العدو يرتكب جرائمه في الوقت بدل الضائع، والمهلة أمامه تضيق. أما موعد نصر العزة في غزة فقريب، ولا سيما أن أركانه قد تحققت. وعلى الرغم من الانتقادات الأميركية لنتنياهو وأركان حكومة حربه، فإن الأهداف الاستراتيجية الاميركية الصهيونية لا تختلف في الجوهر، وإن تباينت في تكتيك إنجازها. لذا نحن أمام انتقال مرحلة ذات أوجه مختلفة للعدوان عبر معركة سياسية، معركة إدارة إعادة الإعمار والابتزاز لإدخال المساعدات، معركة استخبارية عسكرية أمنية مستمرة واستهداف قيادات، تزامناً مع معركة إدارة مفاوضات الأسرى وتبييض السجون.
الإيجابي في الأمر أن المواجهة المستقبلية متعددة الأوجه، والمستويات ستدور رحاها تحت وقع إيقاع النصر الملحمي المدوي لأبطال القسام وإخوانهم، مع خلفية مشاهد المجازر ودماء أطفال غزة الشهداء و التاريخ لن يرحم الصهاينة و لا داعميهم. بيد أن الإنجازات المباشرة والمستقبلية المتلاحقة لمصلحة الحق الفلسطيني وشعوب المنطقة ومقاومتها والهزائم المتوالية كأحجار الدومينو لكيان العدو وصولاً لتهديد فعلي لوجوده وزواله، هي أمر يستحق وقد استحقّ التضحية.
جملة تسريبات و مواقف سياسية تؤكد نفاذ الوقت بدل الضائع أمام الأحتلال و هي تشير إلى أن إدارة بايدن حددت سقفاً زمنياً-نهاية العام بداية العام الجديد لوقف العمليات القتالية الواسعة في قطاع غزة. فالولايات المتحدة الاميركية باتت أحوج لتخفيف الضغوظ الداخلية والخارجية المتفاقمة عليها من خلال إيحائها بالزام الكيان بوقف إطلاق نار يليه بحث أميركي “جدي” بعملية سلام دائم أو هدوء طويل الأمد.
و رغم المراوغة، لا سبيل أمام نتنياهو و حكومته إلا الالتزام بالقرار الأميركي، أما زيارة مسؤول الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان و كذلك زيارة وزير الحرب الأميركي لويد أوستن فتأتيان في إطار التفاهم على التفاصيل مع اركان الحرب و السياسة في كيان الإحتلال الموضوع تحت الوصاية الأميركية المباشرة، و إخراج إدارة بايدن الحالية من الحرج المرتب عليها.
الواقع أن هذه الإدارة ستمنح الاحتلال بعد إنهاء مرحلة العمليات العسكرية الساخنة الشاملة، والانسحاب من عمق المناطق التي توغل فيها داخل غزة، مهلة جديدة تتيح له الاستمرار في احتلال اجزاء من القطاع المحاصر خلال العام 2024 ، لينتقل لمرحلة تكتيك العمليات الأمنية يسميها محدودة، ممارساً مزيداً من القتل والتنكيل بحق الفلسطينيين بحجة القضاء على حماس الذي سيستغرق بحسم أوهامه ععدة أشهر!
لا يراودنا ادنى شك من وجود شراكة كاملة للولايات المتحدة في عدوان الاحتلال المستمر الذي يرقى لمستوى جرائم حرب بحق الانسانية، مع محاولة التلاعب بالألفاظ، هذا يعني إستمرار حرب الإستنزاف بأوجه مختلفة، مع ممارسة الإبتزاز في عملية إعادة الإعمار و إدخال المساعدات الإنسانية و الطبية في القطاع الذي أرادوه غير قابل للحياة. في المقابل من المتوقع أن تتكيف المقاومة مع هذا التكتيك الخبيث و تواجهه بتكتيكاتها المدة مسبقاً لهذا السيناريو المتوقع.
المصدر: موقع المنار