تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الخميس 02-11-2023 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
البناء:
المقاومة تضع الاحتلال أمام الخيارات الصعبة في الحرب البرية مع فداحة الخسائر
تصدّع الجبهة السياسية الداعمة للعدوان على غزة في ظل صحوة الرأي العام
تمهيد أميركي «إسرائيلي» للانتقال إلى خيار التفاوض والهدنة من بوابة رفح
كتبت صحيفة “البناء”: على مسافة يوم ونصف من الإطلالة المنتظرة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، والتي تجمع التحليلات أنها سوف تمثل محطة مفصلية في مسار الأحداث التي بدأت منذ عملية طوفان الأقصى، عشية نهاية الأسبوع الرابع عشية يوم غد الجمعة، تتسارع التطورات العسكرية والسياسية، ويصل وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن الى تل أبيب يوم غدٍ، لتقدير موقف مشترك مع قيادة كيان الاحتلال، ما بعد كلمة السيد نصرالله، حيث ينتظر أن يكون للإطلالة دور هام في استثمار الوزن والمهابة والمصداقية، كصفات ترافق إطلالة السيد نصرالله لرفع معنويات البيئة المحيطة بالمقاومة، خصوصاً في فلسطين، وفق معادلات لا يستطيع رسمها سواه، ولا يملك مصداقية تحويل التهديد بها إلى معادلة قوة أي قائد آخر، بينما لهذه المهابة دورها في ميزان الردع في العلاقة بمؤسسات الكيان العسكرية والأمنية والرأي العام في التجمّع الصهيوني.
تسارع الأحداث عسكرياً تمثّل في تنشيط الاختراقات البرية لجيش الاحتلال، شمال غرب وشمال شرق ووسط قطاع غزة، لكن كما قالت مصادر عسكرية متابعة فإن التوغل البري قد تمّ وفق خريطة رسمتها المقاومة وأوحت بها لقيادة جيش الاحتلال، عبر الإيحاء بوجود خواصر رخوة، أغرت جيش الاحتلال بالتقدّم نحوها، وبعدما تمّ التوغل عبر الزج بوحدات قتالية نوعية من المشاة والقوات الخاصة والدبابات، كانت النتيجة هي الشعور بالغرق، حيث لا فرص للتقدم ولا للتراجع والبقاء في المكان يمثل انتحاراً، وبقي جيش الاحتلال عالقاً عند هذا الارتباك يتلقى الضربات من قوى المقاومة.
حاول جيش الاحتلال الالتفات نحو تعويض الخسارة العسكرية بكسب النقاط في معادلة الردع، عبر توسيع نطاق المجازر واستهداف المدنيين والمستشفيات، لكن ذلك تسبّب خروج أصوات في المنظمات الأممية تتهم الاحتلال بجرائم ضد الإنسانية، وتراجع حكومات غربية أمام ضغط شوارعها، عن التموضع إلى جانب الكيان في العدوان على غزة، فتصاعدت الدعوات لوقف إطلاق النار ووقف المذبحة المفتوحة بحق الفلسطينيين.
تقدير الموقف الأميركي الإسرائيلي لتفاقم العجز أمام التحولات، وفشل التهديدات بلجم مشاركة محور المقاومة، وقد كانت عمليات القصف بالصواريخ المجنّحة والطائرات المسيّرة لأهداف في جنوب فلسطين قرب إيلات، التي أرسلها أنصار الله، شكّلت الحضور الأبرز لقوى المقاومة، بينما واصل الحشد الشعبي استهداف القواعد الأميركية في العراق وسورية.
بقيت جبهة لبنان الجبهة الأشد اشتعالاً، وعمليات جديدة للمقاومة، وخسائر هامة تلحق بكيان الاحتلال، بينما العيون شاخصة على ما سوف تتضمّنه اطلالة السيد نصرالله، من مواقف ومعادلات.
وفيما تترقب الساحة الداخلية وعواصم القرار في العالم إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وما ستحمله من مواقف ورسائل ستكون مفصلية وحاسمة سترسم وجهة ومعادلات الحرب وفق ما تشير مصادر مطلعة لـ«البناء»، واصلت المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية تسجيل الإنجازات النوعية في المواجهة الميدانية مع قوات الاحتلال الإسرائيلي وسط ترجيح خبراء لـ«البناء» أن تتصاعد وتيرة التصعيد في الجبهات كافة من غزة الى الجولان السوري الى جنوب لبنان الى اليمن والعراق حيث سيكون المشهد أكثر اشتعالاً عصر الجمعة المقبل لكي يؤسس لإطلالة السيد نصرالله المليئة بالشرح ورسائل التهديد.
على الصعيد الميداني، استهدف حزب الله موقعين لجيش الاحتلال الإسرائيلي في المالكية والبياض مقابل عيترون وبليدا. وأعلنت المقاومة الإسلامية، في بيانين منفصلين، أن مجاهديها هاجموا موقعين لقوات الاحتلال الصهيوني وتجمعًا لآليات وجنود الاحتلال على الحدود اللبنانية الفلسطينية، مؤكدة أن المجاهدين حققوا إصابات مباشرة في المواقع المستهدفة. وأوضحت المقاومة الإسلامية في بيانها الأول أن مجاهديها استهدفوا موقع بياض بليدا بالأسلحة المناسبة، وحققوا فيه إصابات مباشرة.
كما استهدفوا مقر قيادة كتيبة زرعيت المستحدثة، وتجمع آلياته وقواته في خلة وردة، بالقذائف المدفعية والصواريخ المناسبة وأوقعوا فيها إصابات مؤكدة. وكذلك موقع حدب البستان.
في المقابل واصلت قوات جيش العدو الإسرائيلي اعتداءاتها على القرى الحدودية، فقصفت أطراف البلدتين بالقذائف الفوسفورية والانشطارية. وأعلنت إذاعة جيش الاحتلال، أنّ «قوات الجيش الإسرائيلي ردّت بنيران المدفعية على مناطق لبنانية دون تحديدها، بعد إطلاق قذائف من لبنان على شتولا في الجليل الغربي. وزعم جيش الاحتلال بأن «قواتنا هاجمت خلية حاولت إطلاق صواريخ مضادة للدبابات على الحدود اللبنانية». وأعلن الإعلام الإسرائيلي عن إطلاق صاروخ مضاد للدروع على جبال «راميم» في الجليل الأعلى ردّ عليه جيش الاحتلال بنيران المدفعية.
وشنّ طيران العدو ليل أمس غارة جوية استهدفت أطراف بلدة رامية.
وأفادت قناة المنار ليل أمس، بأن «وحدة من الجيش اللبناني تقوم برفقة قوات اليونيفيل الدولية بالبحث عن راعيين أطلقت عليهما قوات الاحتلال النار أثناء رعيهما الماشية في منطقة الوزاني».
وأكد الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي، أن «القوات المسلحة اللبنانية طلبت مساعدة اليونيفيل هذا المساء (أمس) لإجلاء شخصين أصيبا بالقرب من الخط الأزرق في منطقة الوزاني».
وأوضح تيننتي، أن «الجيش الإسرائيلي أوقف إطلاق النار لإتاحة المجال للقوات المسلحة اللبنانية واليونيفيل بالبحث عن الشخصين»، مضيفاً «لسوء الحظ، لم يتمّ العثور عليهما، ونظراً للظلام ووجود ألغام أرضية في المنطقة، سوف يتمّ استئناف البحث في الصباح».
وأشار محللون وخبراء عسكريون واستراتيجيون لـ«البناء» الى أن «احتمال توسّع الحرب على الجبهة الجنوبية مع الاحتلال الاسرائيلي لا يزال مستبعداً رغم تزايد نسبته كلما طالت حرب الإبادة والعدوان البري الإسرائيلي على غزة»، موضحين أن توسيع حزب الله عملياته العسكرية وإطلاق زر الصواريخ التدميرية على كيان الاحتلال سيعني انخراط محور المقاومة بأكمله بالحرب وسنكون حينها أمام حرب إقليمية الجميع فيها خاسر ولن تنتهي إلا برابح وخاسر نهائي أو بتسوية كبرى». وأوضح الخبراء أن «الخط الأحمر لإعلان محور المقاومة الحرب الشاملة على إسرائيل هو تدمير غزة بأسلحة كيميائية أو صواريخ تدميرية تسقط عشرات آلاف الضحايا أو الاقتراب من نقطة القضاء على حركة حماس».
ويتوقع الخبراء تعثّر جيش الاحتلال الإسرائيلي في الدخول الى غزة رغم تكراره المحاولة من خلال بناء اعتماد تكتيك الأرض المحروقة وبناء رؤوس جسور لتحقيق اختراق وسط قطاع غزة وتقسيمه إلى أقسام تتيح له البقاء فيها لوقت طويل وتحقيق إنجازات ميدانية تعيد له هيبته وقوة ردعه ويبرر أمام الرأي العام الإسرائيلي الدخول في مفاوضات تحت عنوان أن تحرير الأسرى هو الأولوية.
ويتوقع الخبراء أيضاً أن يتكسر الجيش الإسرائيلي أكثر على أعتاب غزة، مشيرين الى أن «حركة حماس كانت تتوقع ردة فعل إسرائيلية عسكرية كبيرة على ضربة 7 تشرين الأول ولذلك تحضرت وأعدّت لمواجهة شرسة وطويلة، وتحضر الكثير من المفاجآت، ولم تستخدم بعد 20 في المئة من قوتها وقدراتها».
ووجَّه عناصر «المقاومة الإسلامية في لبنان» رسالة إلى «مجاهدي المقاومة البواسل في قطاع غزة وعموم فلسطين المحتلة»، حيث أشاروا فيها الى أنه «من سواعدٍ ما عرفت الذّل والهوان، وقلوبٍ يملؤها اليقين بالله والاطمئنان لوعده إلى أرض الصّمود والعزّة، إلى أرض مسرى الرّسول والحبيب خير الأنام محمّد (ص) إلى قبلة الأحرار والمؤمنين، إلى أهل طوفان الأقصى في غزّة هاشم. هذا بعضُ عزمنا خلف حدودِ فلسطين لاح، ولنصرة الأقصى حملنا السلاح، والنصر موعدنا والصّبح قريب».
بدوره حيّا رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية «كل جبهات المقاومة في لبنان والعراق واليمن وسورية على مواقفها المتقدّمة ونضالها المشروع».
على المستوى الداخلي، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال ترؤسه جلسة لمجلس الوزراء أمس، أن «هناك سباقاً بين وقف إطلاق النار وتفلت الأمور»، معتبراً أن «وقف إطلاق النار لفترة خمسة أيام أمر ضروري تحت عنوان إنساني، وخلال هذه الفترة تكون الاتصالات الدولية ناشطة من اجل إتمام عملية تبادل الأسرى لإرساء هدنة دائمة من أجل الاتفاق على الخطوط المطلوبة لإحلال السلام في المنطقة».
وأشار إلى أن «لبنان موجود في كل الاتصالات الديبلوماسية التي تجري، وفي سياق هذه الاتصالات زرت دولة قطر للاطلاع على آخر الاتصالات وإمكان الوصول الى وقف إطلاق النار، وبعدها يمكن البدء بالمساعي الأخرى، كفانا حروباً في لبنان، فنحن مع خيار السلام. أما قرار الحرب اليوم فهو في يد «إسرائيل». إن العدوان الإسرائيلي على الجنوب وما ينتج عنه من شهداء وضحايا وتدمير منازل وحرق محاصيل ونزوح وأضرار اقتصادية ومالية تطال الوطن ككل، هي عناوين عريضة برسم المجتمع الدولي الساكت عن الحق». وقال: «هذه الحكومة تقوم بعملها دستوريًا وتحرص على إبقاء لبنان حاضرًا في المحافل الدولية ليقول كلمته ويدافع عن حقوقه ويرفع الصوت. وفي الفترة القليلة المقبلة سأستكمل جولتي العربية. الوقت للإنقاذ، والتضامن الوطني ضروري. الأخطار الكيانية تحوط بنا وبالمنطقة، وواجبنا ان نلتقي ونتحاور ونفكر معاً للوصول الى حل وطني جامع، تتضافر فيه الجهود الطيبة والنيات الخيِّرة للعمل معاً».
وأعلن وزير الإعلام زياد المكاري رداً على سؤال بعد الجلسة عن التمويل لخطة الطوارئ أنه «سيتمّ التنسيق مع وزارة المال في هذا الموضوع، وكل شيء سيظهر، وكل الأمور ستكون شفافة».
في المواقف، أكدت هيئة الرئاسة في «حركة أمل»، في بيان، «انحيازها الى الشعب الفلسطيني في مقاومته وفي صموده وتمسكه بأرضه الذي يعمده تلاحماً معها بأجساد أطفاله وشهدائه، يستدعي من الجميع وقفة جادة ومسؤولة في دعم القضية الفلسطينيه باعتبارها قضية العرب والمسلمين الأولى، فالدفاع عنها دفاع عن شرف الأمة وعن أمنها القومي».
وشدّدت على «حق لبنان المشروع في الدفاع عن أرضه وعن سيادته بكل الوسائل المتاحة في مواجهة العدوان»، داعيةً «الحكومة اللبنانية والوزارات المعنية وقوة اليونيفيل الى اتخاذ الإجراءات الملائمة ديبلوماسياً وميدانياً لكبح جماح العدوانية الاسرائيلية، كما تدعو الحكومة إلى تأمين كل مستلزمات الصمود لأبناء القرى في أماكن إقامتهم وفي مراكز الإيواء».
بدورها، شددت الهيئة السياسية في «التيار الوطني الحر» في اجتماعها الدوري برئاسة رئيس التيار النائب جبران باسيل فناقشت التطورات، على «ضرورة القيام بكل ما يلزم لتحييد لبنان عن الحرب»، داعية اللبنانيين جميعاً إلى «الالتزام بحق لبنان بالدفاع عن نفسه في مواجهة أي اعتداء إسرائيلي والى الاستعداد لمواجهة كل الاحتمالات في ضوء المسار الإسرائيلي بتصعيد أعمال العنف وعدم الخوف والهلع، لكون «اسرائيل» لا يمكنها ان تكون منتصرة من جراء أي حرب تشنها على لبنان، بل ستكون خسارتها أضعاف خسارة لبنان».
ولفتت إلى أنّ «حماية لبنان تتطلب أيضاً وضعاً داخلياً متماسكاً وتبدأ بأن يتحمل المجلس النيابي مسؤولياته ويسرع في انتخاب رئيس للجمهورية، كأساس لإعادة تكوين السلطة وانتظام عملها، فتتشكل حكومة إصلاحية إنقاذية، تسد الفراغات والشغور في الدولة وتطلق عملية الإصلاح وتنعش الاقتصاد وتعيد الحياة الى المؤسسات. ويجدر هنا التأكيد على مبدأ التيار رفض أي تمديد لأي مسؤول تنتهي ولاية خدمته. وهذا مبدأ يتبعه التيار منذ انخراطه في الحياة السياسية، وقد مارسه حتى ضد نفسه مرتين عندما رفض نوابه التمديد لمجلس النواب، كما رفض التيار التمديد لعدد من الحالات في الإدارة والأجهزة الأمنية».
وفيما أكدت مصادر سياسية لـ«البناء» وجود ضغوط أميركية على مسؤولين لبنانيين للتمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون لضرورات أمنية وسياسية، أكدت أوساط مطلعة لـ«البناء» أن «القوات اللبنانية لا تريد التمديد لقائد الجيش ولو أنها ظهرت غير ذلك، والدليل أنها قدمت اقتراح قانون للمجلس النيابي لرفع سن التقاعد فقط لرتبة عماد، وبالتالي حصرت التمديد فقط بقائد الجيش الحالي، ما يحرم الضباط برتب لواء وعميد والرتب الأخرى من هذه الفرصة، والقوات تعرف أن ذلك سيلقى رفضاً من القوى الأخرى لا سيما من رئيس الحكومة والطائفة السنية التي ستطالب بالتمديد للواء عماد عثمان في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي فيما سيطالب الثنائي الشيعي بالتعيين في المديرية العامة للأمن العام ويطالب الحزب الاشتراكي والقوى الدرزية بتعيين رئيس للأركان وحينها سيطالب التيار الوطني الحر بالتمديد أيضاً للواء طوني صليبا في أمن الدولة، وبالتالي هذا سيجرّ الى صفقة شاملة في التعيينات الأساسية غير ناضجة وليس الوقت مناسباً لإنجازها».
وأشارت مصادر إعلامية أن «كلام رئيس حزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط عن تبلُّغِه من مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا رفض الحزب التمديد لقائد الجيش هو غير دقيق». وكشفت المصادر، أن «كل التحليلات عن رفض حزب الله التمديد لقائد الجيش هي في خانة الاجتهادات وحين يقرر الحزب خياره سيعلنه على المَلأ»، مؤكدةً أن «الحزب لم يتخذ القرار بعد لناحية ملء الشغور في القيادة العسكرية ولم يبن موقفاً.
الأخبار:
التمديد لقائد الجيش: البحث عن حلّ خارج الحكومة والبرلمان
كتبت صحيفة “الأخبار”: التطورات في المنطقة والترقّب الذي يطغى على الحياة السياسية في انتظار خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، غداً، لم يحجبا السجال حول الفراغ الذي يتهدد قيادة الجيش، مع اقتراب انتهاء ولاية العماد جوزف عون في العاشر من كانون الثاني المقبل، في غياب الاتفاق على تعيين رئيس للأركان يخلف عون مؤقتاً الى حين تعيين قائد جديد.
وتتواصل الاتصالات للبحث عن إطار قانوني لتفادي الشغور في اليرزة من خارج مجلسَي الوزراء والنواب. فلا التمديد لقائد الجيش ممكن بقرار يصدر عن وزير الدفاع، بناءً على اقتراح القائد نفسه تأجيل تسريحه، لتمنّع الوزير موريس سليم ربطاً بموقف مرجعيته السياسية (التيار الوطني الحر). ولا صدور مرسوم عن مجلس الوزراء، كون قائد الجيش معيّناً بمرسوم سنداً إلى المادة 19، يبدو ممكناً، للسبب نفسه، إذ إن ذلك يحتاج الى اقتراح من وزير الدفاع. ولا تشريع التمديد في مجلس النواب بناءً على اقتراح قانون يتقدم به عدد من النواب (كما فعلت كتلة «الجمهورية القوية») يبدو ممكناً أيضاً لسببين: الأول، أن رئيس مجلس النواب نبيه بري قد لا يدعو إلى جلسة تشريعية كما لمّح أول من أمس بالقول إنه لا يشرّع «على الطلب»، أو لعدم توافر النصاب بسبب الانقسام السياسي.
مع ذلك، تواصلت الاتصالات الخارجية للتمديد لعون، وكان جواب عدد من السفراء (تحديداً السفيرة الأميركية دوروثي شيا) عدم القدرة على تمرير الأمر عبر مجلس النواب أو مجلس الوزراء، والتوصية بالبحث عن «إطار قانوني آخر»!
وفي هذا السياق، قالت مصادر مطلعة إن الملف برمّته يقف أمام احتمالين:
الأول، أن تتقاطع مصالح القوى السياسية الوازنة على عدم التمديد، فلا يحصل. وهو أمر وارد جداً بسبب رفض رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وتأنّي ثنائي حزب الله – حركة أمل في إعطاء موقف حاسم، وخصوصاً بعد التطورات الأخيرة التي تدفع الحزب الى التفكير برويّة في شأن التمديد، ما دامت هناك نصوص قانونية لتسيير شؤون الجيش في غياب القائد، ولا سيما في حال تعيين رئيس أركان. وقالت مصادر مطلعة إن هذا الخيار يتقدم على غيره، وقد يضطر باسيل إلى القبول به لإبعاد كأس التمديد لعون.
الثاني، الذهاب الى خيار التمديد بمعزل عن أيّ معارضة، على قاعدة أن الظروف الحالية تقتضي بقاء الوضع على ما هو عليه الى حين وضوح الصورة، وتبيان المسار الذي ستسلكه الحرب في المنطقة، وقد يحصل ذلك في حال توافر مخرج قانوني ثالث، وخصوصاً أن فكرة تولّي الضابط الأعلى رتبة (اللواء المتفرّغ في المجلس العسكري بيار صعب)، كما يطلب باسيل، تُواجَه بتحفظات عدد من القوى السياسية من بينها النائب السابق وليد جنبلاط والثنائي الذي يميل الى تعيين رئيس للأركان.
من جهة أخرى، نشطت عشية خطاب نصر الله الحركة الديبلوماسية في بيروت مع وصول مسؤولين غربيين للتحذير من «مخاطر تمدُّد الحرب إلى لبنان»، من بينهم مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربارا ليف ووزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو. وعلمت «الأخبار» أن المبعوثة الألمانية الخاصة للشؤون الإنسانية ديك بوتزل المعنيّة بعمل المنظمات الدولية في لبنان، ستصل غداً للاطّلاع على خطط الطوارئ التي وضعت للتعامل مع التطورات في حال توسّع الحرب لجهة العمل أو الإخلاء.
واستكمالاً للنقاشات الدائرة حول خطة الطوارئ الحكومية لمواجهة احتمال نشوب عدوان إسرائيلي موسّع على لبنان، ناقش مجلس الوزراء أمس الشقّ التمويلي، وسط إمكاناتٍ محدودة جداً للدولة تجعل من الخطة حبراً على ورق.
وفيما بقي حديث وزير المالية يوسف الخليل في الجلسة عمومياً عن خطة مالية للوزارة، اقترح عدد من الوزراء «عدم استباق الأمور وانتظار اتّضاح المشهد، وما إذا كانت المؤشرات توحي بتوسّع رقعة الحرب في لبنان». وتفيد المعلومات بأنه جرى الاتفاق على طلب فتح اعتمادٍ بقيمة 180 مليار ليرة، أو ما يوازي مليونَي دولار، يخصّص للاستجابة للأمور المستعجلة التي قد تطرأ على صعيد الوزارات الأساسية إلى حين اتضاح اتجاه الأوضاع مطلع الأسبوع المقبل. وهو اعتماد وصفه معنيّون بـ«المتواضع جداً مقارنةً مع ما ستحتاج إليه الدولة إذا ما توسّعت الحرب على شكل سيناريو تموز 2006».
في السياق، أكّدت المصادر أنّه «في حال اندلاع حربٍ كبيرة، فالدولة ستعجز عن التدخّل على الصُّعد الإنسانية والخدماتية والطبية والاجتماعية، واعتمادها سيكون على التمويل الخارجي عبر هيئات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، على غرار ما حصل بعد انفجار الرابع من آب»، ولا سيّما أن حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري ممتنع عن تمويل الدولة ولم يبدِ استعداده لتمويل الخطة، رغم أن بعض الوزراء يراهنون على أن «وقوع الحرب سيضع المركزي أمام الأمر الواقع، ولا مفرّ من تمويله للوزارات في حال عدم تأمين التمويل الخارجي».
ومن المُقرر أنّ يُعقد غداً في السراي الحكومي اجتماع بين ممثّلي الوزارات الشريكة في خطة الطوارئ وممثلي الهيئات والمنظمات الدولية لعرض موازناتها المتوقّعة للاستجابة، من دون أن تكون استجابة المانحين مضمونة. بمعنى أن الهيئات والمنظمات ستعرض قيمة المبالغ المفترض توفرها لتغطية عمليات الإغاثة، ومن ثم تعرضها على المانحين طالبةً التمويل، لكن من غير المضمون أن تحصل عليها كاملة.
المصدر: صحف