بسم الله الرحمن الرحيم
سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير
صدق الله العلي العظيم.
نقف اليوم ويقف معنا كل مسلمي وكل أحرار العالم إجلالا وإكبارا ليوم القدس العالمي، الذي يصادف مع آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، والذي أعلنه الإمام الخميني (قدس سره) يوما سنويا لتجديد العهد والولاء والبيعة للقدس العزيزة وللشعب الفلسطيني الشجاع والمقام.
نعم، إنه يوم لتجديد العهد مع الله ومع رسوله ومع كل مسلمي العالم وأحراره للتواصل من أجل تحرير أولى القبلتين وثالث الحرمين، وتطهير تلك البقعة المقدسة من رأس الصهاينة الأشرار وشذاذ الآفاق.
وقد أصبحت قضية القدس اليوم عنوانا مقدسا لوحدة المسلمين بكل طوائفهم، بل وأبعد من ذلك فهي رمز سامي لوحدة الأديان الكتابية الثلاث الإسلام والمسيحية واليهودية، إذ يمتلك أتباع هذه الديانات التوحيدية الأصيلة أهم رموزهم المقدسة في بيت المقدس وما حوله من البقاع الطاهرة، التي مازالت معطرة بأنفاس لأنبياء وصلواتهم، والتي يعد الاحتلال الصهيوني انتهاكا تاريخيا صارخا، وتجاوزا على حرمتها التي أراد الله أن تصان لتبقى شاهدا على التوحيد ووحدة الرسالات السماوية.
إن استمرار الاحتلال الصهيوني للمسجد الأقصى واغتصابه للأرض الفلسطينية جريمة يجب أن تنتهي وهي جرح عميق في وجدان الأمة وضميرها، وفي قلوب كل المؤمنين والأحرار في العالم، وكانت الدعوة الإمام القائد (روح الله الخميني الموسوي) رضوان الله عليه ليوم القدس ليس قضية إعلامية أو رسالة تكتيكية عابرة، بل هو مشروع تحرير استراتيجي من أجل حشد وتعبئة كل طاقات الأمة وتوحيدها وتوجيهها نحو الهدف المركزي لعنوان الأمة ورمز وحدتها وشموخها وقوتها القدس العزيزة.
وكأن الإمام الخميني (رض) عليه يستقرء والتاريخ مبكرا، ويتنبأ بالإنحدار الرهيب الذي سيصيب الحكام العرب، وإلى هذا المستوى من الانحدار بحيث يتسابقون في انحدارهم نحو التطبيع مع هذا الكيان الصهيوني الغاصب إلى هذه الدرجة، علما إنه عندما أعلن الإمام الخميني (قدس سره) عن يوم القدس كان يتساءل الجميع ما هي الجدوى من هذا الإعلان، حيث كان حكام العرب انذاك يتغنون بالقدس ويتفاخرون بالدفاع عنها، ويمنون أنفسهم بالتحرير، ولم يخطر على بال أحد أن يصل الحكام العرب إلى هذه الدرجة من الانحدار، وإلى هذه الدرجة من الخسة والذلة والمهانة.
ويبقى يوم القدس بصدق مشروع الأمل والمقاومة لاستنهاض الأمة وشحذ الهمم وتعبئة الطاقات وتجديد العهد مع الله ورسوله للاستمرار بالمعركة مهما كانت النتائج حتى التحرير الشامل للقدس العزيزة وللأرض الفلسطينية الكريمة، وإنه لا شرف عظيم أن يوفق الإنسان لأن يكون ضمن هذا المشروع المقدس، ومواجهة المشروع الصهيوني العنصري الوحشي الزاحف بكل اتجاه والذي يبدأ يهيمن على حكام المنطقة ويسعى إلى توسيع رقعة الاحتلال ليكون سرطانا يهدد كل مظاهر الحياة والسلام، وقد ازداد هذا المخطط الشرير خطورة عندما أصبح مندمجا مع المخطط الأمريكي في المنطقة.
نحن اليوم نواجه هجمة صهيوأمريكية تستخدم كل أدواتها الناعمة والخشنة لتحقيق أهدافها الدنيئة، نحن نعتقد اعتقادا راسخا أن بشائر وطلائع التحرير للقدس العزيزة تنطلق من هنا من العراق، وهذا وعد إلهي نحن نعتقد به والكيان الصهيوني يعتقد إن الرايات التي ستحرر القدس هي الرايات القادم من العراق، لذلك علينا أن نعرف قدر أنفسنا، ويزيد ذلك من مسؤوليتنا في محور المقاومة في العراق، وأن نتطلع إلى دورنا التاريخي المقدس والكبير، لذا كانت الفصائل العراقية المقاومة حاضرة تا في الميدان دائما لأداء واجبها المقدس في معركة تحرير فلسطين وإنقاذ القدس.
ومنذ إعلان كيان الاحتلال قبل أكثر من 70 عام كان شرف للعراقيين المشاركة في الدفاع عن القدس والشعب الفلسطيني، وقدموا الدماء الذكية، وما زالت قبور شهدائهم هناك تشهد على موقفهم المشرف، ونشهد اليوم تطور المقاومة في العراق عدة وعددا وتعبئة، متخذة من تحرير القدس هدفا ثانيا ومقدسا لها، إن المقاومة العراقية تنهض بحمل أمانة ثقيلة وهي تواجه الاندماج التام بين المشروعين الأمريكي والصهيوني في داخل العراق وفي جواره الإقليمي وتتابع بشكل يومي سياسة التدمير الصامت والصاخب الذي ينتجه هذا الثنائي الشيطاني الغاشم.
إن فصائل المقاومة العراقية تشعر بعمق الارتباط بين تحرير العراق وتحرير القدس، وكل الأرض الفلسطينية، وقد اتسعت وتطورت أدوات المقاومة في العراق والحمد لله خصوصا بعد الهجمة الإرهابية الداعشية على العراق وصدور فتوى الجهاد الكفائي المباركة للإمام السيستاني (دام ظله)، وتشكيل الحشد الشعبي المقاومة والحرص على نموه وتطوره في شتى المجالات.
إن مواقف الشعب العراقي العزيز، والمرجعية الدينية العليا هي في عمقها مع القدس ومع الشعب الفلسطيني العزيز ويرفضون التطبيع مع الكيان الصهيوني، ولا يمكن تمريره تحت أي عذر كان، وإن العداء لمحور المقاومة والتشهير به عمل شائن يصب في مشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني، فعلى الجميع الحذار ثم الحذر من السير في مشروع التطبيع، من حيث يقصدون أو لا يقصدون.
كانت الجهود المقاومة في العراق مستمرة باتجاه التحرير والانعتاق من هيمنة النفوذ الأمريكي والاحتلال الذي أخذ أشكالا أكتر خطورة من الاحتلال العسكري المباشر، فقد تطور الاحتلال أساليبه إلى احتلال سياسي واحتلال أمني واقتصادي وثقافي، حتى أصبحت أصابعه الخفية تعبث بالبنية الاجتماعية للعراق، وتحاول جاهدة مسخ هويته العربية والإسلامية الأصيلة وتنشر فيه الأفكار الضالة، وتشيع الفساد والتحلل، وتنشر المخدرات، وفي كل هذه الفصول الخطيرة من التدمير تبدو البصمات الصهيونية واضحة، لذا أصبح تحرير هذا البلد من الهيمنة الأمريكية بكل أشكالها، تحرير له من الزحف الصهيونية الخفية المتعدد الأشكال.
ولا شك إن مشروع التحرير الشامل يحتاج إلى وحدة الصف المقاوم وتوحيد جهوده واستثمار الطاقات والقدرات الهائلة التي يمتلكها شعبنا المؤمن الصابر، بما في ذلك الشباب الواعي، المتحمس، المحب لدينه ووطنه والارتباط بالإسلام والمرجعية، والشعائر الحسينية، والولاء لأهل البيت عليهم السلام، والتوكل على الله تعالى فإنه ناصر المؤمنين.
أيها الأخوة إن إدراك حقيقة العدو وعقيدته الفاسدة وخطورته هي بداية تحقيق النصر، فالكيان الصهيوني كيان طارئ، اعتمد في وجوده احتلال الأرض وإبادة أهلها الشرعيين وتشريدهم، واستخدام الأساطير التاريخية لاختلاق هوية وعقيدة واضحة الزيف لكيانه المهزوم، إلا إن أحرار العالم ومحبي كلمة الحق يعلمون حقيقة الأكاديب الصهيونية ومصادرها، ولم تعد مقولتهم وأوهامهم تنطلي على أحد، إنه مجرد عصابات شريرة ينخر مرض العنصرية والحقد على البشرية في أعماقها، وأن شرفاء اليهود يعلمون قبل غيرهم ان الصهيونية اختطف ديانتهم وأطاحت بهويتهم التوحيدية، ورسمت لهم صورة قبيحة تواجه الرفض والكراهية في كل مكان.
ويعلمون قبل غيرهم، إن الكيان الصهيوني كيان زائل، إن الكيان الصهيوني كيان زائل، إن الكيان الصهيوني كيان زائل، وكلما انقضى يوم من محنة الشعب الفلسطيني العزيز والمقاوم، إنقضى يوم من رخى هذا الكيان المجرم والمهزوم إن شاء الله.
إن إسرائيل زائلة بوعد الله ورسوله، إن إسرائيل زائلة بوعد الله ورسوله، وقد ورد وعد العقاب الإلهي لهم في التورات والإنجيل والقرآن، وكل الشواهد الراهنة تدل على أن هذا الكيان اللقيط لا يمتلك مقومات البقاء واليوم هو في ذروة أزمته الوجودية التي يحاول التغطية عليها بارتكاب مزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطينيين العزيز ومقاومته المنتصرة.
اما والله ان للصهاينة يوما قريب تتمزق فيه أسطورتهم وتنهار حصونهم، ويملأ الآفاق شتاتهم، ويدفعون الثمن مضاعفا، ولا تحين مندم. فإذا جاء وعد الآخرة ليسيئوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علو تتبيرا، صدق الله العلي العظيم.
والسلام عليكم أيها الأخوة جميعا في فلسطين وفي القدس وفي لبنان وفي اليمن وفي العراق وفي كل أرض من أرض المقاومة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: يونيوز