكون حقيقياً. ينطلي هذا الدفتر على الإدارة الضريبية أو توافق عليه من خلال ممرات الفساد الممنهج سياسياً ومالياً، وفي المحصّلة تدفع الشركات ضرائب أقل مما يجب أن تدفع.
نقولا شماس يرحّب بالتعميم:
مكافحة الاقتصاد
الأسود
– الدفتر الثاني، تقدّمه الشركات للمصارف، وهو بشكل عام يكون مختلفاً جذرياً. فالحاجة إلى الحصول على القرض المصرفي أو تسهيلات مصرفية مكشوفة، تفرض على الشركات أن تصرّح عن أرباح أعلى وأن تظهر مدى نجاحها في كبح الإنفاق والرواتب أو مدى نجاح احتكارها أو مدى فعالية أساليبها في المبيعات أو أي شكل آخر يضمن لها الحصول على مواقفة الجهات الائتمانية في المصرف.
عفو عن المحتكرين
في مقابل ترحيب رئيس جمعية تجار بيروت، نقولا شماس، بهذا التعميم انطلاقاً من كونه يكافح «ظاهرتي التهرب والتهريب اللذين يشكلان مدماك الاقتصاد الأسود الذي يقوّض الاقتصاد الشرعي وخزينة الدولة»، يرى الوزير السابق شربل نحاس في التعميم نظاماً ممنهجاً للفساد: التعميم يتحدث عن ثلاثة أطراف معنية؛ العميل (الشركات والمؤسسات)، ومدقق الحسابات، والمصرف ولجنة الرقابة على المصارف المعنية بتطبيق تعاميم مصرف لبنان. فإذا كان العميل يقدّم للمصرف بيانات مدققة غير تلك المقدمة للإدارة الضريبية، فمعنى ذلك أن العميل ومدققي الحسابات مشاركون في التزوير واختلاس المال العام، أي إنه جريمة يعاقب عليها القانون. وإذا لم يتمكن المصرف من كشف أفعالهم، ولم تتمكن لجنة الرقابة من القيام بمهمة مراقبة التسليفات بشكل فعّال، فهما متورطان بجرم الإهمال… فكيف الحال إذا كان هناك اعتراف من مصرف لبنان بوجود دفترين؟ ألا يعني ذلك أن هناك مرتكباً للجريمة؟ ألا يستوجب الأمر مساءلة طرف ما؟
المحتكرون يتهرّبون من
تسديد الضريبة ويجنون
9 مليارات
دولار
«المشكلة أن التعميم يمنح عفواً عاماً لكل المتهربين من الضريبة، لا بل هناك وقاحة في التعامل مع المسألة، إذ إن الفقرة الأخيرة من التعميم التي تمهل المصارف حتى 30/9/2020 لتسوية أوضاع ملفات التسليفات هي كمن يقول إنه سيطبق القانون بعد هذا التاريخ، وأن التزوير مسموح حتى ذلك الوقت» يقول نحاس.
المتهرّبون
من هم المُعفَون من الارتكابات السابقة؟ هم كبار المحتكرين. فالدراسات التي نشرها البنك الدولي قبل سنوات، تشير إلى أن الأرباح الناتجة عن الاحتكار توازي 16% من الناتج المحلي الإجمالي، اي ما يوازي 9 مليارات دولار كان يجب أن تسدّد عليها ضريبة بقيمة 1.53 مليار دولار، لكن كل إيرادات ضريبة الارباح بلغت 900 مليون دولار في السنة الماضية! والمصرفيون يشيرون إلى أن سلّة الأرباح المحققة في الاقتصاد الوطني تبلغ 25 مليار دولار، أي إنه، نظرياً يمكن تحصيل 4.2 مليارات دولار، فيما يمكن عملياً بلوغ 3 مليارات دولار كحدّ أدنى.
وتتضح أكثر هوية المتهرّبين من الضريبة في دراسة للبنك الدولي أظهرت أن «65% من المقترضين هم شركات متوسطة وكبيرة، و50% من المقترضين هم شركات صغيرة». لذا، فإنه بحسب مصادر في التيار الوطني الحرّ، هذا التعميم «يصيب نسبة كبيرة من المتهرّبين، ويمكن أن يزيد الإيرادات بقيمة مليار دولار بشكل تدريجي».
مماطلة رياض سلامة
الحديث عن إصدار تعميم يسهم في مكافحة التهرّب الضريبي، بدأ فعلياً قبل تأليف الحكومة مع إيفاد رئيس الجمهورية ميشال عون، منصور بطيش (قبل تعيينه وزيراً للاقتصاد) إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، حاملاً ورقة تتضمن سلسلة إجراءات، من بينها إصدار تعميم يلزم المصارف بالامتناع عن منح القروض للزبائن الذين يقدّمون بيانات مالية للإدارة الضريبية مختلفة عن تلك التي يقدمونها إلى المصارف، «لكن سلامة ماطل عدة أشهر قبل إصدار هذا التعميم» تقول مصادر مطلعة. وصدور التعميم بالتزامن مع انتهاء مجلس النواب من التصويت على مشروع موازنة 2019 التي كان عنوانها التقشّف والبحث عن إيرادات إضافية للخزينة، ليس له معنى فعلي، بل «هو يأتي مباشرة بعد الاجتماع الذي عقده رئيس الجمهورية ميشال عون مع فريقه الاقتصادي بحضور حاكم مصرف لبنان».
تعميم «صوريّ»
هناك الكثير من النقاشات بين المصرفيين عن تعميم رياض سلامة الأخير بوصفه «تعميماً صورياً»، بدليل أن مفاعيله غير واضحة بعد. فهو يخلو من إجراءات تنفيذية بالمعنى المباشر، رغم أن مسودته الأولى نصّت على أن تشرف لجنة الرقابة على المصارف على تطبيقه. كذلك يغفل التعميم أن الزبائن غر المستوفين للشروط، أي المتهرّبين، قد يرفضون طلب المصرف تسديد القرض، ما يعني أنه بات على المصرف تصنيف القرض من مستوى «متابعة» إلى «مشكوك فيه» إلى «متعثر»… وفي المحصلة، قد ينعكس الأمر ارتفاعاً في معدلات القروض المتعثّرة، المتنامية أصلاً، والتي يترتب عليها تكوين مؤونات إضافة إلى الغرامات المفروضة بموجب التعميم.
«المجلس العدلي»: ليونة عونية بهدف إحياء الحكومة؟
يتفق الجميع على ضرورة انعقاد الحكومة ومعالجة الأزمات المتراكمة، لا سيّما أزمة العمالة الفلسطينية، إلا أن ذلك ليس كافياً ليتراجع النائب طلال أرسلان عن مطلب المجلس العدلي في قضيّة البساتين ولا النائب السابق وليد جنبلاط عن رفضه، فيما يستمر اللواء عباس إبراهيم في العمل على مبادرته والوصول إلى اتفاق يسهّل انعقاد جلسة للحكومة هذا الأسبوع
للأسبوع الثالث على التوالي، يبدو مجلس الوزراء مهدّداً باستمرار التعطيل بفعل الانقسام الحاد بين أطراف الحكومة حول إحالة ملف البساتين إلى المجلس العدلي. وكأنه لا تكفي حكومة الرئيس سعد الحريري أزمة البساتين، حتى فجّر وزير العمل كميل بو سليمان ملفّ العمالة الفلسطينية، واضعاً الحكومة والبلاد أمام هزّة سياسية، ومحرّكاً الشارع الفلسطيني. إلا أن تعطيل الحكومة يمنع الحريري من ترجمة شبه الإجماع بين الكتل السياسية الرئيسية (عدا عن حزب القوات اللبنانية وحياد التيار الوطني الحرّ) الذي قرر سحب هذا الملفّ من يد الوزير وتحويله إلى الحكومة، ما يدفع الفلسطينيين إلى وقف احتجاجاتهم وتفادي استغلالها من قبل أي طرف لتحريك الشارع اللبناني.
وحفل يوم أمس باتصالات وزيارات قام بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لحل أزمة البساتين، مع رئيس الحكومة وقبله الوزير صالح الغريب، واتصالات بالرئيس نبيه بري، واتصالات من بري بمختلف الفرقاء، بهدف إيصال المبادرة إلى مرحلة المخرج وعقد جلسة للحكومة هذا الأسبوع، مع اقتناع الجميع بأن الوضع لا يحتمل التعطيل. لكنّ هذا الاقتناع لا يبدو كافياً لتنازل أي من الأطراف، التي بقي جميعها متمسّكاً بالسقوف العالية حتى ساعة متأخرة من ليل أمس. وشاعت أجواء «إيجابية» عن التوصّل إلى تفاهم حول المخرج القضائي والإعلامي لمطلب رئيس الحزب الديموقراطي النائب طلال أرسلان وحلفائه بإحالة جريمة البساتين على المجلس العدلي، واعتماد مخارج بديلة، إلّا أن مصادر رفيعة المستوى معنيّة بمبادرة إبراهيم أكدت لـ«الأخبار» أنه لم تتحقّق خروقات جديّة حتى الآن، مشيرة إلى أن المخارج موجودة لكن ما ينقص هو قرار الحلّ.
على ضفة فريق رفض المجلس العدلي، يتمسّك الحريري برفض طرح الأمر على جدول الأعمال، حتى لو كانت النتيجة سقوط المشروع والتعادل في عدد الأصوات بين الرافضين والمؤيدين لقرار المجلس العدلي. وبحسب ما علمت «الأخبار»، فإن الحريري أبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون والمعنيين أنه لن يقبل أن يطرح عون الملفّ من خارج جدول الأعمال، وأنه قد يخرج من الجلسة في حال طرح الأمر.
مصادر معنيّة بمبادرة إبراهيم
أكدت أنه لم تتحقّق
خروقات جديّة
حتى الآن
وهو بذلك يلاقي حليفه النائب السابق وليد جنبلاط الرافض لتحويل الملفّ بالمبدأ، والذي يضع الأمر في اتصالاته العربية والغربية في إطار حرب من حزب الله وسوريا عليه. وفي الأيام الماضية، استقبل جنبلاط سفراء ألمانيا وبريطانيا وفرنسا والمستشار السياسي في السفارة الأميركية كلّ على حدة، ثم السفيرة الأميركية في بيروت إليزابيث ريتشارد، لوضعهم في صورة «المؤامرة» المفترضة عليه، بعد إيفاده الوزير وائل أبو فاعور إلى السعودية الأسبوع الماض،٬ مبلغاً إياهم «بخطورة المجلس العدلي عليه وعلى الحزب الاشتراكي لشيطنته وتوقيف الوزير أكرم شهيب، وأن خلف هذا الأمر حزب الله». ومع أن جنبلاط آثر الابتعاد في كلمته أول من أمس في احتفال مدارس العرفان، عن التطورات الأخيرة، إلا أنه استعاض عن ذلك بخطاب تعبوي للجنبلاطيين يحمل رموزاً من مراحل تاريخية واستعراض القوّة. وكان سبق ذلك تغريدة له على تويتر مطالباً بتسليم الديموقراطي مطلوبين لديه، ليردّ أرسلان بالمطالبة بالتصويت على المجلس العدلي.
أمّا على ضفة أرسلان وحلفائه، يستمر حزب الله في دعم موقف رئيس الديموقراطي، مع تأكيده ضرورة التوافق وحماية الحكومة. وعلى عكس موقفه خلال الأسبوعين الماضيين، وتمسكه بالمجلس العدلي، انتشرت معلومات ليل أمس عن أن رئيس الجمهورية بات منفتحاً على حلول تتجاوز المجلس العدلي وتسرّع في عودة الحكومة إلى العمل، بعد أن لمس استحالة تغيير رئيس الحكومة موقفه، ما يضع ضغوطاً على أرسلان، ويعوّل عون على حزب الله لتليين موقف رئيس الديموقراطي. لكن مصادر الحزب الديموقراطي نفت علمها بتغيير في موقف عون، مؤكدةً أن «رئيس الجمهورية مقتنع بأن على العدالة أن تأخذ مجراها، وجريمة البساتين هي محاولة اغتيال فاشلة لوزير أو وزراء في الحكومة سقط فيها شهيدان، وتهزّ أمن الدولة وتستوجب المجلس العدلي».
أما في الملفّ الفلسطيني، فينجح بو سليمان حتى الآن، في إعطاء التحركات الشعبية الفلسطينية مادة لرد الفعل وتكثيف التحركات والتظاهرات في المخيمات، مع إصراره على التصعيد وإعلانه عدم التراجع عن مواقفه، مغرّداً خارج سرب الإجماع الحكومي وإعلان الحريري وضع الملف في عهدة مجلس الوزراء. وقبل نهاية الأسبوع، عقد رئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني الوزير السابق حسن منيمنة اجتماعاً مع ممثّلي الكتل النيابية في اللجنة، وتوصّل المجتمعون إلى مسودة لمراسيم تطبيقية تعالج الأزمة الحالية وتخرج هذا الملف من استنسابية أي وزير عمل حالي أو مستقبلي. ومن المفترض أن يردّ ممثلو الكتل هذا الأسبوع بمواقفهم حيال المسودة المستوحاة من مسودة قديمة قدمتها اللجنة إلى الوزير السابق سجعان القزي. إلا أن ذلك يصطدم بموقف القوات اللبنانية التي تشترط، بحسب معلومات «الأخبار»، أن تتضمن المراسيم هامشاً لوزير العمل، الأمر الذي يبقي هذا الملفّ في دوامة أزمة الهوية السياسية للوزراء المتعاقبين وكيفية تعامل كل منهم مع العمالة الفلسطينية. وفي ظل عدم انعقاد الحكومة، وظهور نتائج عملية لانتقال الملف إلى مجلس الوزراء وتعطيل إجراءات بو سليمان، عدا عن وقف حملات التفتيش، تبدو التحركات الفلسطينية مستمرّة، تحت تأثير تصعيد الوزير. لكن من المفترض أن تبدأ الفصائل اليوم سعيها للتخفيف والحدّ من التحركات الشعبية طالما أن الموقف القواتي معزول عن المواقف الإيجابية اللبنانية، لا سيّما حزب الله وبري والحريري، مع تخوّف من تأثير التحركات الفلسطينية ومحاولات البعض الدفع بلبنانيين إلى الشارع للردّ على تحركات الفلسطينيين.
من عاليه إلى الشوف: العودة «مؤقتة» أكثر من أي وقت مضى!
من قضاء عاليه إلى الشوف، تركت حادثة البساتين – قبرشمون أثراً سيئاً في الأيام الأولى. تدريجاً، عاد الوضع إلى طبيعته، لكنه خلق تساؤلات عن حقيقة المصالحات، والشائعات، عن الحالة المسيحية، وعن السياسيين والمنافع في تأجيج الأجواء وغياب الكنيسة، وعن الأمن والثقة به
على تلة مشرفة على وادٍ أخضر، يتربع دير مار مارون مجدل المعوش (الشوف) التابع للرهبانية اللبنانية المارونية، يتهيأ للاحتفالات بعيد تلامذة مار مارون. عند مدخل كفرحي، ترتفع صورة البطريرك الراحل مار نصر الله بطرس صفير، عرّاب المصالحة. في بيت الدين، تراتيل عيد القديس شربل تصدح في سماء البلدة الشوفية، على مقربة من القصر التاريخي. في عاليه وبحمدون والباروك زحمة المطاعم شبه طبيعية. وفي دير القمر باصات السياح تملأ الميدان، وكنيسة سيدة التلة تقرع أجراسها.
هذه المشاهد كانت ستختصر أيام الصيف الجبلي، لولا حادثة البساتين – قبرشمون (30 حزيران) التي خلقت حالة مجانية من القلق، وشلّت الحركة في المنطقة، قبل أن تعود تدريجاً، من دون أن تنسحب تماماً انطباعات الأيام التالية للحادثة.
مثّل دير مار مارون الذي أعادت بناءه الرهبانية، وأحيت مدرسته المشهورة، أولى بشائر الاطمئنان لعودة المسيحيين إلى الجبل بعد الحرب الأهلية. هو الذي حضن الهاربين والعائدين، كان ولا يزال عنصر اطمئنان يحجّ إليه سكان المنطقة عند أيّ خطر. هكذا فعلوا أخيراً، لكن الدير أشاع أجواء الاطمئنان. والحديث فيه لا يتعدى كلمة السلام، لا شيء يوحي بالقلق في ذلك الدير الهادئ والصامت. إليه حجّ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، والسفير البابوي جوزف سبتيري الأسبوع المقبل، في توقيت لافت، ما ضاعف من عوامل التهدئة. في الطريق إليه، وسط لوحات طبيعية خضراء نقية، لا تزال معفاة من التهشيم والمقالع والكسارات، ترتفع لافتات المهرجانات التي تستقبلها قرى المنطقة في أيام الأعياد المتتالية بين شهري تموز وآب. على مقربة من الدير تقع شوريت (الشوف)، بلدة صغيرة، تمثل نموذجاً حيّاً عن البلدات المهجرة – و«النصف عائدة». حين انتهت الحرب، عادت إليها قلة من أبنائها. رغم أن جميعهم تقاضوا «حصصاً» عادلة وأكثر من صندوق المهجرين، إلا أنّ معظم بيوتها لا تزال أعمدة، وتلك المبنية بلا سكان ومعظم أراضيها متروكة، وكنيسة مار يوسف مجرد قاعة. وحدها مدافنها عادت إلى الحياة.
ما حدث في البساتين، ارتدّ على البلدة. الشائعات التي بدأت في عاليه، تشبه تلك التي انطلقت أيام الحرب. من ترك بحمدون وعاليه، وصولاً إلى دير القمر عامي 1977 و1983، سارع إلى توضيب أغراضه وعاد إلى بيروت مطلع الشهر الجاري. وصلت الشائعة إلى البلدة، وهي التي لم يصل إليها الزفت لتعبيد طريقها التي انهارت بفعل سيول الشتاء الماضي. من تركها هو من لا يعيش فيها أصلاً، بل يزورها في عطلة الأسبوع. ومَن بقي هو الذي يعيش فيها، منذ أن انتهت الحرب، ويصعب أن يتركها مهما كانت الأسباب، فكيف إذا كانت مفتعلة وواهية. في مجدل المعوش، يقول أحد أبنائها إن «بعض العائلات تركت، لكن نحن بقينا مع أولادنا. لو كنا خائفين لما بقينا. لا شيء يدعو إلى القلق». يضيف آخر: «كل ما حدث هو بسبب التخويف الذي جرى عبر الشاشات التلفزيونية»!
في الأسبوعين اللذين تليا حادثة البساتين، تراجعت حركة السير والمطاعم، في عاليه والشوف، وانطفأت أنوار بيوت كثيرة. أن يكون الحزب التقدمي الاشتراكي قد أخطأ تجاه الوزير جبران باسيل، أو أن الأخير أخطأ بخطابه، لم يعد مهماً. وليس مهمّاً أيضاً إن كانت المشكلة درزية – درزية أو درزية – مسيحية. المهم كيف انفجر عامل الخوف فجأة، وكيف تراجعت حركة الناس ومن ربح في هذا الإشكال، وكيف صارت «مصالح المسيحيين» – ولا سيما في قطاع المطاعم المنتشرة في الجبال وعلى ضفاف أنهرها – فارغة، ولماذا أُلغيت حجوزات في فنادق دير القمر وبيت الدين؟ يسأل مسؤول أمني: «ماذا ربح التيار الوطني من الإشكال مع وليد جنبلاط، إذا كان جنبلاط قد استعاد دوره عند الدروز، وتعطلت مصالح المسيحيين؟».
في دير القمر لا مجال للقلق. حماية البلدة «منها وفيها». أبناء الدير، لم يتركوها سابقاً، ولن يتركوها اليوم، ولا تعنيهم أي حساسيات. لكن الحادثة تركت ذيولاً اقتصادية، سلسلة الحوادث الساحلية وفي الشوف، أخافت الذين يؤمونها عادة للسهر أو للمهرجانات أو للإقامة في فنادقها. يقول أحد أبنائها: «لولا الخطب السياسية الحامية، لكان صيف الشوف رائعاً». لا يمكن ميدان دير القمر أن يكون أرحب ممّا كان عليه وسط صخب العائدين إليه مراهقين وسياحاً. دوريات الجيش تزيد عامل الاطمئنان، وهواؤها الصيفي يلغي إحساس القلق عند أهلها المنصرفين إلى يومياتهم.
في قصر بيت الدين لم تتوقف المهرجانات، بل كانت أحد أسباب تطبيع الوضع، وإن شاب الحضور بعض القلق. السياح الغربيون جالوا في القصر التاريخي غير عابئين بهموم اللبنانين. وفي بلدة بيت الدين، كرم أهلها ولطافتهم، يبعدان كل تشنج سياسي. وأبناء البلدة يتنقلون من بيروت وإليها من دون أيّ خوف. قد يكون عامل الاطمئنان أيضاً مرده إلى أن المنطقة تحت رعاية مشتركة عسكرية – جنبلاطية على السواء.
تتفاوت النظرة إلى ما حصل، وتختصرها ثلاث عبارات: يقول أحد معارضي التيار الوطني الحر: «لولا جبران باسيل لما حصل ما حصل». ويسأل أحد أبناء بحمدون في المقابل: «هل يحق لأيٍّ كان أن يمنع مسؤولاً ووزيراً من الكلام». ويقول أحد العونيين: «كيف يحق لجنبلاط أن يفعل ما فعله؟»، قبل أن يضيف في المقابل: «نحن عونيون. لكن لا نريد العمل السياسي بهذه الطريقة. فنحن لا نريد أن نترك بيوتنا».
ليس أمراً هيّناً أن يستسهل
الناس ترك
بيوتهم
في الشكل، لا حرب ولا سلاح، والحزب التقدمي سارع إلى احتواء المشكلات، وأوفد ممثلين عنه للتواصل مع المقيمين. أساساً لم تشهد عاليه والشوف أي حوادث تُذكر بين مسيحيين ودروز سابقة لحادثة البساتين. والتوتر الذي وقع بين شبان من منصورية بحمدون وآخرين من بتاتر يوم حادثة البساتين – قبرشمون طُوِّق فوراً، من دون أن يُلغي استمرار بعض المتورطين من فعاليات وسياسيين بتأجيج النار.
الأكيد أن بعض أبناء الشوف وعاليه طرحوا إمكان بيع منازلهم والعودة إلى بيروت. لكن الكلام شيء، والواقع شيء آخر. بقي أنّ أسباب المغادرة لا تتعلق حصراً بما حصل، أو بمسؤولية جنبلاط أو باسيل أو غيرهما، بل لأن المسيحيين ظهروا وكأنهم يتعاملون مع عودتهم، منذ نهاية الحرب الأهلية، على أنها مؤقتة.
بعضهم يعتبر أن ذلك بسبب غياب الدولة فعلياً. لأن ارتباط الخدمات بالولاء للزعامات يعني أن أي زعيم قادر على استخدام مناصريه لأتفه الأسباب. منهم من يتحدث عن غياب المستشفيات والمستوصفات، وعن شبكة طرق تنهكها السيول كل شتاء وتترك من دون صيانة، وعن غياب الخدمات التي تؤمنها الدولة لا الزعامات، وعن الكنيسة الغائبة إلا عن دفع أموال لبناء كنائس ورفع تماثيل في قرى فارغة.
يضاف إلى ذلك أسباب خوف غير مبررة، حتى لدى الذين لم يتعرضوا لأي خطر: هل هي ذكريات، أم تجييش طائفي وسياسي، أم أن الأمن يحتاج دوماً إلى حماية وتطبيع سياسي، كما في كل مرحلة تاريخية حساسة؟ يقول أحد أبناء المنطقة: «لو لم تكن حركة البيع مقيدة، لشهدنا حركة بيع كثيفة.
ما يحمي الوجود المسيحي في الجبل لا يزال وقف حركة البيع». أن يستسهل الناس ترك بيوتهم، ليس شأناً هيّناً، تماماً كما حصل في الجبل سابقاً. والسؤال الأكثر حساسية، ويبقى بلا جواب حقيقي: لماذا يبادر البعض إلى حماية نفسه وأرضه، ويفضّل الآخرون تركها والتخلي عنها بسهولة؟ سؤال يحتاج إلى أجوبة من مسيحيي الجبل أنفسهم، بقواهم السياسية، وكنيستهم، وقبل كل هؤلاء، من الدولة. والإجابة ليست محصورة في العلاقة بين الدروز والمسيحيين، ولا بالمصالحة.
الجبل: خدمات عونية وتراجع حضور القوات
علم مرفوع لتيار المردة وصورة للنائب سليمان فرنجية، لا يعبّران، في الجبل، عن «الواقع المسيحي» الذي يتجاذبه التيار الوطني والقوات اللبنانية. بعد الحرب نمت القوات بقوة. في المقابل، ارتفع حضور التيار الوطني الحر، الذي لم يشارك في الحرب، لكنه تحول بعد انتهائها مناهضاً للحزب التقدمي الاشتراكي. حالياً يسجَّل تراجع في الحضور القواتي الميداني، لا السياسي، في ظل غياب الخدمات. النائب جورج عدوان يكتفي بخطبه في المجلس النيابي وصورته المرفوعة في دير القمر. خدمات وزارة الصحة مع تولي غسان حاصباني بقيت شبه معدومة. الوزير بيار بو عاصي أسهم في احتواء بعض مشكلات لها علاقة بوزارة الشؤون الاجتماعية. ومع حادثة البساتين – قبرشمون لم تحضر القوات ميدانياً كما كان يتوقّع أنصارها وغيرهم، ولا رفعت مستوى تدخلها العلني لتطويق الذيول.
العونيون يستخدمون كل أدوات العهد والحكومة الخدماتية والأمنية، مع تجييرها لمناصريهم أو من تحوّلوا مناصرين لهم. نموذج شوريت كمثيلاتها من البلدات المهملة التي تعيش على وقع محسوبيات، كتركيب أعمدة كهرباء واستبدالها كل سنتين، ومدّ شبكات مياه وهمية وبناء جدران دعم خاصة من المال العام، وترك مطالب أهل القرى الموجودين فيها، ومنهم عجزة، من دون طريق ولا ماء ولا كهرباء. علماً أن نواب التيار يحضرون بقوة في القرى. لكن كل هذه الحركة انتكست في لحظة، لانها لم تصبّ في تعزيز الحضور المسيحي. الدليل، أن أول الذين تركوا بلدتهم يوم الحادثة كانوا مناصري التيار.
8 مليارات ليرة لأشجار بيروت!
على جدول أعمال جلسة المجلس البلدي لبيروت، غداً، بند يتعلق بالتجديد لشركة «هايكون» التي تتولى صيانة الأشجار والشتول في حدائق العاصمة ووسطيات شوارعها. إدراج البند مخالف للقانون، لأن التجديد يأتي بعد انتهاء العقد، فضلاً عن مخالفة الشركة لمعظم بنود دفتر الشروط الذي التزمته العام الماضي مقابل ثمانية مليارات ليرة.
بيروت التي لا يكاد يُرى فيها «عِرق» أخضر، كلّفت صيانة الأشجار والمزروعات في حدائقها ووسطيات شوارعها ثمانية مليارات ليرة العام الماضي (أكثر من خمسة ملايين دولار)، وهو مبلغ كفيل، بحسب الخبراء، بجعل العاصمة حديقة كبيرة في ما لو تم إنفاقه فعلاً على هذا الملف! الأنكى أن على جدول أعمال جلسة المجلس البلدي، غداً، بند للتجديد لشركة «هايكون» سنة إضافية في صيانة الحدائق والوسطيات، رغم إجماع غالبية أعضاء المجلس على سوء أدائها. أما الأسوأ من ذلك كله، فهو أن المجلس البلدي سيناقش هذا البند بشكل مخالف للقانون، إذ إن عقد الشركة انتهى في 14 تموز الجاري، وكان يجب أن يجدّد لها قبل ذلك. أما الآن، فقد بات لزاماً إجراء مناقصة جديدة وفق دفتر شروط جديد.
عقد الشركة انتهى في 14 الجاري
وبات لزاماً إجراء مناقصة
جديدة وفق دفتر
شروط جديد
و«هايكون» (يملكها رجل الأعمال عماد الخطيب) شركة تعنى بالمقاولات، ارتأى المجلس البلدي تسليمها حدائق بيروت وأشجارها ووسطياتها لصيانتها وتأهيلها وريّها! وكان مقرراً أن يجدد عقدها في الجلسة الماضية التي عقدت قبل 14 تموز، إلا أن الاعتراضات التي أبدتها غالبية أعضاء المجلس حالت دون ذلك. وأكد أعضاء بلديون لـ«الأخبار» أن المتعهد «خالف غالبية بنود دفتر الشروط، ولم يقم بأبسط الأعمال، كتشحيل الأشجار والمزروعات، لا بل إن عدم معرفته بهذه الأمور أسهم في قتل بعض الشتول بسبب تشغيله عمالاً لا يعرفون شيئاً عن تقنية الريّ»، علماً بأن ثلاثة من المليارات الثمانية تذهب أجور عمّال، فيما يذهب جزء معتبر من المبلغ أجرة معدات زراعية تؤكد مصادر مواكبة أن كلفة استئجارها تفوق ثمنها في ما لو أرادت البلدية شراءها! الاعتراضات حالت دون التجديد لـ«هايكون» في تلك الجلسة، مع اقتراح التمديد لعملها 3 أشهر بحجة «عدم موت المزروعات». إلا أن الخطيب لم يرض بهذا التمديد، بحسب مصادر في البلدية أكدت انه «يمارس ضغوطاً سياسية للفوز بعقد سنوي جديد». وهو لهذه الغاية «قدّم لائحة وعود جديدة، من بينها شراء معدات كان يفترض أن يشتريها العام الماضي، والتعاقد مع شركة ذائعة الصيت تعنى بالورود والشتول مقابل مليون و700 ألف دولار سنوياً». المصادر لفتت الى أنه، «فضلاً عن أن الاقتراح بالتعاقد، من الباطن، مع شركة متخصصة يعني اعترافاً من الخطيب بفشل شركته في عملها، فإن الأهم هو أنه ليس مفهوماً لماذا على البلدية تلزيمه هذا الملف طالما أنها قادرة على التعاقد مع هذه الشركة مباشرة ومن دون وسيط».
المصادر أشارت الى ان «هايكون» التي وظّفت 150 ناطوراً على الحدائق والمساحات الخضراء، تضغط من خلال هؤلاء لتجديد عقدها عبر تحميل البلدية مسؤولية «قطع أرزاق 150 عائلة». لكنها شدّدت على أن بند تجديد العقد «لن يمر في الجلسة على الأرجح، بسبب المعارضة الكبيرة التي يواجهها»، فيما أكّد «رئيس لجنة الحدائق العامة في البلدية غابي فرنيني لـ«الأخبار» أن «المهل القانونية لتجديد العقد انتهت، وبات لزاماً إعداد دفتر شروط جديد يفضل أن يكون فاصلاً بين الصيانة والزرع، إذ لا يمكن لمتعهد أن يعمل في اختصاص زراعي أو في تطوير الحدائق وتشحيلها من دون أن تكون لديه خبرة في هذا الشأن».
* نموذج عن تلزيم صيانة المزروعات في الوسطيات والحدائق وتنظيفها وتشحيلها في بلدية بيروت لعام 2017.
«هايكون» محظية لدى مجلس الإنماء والإعمار
رئيس مجلس إدارة «هايكون» عماد الخطيب رشّحه تيار المستقبل في الانتخابات النيابية الأخيرة في قضاء مرجعيون – حاصبيا، هو أحد رجال الأعمال البارزين في التيار الأزرق في السنوات العشر الأخيرة، وتلتزم شركته تعهدات في لبنان والامارات ومصر والعراق. بعد خسارته في الانتخابات، طرح اسمه كمرشح لتولي إحدى وزارات المستقبل، قبل أن يسحب من التداول. وتعدّ «هايكون» بين الشركات العشر الأولى التي تفوز دورياً بعقود أشغال كبيرة في مشاريع مجلس الإنماء والاعمار، علماً بأنها التزمت أعمال مبنى وزارة الصحة العامة في بئر حسن الذي فاقت كلفته أربعة أضعاف تقديرات الخبراء، ومبنى وزارة التربية في الاونيسكو، وأشرف على بناء مقر رئيس مجلس النواب في عين التينة.
* اللواء
أسبوع الإنتظام الحكومي: الحريري صاحب الحق بدعوة مجلس الوزراء
أرسلان يُصعِّد ضد الإحالة إلى المحكمة العسكرية… وجنبلاط للهدوء والإحتكام إلى الحوار
بين «استراحة الموازنة» وانصراف المحاربين على جبهتها، سواء لجهة تأييدها أو الامتناع عن تبنيها، إلى التباهي بانجازاتهم، والعودة إلى الانتظام الحكومي، بدت نهاية الأسبوع هادئة، ما خلا الحراك الفلسطيني، على خلفية قرار وزير العمل كميل أبو سليمان، رفضاً له، ومطالبة بإبقاء الوضع على ما هو عليه.. والتطلع إلى الخطوة اللاحقة، المتعلقة بمعالجة جدية وجذرية لحوادث قبرشمون تسمح الاتفاق على الإطار القضائي، لتسوية الوضع عبر تسليم المطلوبين كافة من الجانبين (الحزب الاشتراكي والحزب الديمقراطي)، والانتقال التالي، إلى معالجة تسمح بالمصالحة، تمهيداً لتحديد موعد لمجلس الوزراء.
فبعد معلومات شاعت عن إحالة الملف إلى المحكمة العسكرية بالكامل، ورفض النائب طلال أرسلان لهذا المنحى، غرَّد النائب السابق وليد جنبلاط بالدعوة إلى الهدوء «وكل شيء يعالج بالحوار»، وذلك على سبل النصيحة.
وخشية من انتكاسة الجهود، استأنف المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم مساعيه، لتسليم سائر المطلوبين، تمهيداً للانتقال إلى المرحلة الثانية، وهي إمَّا فصل جلسات مجلس الوزراء عن ملف قبرشمون القضائي والسياسي، وإمَّا إيجاد مشروع تسوية، والانتقال من محطة إلى أخرى، والأساس استئناف جلسات مجلس الوزراء بعد الانتهاء من موازنة العام الجاري، والتي حظيت بتنويه من البنك الدولي، في وقت يعلن فيه اليوم وزير المال علي حسن خليل أرقام الموازنة تفصيلاً.
ما بعد الموازنة
ومع انتهاء «قطوع» الموازنة في ساحة النجمة، واقرارها بأغلبية نيابية، على الرغم من كل ما شاب المشروع من نواقص، وما تعرض له من انتقادات قد تترجم لاحقاً بالطعن به امام المجلس الدستوري، بداعي عدم إقرار قطوعات حسابات موازنات السنوات الماضية، تتطلع الأنظار، بدءاً من اليوم، إلى تزخيم عمل الحكومة، والاستفادة من الفرص الكثيرة التي يتيحها صدور الموازنة، لتمكين البلد من استعادة عافيته، بدءاً من «تقريش» مشاريع مؤتمر «سيدر»، خصوصاً وان التصديق على الموازنة حظي بترحيب من البنك الدولي، التي اعتبرها مديره الإقليمي ساروج كومار جاه «خطوة أولى جيدة».
وفيما يفترض ان يعلن اليوم وزير المالية علي حسن خليل الأرقام النهائية للموازنة، ونسبة العجز النهائية، نتيجة التخفيضات المالية المعبّرة في العجز والانفاق، على حدّ تعبير ساروج كومار، ويكون هذا الإعلان بمثابة طي صفحة الموازنة، والبدء بإعادة تفعيل محركات العمل الحكومي، وإخراج الحكومة من حالة الشلل التي اصابتها نتيجة تداعيات حوادث الجبل، وتصلب مواقف الفريقين المعنيين بها، حيال المعالجات المطروحة لإنهاء ذيولها، فإن المساعي القائمة من أجل تجاوز هذه الحوادث، امنياً وسياسياً وقضائياً، لم تتوقف حتى في خضم النقاشات النيابية، لإقرار الموازنة، بهدف التمهيد لعقد جلسة لمجلس الوزراء، كان الرئيس سعد الحريري توقع عقدها هذا الأسبوع، وبدا واثقاً من ذلك، مع العلم ان إعادة جمع شمل الحكومة يتطلب واحدة من اثنتين: اما احداث خرق في جدار الأزمة الناشئة عن حادثة قبرشمون، بتنازل أحد الفريقين عن مطلب إحالة الحادثة إلى المجلس العدلي، أو موافقة الطرف الآخر على هذا الطلب، أو نجاح الفصل بين الحادثة وجلسات مجلس الوزراء، وكلا الأمرين يحتاج إلى جهود مضنية، لا يبدو لها من بصيص في نهاية النفق.
شروط وشروط مضادة
ويبدو، بحسب معلومات مصادر رسمية مواكبة للاتصالات ان الجهد المبذول لا يزال يصطدم بشروط وشروط مضادة، حيث أكّد وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب لـ«اللواء» ان الحزب الديموقراطي يُرحّب بمسعي المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لمعالجة ذيول جريمة قبرشمون، وهو لم يرفضها ويلتزم بالآلية التي وضعها للحل، لكننا نؤكد ان لا مطلوبين من قبلنا، لأننا نحن الضحية، ولدينا شهود جاهزين للإدلاء بشهادتهم امام المجلس العدلي، ونحن غير مستعدين لمناقشة أي اقتراح خارج هذه الإحالة، وقبل تسليم المطلوبين الأساسيين من الطرف الآخر لا مجال للبحث.
اما رئيس الحزب الديموقراطي النائب طلال أرسلان فقد جدد دعوته إلى رئيس الحكومة إلى تحمل مسؤولياته كرئيس لوزراء لبنان، والا فإنه سيتهم بأنه شريك بتغطية ما حصل، مشدداً على الذهاب إلى مجلس الوزراء والتصويت على إحالة القضية على المجلس العدلي «احتراماً لدم الشهداء واحتراماً لمجلس الوزراء كمؤسسة».
وفي المقابل، لا يزال الحزب التقدمي الاشتراكي يُصر على تسليم المطلوبين من الحزب الديموقراطي قبل تسليم باقي المطلوبين لديه، وهو وافق على تسليم الجميع إلى القضاء العسكري، بينما رفض الحزب الديموقراطي، وتمسك باحالة القضية للمجلس العدلي.
وغرد رئيس الحزب الاشتراكي عبر حسابه الخاص على موقع «تويتر» متسائلاً: «متى السلطة ستحسم وتستلم باقي المطلوبين في حادثة البساتين؟».
ومساء، وجه جنبلاط نصيحة إلى الجميع، داعياً إلى ان يكون الهدوء سيّد الموقف، وان كل شيء يعالج بالحوار، بالتزامن مع انتشار «هاشتاغ» على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان: «معك سنرفع التحدي» شارك فيه عدد من نواب الحزب وقياديه، تأييداً لجنبلاط، الذي كان أكّد في الاحتفال السنوي لخريجي مؤسسة العرفان التوحيدية، ان «الثروات مهما علت لن ترد الاكفان عنا، ادفنوا امواتكم وانهضوا»، مشدداً على ان «مسيرة الصمود والوجود والوحدة والمعرفة والعقل والانفتاح والحوار والعروبة وفلسطين وفخر الدين وكمال جنبلاط باقية بقاء الدم في عروقنا وبقاء الروح في نفوسنا».
بالمقابل، أعربت أوساط مقربة من الرئيس الحريري عن اسفها لموقف أرسلان، ووصفت الاسلوب الذي توجه به أرسلان إلى الرئيس الحريري بأنه غير بريء، ويخالف الجهود التي يبذلها رئيس الحكومة لمعالجة ذيول أحداث قبرشمون، داعية اياه إلى التعاون مع الجهات المختصة أمنياً وقضائياً بدل العزف على أوتار التصعيد السياسي.
وكانت قوى الأمن الداخلي أنهت التحقيقات في حادثة قبرشمون واحالت الملف إلى مدعي عام التمييز بالانابة القاضي عماد قبلان.
مجلس الوزراء
واستناداً لهذه الشروط والشروط المضادة، فقد استبعدت مصادر مطلعة ان يدعو الرئيس الحريري إلى جلسة لمجلس الوزراء في هذه الأجواء المحمومة، وقبل ضمان فصل المسألتين عن بعضهما، بحيث تكون جلسة مجلس الوزراء ببنود عادية بانتظار استكمال التحقيقات الأمنية، علما ان مسعى الوزير سليم جريصاتي تركز خلال الأسبوع الماضي على محاولة تقديم تطمينات للطرفين، بحيث يطرح موضوع الإحالة على التصويت، فإذا سقط الاقتراح تذهب التحقيقات إلى القضاء العسكري، وإذا فاز فريق يلتزم الآخر بالقرار، لكن يبدو ان لا الرئيس الحريري ولا جنبلاط مستعدان لخوض هذه التجربة، خاصة إذا أدت إلى انقسام الحكومة وبالتالي استمرار تعطيلها، وعلى هذا تستبعد المصادر التوافق على عقد مجلس الوزراء في فترة قريبة.
الا ان معلومات صحافية، أفادت ان اليوم الاثنين سيكون حاسماً لجهة تحديد اتجاه مسار الأمور.
مساعي اللواء إبراهيم
وكانت معلومات ترددت مساء السبت بأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، طلب من اللواء إبراهيم تفعيل وساطته لمعالجة ذيول وتداعيات حادثة قبرشمون، حيث أفيد انه زار مساء أمس الرئيس الحريري في «بيت الوسط» بعد ان عقد لقاء مع النائب والوزير السابق غازي العريضي عند الرئيس نبيه برّي، على أن يلتقي لاحقاً النائب أرسلان.
وذكرت المعلومات ان اللواء إبراهيم يعمل على بلورة حل لقضية حادثة الجبل، ونقلت قناة «المنار» الناطقة بلسان «حزب الله» من مصادر أمنية قولها ان ما يسرب إلى وسائل الإعلام عن الحل الذي يعمل عليه المدير العام للأمن العام غير دقيق، وان اقتراح اللواء إبراهيم ما يزال قيد الدرس مع المعنيين.
وافادت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» ان اللواء إبراهيم لا يزال يتحرك في موضوع معالجة تداعيات حادثة قبر شمون ولم يقطع الأمل وانما ما من تقدم عملاني قد سجل، مشيرة الى ان هناك اتجاها لأن تكون لوزير شؤون النازحين صالح الغريب اطلالة من خلال اما مؤتمر صحافي او خطاب على اعتبارها تعويضا بسبب عدم حصول شيء ويعقب ذلك استئناف مجلس الوزراء لاجتماعاته.
وقالت ان اللواء ابراهيم يواصل اجتماعاته، والكلام عن خيار اللجوء الى المحكمة العسكرية في موضوع الحادثة ليس دقيقا، لأن ارسلان لا يزال مصرا على المجلس العدلي وغير مقتنع بالمحكمة العسكرية.
ولكن، وبحسب ما سرب من معلومات فإن اقتراح الحل، والذي ساهم في صياغته الوزير جريصاتي، ووافق عليه «حزب الله» يقضي بتسليم «الاشتراكي» والديموقراطي اللبناني المطلوبين في حادثة قبرشمون للتحقيق، على ان يحال الملف على المحكمة العسكرية وليس على المجلس العدلي، وان هذا الاقتراح أبلغ إلى أرسلان فرفضه بشدة، باعتبار انه يحرجه امام جمهوره في الجبل، وبالتالي طلب ان يتم التصويت في مجلس الوزراء على اقتراح المجلس العدلي، ولينجح من ينجح، مؤكدا انه لا تراجع ولا مساومة على المجلس العدلي.
* الجمهورية
الحكومة مأزومة.. والبنك الدولي يرحّب بالموازنة والعين على الـ2020
بعدما طُويت صفحة الموازنة بكلّ الصخب الذي رافقها على كل المستويات، إنتقل البلد تلقائياً الى الصفحة الحكومية، ولكن من دون التمكن من فتحها ايجاباً حتى الآن، بالنظر الى حجم التعقيدات السياسية والأمنية التي ما زالت تأسر الحكومة وتمنعها من الانعقاد. وحيال هذا الامر لم تحمل نهاية الأسبوع أيّ تطوّر إيجابي على هذا الصعيد، وتحديداً حيال ما باتت تعرف بـ»أزمة قبرشمون»، يؤشّر الى سلوك الامور نحو باب الانفراج.
سياسياً، الأزمة الحكومية تراوح في مربّع السلبية، الّا انّ اوساط رئيس الحكومة سعد الحريري قالت لـ”الجمهورية”: ما زلنا نأمل في انعقاد مجلس الوزراء هذا الاسبوع”.
وتحدثت مصادر بيت الوسط لـ”الجمهورية” عن اتصالات حثيثة ستشهدها الساعات المقبلة، الّا انها لم تَشأ الدخول في التفاصيل، مشيرة الى انّ خطوط التواصل مفتوحة في كل الإتجاهات.
أجواء غير مشجعة
على أنّ هذا الأمل المتجدد من قبل الحريري ما زال يتواكب مع اجواء غير مشجعة، بالتوازي مع سؤال مطروح في مستويات سياسية مختلفة ليس فقط حول سرّ التعطيل غير المبرر لجلسات مجلس الوزراء، بل عمّن يعطل الحكومة، ومن هي الجهة التي تدفع من الخلف الى هذا التعطيل، وما هو الهدف المتوخّى من هذا التعطيل؟
الساعات الماضية شهدت حراكاً مكثفاً، لنزع فتيل التصعيد والتعطيل الّا انّ المعنيين بهذا الحراك لا يوحون بتقدّم، فعقدة المجلس العدلي لم تخرج بعد من دائرة التصعيد المتبادل بين الحزب التقدمي الاشتراكي ومن معه، لجهة رفض إحالة حادثة قبرشمون الى المجلس العدلي، مع القبول بالاحالة الى المحكمة العسكرية، وبين الحزب الديموقراطي اللبناني ومن هم خلفه، لجهة الإصرار على الموافقة على مبدأ الاحالة قبل الحديث في اي أمر آخر.
فصل.. لم يتم
وفيما أكدت معلومات موثوقة لـ”الجمهورية” انّ هناك فكرة طرحت كمخرج لهذه الازمة، يقوم على الفصل بين حادثة قبرشمون وبين الوضع الحكومي، لاستئناف جلسات مجلس الوزراء، الّا انّ المعنيين بحركة الاتصالات كشفوا لـ”الجمهورية” انّ هناك صعوبة شديدة تحول دون تحقيق هذا الهدف حتى الآن، لكنّ الأمور ليست مقفلة، وبالتالي في الامكان التوصّل الى شيء ما خلال هذا الاسبوع، وهذا رهن بنتائج الاتصالات والجهود التي سيتابعها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم مع أطراف الازمة.
حراك
وعلمت “الجمهورية” انّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري تابع اتصالاته بعيداً عن الاعلام في الساعات الماضية. وهو عقد لقاء امس، في مقر رئاسة مجلس النواب في عين التينة مع اللواء ابراهيم، الذي عاد وزار رئيس الحكومة سعد الحريري في بيت الوسط مساء امس.
وكذلك التقى بري الوزير السابق غازي العريضي، وأجواء هذين اللقاءين عكست إصراراً من قبل رئيس المجلس على إنهاء هذه الازمة، وعودة البلد الى التقاط انفاسه الحكومية، إذ لا يجوز ابداً ان تبقى الحكومة في وضع التعطيل، الذي ينعكس ضرراً بالغاً إن على مستوى الاستقرار السياسي والحكومي المطلوب، او على مستوى مصالح الناس، علماً انّ الملفات تتراكم امام الحكومة، ومرحلة ما بعد إقرار الموازنة تتطلّب مواكبة حكومية لكل التفاصيل والاولويات المتعلقة بها، وعلى وجه الخصوص متابعة موضوع “سيدر” وما ينتظر منه.
ابراهيم
وبحسب المعلومات، فإنّ حركة اللواء ابراهيم امس، تمحورت حول مراجعة آخر المخارج المقترحة بشأن تسليم المتورطين في حادثة قبرشمون من طرفي الإشكال والأهالي الذين شاركوا في اطلاق النار. وذلك من اجل استكمال التحقيقات الجارية في هذا الملف واحالته في المرحلة الأولى الى المحكمة العسكرية التي ستقرر مدى اختصاصها، او احالته الى القضاء العادي، او ربما الى المجلس العدلي إذا ثبت توفر المقومات التي يمكن ان تقوده في هذا الإتجاه.
وعلمت “الجمهورية” انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اتصل باللواء إبراهيم السبت الماضي، وسأله عن نتائج مساعيه فأبلغه بأنه ما يزال ينتظر أجوبة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والنائب طلال ارسلان، للتفاهم على خطة تسليم المطلوبين من الحزب الديمقراطي اللبناني وما تبقّى من المطلوبين الإشتراكيين لتنطلق التحقيقات القضائية.
وفي المعلومات انّ اللواء ابراهيم سيواصل اتصالاته في الساعات المقبلة بدفع من رئيس الجمهورية الذي يراهن على اتصالاته لتوفير مخرج لحادثة قبرشمون يفتح الطريق أمام استئناف جلسات الحكومة.
ترحيب… وطعن كتائبي
من جهة ثانية، كان اللافت للانتباه غداة إقرار المجلس النيابي لموازنة العام 2019، جرعة الدعم التي تلقاها لبنان من قبل البنك الدولي. في وقت علمت “الجمهورية” انّ حزب الكتائب شرع في درس تقديم طعن بالموازنة الى المجلس الدستوري.
وبحسب مصادر كتائبية مسؤولة لـ”الجمهورية” فإنّ “الفريق القانوني مُنكبّ على دراسة كل التفاصيل المتعلقة بالشكل والمضمون، وسيعرض هذا الفريق خلال اليومين المقبلين تقريراً مفصّلاً بالخلاصات القانونية التي يتوصّل اليها، على أن يتخذ القرار المناسب في ضوء هذا التقرير. مشيرة الى انّ الموقف السياسي المبدئي يختلف في معطياته ومتطلباته عن الخطوات القانونية والدستورية، والكتائب عرفت بأنها تدرس ملفاتها جيداً، والتجارب أثبتت انها ربحت كل الطعون التي تقدمت بها.
وحددت المصادر خريطة الطريق الى هذا الامر عبر:
١ – التقرير القانوني
٢- القرار السياسي
٣ – وضع مسودة المراجعة في حال تقرر الطعن
٤ – المشاورات مع الكتل النيابية والنواب لتوقيع مراجعة الطعن الى المجلس الدستوري.
كومار
ولقد جاءت جرعة الدعم والترحيب على لسان المدير الاقليمي للبنان والشرق الأوسط في البنك الدولي ساروج كومار، الذي وصف الموازنة التي أقرّت في المجلس النيابي بأنها “خطوة أولى جيدة”. وقال انها موازنة “تهدف الى تحقيق تخفيضات مالية معبّرة في العجز والانفاق”.
ولفت كومار الى الناحية الايجابية في المناقشات التي دارت حول الموازنة، سواء في الحكومة او المجلس النيابي، او بين المؤسستين، معتبراً هذه “المناقشات الواسعة الفريدة من نوعها في المنطقة، مرحّب بها”.
بري
وأعرب الرئيس بري عن ارتياحه لإقرار الموازنة بالشكل الذي تم في الهيئة العامة للمجلس النيابي، وكذلك لترحيب المؤسسات المالية فيها. وقال لـ”الجمهورية”: بالتأكيد لا نستطيع ان نقول هذه الموازنة التي أقرّت هي ما نطلبه لحل الازمة، ولكن نسبة الى الوضع القائم هي الافضل.
أضاف بري: نستطيع ان نقول انها وضعت قواعد حقيقية للاصلاح يُبنى عليها، وموازنة العام 2020 التي يفترض ان تصلنا قبل أول تشرين الاول المقبل، يفترض ان تكون متقدمة عن هذه الموازنة، ومع هذا التقدم نستطيع ان نقول انّ البلد “قَلّع” عن جديد.
كنعان
وسألت “الجمهورية” رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان حول موقف البنك الدولي، فقال: انه موقف يؤكد تلقّف المجتمع الدولي الرسالة التي أردنا إيصالها خاصة من خلال ما قمنا به في المجلس النيابي بأننا جادون بالبدء بإصلاح بنيوي وحقيقي، وبإجراء رقابة متشددة وشفافة تهدف الى حَث ومساعدة الحكومة الايفاء بالتزاماتها أكان ذلك على مستوى الاصلاح المطلوب أو على مستوى ضبط العجز.
أضاف: لكن على الحكومة اليوم أن تبدأ فوراً ومن دون إبطاء بتنفيذ ما أقرّ في هذه الموازنة والتقيّد بها كما التحضير، ليس لموازنة ٢٠٢٠ فحسب، إنما لرؤية اقتصادية متكاملة تهدف الى مراكمة الايجابيات كي تترجمها موازنة ٢٠٢٠ زيادة في النمو وتقليصاً للعجز لتصبح “الخطوة الصحيحة الاولى” التي تكلّم عنها مسؤول البنك الدولي ساروج كومار، خطوات تعزّز الثقة بلبنان وتنعكس ايجاباً على خدمة الدين ومؤسسات التصنيف الدولية.
تصويت لأول مرة
اللافت للانتباه كان تصويت “حزب الله” مع الموازنة للمرة الاولى منذ العام 1992، وعلمت “الجمهورية” انّ تصويت كتلة الوفاء للمقاومة مع الموازنة حسم ليل الخميس الماضي خلال اتصالات اعقبت انتهاء الخطابات النيابية وسبقت شروع الهيئة العامة للمجلس بدراسة الموازنة بنداً بنداً، وذلك بعدما تمت الاستجابة الى ثلاثة امور طالب بها الحزب:
الأول، عدم طرح ضريبة الـ2 في المئة على كل المستوردات كما وردت من الحكومة، بحيث تم عرض بديل بأن ترفع الى 3 في المئة على ان تعفى المواد المعفاة أصلاً من الـ”TVA”.
الثاني، إستثناء الجامعة اللبنانية من منع التوظيف (الاساتذة).
الثالث، رفض الضريبة على حجم قيمة الاعمال لكل من تتخطّى قيمة اعماله 50 مليون ليرة، كما اوردتها الحكومة. باعتبارها تطال كل فئات الشعب اللبناني.
النائب فضل الله
وقال عضو الكتلة النائب حسن فضل الله لـ”الجمهورية”: نقاش الموازنة هذه المرة كان فاعلاً ومؤثراً في إدخال تعديلات اساسية عليها، والمجلس النيابي مارس دوره الطبيعي.
أضاف: صحيح انّ الموازنة لا تلبّي طموحاتنا وفيها بعض المشاكل، لكنها في المرحلة الحالية تشكّل خطوة الى الامام، بكونها تتضمن نفساً إصلاحياً يحتاج الى استكمال في موازنة 2020.
ولفت فضل الله الى “اننا وضعنا مجموعة من الاهداف، إستطعنا ان نحقق الكثير منها، وسنسعى في الموازنة المقبلة الى ان نحقق البقية. أسهمنا بشكل كبير في حماية الفئات الشعبية الفقيرة، وذوي الدخل المحدود، والحد من الانفاق غير المجدي، ووضع بعض البنود التي تحاصر بؤر الفساد التي تتسلّل عادة من بعض البنود، وحققنا بعض المطالب للجامعة اللبنانية. وهو ما دفعنا الى الموافقة على الموازنة، كرسالة ايجابية من “حزب الله” تؤكد من جديد حرصنا على معالجة الازمة الاتقتصادية أولاً، وعلى الاستقرار السياسي بالدرجة الاولى.
الان عون
وقال عضو تكتل “لبنان القوي” النائب الان عون لـ”الجمهورية”: “الأولوية الوحيدة في هذه المرحلة هي للاقتصاد”.
وأكد ضرورة “البدء بتنفيذ الرؤية الاقتصادية، أوّلاً عبر إطلاق المشاريع الاستثمارية، والتي وُعدنا بتمويلها من خلال مؤتمر “سيدر”. وثانياً، عبر وضع خطّة “ماكنزي” وأفكارها قيد التنفيذ”.
أمّا عن الحكومة، فقال: “الوقت حان لحلّ هذه المشكلة”، كاشفاً عن “تكثيف الاتصالات، وتسارع الخطوات لحسم هذه الجدلية” مؤكداً ضرورة “فك أسر الحكومة في مهلة أقصاها هذا الأسبوع”.
واكيم
وقال عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب عماد واكيم لـ”الجمهورية”: “الأولوية اليوم هي لانعقاد مجلس الوزراء، وذلك في حال كان هدفنا إنقاذ البلاد”.
وطالبَ “النائب طلال ارسلان، المُعرقِل الرئيسي والمدعوم من رئيس التيار الوطني الحرّ الوزير جبران باسيل ومن “حزب الله”، بالتعقّل والاحتكام الى الحلّ المطروح، وهو استكمال التحقيق الذي على أساسه يقرر ما اذا كان هناك ضرورة للاحتكام الى المجلس العدلي أم لا”.
ورأى أنّ “الأولوية اليوم هي للانكباب على بناء موازنة 2020 آخذين في الاعتبار الاصلاحات الجذرية، مع التشديد على ضبط موازنة 2019 مع ما تحمله من أرقام غير دقيقة”. وقال: “الأرقام لا تقارب الواقع، فمن حيث الايرادات هي مضخمة، ومن حيث النفقات مخفّضة، وفي حال ارتفعت نسبة الصرف من 5 الى 10 في المئة كزيادة على الأرقام المطروحة، سنصل الى عجز من الناتج المحلي يناهز 12.7، ونكون أمام كارثة”.
* البناء
واشنطن لتفاوض بلا شروط مع إيران… وطهران لرفع العقوبات أولاً… ولندن لمقايضة الناقلات
بعد الموازنة… الحكومة عند «كوع قبرشمون»… وتساؤلات عن المشاركة القواتية
رئيس «القومي»: سنواجه صفقة القرن… ونعم لقانون انتخاب لاطائفي كمدخل لبناء الدولة
كتب المحرّر السياسي
تواصل إيران تسجيل النقاط في المواجهة المفتوحة حول ملفها النووي، بعدما أكدت واشنطن ولندن اللتان تتصدران المواجهة معها حول الملاحة البحرية في الخليج، أنهما لا تريدان المواجهة العسكرية وتسعيان للحلول السياسية، فكان الجواب الإيراني على طلب أميركي للتفاوض بلا شروط مسبقة، ان رفع العقوبات التي تشكل حرباً مالية واقتصادية، هو المدخل لأي تفاوض بلا شروط لأن التفاوض تحت سيف العقوبات هو رضوخ للشروط غير القانونية التي فرضتها واشنطن. وهذا لن تفعله إيران. أما لندن التي وسطت سلطنة عمان للقيام بوساطة لمقايضة الناقلة الإيرانية المحتجزة في مضيق جبل طارق بالناقلة البريطانية المحتجزة في هرمز، فقد بقيت على تأكيد تمسكها بالاتفاق النووي وسعيها لحمايته بإجراءات اوروبية كما نقل الوسطاء إلى طهران وأكد وزير الخارجية البريطانية في محادثته مع وزير الخارجية الإيرانية وفقاً لما قالته مصادر متابعة، رغم الكلام الذي يوجهه بعض المسؤولين البريطانيين للاستهلاك الإعلامي بلغة العنتريات.
لبنانياً، مع نهاية مناقشات الموازنة وما تضمنته من تفاهمات سمحت لها بالتحول إلى تسوية مالية مؤقتة بانتظار ما ستحمله مناقشات موازنة العام 2020 في الخريف المقبل، ينتظر الحكومة شهران من الفرصة للتوافقات بين مكوناتها الرئيسية يتوقع ان تنفقها لحسم ملف التعيينات، إن نجحت بتجاوز عقدتي ما بات يعرف بـ»كوع قبرشمون» حيث تتوقف الحافلة الحكومية، أو معارضة القوات اللبنانية من داخل الحكومة ترجمته بالتصويت ضد الموازنة في تسجيل لسابقة تريد من خلالها الاحتفاظ بعائدات المشاركة وقطف أضواء المعارضة، وهو ما قالت أوساط مقرّبة من رئيسي الجمهورية والحكومة أنه أمر لن يمر بلا توقف عنده وفتح الخيارات أمام القوات بين مشاركة لها تبعات وموجبات، أو معارضة لها تبعات، واستحالة الجمع بينهما.
بالأولوية يتقدّم ملف كوع قبرشمون على ملف معارضة القوات، حيث لا تزال الحكومة عالقة عند «الكوع» عاجزة عن التقدم، والوساطات المستمرة ومثلها المساعي الأمنية التي يقودها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لا تزال تصطدم بالمواقف المتباعدة لطرفي القضية، والاصطفاف السياسي المتوازن خلفهما. فالنائب طلال إرسلان مقتنع بأن طرح قضية إحالة حادثة قبرشمون على المجلس العدلي على التصويت في أول اجتماع للحكومة ممكن ويشكل مخرجاً من تأجيل عقد الحكومة بحثاً عن التوافق. وتقول مصادر متابعة أن رهان إرسلان هو على استحالة أن يسير التصويت وفقاً لما يتم تسريبه بتوازن التعادل، فلا رئيس مجلس النواب نبيه بري يمكن أن يذهب للتصويت ضد المجلس العدلي ويبدو منحازاً خصوصاً في ظل تصويت حزب الله مع المجلس العدلي وعدم وجود سابقة تصويت أحد طرفي الثنائي ضد الآخر. ولا رئيس الحكومة يمكن أن يصوت فيما رئيس الجمهورية صاحب الاقتراح ولا يحق له التصويت، ولا وجود لسابقة تصويت لرئيس الحكومة بهذا الشكل التصادمي مع رئيس الجمهورية. وبالتالي فإن التأجيل بذاته هو العرقلة ولذلك خاطب إرسلان رئيس الحكومة سعد الحريري داعياً للدعوة إلى جلسة للحكومة وإعلان استعداده لقبول النتائج، ولو كانت ضده فعندها يكون قد قام بواجبه وتحمل الجميع مسؤولياتهم تجاه ما جرى، والحادثة تمسّ حياة وزير، والموقف يشكل سابقة، أما حسابات النائب السابق وليد جنبلاط وفقاً للمصادر ذاتها فتركز على اعتبار القبول بالدعوة لتسليم المطلوبين للتحقيق، والسير بالذهاب إلى المحكمة العسكرية، جعلها تتقدم بنقطتين على إرسلان، خصوصاً ان فرضية المحكمة العسكرية كانت تحتمل ضمناً إمكانية الذهاب لاحقاً للمجلس العدلي وأنها جاءت من فريق رئيس الجمهورية.
على صعيد موقع لبنان من قضايا المنطقة كانت لرئيس الحزب السوري القومي الإجتماعي فارس سعد بكلمة في مخيم حزبي في كفرمشكي راشيا، أكد خلالها على خطورة استعمال المراكز الحكومية لتطبيق السياسات الحزبية كما حدث في قرارات وزير العمل الخاصة بالفلسطينيين، معلناً أن فلسطين تبقى البوصلة بالنسبة للقوميين ، وأن مواجهة صفقة القرن امتداد للمواجهة مع الإرهاب الذي استهدف سورية، وللاحتلال الذي تحرر منه لبنان بفعل المقاومة، ودعا لقانون انتخاب لاطائفي للبنان دائرة واحدة على اساس نسبي كمدخل لبناء الدولة.
طالب رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي فارس سعد الحكومة بأن تتحمل مسؤولياتها، داعياً إلى أن يتوقف بعض الوزراء عن اتخاذا القرارات وفقاً لتوجهاتهم السياسية: على غرار قرار وزير العمل وتداعياته. وشدد على أن الحكومة مطالبة بالتواصل مع الحكومة السورية حول العديد من الملفات وفي مقدمها ملف النزوح، لا أن تبقى الحكومة تدور في فلك الدول التي تعرقل عودة النازحين.
وقال في كلمة ألقاها خلال رعايته حفل تخريج مخيم مفوضي الأشبال المركزي في محيط بلدة كفرمشكي ـ راشيا، انه بالأمس تمّ إقرار الموازنة في المجلس النيابي، ولكن مطالب الناس لم تتحقق، ووجعهم لم يتوقف، لأن هذا الوجع نتاج الأزمات المعيشية والاقتصادية والاجتماعية وهذه الأزمات ستتفاقم، نتيجة غياب السياسات الاقتصادية التي تنقل لبنان من الاقتصادي الريعي إلى اقتصاد الإنتاج والمعرفة.
وتابع: إننا نعول فقط على وقف المسار الانحداري عند هذا الحد، ونهيب بالجميع لكي يتحملوا مسؤولياتهم، وبأن يكون العنوان الرئيس، هو سن قانون جديد للانتخابات النيابية على اساس لبنان دائرة واحدة واعتماد النسبية الكاملة وخارج القيد الطائفي، وبهذا نؤسس لبلد المواطنة والدولة القوية القادرة والعادلة.
وختم سعد: إن دورتكم اليوم، تحمل اسم فلسطين، لذلك أؤكد لكم أن فلسطين ستبقى هي بوصلة صراعنا القومي، وكما واجهنا العدو الصهيوني على أرض فلسطين ولبنان، وكما واجهنا الإرهاب والتطرف على أرض الشام، سنواجه «صفقة القرن» التي تستهدف تصفية المسألة الفلسطينية، وستكون الأولوية بالنسبة لنا، دعوة الشعوب العربية وكل أحرار العالم إلى التحرك نصرة لفلسطين، ونحن واثقون بأن نبض الشعوب العربية مع فلسطين.
الى ذلك وبعد ما أقرّت الموازنة يوم الجمعة، فإن المسار الدستوري يتمثل بتوقيع رئيس الجمهورية مرسوم إقرارها ليتمّ نشرها بعد ذلك في الجريدة الرسمية وتأخذ مجراها التنفيذي، بيد أن هذه الخطوة الرئاسية ستعقبها خطوات عسكرية تصعيدية جديدة لكن وفق الأطر الدستورية حيث يتجه العسكريون المتقاعدون الى تقديم طعن بالبنود الذي تستهدف مخصصاتهم، والعمل جار على جمع عشرة نواب للتوقيع، ولفتت مصادر معنية لـ«البناء» الى ان على مجلس الوزراء ان يجتمع في اسرع وقت من اجل تعيين الأعضاء الخمسة المتبقين في المجلس الدستوري بعد أن انتخب مجلس النواب الاعضاء الخمسة المعني بانتخابهم.
وشدّد وزير المالية علي حسن خليل على «أن ما جرى بموضوع الموازنة مهم كثيراً في سياق الانتظام الضروري للدولة، والأهم منه هو كيف نتمكن وبسرعة أن نحضر موازنة للعام المقبل وعندها يتعاطى العالم معنا بطريقة جدية اكثر، فالدول والمؤسسات المانحة تصبح تتعاطى معنا بنظرة مختلفة وهذا مهم. واليوم اذا حصلنا على ثقة اكبر من المجتمع الدولي ودخلنا حقيقة في عمل اصلاحي نستطيع أن نعمل فرقاً كبيراً بحياة الناس وبمستقبل البلد». وتابع: إن الالتزام الدولي بلبنان ما زال قائماً، فليس من السهل اليوم بمستوى تصنيفنا، ان نجد جهات خارجية عندها التوجه والنية للتمويل، لتمويل مشروعات. وهذا الامر يفرض علينا ان نشعر اكثر بالمسؤولية، وأن ننجز قضايانا باقل كلفة ممكنة على البلد واستقراره بالأمن والسياسة وامور أخرى».
وعن إمكانية الوصول إلى «تفاهم حول أحداث الجبل قائمة»، قال خليل خلال استقباله في منزله في الخيام وفداً من رؤساء اتحادات وبلديات ومخاتير منطقة حاصبيا: «في هذه الفترة عادت واستؤنفت الاتصالات بالطريقة التي يجب ان توصلنا الى حل، والأهم بالنسبة الينا أن تكون هناك قدرة على إقرار مصالحة بالتوازي مع المتابعة القضائية والأمنية، ويجب ان تكون متابعة بالسياسة، لاستيعاب هذه المشكلة خاصة أنها في البيت الواحد، وهذه مصلحة للكل، وإذا افترض أي شخص أنه يستطيع ان يستفيد من الخلافات، يكون واهماً».
وسط ما تقدّم، وفيما كان التعجيل في اقرار الموازنة هدفه استقطاب أموال سيدر واستثماراته، فإن هذا الواقع، بحسب مصادر وزارية لـ«البناء» يبقى رهن انعقاد مجلس الوزراء وانتظام عمل المؤسسات، بيد أن ما يجري لا يبشّر بقرب انعقاد مجلس الوزراء انطلاقاً من ان حادثة قبرشمون وإحالة الملف إلى المجلس العدلي لا تزال تخيم على الواقع الحكومي، فكل الاتصالات لم تنجح حتى الساعة في التوصل الى حل يرضي الطرفين ويدفع باتجاه التئام مجلس الوزراء. وتلفت المصادر الى جملة معطيات دولية تشير الى ان اموال سيدر مجمدة راهناً ربطاً بالإصلاحات المطلوبة التي لم تبصر النور كاملة، وعدم الثقة الدولية والغربية بتخفيض الحكومة العجز.
وليس بعيداً وفي إطار مواصلة اللقاءات لبلورة حل لقضية حادثة قبرشمون اجتمع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ووزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب امس، بعدما كان ابراهيم التقى الوزير السابق غازي العريضي، عند رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والتقى إبراهيم رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان وتواصل مع رئيس الحكومة سعد الحريري. ولفتت مصادر متابعة لـ«البناء» الى ان كل الجهد منصب على تحقيق فجوة من شأنها أن تمهد الطريق لعقد جلسة لمجلس الوزراء، لافتة الى ان الساعات المقبلة ستكون حاسمة لمعرفة ردود فعل القوى السياسية على الصيغ المطروحة، خاصة أن اقتراح الوزير سليم جريصاتي القائم على تسليم التقدمي الاشتراكي والديمقراطي اللبناني المطلوبين تمهيداً لإحالة الملف على المحكمة العسكرية يحظى بموافقة الحزب الاشتراكي، علماً أن البعض اشار الى ان النائب ارسلان رفض هذا الاقتراح، ودعا الى التصويت عليه في مجلس الوزراء أسوة بالتصويت على المجلس العدلي ليبنى على التصويت مقتضاه. واعتبرت المصادر ان الرئيس سعد الحريري بات مقتنعاً أكثر من ذي قبل بضرورة التئام مجلس الوزراء لما لذلك من اهمية وضرورة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي.
ومع ذلك فقد دعا النائب ارسلان رئيس الحكومة «لتحمل مسؤولياته كرئيس لوزراء لبنان وإلا سيتهم بأنه شريك بتغطية ما حصل والحريص على دم أبيه الشهيد رحمه الله يجب أن يكون حريصاً على دم الناس الأبرياء ووزرائه، اذا كان يحترم موقعه كرئيس للحكومة ليس في الشكل فقط بل بالمضمون».
أضاف «فلنذهب الى مجلس الوزراء جميعاً ولنصوت على إحالة قضية الاغتيال الى المجلس العدلي احتراماً لدم الشهداء واحتراماً لمجلس الوزراء كمؤسسة، ومن يعتقد حضورنا في مجلس الوزراء سيكون نزهة للتذاكي على مطلبنا العادل والمحق فليخيّط بغير هذه المسلّة».
وكان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، قد أكد في اننا سنواجه التحديات بكل هدوء وتصميم أكثر من اي وقت مضىى ودعا إلى «أن يكون الهدوء سيد الموقف وكل شيء يعالج بالحوار، إنها نصيحة للرفاق وللجميع».
المصدر: صحف