ركزت افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة صباح اليوم الجمعة 1 حزيران 2018 على مواضيع عديدة، كان ابرزها الوضع الامني في البقاع والجدال حول الحصص الوزارية.
* الاخبار
بعلبك ــ الهرمل: وينيّي الدولة؟
الأمن هيبة، وفي بعلبك ــ الهرمل الهيبة الوحيدة المتبقيّة هي هيبة الزعران. لم يعد الأمر يطاق، على أحدٍ ما، يصادف أنها الدولة، أن تضع حدّاً لما يجري
«أفاد مندوب الوكالة الوطنية للاعلام وسام إسماعيل أن المدعو ع. ص. الملقب بالقناص، أقدم عند الساعه 11 من قبل ظهر اليوم (أمس)، على إطلاق النار داخل السوق القديم في بعلبك بإتجاه محل المواطن (م. ح. ر.) والعمل جار لتوقيف الفاعل». «القنّاص»؟ هكذا، ببساطة، ثمّة رجل حظي بلقب لأنه يقنص الناس، لا في حرب ولا في عمليّة أمنية خلف خطوط العدو، بل في الشوارع، وسط حيّه وأهله وناسه. في جيبه كيس من حبوب الكبتاغون، وفي سيارته بندقية ومسدس، أو ربّما أكثر، ثم تأتي «السردة» على شكل إطلاق نار، غالباً ما يوقع ضحايا «بلا ظهر»!
يحصل ذلك في «بلاد» بعلبك ــــ الهرمل، حيث تسود شريعة الغاب، لأن أحداً ما في «الدولة» قرّر أن ما ضُمّ إلى «لبنان الكبير» قسراً في 1920 لا يزال أطرافاً، وأن أهل الأطراف مواطنون لبنانيون على سجلات الضريبة وحدها!
بالمناسبة، القنّاص المذكور، ع. ص.، لقبه الأصلي «الوزواز»، لأنه «يوزوز» بالسلاح، أي يتسلّى به في لغة الزعرنة، ومشهور بإطلاق النار العشوائي.
أثناء كتابة هذه السطور مساء أمس، اعتدى ثلاثة أشخاص على عضو المجلس البلدي هشام اسكندر، واصابوه بكسور ورضوض، وحطّموا سيارة البلدية بسبب اعتراضهم على مناقصة أجرتها البلدية لم ترس على أحدهم.
لم يعد الأمر يطاق. لم يعد الأمر يصلح لمسلسل تلفزيوني رمضاني. الدماء التي تُسال ليست ملكاً لأحد، والأرزاق التي تهدر والسيارات التي تُسرق دفع أصحابها جنى عمرهم، ليس لكي يسلبها قاطع طريق ثم يتقاسم ربحه مع شريكه المتنفّذ. كما لم يعد تبويس اللّحى ينفع. على أحدٍ ما أن يضع حدّاً!
منذ مئة عامٍ على الأقل، وأهالي بعلبك الهرمل يتقدّمون اللبنانيين في الوطنية: قاتلوا العثمانيين، ثمّ قاتلوا الفرنسيين في الثورة السورية الكبرى، وقدّموا شهيداً من اثنين فقط سقطا خلال الاستقلال، هو حسن عبد الساتر ابن بعلبك. وفي ما بعد، قاتلوا إسرائيل حتى العظم مع منظمة التحرير الفلسطينية وفي الأحزاب الوطنية، وفي حركة أمل وحزب الله، وكانوا خزّان المقاومة في الجنوب. ثمّ قاتلوا الإرهاب ودافعوا عن لبنان. كلّ ذلك لم يشفع لهم، لتأتي حفنة مجرمين وتشوّه سمعتهم، وتتحوّل بلاد الآلهة والمسرح الروماني وحوض نهر العاصي، إلى «تكساس»!
حزب الله يقول إنه يرفع الغطاء عن المجرمين، وحركة أمل كذلك. رئيس الجمهورية ميشال عون وقائد الجيش جوزف عون، ووزير الداخلية نهاد المشنوق بالأمس، يرعدون ويصرّحون ويعقدون اجتماعات مجلس الدفاع الأعلى لحلّ المعضلة، ولا تُحلّ. هل هناك من يريد إغراق بيئة حزب الله بالفوضى؟ بات السؤال مشروعاً.
النّقاش في أسباب الفوضى والتفلّت متشعّبة. بعلبك ــــ الهرمل، هي بلاد المحرومين فعلاً لا قولاً، مثلها مثل عكّار. هل يملك أحد تفسيراً لنسبة البطالة المرتفعة؟ أو لعدم حل معضلة ضم الاراضي وفرزها؟ أو لماذا لا يزال طريق بعلبك ــــ الهرمل أشبه بطريق زراعي؟ وهل يعقل أن تكون مستشفيات المنطقة دون المعايير، وأن لا يكون هناك مستشفى لمسافة 60 كلم بين بعلبك والهرمل لخدمة ما يزيد على 55 بلدة؟ وأن لا تبني الدولة مستشفىً واحداً في قرى «الغربي» (شمسطار وبدنايل…)؟
طوال السنوات الماضية، منذ 2005 على الأقل، تمثّلت المنطقة بوزيرين على الأقل، من دون جدوى. لم تكن المنطقة من أولويات الحكومة. الآن لم يعد من ذريعة. يقولون إن حزب الله يسعى لتمثيل المنطقة بوزيرين وحركة أمل بوزير، للقيام بأقل المطلوب. ويقولون في بعلبك الهرمل، إن العشائر تمثّلت في النيابة، ولا بدّ أن تتمثّل العائلات في الوزارات.
كلّ هذا لا يبرّر الفوضى. ثمّة هيبة مفقودة. في ألف باء الدول: الأمن هيبة. الهيبة الوحيدة الباقية هنا هي للزعران، و«العترة» على الأوادم. في الأشهر الماضية، انتهت الحرب على الإرهاب، وطفا قطّاع الطرق والمشلّحون وفارضو الخوات على السطح. هناك مهن جديدة هنا أيضاً: محصّل الديون. هذا ليس محامياً طبعاً، إنه أزعر، يدفع له صاحب الدين نسبة من الدين، ويتعهدّ هو بتحصيله من المدين. كيف؟ الحكاية بسيطة، بالتهديد ثم بحرق السيارة أو البيت، ثمّ بخطف أحد أفراد العائلة. بالنهاية، يدفع المديون، ربّما يسرق حتى يدفع، وهكذا دواليك.
كلّما طال أمد الفلتان، كلّما تعقّدت الأزمة. الأرقام مرعبة. بحسب مصادر أمنية معنيّة، هناك 48 ألف مذكّرة، تتضمّن وثائق اتصال وكتاب معلومات وإشارات قضائية وأمنية أخرى، بما مجموعه 31 ألف مطلوب. أحد هؤلاء عليه 3 آلاف مذكّرة توقيف!
التأمل بالأرقام مخيف، تصطك له الأسنان. لكنها أرقام لا أكثر. من بين المطلوبين، ليس أكثر من 100 اسم، خطير، مؤذ، يسمم بيئته وأهله، يعتدي على القوى الأمنية. وهؤلاء أحرار، طليقون، لا تزال القوى الامنية تتعامل معهم بالطرق «الكلاسيكية»، أي حاجز ومداهمة، وإذا ما اعتقل أحد منهم، إمّا يتدخّل متنفّذ لإخراجه، وإما يدفع رشوى ويخرج من السجن، وإذا قُتل ينتقم أفراد عصابته من الجندي أو الضابط الذي اعتقله. الدولة فقدت منذ زمن احتكار استعمال القوّة والسلاح في البقاع. أما الآخرون فلا بدّ من تشكيل لجان تصنيف، لأن بعض هؤلاء مطلوب ولم يحضر أما محقّق أو قاض، ربّما ورد اسمه في اعتراف أو لشبهة، ولا حلّ إلّا بعفوٍ عامٍ، بعد التصنيف طبعاً.
في الهرمل مثلاً، تزداد الأزمة تفاقماً، تجار المخدرات يتنقلون براحة داخل المدينة. الحاجة إلى شراء المخدرات، تدفع الشّبان إلى السرقة، وبوجود السلاح المتفلّت، يصبح إطلاق النار عادياً. قبل أيام، قام الشاب م. ن. د. بإطلاق أكثر من 100 طلقة في الهواء من بندقية أثناء تجواله في سيارة. كان منتشياً على الكبتاغون. والأخير، كانت استخبارات الجيش قد أوقفته وفي حوزته حوالي كيلو من حشيشة الكيف، لكنّه لم يبقَ طويلاً في السجن.
ومع وجود المعابر غير الشرعية، تزدهر سرقة السيارات نحو الداخل السوري. تقول مصادر أمنية معنية إنه في «آخر ثلاثة أشهر مرّت 50 سيارة مسروقة من لبنان إلى سوريا»، استطاعت مخابرات الجيش توقيف 5 سيارات واثنين من المهربين. الأزمة مضاعفة، وتنعكس على الأراضي السورية المجاورة. قبل نحو أسبوعين، سرقت عصابة تأخذ من بلدة سقرجة مقرّاً لها، سيارة عنصر من حزب الله من آل الديراني في بلدة العقربية في ريف القصير. وأثناء مرور السيارة على حاجز للأمن السوري، أوقفها عناصر الحاجز بعد أن اكتشفوا أنها مسروقة ونقلوها مع موقوفين إلى مقرّ قريب. لم تتوان العصابة عن مهاجمة المقرّ واستعادة السيارة. وأثناء مطاردة الأمن السوري ومجموعة من حزب الله للسارقين، أطلق هؤلاء النار على مطارديهم، ما أدى إلى استشهاد مسؤول بقعة زيتا في حزب الله معالي الجمل، وإصابة خمسة عناصر آخرين.
ومع أن الجيش اتخذ عدّة إجراءات في المرحلة الماضية لضبط المعابر غير الشرعية، لا تزال عدّة معابر مفتوحة، أبرزها: معبر «حرف السماقة» (فوق جرود آل جعفر، باتجاه ريف حمص الغربي). المعبر لا يتواجد عليه الجيش اللبناني وفي الجانب السوري هناك نقطة بعيدة نسبياً للهاجانة السورية وليس للجيش السوري. المعبر مخصّص لتهريب السيارات إلى سوريا والوقود إلى لبنان.
المعبر الثاني هو «مراح الشعب»، وفي المقلب السوري يدعى «جرميش»، عليه حاجز للجيش اللبناني في جرود بيت جعفر، لكن باستطاعة المهربين الالتفاف عليه عبر طرق فرعية.
المعبر الثالث هو معبر «بيت الجمل»، في قلب بلدة القصر الحدودية، وهو عبارة عن جسر حديدي تعبر عليه الشاحنات، ولا حواجز لبنانية أو سورية عليه، وهو مشهور بأنه «معبر الترانزيت». المعبر الرابع، هو مطربة في القصر أيضاً، مغلق أمام السيارات، لكنّ يتمّ نقل البضائع عبره بالدراجات النارية. المعبر الخامس، هو معبر العريض في منطقة دالك جنوب القصر ولا حواجز للجيش اللبناني أو السوري عليه. أما المعابر المتطوّرة، فتعود إلى وجهاء بعض العائلات في المنطقة، أحدها هنغار باطون مسقوف حديد مع مدخلين، ومعبران في الحوش، ومعبر المشرفة الذي تقع في محيطه حواجز شكلية للجيش والدرك اللبناني من القوة الأمنية المشتركة، وهو مختصّ بتمرير السيارات المسروقة إلى سوريا. أما الجديد، فهو فتح خطوط تهريب جديدة للمخدرات من وإلى سوريا، بعد انتشار معامل للبنانيين يقيمون داخل الأراضي السورية، مختصين بتصنيع الكابتاغون والسليفيا.
وفي الآونة الأخيرة، صارت عصابة سقرجة المؤلّفة من ن. ج. وخ. ج. وع. ص. وشقيقه ع. ص. وغ. ن. د. وع. م. وشقيقه وع. ج.، العصابة الأشهر في المنطقة. وبحسب المعلومات، تقوم العصابة بالتعاون مع عصابات أخرى في بلدتي بريتال ونبحا، بسرقة السيارات وإدخالها إلى البلدتين في المرحلة الأولى، ومن ثمّ نقلها إلى الداخل السوري وببيعها لعصابات سورية.
في آخر ثلاثة أشهر مرّت 50 سيارة مسروقة من لبنان إلى سوريا
أما في بعلبك، فيمكن تعداد ما لا يزيد عن 40 مطلوبا، يشكّلون عماد العصابات التي تتحكّم برقاب الأهالي. مثلاً، المدعو ج. ج. الملقب حمدان، مهنته تحصيل حقوق مالية. امّا أكبر تجار المخدرات في بريتال، فهو ع. إ.، داهمته القوى الأمنية أكثر من مرة وبادلها إطلاق النيران، وهو موجود في الحمودية. زميله، ح. ط. المقلب بطرطق، يرأس مجموعة تقوم بسلب السيارات على الطريق بالقوة.
ع. م. الملقب بالصبي اسم آخر. وهو جزء من عصابة سلب السيارات، كان يعمل سابقاً مع عصابة و. أ. نبحة، والأخير تم اعتقاله قبل أشهر.
وفي بلدة بوداي، يترأس ع. ش. حوالي أربعين مسلحا يعملون في تجارة المخدرات وواجهوا الأجهزة الأمنية أكثر من مرّة. كذلك لديه «فرع» يعمل في سلب السيارات بين بوداي ودير الأحمر. ويبرز أيضاً اسم ع. ك. الملقّب بـ«العرّ»، وهو يدير مجموعة تعمل بالسرقة للحصول على المخدرات، وهو مشهور بإطلاق النار العشوائي. اوقف عدّة مرات وفي كل مرة كان يطلق سراحه.
أما في حي الشراونة، فيشتهر ر. ج. بشراء المسروقات ثم بيعها. وكذلك ع. ز. الملقب بـ«أبو سلة»، لديه مجموعة مسلحة وهو من أبرز مروجي «السيلفيا»، ويقوم بنقلها إلى بيروت.
في العام 1976، ذاع صيت المقدم آنذاك علي ديب في الجيش السوري، بعد دخول القوات السورية إلى البقاع. اشتهر ديب، باسم مغارته، ولا تزال حتى الآن تسمّى «مغارة علي ديب». كان ديب، إذا أراد أن يعاقب أحداً، يطلب منه أن يحبس نفسه في المغارة، من دون حراسة، وكان المطلوب ينفّذ. يحتاج البقاع إلى علي ديب آخر. فهل تفعلها الدولة اللبنانية؟
كتلة الوفاء: الوضع لم يعد مقبولاً
رأت كتلة الوفاء للمقاومة أن ظاهرة الفلتان الأمني التي تشهدها بعض بلدات ومدن بعلبك ــــ الهرمل «لم يعد مقبولاً التغاضي عنها على الإطلاق، ولا يحق للسلطة أن تتنصّل من مسؤوليتها في معالجة هذه الظاهرة الخطيرة»، وأكدت في أول اجتماع عقدته، أمس، في مقرها في حارة حريك، بعد صدور نتائج الانتخابات النيابية، أنها تجدد الدعوة للمرة الألف إلى المؤسسات الأمنية والعسكرية المعنية «من أجل تنفيذ خطة أمنية حازمة تعيد الأمور في منطقة بعلبك ــــ الهرمل الى وضعها الأمني الصحيح، حتى لا يبقى مجال لأحد أن يتهدّد أمن المواطنين أو يبتزّهم في مالهم أو حياتهم».
وتعهدت الكتلة بملاحقة هذا الأمر مع رئيسي الجمهورية والحكومة والوزراء المعنيين والمؤسسات المختصة «لنضع حداً لهذه الظاهرة الشاذة»، ورأت أن الحفاظ على الأمن الداخلي وصون السيادة هما وجهان لقضية واحدة، ودعت الحكومة إلى القيام بواجباتها في هذا المجال.
تحريض قواتي ضد عون والجيش في واشنطن
القوات للأميركيين: إضغطوا على الحريري
إخفاق انقلاب 4 تشرين الثاني الماضي على الرئيس سعد الحريري لم يقطع رهانات القوات على الاستقواء بالخارج. التعويل على الضغط السعودي لضمان مشاركة قواتية فاعلة في الحكومة مستمر، مقروناً هذه المرة مع حفلة تحريض في واشنطن ضد رئيس الجمهورية والجيش، وتصوير الحريري، مجدداً، كـ«خاضع» لضغوط «أنصار ايران والأسد»
من شبّ على شيء شاب عليه. حفلة التحريض العلنية التي تخوضها القوات اللبنانية في واشنطن هذه الأيام تشبه، الى حد كبير، حملة دس الدسائس الصامتة التي مارستها في الرياض عشية الانقلاب على الرئيس سعد الحريري في تشرين الثاني الماضي: تحريض على رئيس الجمهورية ميشال عون وعلى رئيس الحكومة المكلف وعلى الجيش، ناهيك عن حزب الله وسلاحه.
انتهى الرهان على الانقلاب السعودي على الحريري إلى الاخفاق. فانتقل سمير جعجع الى الرهان على جبهة يمكن أن تتشكّل بعد الانتخابات النيابية في وجه العهد قوامها رئيس مجلس النواب نبيه بري، مستفيداً من توتر العلاقة بين الأخير ورئيس الجمهورية. تهدئة ما بعد الانتخابات على جبهة بعبدا ـــ عين التينة، وخروج القوات من «مولد» انتخابات هيئة مكتب المجلس «بلا حمّص»، خيّبا آمال معراب التي تسعى جاهدة لتقريش تمثيلها النيابي في الحكومة المقبلة.
إذاً، إلى واشنطن مجدداً، حيث «على الادارة الاميركية وحلفائها الضغط على الحريري للعودة الى الالتزام بسياسة لبنان أولاً والعمل مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على بناء لبنان أكثر أمناً وازدهاراً»، على ما جاء في رسالة وجهها رئيس مقاطعة أميركا الشمالية في القوات اللبنانية جوزف الجبيلي الى أعضاء في الكونغرس الأميركي في 25 أيار الماضي.
الجبيلي الذي يرأس ما يسمّى «المركز اللبناني للمعلومات في واشنطن»، هو أحد أذرع الفريق الأمني القواتي الذي توزّع بين الولايات المتحدة واستراليا بعد حل حزب القوات عام 1994. وتربطه علاقات وثيقة بعتاة المحافظين الجدد، وأبرزهم جون بولتون «الشجاع في وجه قوى الشر بمن فيهم الارهابيون الايرانيون» على ما وصفه بيان لـ«المركز»، عقب تعيينه مستشاراً للأمن القومي الأميركي في نيسان الماضي.
الرسالة وصفت القوات اللبنانية بأنها بين «الرابحين الكبار» في الانتخابات الأخيرة، بعدما تمكّنت من «مضاعفة عدد نوابها من ثمانية الى 15 بعد حملة انتخابية ركّزت فيها على سيادة الدولة وسلطتها الحصرية باستخدام القوة على أراضيها وعلى اعتماد الشفافية ومكافحة الفساد». لكنها «رغم هذا الفوز، وربما بسببه، تواجه تحديات هائلة بعد تصويت كتلة الرئيس ميشال عون مع أنصار ايران ونظام الأسد على استبعاد نواب القوات اللبنانية من لعب أي دور قيادي في مجلس النواب لمنعهم من تنفيذ برنامجهم نحو استعادة سيادة الدولة».
ونبّهت الرسالة من «عقبات مماثلة» تعترض تشكيل الحكومة. إذ «يبدو الحريري خاضعاً لضغوط التحالف الذي يقوده عون عبر صهره جبران باسيل، ولضغوط الجماعات التابعة لحزب الله من أجل استبعاد حزب القوات اللبنانية عن تسلّم أي حقيبة وزارية مهمة». ولأن «لبنان مقبل على مرحلة جديدة يتوجّب فيها على الحكومة المقبلة استعادة سيادة الدولة ونزع سلاح الميليشيات ومحاربة الفساد وفرض تطبيق سلطة الدولة على كل مواطنيها بالتساوي، على المجتمع الدولي، وخصوصاً الولايات المتحدة، لعب دور فاعل لضمان تحقيق الحكومة هذه الأهداف».
وتربط الجبيلي علاقات وثيقة بصقور الادارة الأميركية كوزير الخارجية الجديد مايك بومبيو منذ كان الأخير عضواً في الكونغرس عن ولاية كنساس. وجاءت رسالته بعد يومين من مثول بومبيو أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس ودعوته الى إعادة النظر في المساعدات الأميركية للجيش اللبناني بعد فوز حزب الله في الانتخابات النيابية الشهر الماضي.
مهمة الحكومة المقبلة استعادة سيادة الدولة ونزع سلاح الميليشيات وعلى واشنطن ضمان ذلك
وقد أبلغ الجبيلي موقع «المونيتور» الأميركي، في 23 أيار الماضي، بأنه «في حين كان الجيش اللبناني فعالاً في المحافظة على أمن لبنان، هناك حاجة الى هذه المراجعة بعد فشله في نزع سلاح حزب الله». وأضاف: «دافع الضرائب الأميركي يسأل: هل مساعدتي للجيش اللبناني تساهم في نزع سلاح حزب الله؟ بالطبع لا. لذا علينا مراجعة أهداف هذه المساعدة لتتلاءم مع ما يتم تحقيقه. إذا كان الهدف نزع سلاح حزب الله، علينا أن نرى كيف يجري ذلك»! وأثنى المسؤول القواتي على مواقف بومبيو الصارمة من حزب الله وايران، مؤكداً أن الأخير «مع دعم الجيش اللبناني وتقوية مؤسسات الدولة اللبنانية، ولكن بالطبع مع هدف أساسي هو إضعاف حزب الله».
الإسرائيليون مستاؤون: خسرنا المواجهة… وأذعنّا
خرجت إسرائيل خاسرة من جولة القتال الأخيرة مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة؛ «اتفاق» وقف إطلاق النار بين الجانبين، بعد النتائج الميدانية التي تحققت، أو لم تتحقق، وُصف إسرائيلياً بـ«اتفاق إذعان» تل أبيب للمقاومين، بل أنذر بتراجع منسوب الردع الإسرائيلي المفضي بدوره إلى خطورة «تجرؤ» الفلسطينيين على الاحتلال، وتأكيد خيار المقاومة لتحصيل الحقوق. لكن القيادة الإسرائيلية، السياسية والعسكرية، خرجت في اليوم التالي للمواجهة للتشديد كلامياً على ما عجزت وابتعدت عنه فعلياً، وذلك في محاولة لتحسين صورة الخسارة أمام الفصائل، ومنعاً لتداعياتها، في مقابل منع تشكل صورة الخسارة لدى المستوطنين أنفسهم، وهي «نتيجة سيئة» للاحتلال تشكلت في أعقاب المواجهات، في الوعي الجمعي للمستوطنين.
وقد تصدّى لمهمة ترميم الصورة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وعدد من وزرائه، وكذلك المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الذي أشبع الإعلام العبري بـ«تسريبات عسكرية» مغلوطة حول إنجازات مضخمة جداً كنتيجة للجولة الأخيرة: حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» مُنيتا بخسارة فادحة، فيما «تعزز» الردع الإسرائيلي! أما نتنياهو، فقال إن «غزة تلقت ضربة قاسية لم تتلقها منذ سنوات»، وهذا تضخيم «إنجاز» لم يعمد إليه الرجل منذ مدة طويلة، وهو بحد ذاته دليل على حجم الإخفاق والفشل، وضرورة جبر صورة الإخفاق في مقابل الجبهة التي تعدّ نسبياً من ناحية الجيش الإسرائيلي الأقل تهديداً من بين جبهات التهديد الأخرى! وعمد نتنياهو نفسه إلى ربط إرادة القتال لدى الفلسطينيين وتصديهم بالعامل الخارجي، عبر تأكيده أن «التصعيد الأمني جاء بتوجيه من إيران، عن طريق حماس والجهاد الإسلامي»، وهو الأمر الذي انسحب أيضاً على «مصادر مسؤولة» قالت للإعلام العبري إن القذائف والصواريخ التي أطلقت وأصابت أهدافها إيرانية الصنع وبقطر 120 مليمتراً، مع رأس متفجر وزنه بضعة كيلوغرامات، ومداه الأقصى 6.6 كليومترات.
من جانب الجيش الإسرائيلي، فإنه عمد إلى تظهير صورة مغايرة عمّا تشكلت في وعي الجمهور الإسرائيلي. ووفق مصدر عسكري رفيع المستوى تحدث إلى صحيفة «إسرائيل اليوم»، كانت الهجمات العسكرية في القطاع ضد «أهدافٍ نوعية، ولحق بحماس ضرر كبير، وتم ضرب أهداف استراتيجية عدة لها»، فيما شدد مصدر سياسي رفيع للصحيفة نفسها على صورة الانتصار: «حطمنا صورة حماس».
مع ذلك، لم تجد هذه المقاربة من خلال تضخيم الإنجازات صدى كبيراً في إسرائيل، بل جوبهت بتحسّر على فشل قد يؤثر سلبياً في المصالح الإسرائيلية لاحقاً، وهو ما ذهب إليه عدد من المحللين العسكريين. وفي حد أدنى، نتيجة المواجهة هي إلغاء سياسة «الإصبع الرخوة» على الزناد ضد قطاع غزة، بمدنييه ومقاوميه، وهي إحدى أهم النتائج المحققة جراء جولة القتال الأخيرة بعد التمادي الإسرائيلي في الاعتداء على الغزيين، كما أن من شأنها أن توصل إلى نتائج أخرى أكثر أهمية ترتبط بالمعادلات القائمة بين الجانبين، أمنياً وسياسياً، إن بُني عليها وجرى تعزيزها من المقاومين رغم تكالب الجميع عليهم.
فتحت عنوان «ليس هكذا يبدو النجاح»، هاجمت صحيفة «يديعوت أحرونوت» القيادة الإسرائيلية، واصفة تراجعها أمام التهديد الفلسطيني، ومسارعتها إلى تلقف وقف إطلاق النار منعاً لمزيد من التصعيد المفضي إلى مواجهة واسعة، بالقول: «في أعقاب المواجهة، يعمد رئيس الحكومة ووزير الأمن والجيش الإسرائيلي إلى التسويق أمام الجمهور أن الردع لم يتآكل، وأن ما حصل هو قصة نجاح باهرة قد يستعصي على المواطن العادي فهم أبعادها. لكن للأسف، يعانون جميعاً من فشل في تحقيق مهمة الإقناع». وأضافت الصحيفة: «في كل هجمات سلاح الجو لم يكن هناك قتيل واحد من الجهاد الإسلامي أو حماس، حتى إنه لم تُهاجم مجموعة قصف واحدة في أوسع يوم قتال منذ سنوات، إذ أطلق الفلسطينيون أكثر من 100 قذيفة صاروخية وهاون».
وحول إرادة وقف القتال لدى «حماس»، التي سوّقتها القيادة الإسرائيلية كإشارة إلى هزيمة الحركة في الجولة الأخيرة، أعادت «يديعوت» التشديد على أن المنظمة هي التي طلبت وقف إطلاق النار، ما يعني أنها فعلت ذلك في أفضل نقطة خروج من القتال بالنسبة إليها: «أجازت للجهاد الاسلامي فتح النار على إسرائيل، وقررت إنهاء الجولة في الوقت المريح لها، حتى من دون أن يسقط لها قتيل واحد، أو جريح واحد».
أيضاً، تحت عنوان «زمرة جبناء»، هاجم موقع القناة العشرين العبرية، القيادة الإسرائيلية، واصفاً الاتفاق بين الأخيرة والمقاومة بـ«اتفاق إذعان» من طرف واحد (إسرائيل). وشدد الموقع على أن «هذا الاتفاق الإذعاني هو ما حصلنا عليه من حكومة إسرائيل. هكذا تبدو حكومتنا الكبيرة والجدية التي تحافظ علينا كلنا، بطلة العالم في الكلام، ومجموعة أصفار في الأفعال». وأضاف تقرير الموقع: «(وزير الأمن أفيغدور) ليبرمان أطلق كلام غضب، ونتنياهو وعد بضربة قاسية، و(الوزير نفتالي) بينيت دعا إلى استخدام كل القوة، وكل الوزراء ثرثروا وهرولوا من استديو إلى استديو كي يُعطوا الشعب حبة دواء للصداع… إذا اعتقدتم أن شعب إسرائيل ابتلع الحبة فأنتم مخطئون، وجداً مخطئون. إذا اعتقدتم أنكم أنجزتم العمل، فأنتم أيضاً تخدعون أنفسكم».
* اللواء
دخول التراشق بالملفات يسابق متاريس التأليف
الحريري يعود بعد لقاء بن سلمان .. وحكومة «أمر واقع» لمواجهة العُقَد المستعصية!
«طبخة الحكومة» في الكواليس لم تحجب السباق الدائر بين القوى الرئاسية والسياسية حول نبش الملفات أو تمرير الملفات، وواحد منها ملف مرسوم التجنيس الذي يدور سجال انتقادي ودفاعي وهجومي حوله، في ظل حكومة تصريف أعمال، ووسط أسئلة عن «الإجازة العائلية»، وخطة مواجهة المطالب العائدة للكتل الكبيرة والصغيرة، أو التي قيد التأسيس.
وبين صيغ الحكومة وحجم مطالب الكتل، يبقى انتظار عودة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت سيد الموقف، وسط معلومات عن عودته في غضون الـ48 ساعة المقبلة، بعد لقاء مرتقب مع ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان، والذي كان التقى في الساعات الماضية الرئيس اليمني منصور عبد ربه هادي.
وعلمت «اللواء» ان الرئيس الحريري سيجري مقاربة للأوضاع في سلسلة إفطارات بدءاً من يوم بعد غد الأحد، وكان تلقى دعوة من الرئيس الروسي فلادمير بوتين للمشاركة في افتتاح المونديال العالمي في مدينة سوتشي على البحر المتوسط نهاية الشهر.
ومع مضي أسبوع على التكليف بشبه إجماع على الرئيس الحريري استقرت العقدة كأنها متاريس بوجه التأليف على النحو التالي:
1- عقدة تمثيل «القوات اللبنانية» بعدد من الوزراء المسيحيين يماثل عدد الوزراء من التيار الوطني الحر في صورة تستنسخ تفاهمات «الثنائي الشيعي».. وهو أمر يرفضه التيار الذي يرأسه جبران باسيل.
2 – عقدة إصرار النائب السابق وليد جنبلاط على ان تكون كل حقائب الدروز من حصة اللقاء الديمقراطي، وهذا يسبب مشكلة مع النائب طلال أرسلان.
3 – تمسك رئيس الجمهورية بحصة وزراء مفصولة عن تكتل لبنان القوي، الذي يتمسك تمثيل العلويين والسريان.
4- إصرار حزب الله على تمثيل السنّة الثمانية خارج كتلة «المستقبل» التي تطالب بحصة لتمثيل السنّي في داخلها، خلافاً لما يطالب به «حزب الله» بضرورة تمثيله بوزارة وازنة تهتم بالبقاع، مع تمثيل أحد حلفائه السنّة.
وإزاء هذا المشهد «الاسمنتي» على صعيد المطالب، لم تستبعد مصادر نيابية قريبة من مراكز القرار، عدم ترك الوضع على عواهنه، وتقديم تشكيلة أمر واقع، على نحو ما يريد رئيس الجمهورية والرئيس الحريري.
الوضع الحكومي: لا شيء بعد
وفيما تبقى الحركة السياسية الداخلية خجولة نوعا ما على صعيد الملف الحكومي، بانتظار عودة الرئيس الحريري المتوقعة نهاية الأسبوع الحالي، حيث ستكون له إطلالة في الإفطار المركزي الذي سيقيمه «تيار المستقبل» غروب الأحد المقبل في مجمع «البيال»، توقعت مصادر سياسية ان تكون كلمة الحريري بمثابة اعادة اطلاق المحركات السياسية التي يفترض ان تستأنف مطلع الأسبوع المقبل، لعملية تأليف الحكومة، مستفيدا من الإجازة العائلية التي اعطاها لنفسه، في الرياض، لتكون فرصة لدرس وجوجلة كل الأفكار والمطالب التي استمع إليها في الاستشارات التي أجراها عقب تكليفه مجدداً برئاسة الحكومة.
غير ان مصادر أخرى، أكدت ان مفاوضات التأليف لم تتوقف رغم غياب الرئيس الحريري عن البلاد، مشيرة في هذا السياق إلى اللقاء الثلاثي الذي انعقد بعيدا عن الأضواء في وزارة المال، وجمع الوزيرين علي حسن خليل (حركة امل) والدكتور غطاس خوري (المستقبل) والنائب وائل أبو اعور (اللقاء الديمقراطي)، الا أي معلومات عن محصلة هذا اللقاء لم ترشح عن المجتمعين، سوى ان البحث تركز على موضوع الحصة الإسلامية في التركيبة الحكومية، مرجحة العودة إلى القاعدة التي استندت إليها عملية تأليف الحكومة المستقيلة بالنسبة لتوزيع الحصص على الكتل النيابية، بالرغم من تغير احجام بعض الكتل، معتبرة ان هذه القاعدة يُمكن ان تبقى على حالها، ولو تمت إضافة مقعد بالزائد أو حذف مقعد بالناقص.
وقالت مصادر متابعة للاتصالات بشان الحكومة في كتلة نيابية وازنة لـ«اللواء» ان اي شيء لم يتقرر بعد بخصوص شكل الحكومة ولا عدد اعضائها، وان البحث الجدي يبدأ بعد عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من السعودية، لكنها اوضحت ان عدد اعضاء الحكومة يتحدد في ضوء مهمتها ودورها، فإن كانت تستدعي الظروف حكومة اقطاب ستكون مصغرة، وان كانت حكومة وفاق وطني ستكون موسعة اي ثلاثين عضوا، وهذا هو الخيار الارجح، لتمثيل كل الاطراف فيها «خاصة مع وجود السقوف العالية لبعض القوى السياسية، التي تحتاج وحدها الى حكومة كاملة».
واوضحت انه برغم التصورات والسيناريوهات المتداولة الا ان اي شيء لم يبحث ولم يتقرر بعد، ولم يتم البحث في اي امر تفصيلي له علاقة بعدد الوزراء ولا بتوزيع الحقائب. فالامر خاضع للاخذ والرد في عملية التفاوض. لكن الرغبة الاكيدة لدى الجميع هي تسهيل وتسريع تشكيل الحكومة للبدء في معالجة الازمات الكبيرة المتراكمة.
ومن جهتها، اعتبرت مصادر «حزب الله» لـ «اللواء» ان المشاورات حتى الساعة بالنسبة لتأليف الحكومة ما زالت شكلية، ولم يكشف أحد بعد عن كافة أوراقه، وما أعلن وسرب من مواقف يبقى مجرّد أفكار واقتراحات قابلة للأخذ والرد، لا سيما وان البحث لم يدخل بعد في تفاصيل موضوع التأليف حيث تكمن الشياطين.
وإذ لاحظت ان العقد التي ظهرت منذ بداية التكليف ليست بسيطة، مشيرة إلى «العقدة الدرزية» وعقدة تمثيل «القوات اللبنانية» بحصة موازية لحصة «التيار الوطني الحر»، اضافت المصادر إلى ذلك موضوع التمثيل السني في الحكومة وضرورة عن اقتصاره على تيّار «المستقبل»، مشددة على ان «حزب الله» سيطالب بتوزير أحد النواب السنّة الثمانية غير المنتمين للمستقبل ويعتبرون من حلفاء الحزب.
واعتبرت مصادر الحزب ايضا ان تشكيل حكومة مصغرة أمر غير متاح في المرحلة الراهنة بسبب حجم مطالب الكتل، وصعوبة إرضاء كافة القوى الممثلة في المجلس، ولفتت إلى انها لا تبدي تفاؤلاً بإمكانية ولادة الحكومة في وقت سريع كما كان يشاع بأن تكون الحكومة عيدية الفطر السعيد، باعتبار ان هناك مشاورات طبيعية ستجري خلال الاسابيع المقبلة حيث يفترض ان يتواصل الرئيس المكلف مع الأطراف السياسية للتفاهم معها على الحقائب التي ستعطى لها، وهذا الأمر سيحتاج بطبيعة الحال إلى لقاءات واجتماعات مكثفة ليتم بعد ذلك اقتراح الأسماء والموافقة عليها، وهذا الموضوع يحتاج ايضا إلى مزيد من الوقت.
ورفضت المصادر الكشف عن الحقيبة الوزانة التي أعلن الحزب انه يريدها، كما رفضت استباق الأمور بالنسبة لمضمون البيان الوزاري، على اعتبار ان الموضوع ما زال مبكراً الحديث عنه.
مرسوم التجنيس
وبعيداً عن موضوع الحكومة، قفزت إلى واجهة الأحداث أمس، معلومات أكدت ان رئيس الجمهورية ميشال عون وقع مرسوم تجنيس نحو 385 شخصاً معظمهم من جنسيات سورية وفلسطينية وعراقية واردنية وتونسية ومصرية وسعودية والمانية وفرنسية وبريطانية وإيرانية وتشيلية وأميركية وهندية مع عدد من مكتومي القيد، بعد ان اقترن المرسوم بتوقيع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق، مما أعاد إلى الأذهان فضيحة مرسوم تجنيس نحو أكثر من 150 ألف شخص في حزيران من العام 1994 في عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي.
ولم يعرف بعد تاريخ توقيع المرسوم، وما إذا كان حصل قبل استقالة الحكومة، وجرى التكتم عليه أثناء الانتخابات النيابية، أم تمّ في مرحلة تصريف الأعمال، وهنا يبرز تساؤل عمّا إذا كانت مرحلة تصريف الأعمال تسمح قانونا بتوقيع مرسوم بأهمية مرسوم التجنيس، واي نص قانوني يُمكن الاستناد إليه في حال تقرر الطعن به امام مجلس شورى الدولة؟ بحسب ما لوح عدد من النواب، في مقدمهم النائب الكتائبي نديم الجميل الذي اعتبر ان المرسوم يمس بالتوازن بين الطوائف، علما ان الطعن بالمرسوم، بحسب ما أكدت مصادر قانونية سيكون محسوماً إذا شمل فلسطينيين، باعتبار انه يخالف مقدمة الدستور، كما ان شموله السوريين من شأنه ان يفتح الباب امام توطين هؤلاء، خلافاً لتوجهات الحكم والحكومة.
واللافت ان المرسوم لم ينشر في الجريدة الرسمية على غرار المرسوم رقم 5247 الصادر في عهد الرئيس الهراوي، ولم يعثر له على أي اثر مادي، لكن مصادر مطلعة قالت ان المراسيم الاسمية لا تحتاج إلى نشرها في الجريدة الرسمية لتصبح نافذة، وان المرسوم في أغلب الظن بات نافذاً.
ومهما كان الأمر، فإن معلومات «اللواء» تؤكد ان المرسوم صدر بالفعل، وتستفيد منه بحدود 270 عائلة مسيحية و115 عائلة مسلمة من عرب واجانب، ومعظمها من عائلات متباعدة، وشمل حالات لم الشمل وأخرى صحية وانسانية، فضلا عن رجال أعمال.
الطعون
في هذه الاثناء، رفض رئيس المجلس الدستوري الدكتورعصام سليمان التعليق على اجراءات المجلس الدستوري التي ستعتمد في قبول وبحث الطعون التي سيتقدم بها المرشحون الخاسرون في الانتخابات النيابية، وقال لـ«اللواء»: سأدعو يوم الخميس المقبل الى لقاء مع الصحافة في الساعة الحادية عشرة، أي بعد انتهاء مهلة تقديم كل الطعون المصادفة يوم الاربعاء، لشرح الالية وتوضيح كل المسائل المتعلقة بكيفية تعاطي المجلس مع الطعون في النظام النسبي الجديد, وقبل ذلك لن اقول اي كلمة.
وعن عدد الطعون التي وصلت الى المجلس حتى الان، قال: تحدثت المعلومات الصحافية عن تقديم المرشح في دائرة زحلة ناصيف التيني طعنا، لكن حتى الساعة الواحدة من بعد الظهر لم يكن قد وصلنا شيء.لكن من المفروض ان تُقدم كل الطعون ايام الاثنين والثلاثاء والاربعاء المقبلة.
وحول طبيعة لقائه امس، مع رئيس الجمهورية ميشال عون، قال ان لا علاقة له بموضوع الطعون، وانه يتعلق بدعوتي الى القاء محاضرة في مؤتمر متخصص في مدينة اندرو الاسبانية بعنوان «دور المجلس الدستوري في حماية الاقليات في لبنان»، وقد اخذنا بركة الرئيس وتوجيهاته.
وكانت المعلومات قد ذكرت ان التيني المرشح في لائحة «زحلة الخيار والقرار» ضد النائبين قيصر معلوف وإدي دمرجيان، طالب في طعنه تغيير النتيجة باعتبار ان ثمة خطأ يشوبها وتاليا اعلانه فائزا عن هذا المقعد.
ونفى مرشّح جمعية المشاريع الإسلامية (الاحباش) في طرابلس الدكتور طه ناجي ما يشاع عن صعوبة الطعن حسب القانون النسبي، وقال «ان الموضوع غير صحيح، فقط نتحدث عن الشكل. السؤال الوحيد الذي يطرح هو بمن سنطعن، باللائحة كلها التي نالت الحاصل ام بمرشح واحد. وفي حالتي، وبما ان الخطأ مادي، اي خطأ في الاحتساب، فلن يصار الى اعادة العملية الانتخابية، بل الى ابطال نيابة المطعون به، كما سبق للمجلس الدستوري ان صرح».
الفلتان الأمني في بعلبك
إلى ذلك، أفادت معلومات لـ«اللواء» ان سلسلة إجراءات سيتخذها الجيش والقوى الأمنية في بعلبك لضبط الوضع هناك بقيت تفاصيلها لجهة موعدها وغير ذلك متروكة للقيادة العسكرية، واستبعدت أي اجتماع في الوقت الحاضر للمجلس الأعلى للدفاع الذي سبق له وبحث إجراءات ضبط الأمن في المدينة، لكنها بقيت دون ترجمة على الأرض.
وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق حمل هذا الموضوع إلى قصر بعبدا ومعه محافظ بعلبك- الهرمل بشير خضر، ونقل عن الرئيس عون قوله ان اجتماعات مكثفة ستعقد مع القيادات السياسية والأمنية لوضع حدّ للفوضى المنتشرة في المنطقة بأسرع وقت، وانه سيتابع الوضع مع رئيس الحكومة وأعضاء مجلس الدفاع الأعلى والفاعليات السياسية لاتخاذ ما يلزم من إجراءات.
وفي السياق، رأت كتلة «الوفاء للمقاومة» ان الفلتان الأمني في بعلبك- الهرمل لم يعد مقبولاً التغاضي عنه، ولم يعد يحق للسلطة التغاضي عن مسؤولياتها، ودعت المؤسسات الأمنية لتنفيذ خطة أمنية حازمة في المنطقة.
وإذ أملت الكتلة تعاون مختلف الأفرقاء لإنجاز تشكيل الحكومة في أسرع وقت، حددت ما يشبه أولويات الحكومة الجديدة، بالعمل على مكافحة الفساد واستحداث وزارة تخطيط، واعتماد خطة جدية لمعالجة ازمة النازحين السوريين وتغليب المصلحة اللبنانية على مصالح الدول الأخرى.
تجدر الإشارة، بالنسبة لموضوع النازحين إلى ان المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم كشف أمس، خلال تفقده المبنى الجديد للأمن العام في محلة الجديدة في المتن، عن ان التواصل قائم مع السلطات السورية لإعادة آلاف السوريين إلى ديارهم، مؤكداً ان الموضوع قريب.
ولفت إلى انه سيتم انشاء10 مراكز في لبنان خاصة بالسوريين لتخفيف الضغط عن المراكز الأساسية، الا ان ذلك، حسب ما قال، لا يعني ان بقاءهم في لبنان سيطول.
* الجمهورية
جدال حول «حصص» الرئاستين.. ومواقف للحريري في «بيال» الأحد
بدأ منسوب التوقّعات بتأخّرِ ولادةِ الحكومة إلى أمدٍ طويل يرتفع ويُحدث قلقاً في أوساط العهد ومخاوفَ مِن إنعكاس هذا التأخير سلباً عليه في حاضره والمستقبل، خصوصاً إذا صحّت هذه المخاوف وتأخّر التأليف الحكومي بضعة أشهر أو أكثر، كما حصَل مع حكومة الرئيس تمام سلام. ولكنْ تلافياً لذلك بَرز اتّجاه لدى المعنيين بالتأليف لإلزام أنفسِهم بمدّة زمنية محدّدة وغير طويلة، حتى إذا انقضَت ولم تولد الحكومة يُصار إلى استشارات نيابية لإعادة تكليف جديدة من شأنها تعجيل التأليف. وفي غضون ذلك، بدأ المجلس الدستوري استعداداته العملية لتلقّي مجموعة من الطعون في الانتخابات النيابية مع اقتراب انتهاءِ مهلة الشهر المحدَّدة لهذا الغرض. وكان اللافت في هذا الصَدد استقبالُ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس لرئيس المجلس الدستوري الدكتور عصام سليمان.
في انتظار عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من السعودية، والمواقف التي سيعلِنها في خطابه المرتقَب خلال إفطار «بيال» بعد غد الأحد، تعيش البلاد سباقاً محموماً بين مساعي التأليف وبين تداعيات الأحداث الخارجية، وسط أجواء بدأت توحي بأنّ الولادة الحكومية ستكون صعبة، في ضوء رفعِ جميع الأفرقاء السياسيين سقوفَ مطالبهم من جهة، واستمرار الجدل حول حصول رئيسَي الجمهورية والحكومة على حصة وزارية، والشهيّة المفتوحة على الاستيزار من جهة ثانية.
ميقاتي
وفي هذه الأثناء ذكّر رئيس كتلة «الوسط المستقل» نجيب ميقاتي الجميعَ «بضرورة التقيّد بحرفية الدستور وروحيتِه»، داعياً عبر «الجمهورية» إلى عدم خلقِ أعراف جديدة، لأنّ ذلك سيدخِل البلد في دوّامة لا تُحمد عقباها».
وقالت مصادر كتلة «الوسط المستقل» لـ«الجمهورية»: «على الجميع تسهيلُ عملِ الرئيس المكلف وعدمُ خلقِ أعراف جديدة تشكّل تجاوزاً للدستور، فتأليفُ الحكومة منوط أساساً بالرئيس المكلف بالتشاور مع رئيس الجمهورية. أمّا إدخال أعراف جديدة خارج نصّ الدستور فسيؤدّي إلى مطالبات مضادة، خصوصاً بعد موقف الرئيس نبيه بري، ما يدلّ إلى أن لا إجماع على هذه المطالبة». وأكدت «أنّ تجاوُز الدستور مرفوض وكذلك محاولة التذاكي».
وقالت: «في النهاية الجميع مُجمِع على دور رئيس الجمهورية، وكلُّ الوزراء سيكونون من حصته، ومحاولة إدخال المركز الذي يمثّله في بازار الحصص غيرُ مستحَبّ ولا يستطيع نوّاب «التيار الوطني الحر» تجاوُز موقف الرئيس عون الذي أعلنَه أكثر من مرّة عندما كان نائباً ورفضَ إعطاء رئيس الجمهورية حصّةً وزارية، فما الذي تبدَّلَ اليوم لكي يتحوّلَ الرفض قبولاً؟».
مراد
مِن جهته، رأى النائب عبد الرحيم مراد «أنّ المطالبة بحصص للرئاستين الأولى والثالثة ستؤثّر حتماً على مسار التأليف». وقال لـ«الجمهورية: «في المبدأ، لا يجب أن تكون هناك حصص وزارية للرؤساء، ولم يَلحظ الدستور ولا «اتفاق الطائف» هذا الأمر، صحيح أنه حصَل في السابق مع أكثر من رئيس لكنّ الجميع يدرك كيف كان التعاطي السوري حينَها في تأليف الحكومات، إلّا أنّ ذلك يجب أن لا يشكّل قاعدة، وأعتقد أنّ الإصرار على ذلك وعدم التوافق حوله سيؤخّرالتأليف».
وعن طبيعة الحكومة العتيدة، قال مراد: «حسب التمثيل، إذا أرادوا التمثيل وفق نتائج الانتخابات فمِن حقّنا كمجموعة سنّية أن نتمثّل بوزيرين فلدينا ثلثُ الأصوات السنّية ولا أعرف إلى أيّ مدى سيلتزمون بذلك. أمّا إذا لم يفعلوا فلكلّ حادثٍ حديث».
الخازن لـ«الجمهورية»
وقال عضو «التكتل الوطني» النائب فريد هيكل الخازن لـ«الجمهورية»: «الدستور لم ينصّ على أيّ أحكام تتحدّث عن حصّة وزارية لرئيس الجمهورية أو لرئيس الحكومة، وتشكيل الحكومات يخضع لظروفها الوطنية، وهذا ما سبق للرئيس عون أن شدّد عليه وكرّره في أكثر من مناسبة».
وأضاف: «عادةً ما تراعي الحكومات المؤلّفة عقب الانتخابات، نتائجَ هذه الانتخابات لكي يكون التمثيل معبّراً عن التوازن النيابي، ولا مانعَ من تسمية وزراء مباشرين من جانب رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة حين لا يتمتّعان بأيّ تمثيل نيابي، وهي حالة قد تحصل. لكن أن يكون لهما تمثيل نيابي وازنٌ كما هو راهناً، فلا ضرورةَ حينها لتمثيلٍ إضافيّ في الحكومة من شأنه ضربُ معادلةِ التوازن النيابي الذي يؤخَذ به لتشكيل الحكومة، ما قد يؤدّي إلى عرقلة التأليف».
«الكتائب»
واستغرَب مصدر كتائبي مسؤول «أن تركّز النقاشات والسجالات في ظلّ كلّ ما يعانيه لبنان من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، على المحاصصات والأحجام وتوزيعِ المناصب والحقائب، بدلاً من التركيز على برنامج الحكومة وتصوّرِها للحلول».
وقال لـ«الجمهورية»: «المطلوب من الرئيس المكلف أن يعلن عن تصوّرِه للأولويات التي ستواجهها الحكومة ورؤيتِه لِما هو مطلوب منها، بحيث يمكن لكلّ فريق سياسي أن يحدّد مدى انسجامِه مع هذه الرؤية والأولويات، وبالتالي ما إذا كان سيشارك في الحكومة أم لا. هذا هو المعيار الصحيح المعتمد في دول العالم لتأليف الحكومات، وهذا هو الأساس بالنسبة إلى حزب الكتائب لتحديد خياراته للمرحلة المقبلة، خصوصاً أنّ لبنان اليوم على شفير الهاوية الاقتصادية».
توتّر بين «القوات» وباسيل
وفي موازاة التعقيدات التي تواجه التأليف استمرّ التوتر بين حزب «القوات اللبنانية» ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل. وقالت مصادر «القوات» لـ«الجمهورية»: «فوجئنا باستمرار الحملة الباسيلية علينا من خلال سفير لبنان في واشنطن الذي يَستخدم موقعَه للهجوم علينا.
واضحٌ أنّ الوزير باسيل الذي بدأ هجومه عشية الانتخابات مستمرٌّ في هجومه، وكلُّ هدفِه مصادرة نتائج الانتخابات ومحاولة إلغاء كلّ خصومِه، والانقلاب على «تفاهمِ معراب» وعلى كلّ التسويات، وعلى مبدأ الشراكة، ومحاولة الهيمنة السياسية والاستئثار بكلّ المواقع. لا شكّ في أنّ الرئيس عون رفضَ هذه الممارسات ولا يوجد أيّ مكوّن يمكن أن يوافق على هذا النهج الباسيلي الذي يَخترع المواجهات، سواء من خلال المواجهة مع الرئيس بري على خلفية بلطجية، أو مع النائب وليد جنبلاط درزيّاً من خلال تشكيل كتلة من عَدَم، أو من خلال المواجهة مع الطائفة السنّية عبر الذهاب نحو أعراف جديدة، أو المواجهة داخل بيئة مسيحية من أجل الاستئثار بالواقع السياسي. سترتدّ هذه الهجمة على أصحابها، و»القوات» ستبقى متمسّكة بالمصالحة وبأجواء التهدئة السياسية، لكنّ باسيل لا يترك أيّ مساحة للحوار والتوافق والصلح، وهذا مؤسف، لكنّنا لن نقبل كلَّ ما يصدر عن الخط الباسيلي من تضليل وكذِب وافتراء».
وكانت مقدّمة نشرةِ أخبار قناة «او تي في» قد شنّت حملة على «القوات» من دون أن تسمّيَها، وتحدّثت عن «أحجام بعضِ القوى التي صحَّح القانونُ النسبي تمثيلَها، فتوهَّمت أنّ ما حقّقته انتخابياً يوازي فتحَ الأندلسِ من جديد». وقالت إنّ حصّة رئيس الجمهورية «ابتدعوها سابقاً خدمةً لمصالحِهم، وباتت اليوم عبئاً عليهم، بعدما بات الرئيس رئيساً، وليس مجرّدَ صورة يَجدُر أن نصْطَنع لها كتلةً وهمية حفظاً لماء الوجه».
وتحدّثت عن «ضربة حظٍ من قلب الولايات المتحدة، وهذه المرّة تحريضاً على الجيش وتسليحِه. فالرئاسة والجيش القويّان اللذان لم يُناسبا الميليشيات العسكرية في الحرب، لا يناسبان الميليشيات المدنية التي تفتُك بالدولة في السِلم».
خلوة لـ«لبنان القوي»
إلى ذلك، يستعدّ تكتّل «لبنان القوي» لعقدِ خلوتِه الأولى بعد الانتخابات النيابية برئاسة باسيل في 4 و5 حزيران في أوتيل «القادري» ـ زحلة.
وعَلمت «الجمهورية» أنّ هدف الخلوة هو وضعُ خطةٍ للمرحلة المقبلة بمشاركة كلّ مكوّناته ليدخلَ من خلالها إلى الملفات المطروحة على كلّ المستويات، وأبرزُها:
-1 الملف الحكومي، والمشاريع التي ستُطرَح على مستوى الحكومة، كاللامركزية الإدارية الموسّعة وملف النازحين السوريين، وملفّات تُعنى بعمل الحكومة وأدائها، كالحكومة الإلكترونية، وعلاقة «التكتل» مع سائر التكتلات من خلال التفاهمات الوطنية التي أبرِمت، حيث ستجري إعادة تقييم لها، والنظرُ إلى أين وصَلت، وما مكامنُ الثغرات فيها، وما هي استراتيجية التعاطي معها.
-2 الملف الاقتصادي والاجتماعي وقضايا الناس من كهرباء ونفط وغاز ونفايات وبيئة.
-3 الملف المالي والإصلاحات المطلوبة في ضوء نتائج مؤتمر «سيدر1» وموازنة 2019 والحسابات المالية.
-4 الملف التربوي في مدارس القطاع الخاص والعام والمشاكل المتأتية من دفعِ سلسلةِ الرتب والرواتب وزيادة الأقساط.
-5 الملفات الدفاعية والملفات المتعلقة بالاغتراب لدرسِ سبلِ تحسين اقتراع المغتربين والاستراتيجية التي يجب أن تُتبع مع الانتشار اللبناني حول العالم.
-6 وضعُ آليةٍ تنظيمية لانصهار المنضوين إلى «التكتل» وتوحيدُ خطابهم السياسي في الملفات، وتقسيمُ هذه الملفات وتوزيعها على مجموعات عملٍ متخصصة بمعاونة خبراء واقتصاديين.
وقال أمين سر الـ«التكتل» النائب ابراهيم كنعان لـ«الجمهورية»: «يَهدف التكتل إلى خلقِ شخصيةٍ معنوية مستقلّة له، تستطيع أن تكون حاضرةً بقوّة في المؤسسات الدستورية وأمام الرأي العام، فيُساهم بنحوٍ فعّال في تحقيق الأهداف الوطنية والمشاريع التي على أساسها انتُخِب أعضاؤه، وفي طليعتها دعمُ مسيرةِ العهد ببناءِ دولةٍ قوية».
* البناء
لافروف يدعو الزعيم الكوري لزيارة موسكو… ومفاوضات جنوب سورية على نار حامية
الأسد: سنستعيد كامل سورية… الأميركيون سيرحلون… على «قسد» أن تختار
الحكومة على باب معراب… وابراهيم يعلن البدء بإعادة النازحين… ومرسوم تجنيس!
كتب المحرّر السياسي
على مسارات ثلاثة يشتغل وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، بضمّ ملف التفاوض الكوري الشمالي مع أميركا إلى ملفي التفاهم النووي مع إيران والجنوب السوري، وفيما كان لافروف في بيونغ يانغ يقدم «صندوق حفظ الأسرار» هدية رمزية رئاسية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للزعيم الكوري كيم جونغ أون، تيمناً بعادة قيصرية للهدايا الخاصة بالملوك الحلفاء لحفظ أسرار الحلف وما يدور بين القادة، موجهاً الدعوة للزعيم الكوري لزيارة موسكو، على الأرجح بعد قمته المتوقعة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لتقول موسكو برمزية الزيارة والهدية والدعوة أن ما بينها وبين كوريا سر لن تعرفه واشنطن، كان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو يستقبل وزير حرب كيان الاحتلال أفيغدور ليبرمان وعلى النار طبخة التسوية لجنوب سورية، التي تتضمن رفع الغطاء الإسرائيلي الأميركي السعودي عن مسلحي الجنوب لصالح تسهيل انتشار الجيش السوري حتى الحدود، مقابل أن يدخل الجيش السوري وحده دون الحلفاء، وهو ما دأب الجيش السوري عليه في كل المناطق التي يدخلها ضمن تسويات، باعتبار أن الأصل في السيادة للدولة السورية وأن الاستعانة بالحلفاء تتم في حالات الحسم العسكري، لكن عندما يدخل الحلفاء منطقة تم تحريرها بالقوة فلن تطلب سورية منهم أن يغادروها تلبية لطلب أحد، كما علقت مصادر متابعة للمفاوضات الجارية، بل إن المطروح هو كيفية تحقيق انسحاب أميركي من قاعدة التنف لتأمين الطريق الدولي بين دمشق وبغداد ودمشق وعمان دون معوقات. وهو هدف في أصل التسوية المطروحة للتفاوض، بينما كانت تنتهي المهلة التي منحتها إيران لأوروبا لتقديم الضمانات المطلوبة للالتزام بجوهر التفاهم النووي رغم الانسحاب الأميركي منه، بانتظار أن تحصل طهران يوم الإثنين المقبل على أجوبة أوروبية تحدد كيفية ضمان بقاء الوجود الإيراني في السوق النفطي من دون تأثير للعقوبات الأميركية، وآلية التعامل المالي للمصارف الأوروبية مع المصارف الإيرانية لضمان التبادل المالي من خارج نظام العقوبات الأميركية.
في المشهد الإقليمي رغم التصعيد الإعلامي السعودي الإماراتي حول تحضير حملة كبرى لاقتحام مدينة الحديدة اليمنية، أكدت مصادر في الجيش اليمني واللجان الشعبية الاستعداد للمواجهة، بينما كان الحدث الأبرز الكلام الذي قاله الرئيس السوري في حديثه لقناة روسيا اليوم، والذي أكد فيه أن سورية عازمة على استرداد كامل جغرافيتها دون نقصان، وأن ما لا تتم استعادته بالعملية السياسية والتفاوضية ستتم استعادته بالقوة، مشيراً إلى أن الأميركيين والإسرائيليين خسروا رهاناتهم على توظيف التنظيمات الإرهابية وفي طليعتها جبهة النصرة وداعش، وهم في حال هلع وارتباك لاستعادة الجيش السوري مناطق هامة كانت تحت سيطرة هذه الجماعات ويواصل مهامه دون تردد، فيما تمت عملية إعادة بناء الدفاعات الجوية السورية بصورة جعلتها أفضل من أي وقت مضى، موجهاً كلامه للأميركيين بأنهم سيرحلون بطريقة أو بأخرى، ولن يفيدهم الاختباء وراء قوات سورية الديمقراطية، بعد سقوط رهانهم على جبهة النصرة. وعن قوات سورية الديمقراطية قال الرئيس الأسد، إن الحل سيكون تفاوضياً وإلا فبالقوة، وعلى قسد أن تختار.
لبنانياً، أفسح غياب رئيس الحكومة سعد الحريري المكلف تشكيل الحكومة الجديدة، المجال لتسريبات عن ضغوط سعودية لحفظ حصة وازنة للقوات اللبنانية، ووقف الحكومة وتشكيلتها عند باب معراب، التي لو وثقت أن الحسابات اللبنانية هي ما يقرر مصير الحكومة لأوقفت حملاتها على رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وسارعت للبحث عن التسويات. وقد أبدت مصادر متابعة خشيتها من صحة ظنون القوات بالرئيس المكلف وخضوعه للإملاءات السعودية، فتتعثر الحكومة الجديدة طويلاً، وفيما نال الأمن في مدينة بعلبك نصيباً من الحركة السياسية والإعلامية دون معرفة مكمن الخلل الذي يدعو الجميع لمعالجته، فيما الجميع في الدولة رؤساء ووزراء ونواب ومسؤولين إداريين وأمنيين ينادي الدولة بتحمل مسؤوليتها، ليبدو الإنجاز الوحيد في فترة السكون بين حكومتين، هو ما كشف عنه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم من خطة منسقة مع الحكومة السورية لتأمين عودة آلاف النازحين السوريين إلى مناطقهم الأصلية التي عادت آمنة في عهدة الدولة السورية.
شكوك وغموض يلفان مرسوم التجنيس!
في وقت تترقب الأوساط السياسية عودة الرئيس المكلف سعد الحريري لتحريك عجلة تأليف الحكومة، وما الذي سيحمله من السعودية في هذا الصدد، انشغلت البلاد بمرسوم التجنيس الذي وقّعه رئيس الجمهورية وشمل منح الجنسية مئات الأشخاص من جنسيات مختلفة ومنها سورية وفلسطينية. وتردد بأن عدد هؤلاء بلغ 300 من رجال أعمال بهدف تشجيع الاستثمارات في لبنان وآخرين يتحدّرون من أصول لبنانية تعرقلت معاملاتهم لأسباب معينة في مرسوم التجنيس الأخير. لكن مصادر عدة أبدت خشيتها من أن يكون هذا المرسوم مقدمة لمراسيم أخرى أو تشجيع لمنح الجنسيات لأعداد أكبر من النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين في ظل التواطؤ الدولي لتوطين النازحين أو إطالة أمد إقامتهم في لبنان لأسباب سياسية وأمنية عدة، لا سيما في ظل عدم الإعلان عن هذا المرسوم الذي يلفه الشكوك والغموض، في حين تساءلت مصادر أخرى عما إذا كانت صفقة ما تقف خلف توقيع هذا المرسوم قبيل تحول الحكومة الى تصريف أعمال مقابل مبالغ مالية لبعض الشخصيات الوزارية النافذة. وسأل رئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير السابق وئام وهاب في تصريح له عبر مواقع التواصل الاجتماعي «هل نفذ وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال نهاد المشنوق صفقته الأخيرة في الداخلية قبل الرحيل عبر مرسوم الجنسية و المجنسون يتحدثون عن عشرات ملايين الدولارات فمَن قبضها؟».
ووفق معلومات «البناء» فإن عدداً ممن منحوا الجنسية توجهوا أمس الى دائرة الأحوال الشخصية في وزارة الداخلية لتقديم الأوراق المطلوبة للحصول على الجنسية.
وإذ لم تنفِ مصادر بعبدا توقيع الرئيس ميشال عون المرسوم، رفضت الدخول في تفاصيله، موضحة لـ «البناء» أن «مرسوم التجنيس لا يحتاج الى مجلس وزراء بل يصدر من وزير الداخلية والبلديات ويوقعه رئيسا الحكومة والجمهورية. وهذا حق دستوري بمعزل عن تفاصيله والأسباب الموجبة»، مشيرة الى أنه ليس بالضرورة أن ينشر بالجريدة الرسمية لاعتبارات شخصية تتعلق بالمستحصلين على الجنسية»، مشددة على أن رئيس الجمهورية لا يوقع مرسوماً إذا كان يخالف الدستور أو يضرّ بالمصلحة العليا للبلاد. بينما قالت مصادر وزارية وقانونية لـ«البناء» إن «مرسوم التجنيس لا يخالف الدستور لكن أيّ مرسوم في هذا الموضوع يجب أن يحدّد عدد الأشخاص الممنوحين الجنسية وتحديد الأسباب الموجبة لمنحهم».
وأشار وزير الداخلية والبلديات الأسبق العميد مروان شربل لـ«البناء» الى أنّ «لرئيس الجمهورية الصلاحية والحق الدستوري بتوقيع أيّ مرسوم مع رئيس الحكومة والوزير المختصّ ولا شيء يمنع الرئيس عون من توقيع مرسوم التجنيس لا سيما وقد حصلت سوابق عدة خلال العهود السابقة»، مشيراً الى أنّ عدد الذين مُنحوا الجنسية بموجب هذا المرسوم أقلّ بكثير ممن منحوا الجنسية في العام 1994 الذي بلغ عددهم حوالي 120 ألفاً من سوريين ومصريين وفلسطينيين وغيرهم». ولفت الى أنّ «الرئيس السابق للجمهورية ميشال سليمان وقع مرسوم تجنيس أبان الحكومة التي رأسها الرئيس نجيب ميقاتي شمل عدداً قليلاً من الأجانب من أصول لبنانية قبيل صدور مرسوم استعادة الجنسية».
باسيل: لا حكومة من دون السريان والعلويين
ومن المرتقب أن يعود مسار التأليف الى زخمه مع عودة الرئيس الحريري من السعودية المرجح الأسبوع المقبل، برز تصريح رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل أمس، بأن الحكومة لن تكتمل إلا بتمثيل السريان والعلويين ما يعني بأنّ الحكومة العتيدة ممكن أن تتعدّى الثلاثين وزيراً، وقالت مصادر بعبدا لـ «البناء» إنّ «مشاورات تأليف الحكومة مجمّدة ريثما يعود الرئيس الحكومة المكلف»، ورفضت الحديث عن حصة لرئيس الجمهورية بل «للرئيس الحق بأن يكون ممثلاً بعدد من الوزراء»، وأكدت المصادر «اتفاق الرئيسين على حكومة من 30 وزيراً وأن لا يتعدّى العدد أكثر»، وأشارت الى أنه «لم يتمّ الدخول في تفاصيل الحصص وتوزيع الحقائب حتى الآن والرئيس عون ينتظر من الحريري أن يأتيه بتصوّر أوّلي أو مسودّة تشكيلة ليضع رؤيته وتصوّره وملاحظاته عليها». ولفتت الى أنّ «كلام الرئيس المكلف عن حصة وزارية له ليس موجّهاً ضدّ الرئيس عون الذي لا يمانع أن يكون لرئيس الحكومة حصة وازنة». وقال مصدر وزاري ودستوري لـ «البناء» إنّ «رئيس الجمهورية هو من يوقع مرسوم تشكيل الحكومة بحسب الدستور. وهذه إحدى أهمّ صلاحياته بعد اتفاق الطائف ومن الطبيعي أن يحدّد عدداً من الوزراء الذين يراهم أفضل من غيرهم لتمثيله، أما تشكيل الحكومة فتتمّ بالاتفاق مع رئيس الحكومة الذي له الحق أيضاً بالحصول على وزراء لكن ذلك خاضع للاتفاق بين رئيسي الجمهورية والحكومة».
وأشار المصدر الى أنّ «هناك مبالغة بالحديث عن عزل حزب القوات اللبنانية الذي من حقه أن يتمثل في الحكومة ولا خلاف على الحصة، بل الخلاف سياسي بين التيار الوطني الحر والقوات»، أما نائب رئيس الحكومة فـ»لا توجد أعراف وقواعد لتحديد من يتولى المنصب، لكن من المنطقي أن يذهب الى الكتلة المسيحية الأكبر رغم غياب أيّ صلاحيات دستورية لهذا المنصب».
ورأى وزير المال علي حسن خليل أنّ «أمور التشكيل تسير بطريقة ايجابية»، داعياً الى «الابتعاد عن رفع الاسقف في المطالب»، ولفت الى أنّ «المطلوب قيام حكومة لتنفيذ مقرّرات مؤتمر سيدر»، مشيراً الى أنه «يجب تخفيض الإنفاق وإغلاق مزاريب الهدر وتكبير حجم الاقتصاد الذي يمرّ بفترة حرجة جداً وهناك نوع من الجمود الاقتصادي يؤثر على نسبة العجز».
إبراهيم: التواصل مع سورية قائم لإعادة النازحين
على صعيد آخر، وبعد كلام البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي بعد جولته الأوروبية حول غياب النيات الدولية لإعادة النازحين السوريين الى سورية، أكد المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم أنّ «التواصل قائم مع السلطات السورية لإعادة آلاف السوريين الى ديارهم والموضوع قريب». وقال، خلال قيامه بجولة تفقدية على المبنى الجديد لمركز المتن الإقليمي في الجديدة: «سيتمّ إنشاء 10 مراكز في لبنان خاصة بالسوريين لتخفيف الضغط عن المراكز الأساسية، وذلك لا يعني ان بقاءهم في لبنان سيطول».
وأشارت مصادر وزارية لـ«البناء» ألى أن «لا مؤشرات خارجية على إعادة النازحين السوريين لأسباب سياسية، ما يعني أن لا حلّ قريب لأزمة النازحين في لبنان»، مرجحة أن يتحوّل هذا الملف خلافاً ساخناً وحاداً بين مكونات الحكومة المقبلة، متوقعة أن «لا يغيّر رئيس الحكومة موقفه من هذا الملف في ظلّ الضغط الخارجي». وأبدت تقديرها لجهود اللواء إبراهيم، لكنها غير كافية وإن كان إبراهيم سيعمل على تسهيل عودة من يريد من النازحين السوريين مع السلطات السورية، لكن لا إرادة لدى النازحين بسبب المخاوف الدولية التي زرعتها منظمات الأمم المتحدة في نفوسهم».
الأمن في البقاع
وأكد رئيس الجمهورية انّ اجتماعات مكثّفة ستعقد مع القيادات السياسية والأمنية لوضع حدّ للفوضى المنتشرة في منطقة بعلبك – الهرمل، في أسرع وقت ممكن، وأنه سيتابع الوضع مع رئيس الحكومة سعد الحريري واعضاء مجلس الدفاع الاعلى والفاعليات السياسية لاتخاذ ما يلزم من اجراءات.
موقف الرئيس عون نقله عنه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي زار قصر بعبدا، أمس يرافقه محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر حيث وضعاه في أجواء آخر التقارير الامنية الواردة من منطقة البقاع عامة، وبعلبك – الهرمل على وجه الخصوص.
المصدر: صحف