من يتابع الحالة العامة التي أحدثتها فعاليات نشيد إمام زماني في مختلف المناطق اللبنانية لا سيما في بيئة المقاومة من الجنوب الى كسروان وجبيل مرورا بالضاحية الجنوبية لبيروت وصولا الى البقاع، يدرك مدى التفاعل القائم بين هذا الشعب وامامه المهدي المنتظر(عج)، الذي هو بالعمق قائدا لكل الاحرار في هذه الامة والعالم في خندق الحق والعدل ضد الظلم والجور والطغيان.
وهذا النشيد الذي كان جزءا من فعاليات عمت العالم الاسلامي والعربي وتفاعل معها عشرات الملايين حول العالم، شكلت بصمة جديدة لأتباع ومحبي النبي الأعظم محمد بن عبد الله وآل بيته الأطهار(ع)، هذه البصمة التي تؤكد ان الدين المحمدي الاصيل هو دين حب وتلاق ومودة يحمل الكثير من قيم تقبل الآخر والانفتاح عليه ومد يد العون والتعاون معه لنصرة الانسان والحق بمواجهة الظالمين.
أظهر هذا النشيد ان شعب المقاومة في لبنان رغم كل ما يتعرض له من ضغط وحصار، يعيش نبض الانتظار حتى آخر رمق قبل الانتصار الكبير ويقدم التضحيات بشغف المحب لإمام زمانه دون تعب أو كلل أو تكلف، ونحن على أعتاب ذكرى عاشوراء لهذا العام، نذكر القاصي والداني، أن هؤلاء أنفسهم هم أبناء مسيرة الامام الحسين(ع) الذي قدم كل ما عنده في سبيل إصلاح أمة جده ووقف في يوم العاشر من المحرم سائلا رضى الله وغفرانه واستشهد عزيزا لينمو دمه ولتبقى قضيته مستمرة ومشعة منذ العام 61 للهجرة.
شعب هذه المقاومة في ذكرى الـ40 ربيعا يجدد العهد لقائده الامام المنتظر، ويقسم بدماء شهدائه لا سيما الشهداء القادة بالاستمرار على النهج وانه لن يقدم التنازلات وانه سيكون حيث يجب ان يكون، كما قال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وانه لن يبخل بالحضور في الساحات على اختلافها عندما يطلبه الواجب لذلك.
ومن تابع فعاليات نشيد إمام زماني يدرك ما نقول، فالجميع شارك من مختلف الاعمار والشرائح، صغارا وكبارا، نساء ورجالا، شيوخا وحتى مرضى، والمشاركة الأكثر تأثيرا كانت من الجرحى وعوائل الشهداء الذين كان حضورهم له طابعه الخاص، فعندما ترى أمّ الشهيد حاملة صورة ولدها وتنزل في عز الحر لتقول للامام المهدي لبيك وأنا حاضرة لتقديم نفسي وروحي وكل عائلتي وما أملك فداء لقدومك وان لا خير في الحياة من دون هواك، كيف يمكن ان تقيّم هذه الحالة الانسانية وما يمكن ان تكتب وتقول عنها، فحقيقة ان الكلمات تقف عاجزة عن التعبير امام ضخامة وعمق هذه الصورة الغارقة في الإيثار والتضحية والمشبعة بالوفاء والإباء، ولا شك أنها صورة مصغرة عن موقف السيدة زينب بن علي(ع) في مجلس الطاغية ابن زياد عند سؤالها عن استشهاد الامام الحسين آل بيته واصحابه، فقالت بكل إباء وفخر وشموخ “.. ما رأيت إلا جميلا..”.
والحق يقال إن هذه الحالة الوجودية العاشقة لإمام الزمان التي لمسناها وشاهدها العالم كله كيف يمكن هزيمتها؟ وهل بالامكان توقع غير النصر لها أيا كانت الصعوبات والضغوطات والتهديدات؟ ولا نبالغ إن قلنا ان ما بعد فعاليات سلام يا مهدي على أعداء هذه الامة بكل غرفهم السوداء التي تجهد نفسها بالتخطيط ورسم المؤامرات ان ييأسوا وان ينسفوا ما يخططوا له لا سيما في مجال الحروب الناعمة والسموم الثقافية التي يحاولون بثها في مجتمعاتنا بغلافات فكرية او ترفيهية او غيرها، وعلى القيمين عن هذه الغرف السوداء أن يدركوا ان هذه الامة التي يرعاها الامام المهدي(عج) وفيها جنود مجندة في معسكره وجيشه واعية لكل ما يحاك وجاهزة للرد بالشكل والمضمون المناسبين، وكل ذلك يؤكد ان نوايا الاعداء ومشاريعهم ستبوء بالفشل وان هذا الوجود الاسلامي غير قابل للاستئصال او الهزيمة.
وهنا لا بد من التذكير بكلام عميق سبق ان نشر للقائد الجهادي الكبير الشهيد الحاج عماد مغنية حيث قال “.. نحن وجود إسلامي له جذوره العميقة في هذا المجتمع ولا يمكن إزاحته بأي شكل من الأشكال..”.
المصدر: موقع المنار