كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في الإحتفال التكريمي لسماحة العلامة المحقق والمجاهد الشيخ علي كوراني في مجمع المجتبى عليه السلام في الضاحية الجنوبية لبيروت.
أعوذ بالله من الشَّيطان الرَّجيم، بسم الله الرَّحمن الرَّحيم، الحمد الله رب العالمين، والصَّلاة والسَّلام على سيدنا ونبينا خاتم النَّبيين أبي القاسم محمَّد بن عبدالله، وعلى آله الطيبين الطَّاهرين، وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين. السَّلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: بسم الله الرحمن الرحيم “الَّذِيْنَ تَتـَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ۙيَقُولُونَ سَــــــلَامٌ عَلَيْكُمُ ادخُـــلُوا الْجَــــــنَّةَ بِـــمَا كُنــتُمْ تَعْـــمَــلُــوْنَ” صدق الله العلي العظيم.
أتوجه إليكم في هذه المناسبة بالتعزية ومشاعر المواساة لكل رفاق وأصدقاء ومحبّي سماحة العلامة الفقيد المجاهد الشيخ علي كوراني رحمة الله تعالى عليه ورضوان الله تعالى عليه، ونخص بالتعزية والمواساة عائلته الكريمة والشريفة فردًا فردًا، ونستذكر معه أخانا وأخاه، أخانا الكبير الفقيد الراحل سماحة الشيخ حسين كوراني المجاهد الكبير في صفوف مسيرتنا، ونستذكر معه أيضًا ولده الشهيد الشيخ ياسر علي كوراني رضوان الله عليهما، الذي قضى شهيدًا في مواجهة مواقع الإحتلال في جنوب لبنان.
إلى جميع علمائنا وحوزاتنا العلمية ومراجعنا الكرام وإلى كل المؤمنين والمقاومين والمجاهدين الذين عرفوا سماحته نتقدّم بالعزاء، ويجب أن نخص هنا بالذكر الأخ العزيز والحبيب سماحة الشيخ عباس كوراني أطال الله عمره وشفاه وعافاه إن شاء الله.
في كلمتي مثل العادة أقسمها مقطع حول مناسبة ومن المناسبة وسماحة الشيخ وفلسطين مقطع إلى الوضع العام وطوفان الأقصى وأختم بكلمة تتعلّق بوضعنا في لبنان، نحن هنا في هذه المناسبة لتكريم هذا العالم المجاهد الكبير، سماحة الشيخ علي كوراني هو علّامة، عالم، محقّق، مفكّر، مبلّغ، أستاذ، مربّ، كاتب، وشاعر هذا من جهة، ومقاوم ومجاهد وثائر وجريح وأبو شهيد. أنا لن أُعيد ما ذكر في التقرير لأستفيد من المزيد من الوقت وأذهب إلى بعض الخلاصات، كما ذُكر في التقرير أن سماحته كان أحد تلامذة الإمام السيد عبدالحسين شرف الدين منذ أن كان فتى 11 سنة، وهذا طبعًا يشير لنا من البداية يعني في بداية تشكّل الوعي والنمو الفكري والإهتمام من أي مدرسة خرج أو بدأ مسيرته سماحة الشيخ رحمة الله عليه، من مدرسة الإمام السيّد عبدالحسين شرف الدين، بكل ما تعنيه هذه المدرسة على المستوى الفكري وعلى مستوى الوحدوي وعلى مستوى المقاومة وعلى مستوى الإهتمام بقضيّة فلسطين وعلى مستوى سعة الأفق في الأمّة، وغادر بعدها إلى النجف الأشرف ليكون تلميذًا وقريبًا من مراجعنا الكبار في مراحل سابقة الإمام السيد الحكيم والإمام السيّد الخوئي والإمام الشهيد الصدر رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، وبعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران على مدى 40 عامًا موقفه من هذه الثورة ومن قائدها ومن سماحة الإمام الخميني قدّس سرّه الشريف معروف وثابت وراسخ إلى حين الوفاة، في السيرة العلميّة أختصر بعنوانين في السيرة العلميّة وفي السيرة الجهاديّة، في السيرة العلميّة بذل جهوداً كبيرة في التبليغ الديني وفي النشاط الديني من العراق في داخل العراق كما ورد في التقرير إلى الكويت إلى لبنان إلى إيران إلى الكثير من الدول الأفريقية والأوروبية والعربية التي زارها مبلّغًا، وخطيبًا، ومناضلًا، وباحثًا، ودارسًا، ومستطلعًا لهموم وأمور وشؤون المسلمين وقضايا الأمة في تلك الدول الكثيرة.
شيّد سماحته الكثير من المراكز والمؤسسات الدينيّة والثقافيّة في أكثر من بلد وعندنا هنا في لبنان، ألّف أكثر من 60 كتابًا في العقيدة والسيرة والتاريخ والمفاهيم الإسلامية وغيرها، يمكن القول وأنا أقول رأي شخصي أن انجازاته مهمّة ولكن يقف على رأس هذه الإنجازات أمران أو إنجازان، الأوّل إدخاله التقنيّات الحديثة وهو كان من أشد المشجّعين والعاملين والمبادرين في إدخال التقنيات الحديثة إلى الحوزة العلميّة وإلى البحث العلمي وإلى المكتبة الإسلاميّة، وتمكّن من خلال هذا الجهد وبالتعاون مع كثيرين من أن ينجز مجموعة من المشاريع كان آخر هذه المشاريع مكتبة أهل البيت عليهم السلام هذه الموجودة في بيوتنا في مراكزنا في مكاتبنا، مكتبة أهل البيت عندنا برنامج كمبيوتري في نسخته المحدّثة لأنه في التقرير قال 4000 ، في نسخته المحدّثة الأخيرة عشرات آلاف الكتب والمجلّدات ضمّها هذا البرنامج الكمبيوتري وبشكل جميل ولطيف وسهل، ولِكتب المصادر الإسلامية والكتب الإسلامية الشيعيّة والسنيّة وكل كتب المذاهب الإسلامية الموجودة وفي شتّى مجالات العلوم: عقيدة، تفسير، تاريخ، سيرة، فقه، أصول، رجال، فلسفة، أخلاق، عرفان، نحو، بلاغة، بحيث أن أي عالم أو باحث أو دارس أو مبلّغ يمكنه من خلال الرجوع إلى هذا البرنامج الكمبيوتري أن يحصل على أي مادّة يريدها في تحقيقه أو في خطابته، الآن نحن نعرف أخواننا وأنا واحد من الناس الذي في كل ما أعد وأحضّر خصوصًا في مثل الظرف الأمني لا يمكنني أن أبقى أنقل المكاتب معي هذه المكتبة موجودة بالكمبيوتر. هذه صدقة جارية في الحقيقة قدّمها سماحته للعالم الإسلامي للأمّة الإسلاميّة وستبقى، يجب أن أُلفت أيضًا أن هذا الإنجاز العلمي الكبير طبعًا هذا ليس مجرّد عمل فنّي وإلكتروني وأيضًا عمل علمي بذل فيه جهود كبيرة جدًا وأيضًا فيه عدد كبير من المخطوطات التي ليست موجودة في دور النشر أو المكتبات، هذا الإنجاز الكبير تمّ تحت رعاية مرجعيّة سماحة آية الله العظمى السيّد السيستاني دام ظلّه الشريف وهذا إنجاز كبير.
الإنجاز الثاني هو هذا الإهتمام المميّز والخاص لسماحة الشيخ علي خصوصًا خلال 40 سنة يعني من 1980 إلى الآن بالقضيّة المهدويّة وقضيّة الإمام المهدي عليه السلام، ألّف العديد من الكتب وألقى العديد من المحاضرات وشارك في العديد من المؤتمرات وكان عنده نقاشات وكان عنده برامج تلفزيونيّة وإذاعيّة، لكن أهم إنجاز في هذا السياق هو العمل الموسوعي غير المسبوق يعني لم يسبق أحد سماحة الشيخ مثل موضوع مكتبة أهل البيت عمل غير مسبوق كبرنامج كمبيوتري علمي. موسوعة الموسوعة التي جمع فيها الأحاديث المرتبطة بالإمام المهدي عليه السلام، جمع ما يقارب 2000 حديث من 400 مصدر أيضًا من مختلف كتب المسلمين الشيعة والسنّة، بعض الإخوة سأله أنّه لماذا الذهاب الى كل المصادر؟ كان يجيب أود التأكيد وأقول لكل المسلمين أن هذه القضيّة قضيّة الإمام المهدي عليه السلام ليست قضيّة شيعيّة وإنّما هي قضيّة إسلاميّة قضية متسالم عليها في كتب المسلمين قد يكون هناك خلاف في التفاصيل، ولكن أصل القضية ومبدأها ومجريات آخر الزمان والمستقبل المشرق للإسلام وللمظلومين وللمستضعفين هذه مسألة متسالم عليها ومجمع عليها ولكن الروايات تذهب إلى التفاصيل، هذا كان عمل مهم جدًا، طبعًا سواءً في الجانب العلمي والفكري والديني وخصوصًا في مقاربات سماحة الشيخ لقضيّة الإمام المهدي عليه السلام والظّهور وكذلك فيما يتعلّق بالقضايا السياسيّة وتقييم أحداث ووقائع وشخصيّات، سماحة الشيخ كان له آراؤه، هو كان صاحب رأي يعني في هذه المجالات كان يعتبر نفسه صاحب رأي ويكوّن لنفسه رأيًا بناءً على أدلّته ومقدّماته وله استنتاجاته، قد تتفق معه في رأيه وقد تختلف معه في رأيه، في هذا الإستنتاج أو في ذاك التقييم وهذا أمر طبيعي وهذا مفتوح في ساحتنا ويجب أن يبقى مفتوحًا وهذا هو ديدن علمائنا، وكبارنا، ومفكّرينا، وفقهائنا منذ قديم الزمن، وهناك ميزة هنا في هذا الإختلاف أنّه كان يتقبّل ذلك عندما كان يأتي إلى لبنان كنّا نتشرّف بلقائه أنا وبعض الأخوة وكنّا نناقشه في بعض هذه الآراء، في بعض هذه الأفكار، وفي بعض الإستنتاجات وكان يتقبّل ذلك بصدر رحب وهذه نقطة مهمّة.
في السيرة الجهاديّة أكتفي بهذا المقدار من السيرة العلميّة، في السيرة الجهاديّة الإهتمام الواسع والشامل لشؤون الأمّة، هنا لما قلنا هذه من آثار بداية التتلمّذ على يدي الإمام السيّد عبد الحسين شرف الدين، وهذا في الحقيقة كان ديدن علمائنا في لبنان وخصوصًا علماء جبل عامل منذ القدم، منذ أن عرفنا الشخصيّات الكبيرة، الشهيد الأوّل الجزّيني والمحقّق الكركي من العراق إلى إيران الشهيد الثاني، علماؤنا على مدى التاريخ وخصوصًا في القرن الماضي لم تكن اهتماماتهم فقط في حدود جبل عامل أو في حدود لبنان أو في حدود بلاد الشام، كانوا واسعي الأفق، ممتدّي الإهتمام وكان يعنيهم كل قضايا الأمّة وكل شؤون الأمّة، وهذه عند بعض اللبنانيين يعتبرونها منقصة يعني أو طعن في الوطنيّة، لا بالعكس هذا كمال أن يكون الإنسان كبيرًا وواسعًا في أفقه، في اهتماماته، في فكره، في انسانيّته، في مسؤوليّته تجاه هذه الدائرة الواسعة باتجاه العالم، تجاه كل مظلوم ومستضعف ومعذّب إلى أي دين انتمى أو إلى أي عرق انتسب.
من هنا نجد أيضًا هذه الميزة لسماحة الشيخ علي رحمة الله عليه ولذلك اهتمامه كان في البداية عراقيًا، لبنانيًا، فلسطينيًا، بعدها إيران، الخليج، أفريقيا، أوروبا إلى وفاته، إلى رحيله، لم يكن يعتبر نفسه معنيًا بملف أو بحدود جغرافيّة معيّنة أو ببلد معيّن. في السيرة الجهاديّة يجب أن نقول أن سماحته كان من المؤسّسين في العمل الإسلامي الحركي بدايةً من العراق في الستينات، والذي اسمه حركة إسلاميّة عمل تنظيمي، تنظيم، حركة، حزب، إطار، هذا لم يكن موجودًا في الحد الأدنى في الدائرة الشيعيّة، وكانت بداياته في بدايات الستّينات في العراق وكان سماحة الشيخ من المساهمين والمؤسّسين وصولًا إلى لبنان، أيضًا في لبنان يعتبر سماحته من المؤسّسين للعمل الإسلامي بشكله الذي طرأ في لبنان يعني خروجًا عن الإطار التقليدي الذي كان سائدًا قبل الستينات في أواخر الستينات وبداية السبعينات مع الامام السيّد موسى الصدر أعاده الله بخير، مع سماحة آية الله السيّد محمد حسين فضل الله رضوان الله عليه، مع سماحة آية الله الشيخ مهدي شمس الدين رضوان الله تعالى عليه، انطلق حركة عمل إسلامي واسع متنوّع ومبدع في لبنان. سماحة الشيخ أيضًا كان في هذا السياق وفي هذا الإطار من المؤثّرين ومن المؤسّسين على المستوى اللبناني، أيضًا مما لا يعرف أنّه كان في أواخر السبعينات من مؤسّسي بدايات عمل جهادي غير علني، كان يركّز على العدو الصهيوني وأيضًا على نظام صدّام الذي كان يرتكب الجرائم بحق الشعب العراقي، وهذه المسؤوليّة وهذه العلاقة هي التي أدّت إلى تعرّضه لمحاولة الإغتيال عام 1979 وأصيب برأسه وكانت نجاته أشبه بالمعجزة واحتفظ يعني بقيت الرصاصة في رأسه أكثر من 40 عامًا وذهبت معه أيضًا في الوفاة، يعني ما زالت حاضرة في رأسه على ما أخبرني الأقارب والأحبّة، بعد ذلك وبسبب ظروف أمنيّة معيّنة وبعد انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران غادر إلى إيران وعلى مدى 40 عامًا واصل جهاده وعمله. 1982 كان سماحته من المساهمين والمؤثّرين والدافعين بقوّة لتوحيد العديد من الأطر الإسلامية العاملة في لبنان والتي أدّت في نهاية المطاف إلى هذا الوجود المبارك لحزب الله الذي ترونه وتعرفونه ولإنطلاقة المقاومة بصيغتها بعنوان المقاومة الإسلاميّة التي ما زالت مستمرّة إلى اليوم، إيمانه بالمقاومة في لبنان وفي فلسطين، إيمانه بالمقاومة، دعمه لها كان مطلقًا بيانًا، ولسانًا، وتواصلًا، وتشجيعًا، ومساندةّ، ودعمًا، وبذلًا لفلذة الكبد، في 82 عندما كنّا في بعلبك بدايات مجيء الأخوة الحرس وبدايات المعسكرات والتدريب، كان نجله الشيخ ياسر وكان شابًا مثقفًا ومحترماً وكان طالب علم، ترك الحوزة والتحق بصفوف المجاهدين في بعلبك، وكان معنا نذكر في البدايات كنّا في الفريق الذي يسمّونه الآن عديد أو شؤون أفراد الذي كان يستقبل الطلبات ويحقّق في طلبات الأفراد ويقبل الأفراد لإلتحاقها بالمعسكرات، كان الشيخ ياسر رحمه الله أحد أفراد هذا الفريق الأوّل وطبعًا كان باعتبار معرفته باللغة الفارسيّة كان يشكّل رابطًا أساسيًا مع الأخوة الحرس الذين كانت بداية حركتهم ونشاطهم في جنتا وفي بعلبك، وسماحة الشيخ علي ساكن في قم وكان يستطيع أن يرسل لولده طلب عودة ويقول له: تفضّل وأكمل دراستك وكن شيخًا وإلى آخره ولكنّه كان مشجّعًا لبقاء الشيخ ياسر في لبنان والتحق لاحقًا في العمليّات في جبهة الجنوب إلى أن قضى شهيدًا.
اذاً نحن هنا امام عالم مجاهد جريح وهو ايضاً أب لشهيد في مقاومتنا الإسلامية، ويمكن القول ان سماحة الشيخ علي كان من أوائل العلماء الذين دفعوا أبنائهم للإلتحاق بالجبهات الأمامية وقضوا شهداء وقبلوا ذلك بكل تسليم ورضا. موقفه من الثورة الإسلامية في ايران بقيادة الامام الخميني معروف، الدور الذي ساهم فيه في مواجهة الحرب الكونية التي خاضها صدام حسين ضد الجمهورية الإسلامية في ايران من خلال علاقاته العراقية واللبنانية وغيرها أيضاً كان دوراً مهماً ومؤثراً. كان لديه اهتمام مميز خصوصاً في السنوات الأخيرة باليمن وما يجري في اليمن وأحداث اليمن وكان يُعلق آمالاً كباراً على هذه الأحداث وعلى هذا التطور الإيماني الجهادي الكبير في اليمن.
ونأتي إلى فلسطين ومنها نعبر الى الموقف العام، تأثراً أيضاً بإستاذه السيد عبدالحسين وبعلمائنا وموقفهم السابق والمبكر منذ مجيء العصابات الصهيونية الى فلسطين المحتلة. موقف علمائنا في لبنان في جبل عامل كبار هؤلاء العلماء كان واضحاً، ودعا لمواجهة هذه العصابات هذا قبل تأسيس الكيان ب 48 وأفتوا بإعطاء المال وإعطاء جزء من الحقوق الشرعية، الأموال الشرعية للمقاتلين وللمجاهدين وكان لهم اسهاماتهم، ولذلك هذا موقف متسالم عليه. الآن بعض الناس بلبنان او بالمنطقة الذين يُناقشوننا بالموقف من فلسطين واسناد فلسطين والوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني، هم يظنون انه موقف مستحدث او طارئ او نحن اخترعناه، لا هذا موقف كبارنا ومراجعنا وعلمائنا وفقهائنا منذ أربعينيات القرن الماضي منذ بدايات او إرهاصات نشوء هذا الكيان السرطاني في منطقتنا. على هذه القاعدة وبهذا المنطق والايمان كان إلتزامهم مطلق بفلسطين من البحر الى النهر وكان يؤمن بشدة بإنتصار المقاومة وزوال الكيان وكان يستعجل ذلك. الانتصار في ال 2000 في مثل هذه الأيام تحرير الجنوب في ايار 2000 زاده أملاً. الصمود الكبير في 2006 وتحرير غزة ونشوء جبهة للمقاومة محور كبير للمقاومة في اكثر بلد جعله يعتقد بأننا نقترب أكثر من أي زمن مضى من تحقق الوعد الإلهي والنتيجة القطعية. وهنا اسمحوا لي ان ادخل الى تفصيل معين باعتباره كان متخصصاً في الشأن المهدوي ومهتماً بمسألة المقاومة كان يُوجه اليه هذا السؤال، لأن البعض يطرح هذا الموضوع في النقاشات في بعض المجالس، الندوات، المحاضرات، مواقع التواصل الاجتماعي وانا شاهدت شيئاً من هذا في بعض التعليقات في بدايات طوفان الاقصى. البعض الذي يقول ان الشيعة عموماً (اسمحوا لي انا اتكلم عن الشيعة) ان الشيعة عموماً يربطون مستقبل فلسطين بظهور الامام المهدي عليه السلام وطبعاً هم يريدون ان يقولوا يعني يرتبوا على هذه الفكرة وعلى هذا الاعتقاد سلوكاً وبرنامجاً وطريقة معينة في الأداء الشيعي في هذه المسألة. طبعاً هذا اشتباه كبير ممن يقول ذلك وممن يكتب ذلك او يظن ذلك.
على كلٍ أعود الى سماحة الشيخ كان يُسأل عن هذا الموضوع، وكان يتحدث ليس على سبيل الأماني وإنما انطلاقاً من تحقيقاته ودراساته ورؤاه، وأنا ممن كان النقاش معه في هذه المسألة ايضاً كنت اسأله عن هذا الأمر. هو كان يعتقد جازماً بأن زوال إسرائيل هي مسألة وقت وغير مرتبطة بظهور الامام عليه السلام، بل هي ستحصل قبل ظهور الإمام عليه السلام، وكثير من علمائنا والمحققين في هذه المسألة يعتقدون ذلك والآن لسنا في مجال النقاش في هذه الفكرة وإنما الاشارة اليها. لأقول أننا من موقع الالتزام العقائدي والإيماني والإسلامي والديني والشرعي والفقهي والأخلاقي والإنساني، مسؤوليتنا جميعاً كشعوب في هذه المنطقة أن نبذل كل جهد بمعزل عن أي توقعات للمستقبل أو آراء حول المستقبل، ان نعمل في الليل وفي النهار لإستئصال هذه الغدة السرطانية من منطقتنا دون انتظار أي زمن. اذا كنا نقدر خلال اشهر، سنة، سنوات، عقود اذا كنا نقدر خلال ثلاث سنين لا يجوز بأربع سنين، اذا كنا نقدر خلال عشر سنين لا يجوز بإحدى عشرة سنة وهكذا. هذا هو ايماننا واعتقادنا، نحن ايضاً نعتقد ان هذا الكيان ليس له مستقبل في منطقتنا، لأن هذا غدة سرطانية، هو بطبيعته منشأ للآلام، للحروب، للتقاتل، للفتن وكل توترات وآلام منطقتنا تعود الى وجود هذا الكيان. كان يُتابع بإهتمام شديد حركة طوفان الأقصى وحركة جبهات محور المقاومة المختلفة وبأملٍ وشغف ولكن وافته المنية وفي قلبه هذا الأمل الكبير رحمه الله ورضوان الله تعالى عليه.
من هنا ادخل الى هذه المعركة. أولاً، يجب أن نتوجه بالتبريك والتعزية والتضامن إلى اخواننا في اليمن، الجيش اليمني، انصار الله، الشعب اليمني الذين تعرضوا ليلة أمس لهجوم وعدوان أمريكي بريطاني غادر وغاشم وارتقى لهم في هذا العدوان عدداً كبيراً من الشهداء والجرحى، نسأل الله سبحانه وتعالى ان يتقبلهم مع الشهداء وفي عليين. ونحن نعرف وكما كان يقول بالأمس القائد السيد عبدالملك حفظه الله ويؤكد على ثبات الموقف اليمني والمظاهرات الاسبوعية في كل يوم جمعة والتصدي البطولي للسفن في البحر الأحمر، في بحر العرب، في البحر المتوسط، في المحيط الهندي، وبذل الجهد باتجاه جنوب فلسطين ما امكن بالصواريخ وبالمسيرات الذي لم يتوقف من الجبهة اليمنية على كل حال الموقف اليمني واضح منذ البداية أياً يكن العدوان الذي ردوا عليه بسرعة ايضاً، أياً يكن العدوان الامريكي والبريطاني، هذا لن يؤثر قيد انملة في الدعم اليمني لفلسطين وشعب فلسطين والاسناد اليمني في غزة. في غزة ولذلك كما كنا نتكلم بكل الاشهر الماضية وكما يتكلم سماحة السيد عبدالملك واخوانه وكل اخوانه في اليمن انه اذهبوا وقوموا بالضغوط التي تريدونها، هددوهم بالحرب بالقصف فعلاً يمارسوا عليهم حرب، والآن للأسف بدأت ضغوط جديدة من بعض دول الجوار نسأل الله ان لا يتورطوا وان لا يقعوا في الخطيئة، لكن هذا كله لن يؤثر على الموقف اليمني اطلاقاً.
في غزة المعركة ما زالت قائمة، من الواضح ان العالم وبسبب الموقف الامريكي والحماية الامريكية والفيتو الامريكي العالم يقف عاجزاً، هذا المجتمع الدولي الذي تكلمنا عنه بآخر خطاب قبل أيام الذي يراهن عليه بعض الناس في لبنان وفي فلسطين والمنطقة ان هذا المجتمع يحمي وان هذا المجتمع يمنع ويردع، اصلاً يجب ان نناقش هل هذا المجتمع موجوداً حتى يمنع ويردع ويحمي؟ هذا في نقاش يعني حيث تبين انه ليس موجوداً، الاحداث تقول انه ليس موجوداً أمام الهيمنة الأمريكية والتسلط الامريكي والتهديد الامريكي بالعقوبات للدول وللمحاكم الدولية وللمدعين العامين ووو… يستمر نتنياهو ومجانينه في حربه حرب الابادة في غزة وفي فلسطين أمام صمت الدول والحكام. لكن بحمد الله عز وجل هذا الجنون وهذه الجريمة وهذه الدماء المظلومة هي توقظ العالم، وكما قال سماحة السيد القائد الإمام الخامنئي بالأمس في رسالته لطلاب الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية أن من أهم النتائج هو هذه اليقظة العالمية، يقظة ضمير عند طلاب الجامعات في اميركا وغيرها عند الكثير من شعوب العالم الكثير من دول العالم التي تدعو العدو بمعزل انها غير قادرة على فعل شيء يعني بين هلالين. لكن موقفها في ادانة العدوان، إدانة الهجوم على رفح، إدانة المجازر الصهيونية، اعترافها بدولة فلسطين هذه كلها من بركات هذه الدماء هذه اليقظة. لأول مرة نشعر ان جبهة المقاومة كما يعبر سماحة القائد تتسع الى هذا الحد، ولذلك هو اعتبر ان حركة الطلاب في الجامعات الامريكية والغربية هذا جزء من جبهة المقاومة، جزء من هذا موقف الانساني الشريف، الفطري، الطبيعي، الأخلاقي. أيضاً في هذه المعركة نتنياهو في إصراره من الواضح انه يأخذ الأمور الى الأسوأ الى الأسوأ على الكيان. اليوم عندما نتابع المسؤولين الاسرائيليين في الموالاة وفي المعارضة، واقول مجدداً في الموالاة يعني في الحكومة وفي المعارضة، عندما نستمع الى رئيس البنك المركزي وهو يتحدث عن الكارثة الاقتصادية والاعباء الاقتصادية الهائلة. عندما نتحدث عن قادة الجيش ومسؤولين كبار في الشأن العسكري، آخرهم من عدة ايام لانه من المفيد نقل هذه النصوص لان في ناس يعيشون بعالم آخر. آيزنكوت رئيس اركان سابق هو صاحب (عقيدة الضاحية) الذي هدد بتدمير الضاحية عندما كان رئيس أركان وأصبح اسمها عقيدة الضاحية، والمقصود الضاحية الجنوبية لبيروت ولكن اصبح اسمها عقيدة الضاحية ويعتمد هذه التسمية في الجامعات والدراسات العسكرية، هو صاحب هذه العقيدة وجنرال معروف وأيضاً هو يمكن ابنه وبعض اقاربه قتلوا في هذه المعركة في غزة، يقول بالحرف الواحد وهو الان عضو في مجلس الحرب عضو في الحكومة هذا ليس معارضة بالمعنى الكامل انظروا الى الجملة التي يقولها ليتبين لنا حال الجيش الاسرائيلي المتعب المنهك العاجز عن الانجاز بشكل سريع وبشكل كامل يقول:” فرقة كاملة (يعني للتوضيح الفرقة تتألف من عدة ألوية لواءين ثلاثة اربعة خمسة حسب يعني هذا ما في ضابطة حاسمة في فرق بتكون لواءين، فرق ثلاثة، فرق اربعة، ممكن تكون ألوية وكتائب خاصة وكل لواء يتألف من مجموعة كتائب اقل شيء كتيبتين، ثلاثة، اربعة و هكذا). اذا فرقة كاملة للجيش يعني يقصد الجيش الاسرائيلي تخوض معارك ضد كتيبة، ضد كتيبة اين؟ كتيبة اعلنا عن تفكيكها في جباليا والقتال قاسي”. يعني هم دخلوا جباليا في بدايات العدوان على غزة وقالوا انه نحن قضينا على كتائب حماس والجهاد الاسلامي يعني القسام سرايا القدس بقية فصائل المقاومة وبناءً عليه عادوا وخرجوا. طيب هو يقول ذلك، على أساس أنكم كنتم تقولون أننا دخلنا جباليا ومسحنا الكتائب، كتائب المقاومين، ولذلك كل نظرية نتنياهو في اجتياح رفح انه نحنا قضينا على كل الكتائب وما زالت توجد اربع كتائب لحماس في رفح لنقضي عليهم لنصل الى الانتصار المطلق. وإذا بالتزامن مع المعركة في رفح يضطرون للدخول الى جباليا وفرقة كاملة في الجيش الاسرائيلي، هنا الموضوع اخواني ليس فقط موضوع عدد يعني ليس مجرد فرقة في مقابل كتيبة، يعني فرقة يوجد معها دبابات وآليات وتغطية مدفعية وتغطية جوية ومسيرات وتنصت واقمار اصطناعية وألوية نخبة ومقاتلين نظاميين في مقابل مقاومين شعبيين كتيبة مؤلفة من مقاومة شعبية تملك هذه الاسلحة التي تعرفونها. على كلٍ اذا استمر نتنياهو في هذه الحرب واضح كما يتنبأ كثيرون وهنا نحن لا نتفاءل فقط بل نحن نرى كبار القوم في كيان العدو ماذا يقولون عن نتائج هذه المعركة بعد 8 اشهر؟ بالأمس طلع رئيس مجلس الأمن القومي او مستشار الأمن القومي (الإسرائيلي) ويقول: نحن بحاجة الى سبعة اشهر أيضاً، طيب يعني سبعة وثمانية اشهر كل هذا الوقت دون تحقيق انجاز في غزة، في الوقت الذي يومياً عنده قتلى وعنده جرحى وعنده آلات تدمر وعنده مشكل كبير جداً في جبهة الجنوب وعلى المستوى الاقتصادي والبحر الأحمر وباب المندب والصواريخ والمسيرات التي تأتي من العراق الى اين يدفعون كيانهم؟! في كل الأحوال هذه المعركة كما ينظر إليها نتنياهو والمتطرفون معهم أنها معركة وجود، يجب ان ننظر إليها جميعاً في منطقتنا انها معركة وجود ايضاً ومعركة مصير، هذه معركة وجود ومعركة مصير، خصوصاً الشعب الفلسطيني ولشعوب ودول المنطقة. انتصار اسرائيل في هذه المعركة وهذا ما كنا نقوله من اليوم الاول سوف يترك اثاراً كبيرة وخطيرة جداً على كل شعوب وحكومات ودول المنطقة وعلى مصالحها الأمنية والإقتصادية والنفطية والمائية والسياسية، وهزيمة إسرائيل في هذه المعركة ستكون لها الكثير من الآثار العظيمة على فلسطين وعلى لبنان وعلى شعوب ودول المنطقة امنياً وسياسياً واقتصادياً ومائياً ونفطياً وما شاكل. اذا نظرنا الى المعركة من هذه الزاوية يجب ان يكون موقفنا مختلفاً، نعم في لبنان او في المنطقة هنا لو كنا في امريكا اللاتينية او في اوروبا او في امريكا الشمالية او في استراليا او في آسيا البعيدة يُكتفى بالتضامن الانساني والاعلامي والاخلاقي والسياسي وبعض الدعم المالي، أما هنا في المنطقة هذه المعركة تعني الجميع، من يستطيع ان يكون جزءاً من هذه المعركة يجب ان يكون جزءاً من هذه المعركة. طبعاً الأمر يرتبط بالقدرة بالإمكانية المتاحة، وبالتالي هنا لا يكفي ان نقف ونقول نحن نتضامن انسانياً ونتضامن اخلاقياً، هذه المعركة كما تعني فلسطين ومستقبل فلسطين تعني مستقبل لبنان، تعني مستقبل الارض اللبنانية، السيادة اللبنانية، المياه اللبنانية، الثروة اللبنانية في البحر المتوسط التي حتى الآن يُمنع على اللبنانيين الاستفادة منها. الآن بالنقاشات التي تحصل ومنها سُرب بالأمس من كلام لبعض المسؤولين الأمريكيين، واحدة من الإغراءات للبنان انه يعني اذا ذهبنا باتجاه وقف الحرب وكذا، أنه نرجع لِنحرك قصة آبار النفط وتوتال وموتال والشركات والاستخراج وموضوع الطاقة الكهربائية، وانه لبنان يعني في مشكلة بالكهرباء وما شاكل، انه الآن هو يقدم هذا العرض برأيه انه هو يقدم تشويقات للبنانيين، ولكن هذا يجب ان يكشف للبنانيين من يتحمل المسؤوليات من هو شريك في تحمل المسؤولية، طبعا ليس لوحده في اسباب داخلية، لكن من هو شريكٌ في تحمل المسؤولية، أنه نعم في لبنان لا يوجد كهرباء، يعني كل معاناة الكهرباء في لبنان المستشفيات، المصانع، الزراعة، ابار المياه و.. و..و.. الأمريكي هو شريك في صنع هذه المعاناة لأنه منع الغاز المصري ومنع الفيول الإيراني ومنع أي مساعدة وحتى عطل من خلال الأكاذيب والنفاق الذي مارسته بعض الشركات في موضوع حقول النفط في المياه اللبنانية.
إذاً هذه معركة مصير لنا جميعاً ويجب ان نكون موجودين جميعاً في معركة المصير هذه، ونحن موجودون فيها ان شاء الله، وفي جنوب لبنان الذي حررته سواعد المقاومين ومن ساندهم ومن أيدهم ومن وقف معهم ومن دعمهم ومن حماهم إيران، سوريا في المنطقة في لبنان شخصيات وقوى وجمهور من كل الطوائف اللبنانية، هذه الجبهة كما قلنا هي جبهة اسناد وجزء من المعركة التي تصنع مصير فلسطين ومصير لبنان ومصير المنطقة على المستوى الاستراتيجي والأمني والقومي، على المستوى الكبير بعيدا عن الزواريب السياسية والحسابات السياسية الضيقة التي يغرق فيها بعض اللبنانيين، وبالتالي هذه الجبهة أيضا تواصل عملها وأنا أعيد وأكرر وأقول لكم لا تصغوا إلى تقييمات من لا يعرفون أو من يعرفون وينكرون، فلننظر إلى جنرالات العدو، إلى جبهة العدو، إلى مسؤولي العدو، إلى مستوطني العدو، وهذا طبعا بعض الفضائيات العربية والمنار وغيرهم يُسلطون الضوء عليه بشكل أو بآخر هم ماذا يقولون؟ هم كيف يقيمون؟ طالما ان هذه الجبهة بالفعل هي جبهة ضاغطة ومؤثرة وقوية في ضغطها على العدو الاسرائيلي، تصوروا مثلاً في الشمال في الأيام القليلة الماضية خلال الأيام الماضية الثلاث أربعة أيام اضطر أن يأتي رئيس الكيان هرتسوغ إلى الشمال وأن يأتي نتنياهو، النتن يعني رئيس الحكومة إلى الشمال وان يأتي وزير الدفاع غالانت إلى الشمال ويريد اقناع المستوطنين أنه لا نحن عملنا وانجزنا ووضع صور شهداءنا واعطاهم رتبة، يعني الآن الحج جواد والشباب كلهم اعطاهم غالانت رتبة عميد، نحن ليس عندنا لا عميد ولا عقيد ولا لواء ولا شيئ، بل لدينا الأخ المجاهد والرتبة حج مقاوم مجاهد شهيد في نهاية المطاف، فقط ليقولوا انظروا نحن ما الذي فعلناه، في الوقت الذي ردت عليه المقاومة ومجاهدو المقاومة في الاسبوع الماضي، عندما جاء إلى الحدود الشمالية لِيفاخر في ابعاد المقاومة كيلومترات طويلة، عندما نفذوا قبل أيام عملية بالقرب من الموقع الحدودي، ولو أرادوا أن يذهبوا إلى الموقع لذهبوا ولو أرادوا أن يدخلوا إلى الموقع لدخلوا، وهذا ما يعترف به الإسرائيليون أنفسهم، أنا قرأت في بعض الاعلام الاسرائيلي تعليقاً على هذه العملية أنه كان ينقص فقط ان يصلوا ويزرعوا العلم على الموقع الاسرائيلي، وفي واحد نكتجي قال كان ينقص ان يصلوا ويزرعوا العلم في اذن غالانت حتى يقتنع ان الجماعة ما زالوا على الحدود لأنه لم يقتنع، هذا كما نقول دائما اما الانفصال عن الواقع او الانكار، وكلاهما يؤدي إلى أخطاء كبيرة وجسيمة في تقدير الموقف وتقدير الموقف الخاطىء يؤدي إلى نتائج خاطئة وأحيانا كارثية.
لذلك نحن في جبهتنا مصرون صامدون نواصل العمل ومعنا هذا الجمهور الكبير الوفي، هذه البيئة الوفية والصادقة والمخلصة والصابرة، التي تحملت عبء وجود هذا الكيان منذ 1948، لأنه يبدو نحن محتاجين دائما انا وأخواني ان نُذكر لأن في ناس في لبنان يعتبرون ان اسرائيل لم تفعل شيئ في لبنان منذ ال48 حتى السبعين عندما جاء الفلسيطنيون من الأردن، وإلا سلم وسلام وسمن وعسل بين لبنان وهذا الكيان، هؤلاء ماذا نقول عنهم؟ على كلٍ من ال48 هناك تحمل لأعباء لغزوات لإحتلالات لحروب لعدوان هذا الكيان على لبنان، وما زالت هذه البيئة حاضرة ووفية ومخلصة وصادقة، وببركة صمودها كان التحرير في 25 أيار 2000 وكان الانتصار في تموز 2006، وببركة وعيها وبصيرتها وثقافتها وإيمانها واخلاصها كان هذا الاسناد وهذا القرار الكبير الذي اتخذته المقاومة في لبنان في الجبهة الجنوبية، ولولا دخول لبنان في هذه الجبهة لكان لبنان سيتحمل الكثير من الخسائر في المستقبل لو قدر لا سمح الله للعدو ان ينتصر، الآن هو مأزوم مأزوم وجيشه منهك ومعزول عالمياً ورأسه بالحائط، والمبادرة الفرنسية والمبادرة الأمريكية حتى الآن الاسرائيلي يستعلي ويريد وضع شروط أيضا ينسحبوا من هنا ويخرجوا من هناك وعشرة كيلومتر هنا، ومتى نتحدث بالنقاط على الحدود البرية؟ طبعا في لبنانيين ما زالوا يخطئون، يقول لك ترسيم حدود، يا أخي ما في ترسيم حدود لأن الحدود مرسمة، في تطبيق للحدود المرسمة في أماكن يحتلها العدو يجب أن يخرج منها، ومع ذلك هذا اتركوه لاحقا إذا كان يقبل النقاش، ويأتي العالم ليقنعنا بذلك أيضا، فاليوم هذه المعركة تحظى بهذا الاحتضان، هنا تواجد مغالطة أود الاشارة إليها طالما دخلت إلى الشأن اللبناني سأتحدث عن هذه النقطة وانتخابات الرئاسة أيضاً كلمتين.
توجد مغالطة على مدى أسابيع وفي مناسبات عديدة كُنا نسمع لبعض المرجعيات الدينية والسياسية والزعماء أو ما شاكل في لبنان، يقول: هذه المعركة لا يريدها كل الشعب اللبناني، لم يخترها الشعب اللبناني، لا يوافق عليها الشعب اللبناني، هذا غير صحيح وأنا لا أُريد استعمال عبارات قاسية في توصيف هذا الموقف، لكن انت تعتبر هؤلاء الشهداء الذين استشهدوا حتى الآن من حزب الله وحركة أمل والحزب القومي والجماعة الإسلامية والمدنيين والجيش اللبناني هؤلاء كلهم أليسوا من الشعب اللبناني؟ عائلاتهم أليست من الشعب اللبناني، آلاف المقاتلين في الجبهة هؤلاء أليسوا لبنانيين منذ أكثر من عشر سنوات، طبعا هم لبنانيين من ألف سنة، طيب عوائلهم، أهلهم، أحزابهم، بيئتهم، هؤلاء الذين يشاركون في تشييع الشهداء، حشود كبيرة في المدن والقرى وحتى تحت المواقع الاسرائيلية أليس هؤلاء لبنانيين؟ أليس هؤلاء من الشعب اللبناني؟ حتى تخرج جنابك وجنابه وتقول: لا يريدها الشعب اللبناني، يرفضها الشعب اللبناني، يأباها الشعب اللبناني، هذا فيه مغالطة كبيرة، بالحد الأدنى إذا أكون مأدب اقول مغالطة كبيرة، طبعا يكشف عن نظرة خاطئة وكأن الشعب اللبناني هو فئة خاصة في لبنان هذا الشعب اللبناني، مع العلم ان اليوم من يؤيد من يتضامن مع فلسطين ويؤيد هذه الجبهة جبهة لبنان في اسناد فلسطين هم من كل الطوائف، هم ليسوا فقط من الشيعة بل شيعة، سنة، دروز، مسيحيين، قد تكون بالنسب المئوية في كل الطائفة تتفاوت ولكن هذا التأييد هو عابر للطوائف، هؤلاء جميعهم أليسوا لبنانيين؟
نقطة ثانية بنفس الاتجاه سواءً في موضوع الجبهة أو في موضوعات مشابهة، تجد واحد “بالكاد يمثل نفسه او لا اعرف إن كانت زوجته تؤيده سياسيا أو لا” أو لديه حزب أو تنظيم او حتى إن كان لديه حزب معتد به، كل واحد ينصب نفسه وهذا ما لا نفعله نحن، مع العلم اننا نعتبر أنفسنا اسمحوا لي لا اريد أن اتواضع نعتبر أنفسنا أكبر حزب في لبنان واكثر اصوات تفضيلية في لبنان واكبر قاعدة شعبية في لبنان، لكن ولا يوم نحن قلنا بلغة أكثرية الشعب اللبناني ، لم نقل أكثرية الشعب اللبناني ولا يوم.
الآن إذا شي مرة نادراً ممكن حصل لكن بالأعم الأغلب لا نستخدم هذه اللغة، بعد قليل تجد اي شخص يخرج ليقول: ان اغلبية الشعب اللبناني لا تؤيد ذلك، ترفض ذلك، لا اريد الدخول بالتفاصيل لأنه هناك أمر لا يستحق الرد، انت اجريت استطلاع رأي وتبين معك ان غالبية الشعب اللبناني اكثرية الشعب اللبناني في كل القضايا التي يتحدثون فيها؟ انهم هم يمثلون غالبية الشعب اللبناني، عندما نأتي ونقول تعالوا لنتكلم بالأرقام، تقولوا عدتم للعد أليس كذلك هذه معروفة في لبنان، اذا جئنا وقلنا تعالوا لنتحدث بالأرقام، إذا القصة غالبية وأكثرية واقلية الشعب اللبناني، فالموضوع موضوع عدد، اكثرية واقلية يعني عدد، تعالوا لنعد ارقام فيقول لك رجعنا للعدد، رجعتوا لتعدوا، إما ان نرجع نعد وإما كل واحد يعرف حجمه ويتكلم عمن يمثل وبما يمثل، ليس صحيحا ان هذه ارادة رفض الجبهة او رفض بعض الاجراءات الحكومية او.. او.. او..، أن هذا ترفضه الاغلبية غالبية الشعب اللبناني، من قال لكم هذا؟ هذا ليس صحيحاً، في كل استطلاعات الرأي لن أقول لك تعال لتعد، بل اقول لك اذهب وانظر إلى المؤسسات المحترمة، اكثر من ذلك انظر إلى المؤسسات الموالية للإدارة الأمريكية عندما جاءت واجرت استطلاعات رأي في لبنان حول موقف شرائح مختلفة من الشعب اللبناني حول الجبهة في لبنان وحول طوفان الأقصى وحول المعركة الدائرة في فلسطين اليوم، عندها تعرف ما هو موقف أكثرية الشعب اللبناني.
النقطة الأخيرة في موضوع انتخابات الرئاسة، أنا أود أن اظهر الموقف، أمس سماحة الشيخ نعيم تحدث أخونا العزيز اظهر الموقف بشكل اوضح واوسع، الذي شرحه الأخ العزيز رئيس كتلة الوفاء للمقاومة للمبعوث الفرنسي السيد لودريان، لماذا؟ لأن هناك ناس يعملون التباس بالبلد، وكأن من المسلمات الآن تجلس في الصالونات السياسية تقرأ مقالات في الصحف والمناخ السياسي، أنه نعم لماذا تعطل انتخابات الرئاسة؟ لأنّ الثنائي الوطني أو إذا يريدون أن يُخصّصوا أكثر يُحمّلون حزب الله المسؤولية، لأنّ حزب الله يربط ملف الرئاسة بملف غزة، مع العلم أنّه من اليوم الأول نحن قلنا لا يوجد ربط بين الاثنين. حسنًا، فلنعمل استدلال، الآن لما يأتي واحد ويقول لماذا لا يوجد انتخابات رئاسية في لبنان؟ يُقال لأنّ هناك معركة في غزة وهناك جبهة مُساندة ودعم بل جبهة حقيقية في جنوب لبنان وهذا يمنع الانتخابات، هذه مُغالطة، أليس هنالك علّة ومعلول وسبب ومُسبّب، الدليل أنّه من تشرين منذ انتهاء ولاية فخامة الرئيس إلى سبعة تشرين الأول 2023 يعني طوفان الأقصى، قُرابة السنة، سنة لا يوجد شيء في غزة، على الحدود في الجنوب لا يوجد شيء، لماذا لم تحصل انتخابات رئاسة؟ لماذا لم تحصل؟ لأنّ هناك خلاف داخلي وهناك فيتووات خارجية، تدخلات خارجية، بالعلن كل الدول تقول لك نحن ليس عندنا مرشح ونحن لا نضع فيتو على مرشح، طبعًا هذا غير صحيح، لو حقًا ليس عندهم مرشح ولا يضعون فيتو على مرشح كانت انتهت الحكاية من زمان، الآن هناك عدد من النواب بدون أن نحرجهم وندخل في الأسماء أو العناوين، الآن إذا يشعرون بصدق أنّ بعض الدول ليس لها فيتو على المرشح الفلاني يذهبون وينتخبوه ثاني يوم، ومقتنعين أن ينتخبوه.
إذًا الذي عطّل الانتخابات مدة سنة قبل بدء طوفان الاقصى هو الخلافات الداخلية، ونحن لا نعتبر الخلاف غير مشروع، كل واحد حقّه أن يُؤيّد من يريد وينتخب من يريد ويرشح من يريد ويُصوت لمن يريد، لا نُناقش بهذا الموضوع، لكن طبعًا الذي نُدينه هو الفيتووات الخارجية، الفيتو الخارجي والتدخل الخارجي الذي يُقدّم نفسه بعنوان مساعد وهو ليس مساعد، هو معرقل ومُعطّل في كثير من الأحيان، أنا لا أقول كل الدول، بعضها في الحد الأدنى.
حسنَاً، جاء طوفان الأقصى، خير، ماذا تغيّر بالموضوع الداخلي؟ الخلاف الداخلي ما زال قائمًا والفيتووات والتدخلات الخارجية ما زالت قائمة، ولذلك أريد أن أعود وأؤكد، لا علاقة للمعركة في الجنوب وفي غزة بانتخاب الرئاسة في لبنان، أبدًا نحن لا نُقيم أي وصل، أي اتصال، أي ربط بين هذين الملفين، وأيضًا قلنا أنّه في أناس كثر مهلوعين جدًا وخائفين، أنّه غداً تحصل تسوية في الجنوب وعلى الحدود ونأكلها بالسياسة، يعني هم يأكلوها بالسياسة بالداخل، لأنهم لا يثقون بحلفائهم أو رعاتهم أو سادتهم، نحن منذ البداية قلنا نحن لا نريد أن نُوظّف ما يجري في الجنوب في الشأن الداخلي، أنا وكل إخواني وأعدنا وأعدنا لكن في أناس لا يريدون أن يتطمئنوا، يعني هذا الذي يكون من داخله هو ضعيف، هو خائف، هو مرعوب، هو يعيش بالوهم، ماذا تفعل له؟ طبعًا هذا حقّه، لأنّه هو إذا افترض نفسه مكانك لا يستطيع ألا يُوظّف بالسياسة، هو لا يستطيع أن يستوعب ماذا يعني أنّ القتال في جبهة الجنوب هو عمل إيماني أخلاقي إنساني جهادي، يعني هذه المعاني بالنسبة لهم غير مفهومة، يعني مُبهمة، فلا يُؤمن بها، لا يستوعبها، هو يفهم سياسة ومكاسب وامتيازات، ولذلك يبقى قلقًا، نحن قلنا هذان الملفان مفصولان، نتائج معركة الجنوب نتائج أعلى وأكبر من المكاسب السياسية الداخلية والمحلية، كما كان التحرير في عام 2000، كما كان الانتصار في تموز 2006، وهكذا هو الحال الآن.
نحن لا نُعقّد الأمور على الإطلاق والخطوات المطروحة هي خطوات طبيعية، يقول لك لا نقبل أن نجري حوارًا، عندما حُكي بالتشاور لم يقبلوا بالتشاور، لا نريد أن نجري عرفًا جديدًا، مع أنّ هذا حصل سابقًا، الوقوف أمام بعض الأمور التي في الحقيقة هي تُساعد جوهريًا، الوقوف أمامها شكليًا هو الذي يُعطّل هذا الاستحقاق.
في كل الأحوال، نحن في بلدنا هنا حريصون جدًا في الملف الداخلي أن تصل الاستحقاقات إلى نهاياتها المطلوبة والجيدة، عندما ندعو دائمًا إلى الحوار في كل شيء هل يوجد سبيل آخر غير الحوار واللقاء والتفاهم والتشاور؟ دلونا عليه، إذا هناك سبيل دلوني عليه، إذًا حقًا نريد أن نصل لنتيجة.
وفي جبهتنا نحن نواصل عمل ونتحمّل هذه المسؤولية وننتمي نعم بكل فخر وننتمي إلى جبهة المقاومة التي أصبحت الآن أوسع من أي زمن مضى في العالم، كل الذين يقفون اليوم في وجه إسرائيل وعدوانية إسرائيل وغزو إسرائيل وهمجية إسرائيل ووحشية إسرائيل هم الآن في جبهة واحدة، بمعزل عن انتماءاتهم الدينية، مسلمين، مسيحيين، هناك يهود في أميركا عندهم موقف ضدّ الصهيونية وضد هذا الكيان وهذه الدولة، وموقف ديني أيضًا، يعني البعض يأتي على بعض المؤتمرات في لبنان، في طهران، بعضهم يأتي إلى دمشق، إلى بغداد، وقالوا وناقشوا انطلاقًا من مُسلّماتهم الدينية ويقولون إنّ إقامة دولة إسرائيل على أرض فلسطين بهذا المعنى هو مُؤشّر على القضاء أو يُؤدّي إلى القضاء على اليهود ونحن لا نريد أن نكون شركاء في القضاء على أتباع ديانتنا، هذا رأيهم بالنهاية، هذا مُنطلقهم بالفكرة. في كلّ الأحوال، يسار، علماني، يمين، اليوم مثلًا مُمثّلين، فنانين كبار في أمريكا، في أوروبا، مشهورين، معروفين، لديهم هذه المواقف القوية والحازمة، وهذا موقف إنساني مطلوب من الجميع.
هذه الجبهة أفقها، أختم كما قال سماحة القائد أيضًا في رسالته للطلاب الجامعيين، أفقها أفق مُشرق، نحن أمام مستقبل واضح، اليوم جبهة المقاومة إذا ما قيست بالماضي هي أقوى من أي وقت مضى، أفضل من أي وقت مضى، أكبر من أي وقت مضى، أوسع وأشمل من أي وقت مضى، بتنوّع انتماءاتها وساحاتها وأساليبها ومستوياتها وفئاتها وأدواتها، وجبهة العدو اليوم إسرائيل نفس الإسرائيليين بالحكومة والمعارضة يقولون نحن في أسوأ حال منذ خمسة وسبعين عامًا، لم يمر على إسرائيل زمان تعيش في هذه العزلة وتأخذ معها أيضًا أميركا إلى العزلة وإلى الصورة البشعة.
نحن إذًا في الجبهة التي مُستقبلها مستقبل واضح ومُشرق ومنتصر، المسألة مسألة وقت، صبر، تحمّل، استنزاف، ثبات، وفي نهاية المطاف “وترجون من الله ما لا يرجون”، هذه كانت رؤية العلامة الراحل سماحة الشيخ علي الكوراني رضوان الله تعالى عليه، غادر هذه الدنيا وهو على يقين أنّ جبهة المقاومة ستنتصر وأنّ القدس ستتحرر وأنّنا سنُصلي في المسجد الأقصى وأن فلسطين من البحر إلى النهر ستعود لشعبها وأهلها في منطقة وأرض لا وجود فيه لهؤلاء النازيين الصهاينة المجرمين القتلة المتوحشين.
نحن نعيش على هذه الآمال الواقعية التي تستند إلى العقيدة وإلى الايمان وتستند إلى الوقائع وتستند إلى الإرادة، والتاريخ الآن يُصنع، يُصنع بقبضات المجاهدين، بصبر النساء والأطفال في غزة وجنوب لبنان واليمن وسوريا والعراق وإيران ولبنان والمنطقة كلها، بثبات المجاهدين وبطولاتهم، عندما يعترف آيزنكوت أنّ كتيبة تُقاتل لأيام وتصمد في مواجهة فرقة إسرائيلية نستطيع أن نفهم أفق هؤلاء الذين يتحدّثون الآن عن التقدم البري، وأنا قلت القصة ليست فقط قصة عدد بل أيضًا قصة إمكانات، هناك جامع مُشترك بين الجبهة في جنوب لبنان وغزة، الإيمان، الإرادة، الشجاعة، عشق الشهادة، ولكن هنا يوجد إضافة، الإمكانات والقدرات والتكنولوجيا والخبرة، بسبب أنّنا لسنا محاصرين كغزة، أي حال يمكن أن تواجه فرق جيش العدو لو أرادت أن تأتي إلى أرضنا.
هذا هو المستقبل الذي نتطلّع إليه وسيُهدى إن شاء الله إلى روح علامتنا الكبير في جوار ربه.
مُجدّدًا عظم الله لكم الأجر ورحمه وحشره مع رسول الله وأهل بيته الأطهار ومع الأنبياء والصديقين الشهداء وأولياء الله والمجاهدين والصالحين جميعًا، وإلى عائلته مُجدّدًا كل العزاء وكل المواساة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: العلاقات الاعلامية