لا يزال ملف الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة هو الشغل الشاغل في اروقة الكيان الصهيوني سياسيا وعسكريا وامنيا ، ومع محاولة رفع وتيرة التهديد من قادة الكيان برز مسار مختلف للمحللين العسكريين والامنيين يضع صورة امام المستوى السياسي في الكيان الصهيوني تقول ببساطة انزل عن الشجرة فالتجربة مع حزب الله ليست كبزوغ الفجر ، واما ما كان ملفتا فهو صدور تقارير صهيونية تحذر من وجود سبب آخر للقلق يتعلّق بالغاز في “إسرائيل”، يكمن في توقّع أن ينفد الغاز في الكيان الصهيوني في العام 2044 .
التهديد في الجبهة الشمالية
صدرت عن المسؤولين الصهاينة ، خلال الأيام الماضية، سلسلة تصريحات تضمّنت تهديدات صريحة ضدّ حزب الله. وفي هذا الإطار نُقل عن وزير الحرب بني غانتس قوله في محادثات مغلقة إنّ “الحكومة الإسرائيلية لن تتردّد في إظهار المبادرة في المجال العسكري”. وأُتبع هذا الموقف بكلام مشابه صدر عن مصدر أمني ورد فيه أنّه “إذا اكتشفت المؤسّسة الأمنية والعسكرية نيّات هجومية محدّدة من جانب حزب الله، فسيتمّ تقدير الوضع الأمني، وبناءً عليه سيبادر إلى ردٍّ عسكري لمنع أو تعطيل عملية”.
وفي سياق ذي صلة خرج رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي رام بن باراك ليطلق تهديدا جديدا وذلك في مقابلة مع قناة i24news الإسرائيلية، حيث قال ، إنّ “حزب الله يهدّد ونحن نأخذ تهديداته على محمل الجد، ولن نسمح بالمسّ بسيادة دولة إسرائيل، وإذا ما شنّ (حزب الله) حرباً، فستكون هناك حرب” مضيفا ” لا توجد أيّ رغبة لدينا للدخول في مواجهة لا مع حماس ولا مع حزب الله ولا مع أيّ جهة أخرى، لكنّنا لن نسمح لأيّ طرف المسّ بسيادتنا”.
وقال مسؤول امني صهيوني أنّ “الجيش الإسرائيلي يستعدّ لتصعيد وفقاً لعدّة سيناريوهات، بما في ذلك تفعيل طائرات مسيَّرة من مسافة بعيدة باتجاه منصّة الغاز وعمليات حادّة نتيجة لذلك… ونحن نستعدّ كما استعدّينا في المرّة الماضية”.
كما أفادت تقارير إسرائيلية أنّه من المقرّر أن يتوجّه مسؤول إسرائيلي كبير الأسبوع المقبل إلى الولايات المتحدة الأميركية للتباحث مع الأمريكيين حول الخطوط العريضة للحدود في المجال البحري مع لبنان، من أجل التوصّل إلى توقيع إتفاق.
خبراء صهاينة: دعوا لبنان يستخرج الغاز
في مقال كتباه في صحيفة معاريف، دعا شاؤول حورف (رئيس مركز أبحاث السياسة والإستراتيجية البحرية في جامعة حيفا) و بيني شبانير (باحث في مركز أبحاث السياسة والإستراتيجية البحرية في جامعة حيفا)، الكيان الصهيوني “لتعطيل بؤرة إحتكاك إضافية (غير قطاع غزّة) يُمكن أن تجرّ حريقاً عسكرياً- وهذه المرّة على الحدود الشمالية: النزاع على ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان”.
ولفت الباحثان إلى وجود نقطتين خلافيتين أساسيتين في المفاوضات، هما “الأرض والموارد”. وأضافا أنّ الخلاف حول الأرض، مصدره خط الحدود الشمالية الذي رسمته إسرائيل، مقابل خط جنوبي رسمه لبنان من جهة أخرى. وفي هذا السياق، رأى الباحثان أنّه “إذا قرّرت إسرائيل في هذه المرحلة السير نحو اللبنانيين وزيادة النسبة الممنوحة لهم، فإنّها تعمل صحيحاً لأنّه لا يوجد هنا تنازل كبير”.
أمّا لجهة الموارد، فرأى الباحثان أنّه حتى مع إفتراض وجود حقل غازٍ كبير في هذه المنطقة، على إسرائيل التنازل عن نسبتها منه لصالح لبنان. لأنّ “لإسرائيل مصلحة من الدرجة الأولى في أن ينجح لبنان في استخراج غاز، لأنّ الأمر سيساعد كثيراً الإقتصاد التوّاق لمداخيل؛ ولأنّ منشأة إستخراج غاز لبنانية في هذه المنطقة ستنتج ميزان رعب وستُسقِط عن جدول الأعمال كلّ موضوع التهديدات لمنصّة غاز إسرائيل”.
اسرائيل تخشى وحدة الساحات
رأت الكاتبة بازيت ربينا في مقال كتبته لموقع مكور ريشون ان المصلحة الصهيونية هي في الوصول لاتفاق مع لبنان حول الحدود البحرية والبدء بالإستخراج في حقل كاريش بأسرع وقت ممكن ، معللة السبب بدخول الكيان حاليا في حالة ارباك شديد بسبب قرار مصيري لا بد من اتخاذه في اوائل ايلول وهو اما استخراج الغاز والدخول في مواجهة غير محسوبة مع حزب الله واما التنازل والقبول بما يطلبه لبنان مدعوما من مقاومته .
واعتبرت الكاتبة ان حزب الله استطاع تعزيز موقع لبنان امام الكيان الصهيوني وفي حال انجاز الاتفاق فان لبنان سيعتبر ان حزب الله هو من حافظ على حقوقه وممتلكاته وثرواته البحرية .
ولفتت الى ان “الخطر هذه المرّة، خلافاً للماضي، يكمن في فكرة وحدة القطاعات، إذ يمكن لإسرائيل أن تدخل في مواجهة متعدّدة الساحات تشمل ليس فقط حزب الله، بل أيضاً غزّة ويهودا والسامرة (الضفة الغربية)، الميليشيات في سوريا والعراق والحوثيين في اليمن. كلّها معاً وكلّ واحدة على حدة” على حد تعبيرها.
الغاز سينفذ بعد 20 عاما
ذكّرت تقارير صهيونية بمسودة تقرير نشرته في شهر تشرين الأوّل من العام 2021، لجنة برئاسة مدير عام وزارة الطاقة السابق، أودي أديري، فحصت تصدير الغاز من الكيان الصهيوني إلى أوروبا، والتي أظهرت البيانات الواردة في المسودة أنّ للكيان ما يكفي من الغاز حتى العام 2045، لكنّها مع ذلك ستضطرّ إلى البدء في إستيراد الغاز بعد 15 – 18 سنة من أجل تلبية كلّ الطلب على الكهرباء الذي يزداد كلّ سنة.
وأضافت التقارير أنّ سياسة تشجيع التصدير، التي تدفع بها شركات الغاز بواسطة عناوين عن وجود أرباح ضخمة وحصول تعاون إستراتيجي بين الكيان الصهيوني وأوروبا، “ستؤدّي إلى أن تكون إسرائيل بعد سنوات غير بعيدة معتمدة على الآخرين لتوفير الطاقة التي تحتاجها”.