أشعل قراراللجنة العليا بشأن التعامل مع آلاف الجثث المتكدسة في ثلاث مشارح بالخرطوم جدلا واسعا في الأوساط السودانية، لا سيما بعد أن حددت اللجنة 25 أيلول/سبتمبر موعداً لتشريح الجثث.
وأعلنت عدد من قوى الشارع عن حملة أطلقت عليها “دفن بدون عدالة ضياع للمفقودين”، لتصعيد القضية عبر تسيير مواكب إلى المشارح لمناهضة ومنع عملية دفن الجثامين المتكدسة هناك، كما دعت لموكب الأحد بمقر النيابة العامة لتسليم مذكرة للنائب العام المكلف ترفض الخطوة.
وظلت الجثث مكدسة بالمشارح في وضع غير إنساني لأكثر من ثلاثة أعوام، حيث تعفن بعضها وتحلل الآخر، وفاحت رائحتها وظلت تشكل هاجسا للقاطنيين بالقرب من تلك المشارح، خاصة في ظل ضعف السعة الاستيعابية لتلك المشارح في انتظار لجان التحقيق التي شكلت للتقصي في مقتل ثوار أثناء فض اعتصام القيادة في حزيران/يونيو 2019 وفقدان آخرين.
وطالبت الجهات المنسقة للحملة وبينها لجان المقاومة السودانية، بعودة الخبير الأرجنتيني للسودان لمتابعة عمل التشريح، واتهمت جهات لم تسمها بالتواطؤ، كما طالبت بفريق دولي لأخذ الحمض النووي للجثث ومطابقته مع أسر المفقودين، ووضع رقم تعريفي للجثامين، وشككت في لجنة الطب العدلي، وأعلنت الحملة عن تصعيد القضية دوليا.
واشترطت لجنة التحقيق في اختفاء المفقودين المكونة بقرار من النائب العام، الاستعانة بخبراء دوليين للمشاركة في أي أعمال ذات طبيعة فنية للتعامل مع أزمة الجثامين، وأشارت في تعميم صحفي إلى افتقار السودان لنظام طب شرعي حقيقي ذي كفاءة ومصداقية، بجانب عدم اتباع إجراءات التشريح المتسقة مع المعايير الدولية، كما أكدت عدم ثقتها في الطب العدلي السوداني.
واشتكت لجنة المفقودين من مشكلات إجرائية صاحبت منحها عضوية وصفة المراقب، داخل لجنة التعامل مع الجثامين، كما اعترضت على وجود أطباء شرعيين تدور حولهم شبهات واتهامات ضمن عضوية لجنة التعامل مع الجثامين، وشددت على أنها لن تتهاون في حفظ حق الموتى وحق ذويهم في التعرف عليهم.
يأتي ذلك في وقت سبق أن كشفت فيه النيابة العامة في السودان عن أسباب أزمة تكدس الجثث بالمشارح، موضحة تفاصيل ذلك عبر بيان لها.
وقالت النيابة العامة في البيان إن “النائب العام المكلف، مولانا مبارك محمود عثمان، شرع منذ توليه مهام منصبه في إصدار قرار بتشكيل لجنة لمعرفة أسباب تكدس الجثث بالمشارح، برئاسة رئيس نيابة عامة، والتي باشرت أعمالها فور صدور القرار”، لافتة إلى أن “اللجنة قامت مباشرة بزيارات ميدانية استهدفت مشارح أم درمان وبشائر والتميز، للوقوف على حجم الأزمة المتعلقة بتكدس الجثامين بالمشارح”.
وفي التفاصيل، أعلنت اللجنة أن “أحد الأسباب الرئيسية لهذه الأزمة يتمثل في القرارات غير المدروسة التي قضت بإصدار قرار بإيقاف التشريح والدفن بالمشارح”، مشيرة إلى أن “انقطاع التيار الكهربائي بالمشارح فاقم من الأزمة، بعد أن أدى الى تحلل الجثامين وانتشار الروائح الكريهة في المباني المجاورة لتلك المشارح”، في حين أنها أوصت بزيادة عدد وكلاء النيابة العاملين بالمشارح، وقام النائب العام المكلف عقب ذلك بتفريغ وتكليف العدد المطلوب من وكلاء النيابة للعمل بتلك المشارح.
وصنفت اللجنة الجثامين المتكدسة بالمشارح لعدة فئات:
– وفيات الأطفال حديثي الولادة مجهولي الأبوين.
– وفيات ضحايا حوادث السير والمرور.
– وفيات طبيعية لها شهادات وفاة.
– وفيات بها شبهات جنائية، تم التعرف على أصحابها.
فيما أوضحت اللجنة أن “الفئات الثلاث الأولى لا علاقة ولا صلة لها بأي تحقيقات جنائية أو أعمال تحري تخص لجان الشهداء او المفقودين”. هذا واستصدر النائب العام المكلف على إثر تلك التوصيات، توجيهات بدفن الجثامين المتعلقة بتلك الفئات وفق البروتوكولات ذات الصلة والمعايير الوطنية والدولية في هذا الخصوص، تكللت بمواراة أكثر من 70 من تلك الجثامين الثرى، ويجرى العمل على دفن بقية الجثامين.
المصدر: روسيا اليوم