تناولت الصحف الصادرة في بيروت نهار الخميس في 25-5-2017 العديد من الملفات الإقليمية والمحلية، وجاءت افتتاحياتها على الشكل التالي.
الاخبار
«حرب إلغاء» سعودية ــ إماراتية ضد قطر!
دعاء سويدان
سيُسجَّل تاريخ الـ24 من أيار 2017 يوماً فارقاً جديداً في مسار الصراعات الخليجية البينية. بعد حوالى سنتين ونصف سنة من «وفاق إكراهي» تحقّق بموجب ما سُمّي «المصالحة الخليجية» التي أعقبت أزمة سحب السفراء في آذار 2014، بدا ليل أمس أن علاقات قطر بـ«شقيقاتها» مقبلة على مرحلة غير مسبوقة من التأزم، تُنذر المواقف السعودية، حتى الآن، بأنها قد تبلغ نقطة اللاعودة.
ظهر الأمر، ولا يزال، أشبه بـ«حرب مفتوحة» على الإمارة «المشاكسة»، تعيد نبش ملفات الماضي، وتؤسّس على تصريح منسوب لأمير قطر، تميم بن حمد، لتقريع الدوحة بوصفها «شوكة في خاصرة العرب»، وتهديدها بأنها ستدفع ثمن «خيانتها». فصل أشد ضراوة من صراع قطري ــ خليجي لم تُغلق ملفاته يوماً بقدر ما تم ترحيلها ودفنها تحت الرمال المتحركة. فصل لا يبدو معزولاً عن «المهرجان» (على حدّ تعبير صحف محسوبة على قطر) الذي أُقيم للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في السعودية. فهل يُعدّ «الكباش» المستجد بين السعودية والإمارات من جهة، وقطر من جهة أخرى، شرخاً في ما أرادته الرياض إجماعاً عربياً إسلامياً على محاربة إيران برعاية واشنطن وتل أبيب؟ أم أن الهجمة الخليجية الشرسة على الدوحة يمكن عدّها إرهاصاً للتغييرات المرتقبة في المنطقة بعد زيارة ترامب؟
لم تهضم قطر، ومن ورائها تركيا قائدة المشروع «الإخواني»، أن تكون السعودية المحجّة الأولى لساكن البيت الأبيض الجديد وحكام الدول العربية والإسلامية. واقعة من هذا النوع كانت تعني، بالنسبة إليها، التسليم بأهلية الرياض لقيادة مشروع «خليجي ــ عربي ــ إسلامي» في المنطقة. هي التي بذلت كل ما في وسعها، وأنفقت الكثير مما في جيبها، لتهشيم تلك القيادة، سواء في سوريا، حيث ألقت بثقلها خلف الفصائل والجماعات المحسوبة عليها لتضييق الخناق على أخصامها الموالين للسعودية، أو في العراق حيث تعمل جاهدة على انتزاع مشروعية «تمثيل السنّة وقيادتهم»، أو في اليمن، الخارطة الأكثر تعقيداً، حيث تتصرف بهدوء على قاعدة «دع السعودية تعمل، دع السعودية تخسر»، أو في ليبيا حيث لا يزال دعمها متواصلاً للأطراف الموالية لها في الحرب الأهلية الدائرة في البلاد، أو في مصر حيث تستمر الحرب على النظام، الثابت حتى الآن على تحالفه مع السعودية والإمارات، على الرغم من أن وقف الحملات الإعلامية على ما تراه الدوحة «انقلاباً في مصر» كان من شروط «المصالحة الخليجية».
زادت الأمر سوءاً النيّات «الترامبية» إزاء جماعة «الإخوان المسلمين»، والأحاديث المتواصلة عن عزم واشنطن إدراج الجماعة على لائحتها للتنظيمات الإرهابية، مع ما قد يستتبعه ذلك من خطوات أكثر جرأة ضد «الإخوان» في غير ساحة من الساحات التي ينشطون فيها. في النتيجة، كان السكوت والرضاء القطريان بـ«المهرجان السعودي» لترامب يعني، بكل بساطة، أن الدوحة تطلق النار على نفسها. فما الذي فعلته الإمارة «المشاغبة»؟ لم تعمد إلى خفض مستوى تمثيلها في قمة الرياض، كما فعلت تركيا التي أوفد رئيسها، رجب طيب أردوغان، وزير خارجيته مولود جاويش أوغلو، إلى القمة، تعبيراً عن «استعلاء سلطاني» على ما كان دائراً في السعودية من «تذلل»، بل عمدت إلى «لعبتها» المعهودة في تسخير «امبراطوريتها» الإعلامية لإيصال رسائل سياسية (خصوصاً بعدما عمد مستضيف القمة، الملك سلمان، إلى التعقيب على المداخلة العنيفة للرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ضد تركيا وقطر، بالقول: «نؤيّدكم في ما قلتموه، وسندعمكم…»).
منذ ما قبل بدء زيارة ترامب للسعودية حتى انتهاء زيارته لإسرائيل، عزفت وسائل الإعلام القطرية، المكتوبة والمرئية، على أنغام واحدة: استهزاء بالرياض التي تحولت خلال أيام إلى «ورشة عمل استثنائية» للتجهيز لاستقبال ترامب؛ تشكيك في ما يمكن أن تسفر عنه الزيارة أكثر من الخطابات و«الكلام المعسول» والوعود والتهليل السعودي؛ تشديد على مصلحة إسرائيل، حصراً، في ما شهدته الأيام الماضية، خصوصاً أن ترامب اكتفى، في ختام زيارته تل أبيب، بـ«ببضع جُمل» حول «حكمة وذكاء الزعماء العرب»، فيما «تجنّب النطق» بأيّ كلمات يمكن أن تُفهم منها مطالبة حكومة نتنياهو بتنازلات؛ استياء واضح من وضع حركات المقاومة الإسلامية، خصوصاً منها حركة حماس، في سلة واحدة مع التنظيمات الإرهابية والدعوة إلى محاربتها (اقتصرت وسائل الإعلام القطرية في تجليتها هذه المفارقة على ذكر «حماس»، علماً بأن «حزب الله» وُضع في السلة نفسها أيضاً)؛
تغطية هجومية انتقادية (كان لافتاً، على هامش تلك التغطية، نشر إحدى الصحف المحسوبة على قطر مقالاً لوزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، عشية القمم الثلاث في الرياض) رافقتها تصريحات قطرية رسمية تدين الحملة التي تستهدف الدوحة، بالتزامن مع زيارة ترامب، على خلفية «دعمها للمنظمات الإرهابية»، في عملية دعائية يُعتقد، على نطاق واسع، أن مؤسسات الـ«بروباغندا» الإماراتية العاملة في الولايات المتحدة ودول غربية أخرى هي التي تقف خلفها. وهو ما يشي بأن الانقضاض السعودي الإماراتي، ليل أمس، على قطر، لم يكن وليد لحظته، بل ربما تم الإعداد له قبل فترة، والتهيئة لإطلاقه بضربات إماراتية «تحت الحزام» موجهة إلى الدوحة.
البيان «القنبلة»
ظل الاغتياظ السعودي من التهجم القطري على زيارة ترامب ومجرياتها ونتائجها مكتوماً حتى ليل أمس، حيث جاء البيان المنسوب لأمير قطر، والذي ينتقد فيه السعودية والإدارة الأميركية الجديدة ويغازل إيران، ليمثل القشة التي قصمت ظهر البعير. وعلى الرغم من نفي الرئيس التنفيذي لمؤسسة «قطر للإعلام»، عبد الرحمن بن حمد آل ثاني، ومدير مكتب الاتصال الحكومي، سيف بن أحمد آل ثاني، صحة التصريحات المنسوبة لتميم، وتأكيدهما تعرّض موقع وكالة الأنباء القطرية الرسمية «قنا» للاختراق، أصرّت وسائل الإعلام السعودية والإماراتية على فتح الهواء مباشرة لتغطية التصريحات والرد عليها.
ساعدها على ذلك عاملان: أن النفي القطري لتصريحات تميم جاء بعد حوالى ساعة ونصف من انتشار الخبر وتداوله على نطاق واسع، وأنه، كذلك، لم يأت على لسان الديوان الأميري أو وزارة الخارجية بل على لسان موظف إعلامي حكومي. والعامل الثاني أن جزءاً من التصريحات المنسوبة لأمير قطر كانت جلته، مسبقاً، التغطية القطرية لزيارة ترامب، كما في قوله: «إنه لا يحق لأحد أن يتهمنا بالإرهاب لأنه صنّف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، أو رفض دور المقاومة عند حماس وحزب الله»، وإن «العلاقة مع الولايات المتحدة قوية ومتينة رغم التوجهات غير الإيجابية للإدارة الأميركية الحالية»، وإن على السعودية «العمل الجاد المتوازن بعيداً عن العواطف وسوء تقدير الأمور، مما ينذر بمخاطر قد تعصف بالمنطقة مجدداً نتيجة ذلك».
أما الجزء الآخر من تصريحات تميم المفترضة، فقد كان صدر ما يشبهه، وإن بلهجة مواربة وأقل حدة، خلال زيارة ترامب، مثلما في قوله: «إن ما تتعرض له قطر من حملة ظالمة تزامنت مع زيارة الرئيس الأميركي إلى المنطقة، وتستهدف ربطها بالإرهاب، وتشويه جهودها في تحقيق الاستقرار معروفة الأسباب والدوافع، وسنلاحق القائمين عليها من دول ومنظمات». وفي الجزء الثالث من التصريحات المفترضة، تبرز المحددات الاستراتيجية القطرية المعروفة سلفاً، وإن في موقف أكثر تقدماً وجرأة، كما في الآتي: «ليس من الحكمة التصعيد معها (إيران)، خاصة أنها قوة كبرى تضمن الاستقرار في المنطقة عند التعاون معها، إنها (قطر) تودّ المساهمة في تحقيق السلام العادل بين حماس الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني وإسرائيل».
الجديد في البيان المنسوب إلى تميم هو التهجّم المباشر على السعودية، على خلفية «تبنّيها نسخة متطرفة من الإسلام لا تمثل حقيقته السمحة»، ومبالغتها «في صفقات الأسلحة التي تزيد من التوتر في المنطقة، ولا تحقق النماء والاستقرار لأي دولة تقوم بذلك»، واعتباره أن قاعدة العديد الأميركية «تمثل حصانة لقطر من أطماع بعض الدول المجاورة» في إشارة مبطّنة إلى السعودية والإمارات (قال الأمير تميم أيضاً في هذا المفصل من التصريحات إن قاعدة العديد «هي الفرصة الوحيدة لأميركا لامتلاك النفوذ العسكري في المنطقة، في تشابك للمصالح يفوق قدرة أي إدارة على تغييره»، في تعبير عن استياء الدوحة من التطنيش «الترامبي» لها).
تلقّفت وسائل إعلام الرياض وأبو ظبي التصريحات القطرية المفترضة بنهم كبير، واستضافت، على مدار ساعات ليل الثلاثاء ــ الأربعاء، محللين من مصر والسعودية والبحرين أسهبوا في مهاجمة قطر وسياساتها. مهاجمة كان مقدمو التغطية شركاء فيها، من خلال أسئلتهم التي بدت أشبه ببيانات سعودية رسمية تُتلى عليهم من فوق. وما زاد الطين بلة خبر نُشر على صفحة وكالة الأنباء القطرية الرسمية «قنا» على موقع «تويتر»، مفاده سحب الدوحة سفرائها من الرياض والكويت والمنامة وأبو ظبي والقاهرة. وهو ما عاد وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ونفاه على نحو مرتبك ومشوّش قائلاً: «إنه لم يقل سحب أو طرد السفراء، وإن تصريحه أخرج من سياقه»، فيما ذكرت «قنا» أن «حسابها على تويتر تمت قرصنته، وأن الجهود تجري لاستعادته»، في تناقض غير مفهوم.
أكثر من ذلك، بلغ الأمر بقناة «العربية» حدّ استعادة تسجيلات منسوبة لأمير قطر السابق حمد، تُبيّن «تآمره» مع نظام معمر القذافي على إسقاط الملكية السعودية، في حين نشر موقع القناة تقريراً باسمها يتهم الدوحة بـ«تسخير إمكاناتها لسنوات طويلة لتكون صوتاً للجماعات المتشددة»، وبـ«خلط الأوراق في المنطقة إثر ثورات الربيع العربي». وأوردت صحيفة «عكاظ» السعودية، بدورها، التصريحات المنسوبة لتميم تحت عنوان: «تثير الاستهجان وتتحدى الإرادة الدولية: قطر تشق الصف… وتنحاز لأعداء الأمة». وبعدما بادرت هيئة تنظيم الاتصالات الإماراتية إلى حجب موقع «الجزيرة نت»، عمدت الجهات المختصة في السعودية إلى حجب مواقع قطرية من بينها «الجزيرة نت، قنا، الوطن، الراية، العرب، والشرق»، فضلاً عن «مجموعة الجزيرة الإعلامية» و«الجزيرة الوثائقية» و«الجزيرة الإنجليزية». وفي ردّها على الخطوات السعودية والإماراتية، دانت وسائل الإعلام القطرية «التضليل الإعلامي» الذي تمارسه قنوات الرياض وأبو ظبي، متحدثة عن «نية مبيّتة للإساءة إلى قطر». وفي وقت لاحق، أصدرت وزارة الخارجية القطرية بياناً استغربت فيه «موقف بعض وسائل الإعلام والفضائيات التي نشرت تصريحات كاذبة (منسوبة) لأمير البلاد رغم صدور بيان ينفي صحتها»، مؤكدة أن الدوحة «فتحت تحقيقاً لمعرفة الجهات التي تقف خلف اختراق موقع الوكالة الأنباء القطرية (قنا)»، بمساعدة «دول شقيقة وصديقة» لم تسمّها.
إلى أين؟
سواء كانت التصريحات المنسوبة إلى أمير قطر حقيقية على طريقة السياسيين العرب في جسّ النبض واستكشاف النيّات (يسهل بعد التسريب نفي الكلام ونسبه إلى قرصنة)، أو مكذوبة بفعل فاعل، فإن الأجواء التي سادت خلال الأيام الماضية خط الدوحة ــ الرياض تُنبئ بأن صفحة «المصالحة الخليجية» ستُطوى، لتُفتح بعدها صفحة من الصراع البيني الذي قد لا يقف على حدود ما شهدته السنوات الفائتة. صراعٌ لا يُستبعد أن تكون بوادره المتسارعة اليوم توطئة لتفاعلات زيارة ترامب للمنطقة، والتي يظهر أن من ضمنها محاولة حسم ملف النزاع مع «الإخوان» وراعيتهم الخليجية قطر، على قاعدة ترتيب أوراق البيت الداخلي، وفي مقدمها الملف المذكور إلى جانب الملف البحريني، قبل التفرغ للملفات الأكثر خطورة. وفي انتظار ما ستكشفه الأيام المقبلة، تبدو مفيدة مراقبة الساحة اليمنية، لا لكونها المختبر المنتظر لجدية وعود ترامب للسعودية فقط، بل باعتبارها أيضاً المعمل لمختلف وجوه الصراعات الخليجية. وعلى مستوى الصراع مع قطر، فإن التعامل السعودي، مستقبلاً، مع حزب «التجمع اليمني للإصلاح» (فرع الإخوان المسلمين في اليمن) وأذرعه العسكرية، هو ما سيكون ذا دلالة بالغة.
ليلة انتصار ابن زايد!
على الرغم من أن السعودية تصدرت، ليل أمس، الهجمة على قطر، فإنّ الإمارات لم تكن بعيدة من المشهد، بل سبقت السعودية في العديد من مفاصل «الحرب الإعلامية» بين الجانبين. إذ إن أبوظبي عمدت إلى حجب موقع «الجزيرة نت» حتى قبيل انتشار التصريحات المنسوبة إلى أمير قطر، لتبدأ بعد ذلك عبر قنواتها، وفي مقدمتها «سكاي نيوز عربية»، تغطية «شرسة» لتلك التصريحات ومفاعيلها.
سبقٌ يرى فيه العارفون بالشأنين السعودي والخليجي ارتباطاً وثيقاً بالصراع «المكبوت» بين تيار محمد بن زايد ومحمد بن سلمان المناوئ لـ«الإخوان»، وبين تيار محمد بن نايف الذي يكنّ كراهية لبن زايد على خلفية وصف الأخير لوالده نايف بـ«القرد»، وفق ما كشفت «ويكيليس»، ويُفضّل العلاقة مع «الإخوان» لجملة أسباب من بينها تحقيق التوازن مع ولي العهد الإماراتي. ويرى هؤلاء المراقبون أن ما جرى ليل أمس ظهّر بوضوح ميلان الكفة لمصلحة المعسكر الأول، الذي عمد قطبه السعودي (بن سلمان)، أخيراً، إلى تقريب الشخصيات الإعلامية السعودية المحسوبة على بن زايد (كعبد الرحمن الراشد وخالد الدخيل) من بلاطه.
البناء
مسلسل الكلام المنسوب لأمير قطر مستمرّ رغم الإعلان الرسمي بأنه مدسوس
الرياض تخوض حرباً إعلامية مبرمجة لقطع الجسور مع الدوحة تمهيداً لمواجهة
نصرالله يُطلّ في عيد التحرير بين قمة الرياض وأحداث البحرين وقانون الانتخاب
استحوذ الكلام المنسوب لأمير قطر منتصف ليل أول أمس، على اهتمام الوسطين السياسي والإعلامي على مستوى المنطقة، رغم الإعلان القطري الرسمي عن تعرّض مواقع قطرية للقرصنة ونفي صدور هذا الكلام عن الأمير، إلا أنّ الذي أبقى الحدث في الواجهة هو ما بدا من إصرار سعودي على التصعيد واستحضار تسجيلات سرية سابقة للأمير الأب يتهجّم فيها على السعودية وإعادة بثها، وإعداد تقارير وثائقية عن علاقة قطر بالقاعدة والإخوان المسلمين، لإثبات أنّ الكلام المسنوب للأمير هو نسخة عن المواقف الفعلية لحكومة قطر. ورغم صحة الاتهامات السعودية بدت الحملة غير مفهومة في ظلّ تراجع قطري عن الكلام المنسوب للأمير إذا كان صادراً عنه، أو التوضيح بكونه مدسوساً، بحيث بدا أنّ السعودية أمام قرار مواجهة مفتوحة مقرّرة مع قطر وجدت بالحديث مناسبة وفرصة، أو إذا صحّت رواية القرصنة فستكون للسعودية يد فيها، خصوصاً أنّ تزامن الأزمة السعودية القطرية مع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أوحى بصلة معينة لمواجهة بما دار في الزيارة الأميركية من تفاهمات سعودية أميركية قد يكون بينها الضوء الأخضر لوضع السعودية يدها على الحكم في قطر، وانتظار الموافقة «الإسرائيلية»، التي يبدو أنّ ترامب حصل عليها في زيارته لتل أبيب فانطلقت الحملة، بعدما استنفد الأميركيون و»الإسرائيليون» ما تستطيع قطر تقديمه، ونضجت السعودية لتخديم مسيرة التعاون مع «إسرائيل» بصورة أشدّ قوة وأكثر فائدة، بينما يشكل التموضع القطري وراء تركيا سبباً لعدم الحماس الأميركي لحمايتها، وتشكّل علاقتها بإيران سبباً لعدم الثقة بمساهمتها بالتصعيد الذي يريده التحالف الأميركي السعودي «الإسرائيلي» ضدّ طهران.
لبنانياً، تخطت الحكومة مطبات بيان قمة الرياض وتمّ الاكتفاء بتثبيت الالتزام بسقوف البيان الوزاري وخطاب القَسَم، بينما بقي الفراغ سيد الموقف في جديد البحث عن قانون جديد للانتخابات النيابية.
على خلفية هذه التطوّرات وفي مقدّمتها عيد المقاومة والتحرير يطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عصر اليوم متحدثاً عن المقاومة وحساباتها واستراتيجياتها وعن الحرب في سورية بوجه المشروع الأميركي مانحاً حيّزاً في كلمته للأحداث الدموية في البحرين ولقمم الرياض، وما تمثل في مستقبل الخريطة السياسية للتحالفات التي أسّس لها ترامب بين دول الخليج و»إسرائيل»، من دون أن يُغفل ما ينتظر اللبنانيون منه تجاه قانون الانتخابات النيابية.
خطاب شامل لنصرالله في ذكرى التحرير
في وقتٍ تغرق الأمة في أزماتها السياسية والعسكرية والاقتصادية وفي زمن القمم الهادفة الى استنزاف وسرقة الموارد المالية والاقتصادية لشعوب المنطقة، بتواطؤ حكام وملوك ورؤساء يمعنون في ارتكاب المجازر بحق مواطنيهم ممن يعارض سياساتهم ويقدّمون مئات مليارات الدولارات للولايات المتحدة لقاء بقاء أنظمتهم على قيد الحياة، وتزامناً مع التطبيع ورسائل الغزل والودّ الذي شهده مؤتمر الرياض بين دول الخليج والكيان الصهيوني الذي يستغلّ وجود الادارة الاميركية الجديدة للتمادي في اعتداءاته ضد الشعب الفلسطيني وتصفية القضية الفلسطينية، وعلى وقع انتصارات الجيش السوري وحلفائه على جبهات القتال ضد التنظيمات الارهابية في سورية واسقاط مشاريع التقسيم، يستذكر لبنان الشعب والجيش والمقاومة عيد المقاومة والتحرير عام 2000 الذي شكّل باعتراف كبار قادة الاحتلال، نقطة تحول استراتيجي في تاريخ الصراع العربي «الاسرائيلي» ومثّل مع هزيمته في عدوان تموز 2006 علامة سوداء في سجل حروب «اسرائيل» ضد العرب وهيبة وثقة جيشها.
عن هذا الواقع، يتحدث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عصر اليوم في احتفال يقيمه الحزب في مدينة الهرمل في البقاع، ويبدأ السيد نصرالله خطابه العالي النبرة والمليء بالرسائل والشامل لمجمل المشهد الدولي والإقليمي والمحلي، بالاشارة الى دلالة عيد التحرير والحصانة التي أعطاها للبنان ومنظومة الأمان والطمأنينة التي وفرها لكل اللبنانيين وكيف أن شعوباً عربية عدة استفادت من تجربة المقاومة في تحرير الجنوب للتمسك بخيار المقاومة لتحرير أرضها والدفاع عن شعوبها ومقدراتها. ثم يتحدث السيد نصرالله عن قمة الرياض التي أظهرت وجه الصراع الدائر في المنطقة بين محورين، الأول تتزعمه الولايات المتحدة ومعها دول الخليج و«اسرائيل»، والثاني محور المقاومة الممتد من إيران الى سورية وحزب الله وحركات المقاومة الفلسطينية، هذا الحلف الذي لن يستسلم وسيستمر في مقاومة المشاريع الأميركية والصهيونية وإسقاط المشاريع الإرهابية. وسيلفت الى إشارات الرئيس الاميركي دونالد ترامب البالغة الدلالة عن «اسرائيل» ودول الخليج.
كما يعرّج السيد نصرالله على التطورات في البحرين والمرشحة الى مزيدٍ من التأزم والتصعيد وعن الظروف الانسانية الصعبة في اليمن وفلسطين المحتلة وسيتطرّق في الوقت المتبقي الى الشأن اللبناني، لا سيما الوضع على الحدود الشرقية مع سورية بعد انسحاب مجاهدي المقاومة منها إضافة الى ملف قانون الانتخاب.
وأكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عشية احتفال لبنان بذكرى التحرير، أن «الفرحة لن تكتمل إلا بتحرير الاراضي اللبنانية التي لا تزال تحتلها اسرائيل». ومن جهته، هنأ رئيس الحكومة سعد الحريري اللبنانيين بعيد التحرير الذي وصفه بـ»الإنجاز الكبير الذي حققه اللبنانيون في تحرير أرضهم من الاحتلال «الاسرائيلي» بفضل وحدتهم الوطنية وموقفهم الموحد حيال العدو الاسرائيلي».
ووجّه قائد الجيش العماد جوزاف عون أمر اليوم إلى العسكريين في المناسبة، داعياً العسكريين إلى «البقاء على أتم الاستعداد لمواجهة ما يبيته العدو «الإسرائيلي» من مخططات تستهدف أرضنا وشعبنا وثرواتنا الطبيعية، مع الحرص الدائم على التزام القرار 1701 ومندرجاته، بالتعاون الوثيق مع القوات الدولية، كما دعاهم مع توسّع انتشارهم على الحدود الشرقية إلى مزيد من اليقظة والجهوزية لمواصلة الحرب على الإرهاب، والعمل على استئصال هذا الخطر نهائياً من جسم الوطن، ونحن على ذلك لمصمّمون وقادرون».
تجاوزت بيان الرياض وجدّدت لسلامة
مواقف الرئيسين عون والحريري، جاءت خلال جلسة لمجلس الوزراء في قصر بعبدا أمس، حيث تمكن المجلس من تجاوز قطوع الخلاف حول قمة الرياض وموقف الوفد اللبناني من البند المتعلق بحزب الله، حيث قدم وزراء الحزب خلال الجلسة اعتراضهم على موقف لبنان من هذا البند وطلبوا توضيحاً من رئيس الحكومة الذي أشار الى «التزام لبنان ميثاق جامعة الدول العربية وانتماء لبنان العربي، وحرصه الدائم على ترميم العلاقات مع كل الدول العربية وباقي الدول»، وأكد أن «إعلان الرياض، ليس ملزماً وما يهمنا هو وحدتنا الوطنية والمواقف المحددة في خطاب القَسَم، والبيان الوزاري». وأضاف: «في المنطقة متغيرات عدة، وعلينا أن نحيّد لبنان، بحيث لا يكون جزءاً من أي صراع أو خلاف، إن سياستنا النأي بالنفس لتجنيب لبنان أي دخول مع طرف ضد آخر وهذا هو الأساس».
وقالت مصادر وزارية لـ«البناء» إن «مجلس الوزراء يقيم موقف الوفد اللبناني في قمة الرياض تحت سقف البيان الوزاري الذي يشير الى عدم الدخول في المحاور الإقليمية وتجنيبه تداعيات الحروب والأزمات الخارجية»، وأكدت أن «بيان الرياض لم يؤثر على الاستقرار والتماسك الحكومي». وأشار الرئيس عون الى أن «بيان القمة العربية -الإسلامية – الأميركية التي عقدت في الرياض، صدر بعد مغادرة الرؤساء والوزراء»، مؤكداً في هذا المجال «التزام لبنان بما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري».
ولم تشهد الجلسة الوزارية أي سجالات حول بيان الرياض، بحسب ما علمت «البناء»، حيث «استمع وزراء حزب الله و8 آذار الى توضيح رئيس الحكومة ولم يعترضوا عليه وانتهى النقاش في هذه النقطة بالتفاهم على الالتزام بالبيان الوزاري والحفاظ على الاستقرار الحكومي في ظل الظروف الصعبة التي يعاني منها لبنان». وأقر مجلس الوزراء جميع بنود جدول الاعمال، بينما أقر من خارج الجدول، تعيين حاكم مصرف لبنان الحالي رياض سلامة حاكماً لولاية كاملة، وسبق الجلسة اجتماع بين رئيسي الجمهورية والحكومة تم خلاله البحث في المستجدات وجدول أعمال الجلسة.
وعلمت «البناء» أن قرار التجديد لسلامة تمّ بالإجماع ولم يلق اعتراضاً من أي طرف، بل أشار رئيسا الجمهورية والحكومة وجميع الوزراء الى ضرورة التجديد لسلامة لما يشكله من ضمانة للاستقرار النقدي والمالي والاقتصادي في البلد، فضلاً عن قدرته على مواجهة التحديات والمخاطر المالية التي يتعرض لها لبنان لا سيما قرار العقوبات الاميركي على حزب الله الذي من المفترض أن يصدر في وقتٍ قريب.
عقد استثنائي مقابل تأجيل جلسة 29 أيار
وحضر قانون الانتخاب في نقاشات مجلس الوزراء، وأشار الرئيس عون الى أنه «لا تزال لدينا مهلة حتى 20 حزيران المقبل للوصول الى اتفاق على قانون انتخابي جديد، ولن نترك أي فترة تمر يكون فيها فراغ في مجلس النواب وسنعمل على الوصول الى صيغة للقانون»، بينما أشار الحريري الى العمل بشتى الوسائل للتوصل الى قانون جديد.
وقال مصدر وزاري في المستقبل لـ«البناء» «إن المستقبل لم يحدد موقفه من إجراء الانتخابات على الستين بعد بانتظار نتيجة المشاورات في المهلة المتبقية»، لكنه أوضح أن المستقبل سيؤيد اي خيار يجنب البلاد الفراغ النيابي»، وأشار الى «موقف الرئيس عون حيال الذهاب الى الستين في حال تعذّر التوافق وحرصه على عدم الوقوع في الفراغ».
وفي ظل غياب أي مؤشرات ومعطيات جديدة توحي بقرب التوصل الى قانون جديد، علمت «البناء» أن «التوجه الى تأجيل جلسة 29 أيار مقابل فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي لإقرار القانون في حال تم التوافق عليه»، بينما لفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أن «كلام الرئيس عون حول العودة الى الستين في حال تعذر الاتفاق على قانون جديد لا يعني حسم الأمر بالذهاب الى انتخابات على الستين بل لا زلنا ضمن لعبة عض الأصابع وكل طرف يخفي أوراقاً اضافية في جعبته سيرميها في الوقت المناسب»، وأشارت الى أن «ما دام الوقت متاحاً فإن فرص حل الازمة موجودة». ونقل النواب عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري في لقاء الاربعاء النيابي قوله «إن موعد جلسة 29 قائم إلا إذا فُتحت دورة استثئنائية، وأن لا شيء جديداً في ملف قانون الانتخاب وإن كانت الاتصالات مستمرة»، داعياً الى «ترتيب البيت الداخلي في ظل التطورات الخطيرة في المنطقة».
كما نقل الزوار عن بري لـ«البناء» قوله إن «مشروعه الانتخابي بات خارج التداول من منتصف الشهر الحالي، ولذلك الرئيس بري ملتزم الصمت ولم يعد لديه أي شيء ليقدمه ولم تعرض عليه مبادرات أو طروحات جديدة منذ ذاك الوقت، وأوضحوا أنه في حال تم التوافق على قانون في حزيران المقبل سيصار الى تحديد التمديد التقني ضمن القانون يليه إجراء انتخابات نيابية، أما في حال لم يتم إقرار قانون جديد، فالعودة الى الستين بات الخيار الوحيد، وحينها يجري الاتفاق على تمديد تقني ثم إجراء الانتخابات خلال ثلاثة أشهر كما تقول المادة 25 من الدستور وإما يُحلّ المجلس النيابي ويبقى كذلك حتى إجراء الانتخابات في أيلول من دون تمديد»، واستبعدت طرح القانون على مجلس الوزراء على التصويت في حال تعذّر التوافق، مشيرين الى أن «قانون الانتخاب لا يتمّ بالفرض بل بالتوافق». وأشار وزير الداخلية نهاد المشنوق الى «مساعٍ لفتح دورة استثنائية في محاولة للمساعدة في إقرار قانون انتخاب وإذا لم نوفّق فستكون هناك انتخابات في ايلول وفق الستين».
وفور عودته الى لبنان، بدأ الحريري أمس جولة جديدة من اللقاءات الانتخابية مع نائب رئيس حزب القوات النائب جورج عدوان، بحضور السيد نادر الحريري، وبعد الاجتماع أعلن عدوان رفض كلام الرئيس عون حول العودة الى قانون الستين، وقال: «فخامة الرئيس أراد بالأمس أن يحث الجميع على التوصل الى قانون انتخاب جديد، واليوم نحن كقوات لبنانية متفاهمون مع دولة الرئيس سعد الحريري ومع تيار المستقبل بشكل واضح لا يقبل أي لبس، على أننا لن نقبل بأي أمر من الأمور الثلاثة هذه، أي الفراغ او التمديد وبالتأكيد لن نقبل ان نذهب الى قانون الستين، وبالتالي مطلوب منا اليوم أن نبادر وسنبادر سوياً ليكون لدينا قانون انتخابي جديد قبل 19 حزيران».
اللواء
«حزمة المخاطر» تستعيد أجواء 25 أيّار: التجديد لرياض سلامة
مخاوف أمنية أميركية من النازحين.. و«فانوس عدوان» بحثاً عن قانون الإنتخاب
اليوم 25 أيّار 2017 هو «عيد المقاومة والتحرير» ويحتفل لبنان الرسمي والشعبي به للسنة 17 على التوالي، من دون ان يغفل عمّا تبقى من اراضٍ محتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا..
على ان الأهم عشية هذا الاحتفال، الذي ثمة إجماع عبر عنه الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري في مجلس الوزراء لجهة أهمية هذا الإنجاز الذي تحقق بوحدة اللبنانيين، وموقفهم الموحّد حيال العدو الإسرائيلي، على حدّ تعبير الرئيس الحريري.. بدت الوحدة الداخلية هاجس كبار المسؤولين، إذ تجاوز مجلس الوزراء، جملة من الخلافات أبرزها ملابسات ما سبق وتلا قمّة الرياض، وعيّن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لولاية خامسة لمدة ست سنوات، ليحسم أحد أبرز الملفات الخلافية التي كادت ان تحدث تداعيات مالية ونقدية من الصعب تحمّلها.. في استعادة لاجواء 25 أيّار عام 2000، لمواجهة «حزمة المخاطر» المحدقة بالبلاد اقتصادياً وسياسياً وأمنياً.
وكان من المثير للاهتمام أيضاً إبقاء باب النقاش مفتوحاً، للتوصل إلى قانون جديد للانتخابات، حتى 19 حزيران المقبل، مما يعني ان مرسوم فتح دورة استثنائية، بات قاب قوسين أو أدنى، من دون ان يعني ذلك ان جلسة الاثنين 29 أيّار، ذاهبة باتجاه التأجيل، إذ اشترط رئيس المجلس صدور مرسوم فتح الدورة أولاً.. ليبني على الشيء مقتضاه.
وهذا ما عبر عنه صراحة الرئيس عون في مجلس الوزراء، إذ قال: «لا تزال لدينا مهلة حتى 20 حزيران المقبل للوصول إلى اتفاق على قانون انتخابي جديد، ولن نترك أية فترة تمر يكون فيها فراغ في مجلس النواب، وسنعمل على الوصول إلى صيغة للقانون».
مجلس الوزراء
وبالعودة، بعد مداخلتي الرئيسين عون والحريري، في بداية الجلسة، واللتين استوعبتا الملابسات التي نجمت لبنانياً عن نتائج القمة العربية والإسلامية والأميركية، وإعلان الرياض، سواء من خلال تأكيد الرئيس عون التزام لبنان بما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري، أو اعتبار الرئيس الحريري ان «اعلان الرياض» ليس ملزماً، وأن «ما يهمنا هو الوحدة الوطنية»، فإن جلسة مجلس الوزراء تميّزت بنقاش سياسي هادئ وقصير حول مشاركة لبنان في قمّة الرياض والموقف الذي أصدره وزير الخارجية جبران باسيل من «اعلان الرياض»، وتحدث في الموضوع الوزراء: محمّد فنيش وحسين الحاج حسن وعلي حسن خليل وعلي قانصو الذين اجمعوا، بحسب المصادر الوزارية، على رفض مضمون «اعلان الرياض», والبيان السعودي – الأميركي الذي طاول «حزب الله». وعلى وجوب صدور تأكيد من مجلس الوزراء على مواقف الرئيسين بالتزام البيان الوزاري للحكومة وخطاب القسم لرئيس الجمهورية، لجهة الحياد والنأي بالنفس عن الصراعات والمحاور الاقليمية والدولية.
واوضحت المصادران بداية الجلسة ونهايتها كانتا حول قمة الرياض، وان عرض الوزراء الاربعة اتسم بالهدوء وعدم التصعيد ولم يتناولوا بأي كلام سلبي المملكة السعودية، وقد تدخل الوزير مروان حمادة ليسجل ملاحظة مفادها انه في المضمون مع موقف زملائه لجهة عدم توريط لبنان بالصراعات الاقليمية، لكنه تمنى عدم صدور موقف عن مجلس الوزراء يعيد تأزيم علاقات لبنان العربية لا سيمامع السعودية ودول الخليج.
واشارت المصادر الى انه بعد النقاش، صدر الموقف الحكومي في المقررات الرسمية التي تلاها وزير الاعلام ملحم رياشي، بعدما طلب رئيس الجمهورية تدوينه رسمياً ليتلوها الوزير رياشي.وهو ملخص عن مداخلتي عون والحريري حول عدم اقحام لبنان في الصراعات وحفظ الوحدة الوطنية الداخلية كأولوية. عدا ذلك كانت الجلسة عادية وروتينية وتم إقرار معظم بنود جدول الاعمال وتأجيل ثلاثة بنود منه فقط.
وقبل رفع الجلسة بثوانٍ، طرح الرئيس عون من خارج جدول الأعمال والذي تضمن 36 بنداً، وبناء على تمني الرئيس الحريري في الخلوة التي جمعتهما قبل انعقاد المجلس، تمديد ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ست سنوات جديدة، وتمت الموافقة الوزارية بالإجماع.
كماطلب وزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون سحب مشروعه الذي قدمه حول هيكلية وزارته لإعادة درسه، بعدماقدم وزير العدل سليم جريصاتي مداخلة قانونية مفادها ان انشاء هيكلية لوزارة جديدة يحتاج الى قانون وليس قرارا من مجلس الوزراء، فيما اشار الوزيران خليل والحاج حسن الى ان بعض صلاحيات وزارة شؤون التخطيط تتضارب مع صلاحيات وزارات اخرى ولا يجوز أن تُقَرْ بهذه الصيغة. وتأجل كذلك بند يتعلق بوزارة شؤون التنمية الادارية لمزيد من الدرس.
ولم يتطرق مجلس الوزراء إلى أية تعيينات، فيما أوضح جريصاتي ان التشكيلات القضائية ستنجز قريباً، لكنها لا تحتاج لاصدارها إلى قرار من مجلس الوزراء بل مرسوم عادي.
قانون الانتخاب
وفيما لم يتطرق مجلس الوزراء إلى ملف قانون الانتخاب، ما خلا حضوره باقتضاب في مداخلتي الرئيسين عون والحريري واللذين شددا على ضرورة الوصول إلى اتفاق على قانون انتخاب جديد، بشتى الوسائل وانه ما تزال لدينا مهلة حتى 20 حزيران المقبل لهذه الغاية، ومن دون ان يكون هناك فراغ في مجلس النواب، لفت انتباه المتابعين لهذا الملف، الحراك الذي باشره نائب رئيس «القوات اللبنانية» جورج عدوان، الذي زار أمس الرئيس الحريري في السراي الحكومي، فيما التقى بعيداً عن الإعلام الرئيسين عون وبري، في محاولة جديدة منه للتفاهم على قانون الانتخاب، وطي صفحة العودة الى قانون الستين او التمديد والفراغ.
ولفت عدوان الى ان كلام الرئيس عون عن احتمال العودة الى قانون الستين، اذا لم يتم الاتفاق على القانون الجديد، دفعه الى استنفار كل محركاته من اجل وقف هذا الاتجاه، وانه وجد تجاوبا مع مسعاه لدى الرؤساء الثلاثة، واضعاً كلام رئيس الجمهورية في خانة حث الجميع على التوصل الى قانون جديد للانتخابات.
وكشف لـ «اللواء» انه من المفروض قبل انتهاء الدورة العادية لمجلس النواب في 31 الشهر الحالي ان يصار الى اتفاق على فتح دورة استثنائية، وفي هذه الحالة من المرجح ان يصار الى تأجيل الجلسة النيابية المقررة في 29 الحالي الى موعد جديد ربما يكون في الخامس من حزيران، لاقرار القانون الجديد، لكن هذا الامر مرهون بالاتفاق على الصيغة النهائية لهذا القانون.
وبحسب عدوان ايضا، «فإننا اصبحنا قريبين جدا من الوصول الى القانون الانتخابي، لان الاكثرية الساحقة سلمت بالنظام الانتخابي الذي يجب اعتماده وهو النسبية، الا ان هذا النظام ما زال يحتاج الى قواعد وضوابط لكي نتمكن من الحفاظ على العدالة وصحة التمثيل. وفي تقديره ان الجميع باتوا متفقين على النظام النسبي مع 15 دائرة، لكن البحث ينحصر حاليا في نسبة التأهيل في القضاء والصوت التفضيلي، من اجل تحقيق الضوابط التي يطلبها «التيار الوطني الحر» لان يسير بالنسبية الكاملة.
واكد عدوان انه لن يعود من معركة البحث عن حل لقانون الانتخاب مهزوما الا بعد فضح المستور، مشيرا الى ان عين التينة تنتظر اجوبة الافرقاء. وشبه مصدر نيابي طريف حركة عدوان ببحث ديوجين اليوناني، مضيئاً فانوسه عن الحقيقة في وضح النهار. في حين نقل النواب عن الرئيس نبيه برّي قوله بعد لقاء الاربعاء، ان الاتصالات ما زالت مستمرة حول قانون الانتخاب، ولا جديد على هذا الصعيد حتى الآن.
وعلمت «اللواء» ان «القوات» تعمل على مشروع النسبية على اساس 13 دائرة وبعيداً عن المشروع التأهيلي للوزير باسيل. وكان الرئيس بري حذر امس من خطورة الوضع الاقتصادي الذي لا يقل اهمية عن الوضع السياسي، داعيا الى ترتب البيت الداخلي في ظل التطورات الخطيرة في المنطقة. وقال بري على صفحته الرسمية في «الفيسبوك»: «بدأ تطبيق مشروع الشرق الاوسط الكبير (شيمون بيريز) تقسيم المقسم والتعاون الاقتصادي بين كل شعوب ودول المنطقة بدلا من حقوق دولة للفلسطينيين».
الحريري في طرابلس
واليوم، يتفقد الرئيس الحريري المشاريع قيد التنفيذ في طرابلس، ويرافقه في الجولة نواب ووزراء المدينة ورئيس مجلس الانماء والاعمار نبيل الجسر والمستشار للشؤون الانمائية فادي فواز. ويرعى الرئيس الحريري عند الساعة السادسة الا ربعا افتتاح سوق خضار بالجملة في ارض جلول في شارع حمد.
اطلالة نصر الله
في هذا الوقت، ينتظر اطلالة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، عصر اليوم، من الهرمل، لمناسبة عيد المقاومة والتحرير، شديدة الوطأة على واقع المواجهة الكبيرة في المنطقة بين المحورين التقليديين، والتي كرستها قمم الرياض الثلاث، وان ارادتها الارادة الاميركية تكريسا لعودة الوئام الى العلاقة مع دول الخليج بعد خلاف هذه الدول مع ادارة الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما، ومن جهة ثانية تكريسا للافتراق مع ايران.
وفي هذا السياق، كشف مصدر مسؤول في حزب الله لـ «اللواء» ان السيد نصر الله سيركز في خطابه على ثلاثة عناوين رئيسية، وهي:
اولاً: الحديث عن المناسبة وعن اسرائيل والمقاومة والانجازات التي حققتها.
اما العنوان الثاني: فسيكون بمثابة رد قوى وعنيف على ما صدر عن قمم الرياض، ولا سيما ما يسمى «بإعلان الرياض». في حين ان العنوان الثالث سيتناول المستجدات الاقليمية وتطورات الاحداث في كل من اليمن وسوريا، وسيركز بصورة خاصة على ما يجري في البحرين. اما بالنسبة الى ملف الانتخابات النيابية، فقد اوضح المصدر ان الامر يعود الى السيد نصر الله ومدة الخطاب الذي سيلقيه عند الخامسة عصرا. وقال انه في حال اثارة الملف الانتخابي، فان الامين العام سيجدد موقفه من ضرورة اجراء الانتخابات والتوافق على قانون انتخابي عصري ومتوازن يمثل الجميع تمثيلاً عادلا.
وحول امكانية ان يشكل الخطاب مادة تفجيرية داخلية، اكد المصدر حرص «حزب الله» الشديد على الوحدة الداخلية والاستقرار واهمية رص الصفوف في هذه المرحلة لمواجهة التحديات التي تطال المنطقة ككل. (راجع التفاصيل ص 3). وفي تقدير رسمي لبناني، ان نجاح مجلس الوزراء في احتواء تداعيات قمة الرياض لبنانيا، يجب ان يتلازم مع اجراءات احترازية، على صعيدين سياسي وامني:
سياسياً، عبر تثبيت الاستقرار السياسي وهذا الامر يجب ان يتحقق حصرا بالخروج من الدوامة الانتخابية، ووضع قانون جديد للانتخاب.
وامنياً، على مستوى اجتماع المجلس الاعلى للدفاع غدا الجمعة، بحسب ما اعلن الرئيس عون في مجلس الوزراء، والذي سيخصص الجزء الاغلب منه لوضع مقاربة استراتيجية سياسية وقائية وعسكرية حيال التطورات الاقليمية المتوقعة.
اقتراح الكونغرس لمناطق آمنة
وبمعزل عمّا يجري في المنطقة، كشفت مصادر دبلوماسية أميركية لموفدين لبنانيين ان ثمة اهتمام أميركي متنامٍ في لبنان، من زاوية تقديم ما يلزم للجيش اللبناني لبسط نفوذه على الحدود الشرقية مع سوريا، فضلاً عن عقوبات مالية جديدة على حزب الله، إضافة إلى الاهتمام بملف النازحين السوريين.
وفي هذا الإطار، وضع النائب من أصل لبناني دارين لحود، مشروع قانون يحمل الرقم 252 ويقضي باستحداث مناطق آمنة في لبنان لاستيعاب اللاجئين السوريين، خشية من ان تتحوّل مخيمات هؤلاء إلى «ملاذات آمنة» لعناصر متطرفة، من المجموعات المسلحة في سوريا من «النصرة» و«داعش» وغيرها.
ويركز المشروع على ان الاستقرار الأمني في هذا البلد غير ممكن من دون اجراء مثل هذا التدبير، وعليه على الولايات المتحدة الأميركية إبداء الاهتمام باستقرار لبنان كمصلحة أميركية وإقامة المناطق الآمنة ردها إلى احتمال ان طول الأزمة في سوريا، وبالتالي يتعين ضبط هذا النزوح، الذي يُشكّل تهديداً ديمغرافياً واقتصادياً ومالياً لهذا البلد. ويتزامن هذا الاقتراح مع تعيين سفير جديد للبنان، يخلف السفيرة اليزابيث ريتشارد، هو جوزيف العاقوري، وهو من أصل لبناني، ولديه إلمام بالوضع في لبنان والمنطقة.
المصدر: صحف