كشف تحقيق صحافي أجرته وكالة “سبوتنيك” حول حركة عناصر الجماعات الإرهابية عبر الحدود التركية، أن عمليات تسلل الإرهابيين عبر الحدود السورية التركية مازالت مستمرة في كلا الاتجاهين من دون انقطاع، كما أن الأراضي التركية، مازالت تعتبر ممراً رئيسياً لمرور أولئك الإرهابيين إلى بلدان الاتحاد الأوربي، على الرغم من ادعاءات السلطات في أنقرة “اتخاذ كافة التدابير والإجراءات الأمنية لمنع تلك الحركة”.
وشهدت الحدود التركية حركة نزوح كثيفة للمدنيين والمقاتلين المتطرفين من سوريا باتجاه محافظة لواء إسكندرون (هاتاي) بعدما قطع الجيش السوري خط الإمداد عن الإرهابيين بين مدينة غازي عنتاب ومحافظة حلب مطلع شهر شباط/فبراير الماضي.
وتسلل عدد كبير من الإرهابيين إلى مدينة يايلاداغي بالتزامن مع تكثيف القوات الروسية والجيش السوري العمليات العسكرية في الريف الشمالي لمحافظة اللاذقية [شمال غربي سوريا على ساحل البحر المتوسط] بعضهم هرب من الحرب وبعضهم الآخر انسحب إلى الأراضي التركية استعداداً للعودة إلى سوريا.
طريق عبور المسلحين بين سوريا وتركيا مازال سالكا وأنقرة تواصل تصديرهم إلى أوروبا:
وأشارت مصادر محلية في مدينة يايلاداغي، لوكالة “سبوتنيك” إلى أن “80 بالمئة من الذين دخلوا المدينة نهاية عام 2015، وادعت أنقرة حينها إنهم تركمان هربوا من ضربات الجيش السوري والقوات الروسية، ليسوا سوى مقاتلين متطرفين أجانب معظمهم جاء من دول آسيا الوسطى وشمال افريقيا والقوقاز وتؤكد أن الحكومة التركية منحتهم بطاقات هوية مؤقتة بعد دخولهم الأراضي التركية”.
الحدود المصطنعة بين سورية وتركيا وتواطؤ بعض الجهات مع المجموعات المتطرفة يعيق الجهود المبذولة لمنع تسلل الإرهابيين:
وذكر سكان محافظة اسكندرون الحدودية، الذين تواصلت معهم وكالة “سبوتنيك” أن “المقاتلين، حولوا حدود المنطقة إلى ممر مسلحين يشهد حركة تنقل بالاتجاهين ذهاباً وإياباً”.
وأشاروا إلى أن “الحدود المصطنعة بين سوريا وتركيا، تشكل عائقاً كبيراً أمام منع تسلل الإرهابيين تجاه سوريا وبالعكس، رغم بناء جدار عازل على الشريط الحدودي وحشد قوات عسكرية على طول الشريط الحدودي، فمازالت هناك نقاط عبور مفتوحة أمام المقاتلين في قرية بوكولمز بـ “الريحانية” وقرية جويتشي بـ “يايلاداغي”، وتشهد هذه المناطق عبوراً غير شرعي تجاه الأراضي السورية”.
من جهة أخرى، وبالحديث عن أزمة تسلل الإرهابيين، قال موظف على الحدود في مدينة ألتينوز بمحافظة إسكندرون لـ “سبوتنيك”، إن “القوات المسلحة التركية وجهت التعليمات لوحداتها المنتشرة على الشريط الحدودي بضبط الحدود ومنع العبور غير الشرعي .. إلا أن التدابير الأمنية المتخذة على الحدود تبقى غير كافية لأن الحدود المصطنعة بين سوريا وتركيا تعيق الجهود المبذولة لمنع تسلل الإرهابيين”.
وأشار إلى أن “الجيش التركي نشر الدبابات وحشد القوات العسكرية على طول الشريط الحدودي بهدف ضبط الحدود وعلى الرغم من ذلك يجد الإرهابيون والمهربون منفذاً للعبور من الحدود ذهاباً وإياباً، كما أن تواطؤ بعض العسكريين والجنود الأتراك مع المجموعات الإرهابية المتطرفة يشكل عائقاً أمام الجهود التي يبذلها الحرس الحدودي التركي لمنع العبور غير الشرعي عبر الحدود التركية، فيتقاضى بعض الجنود المال مقابل غض النظر عن تسلل الإرهابيين”.
وأضاف الموظف ان “الحرس الحدودي يمنع عبور العناصر الجهادية إلى تركيا قدر الإمكان ولكنه لا يعترض طريق من يرغب بالعبور إلى الأراضي السورية دون التدقيق في هوياتهم وعما إذا كانوا مقاتلين أو مواطنين سوريين عاديين”.
أنقرة تستطيع منع تسلل الإرهابيين لكنها تستغل الوضع:
عن امكانيات الحكومة التركية وقف التسلل ومنع الجهاديين من عبور الحدود، أكد الخبير التركي علي دميرخان، لوكالة سبوتنيك أن “أنقرة تستطيع منع تسلل العناصر الارهابية عبر حدودها ولكن الدولة تواصل عمليات تنقل المسلحين مستغلة الوضع في المنطقة”.
وأشار دميرخان، وهو منسق تقرير “مجلس حق الحياة ضد الحرب” في لواء اسكندرون والذي رصد فيه الوضع في المدينة وتأثير الحرب السورية عليها، إلى أن “الدولة التركية تتحكم بمراكز الإعادة كما أنها تملك إمكانيات استخباراتية وقوات أمن كبيرة تستطيع توظيفها في مكافحة العناصر الارهابية “.
مدينة يايلاداغي تتحول إلى ملاذ آمن لمقاتلي جبهة النصرة:
سكان مدينة يايلاداغي يعتبرون أن “مقاتلي جبهة النصرة لا يحتاجون الى إخفاء هويتهم وهم يتجولون في شوارع المدنية بحرية وكأنهم السكان الأصليون للمدينة يعبرون الحدود متى ما أرادوا وبسهولة تامة”.
ولفت السكان إلى “وجود نقطة عبور فعلية أمام المقاتلين في قرية جوتشي بمدينة يايلاداغي رغم إغلاق معبر يايلاداغي الحدودي الذي بسط الجيش السوري السيطرة عليه، كما أن قرية قزيل تشات في مدينة يايلاداغي تشكل نقطة عبور هامة للارهابيين”.
وكان وزير شؤون الاتحاد الأوروبي ، فولكان بوزكير، قال في تصريح لصحيفة “ملييت” التركية، إن تركيا “قامت بترحيل نحو 37 ألف مقاتل من تنظيم داعش [الإرهابي المحظور في روسيا وعدد من الدول] من تركيا وهؤلاء يشكلون تهديداً كبيراً على أوروبا”.
وكانت الأنباء قد دارت حول تحويل السلطات المحلية في إسكندرون، نزل الطلاب الكائن بقرية آنايازي بمدية أنطاكيا إلى مركز إعادة وخصصته للإرهابيين بعد أخلائه من الطلاب بذريعة أنه غير آمن وشددت التدابير الأمنية فيه من خلال بناء سور من الجدران الإسمنتية العالية حوله مع وضع كاميرات للمراقبة.
المصدر: وكالة سبوتنيك