ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الثلاثاء 8 شباط 2022 على احتدام الخلافات والنقاشات حول مسائل اقتصادية ونقدية، فضلاً عن انتقال النزاع إلى الوكالات الحصرية في مجلس النواب بين مطالب بإلغائها بالكامل، وبين مطالب بإعطائها جزءا من الحماية من قبل الدولة، في حين لا يزال النقاش حول الموازنة يراوح عند عتبة مصير سلفة مؤسسة كهرباء لبنان…
البناء
فيينا تستعدّ اليوم لبدء جولة حاسمة…وتأكيدات روسيّة أميركيّة على قرب الاتفاق
هوكشتاين أمام مخاطر تثبيت الخط 29 وترك الأمر للمقاومة
شيا تمهّد إعلاميّاً لتأجيل الانتخابات: أحزاب قويّة قد تسعى للتأجيل
كتب المحرّر السياسيّ
في ظل تصدر مشهدي القمة الصينية الروسية وأبعادها الاستراتيجية على التوازنات الدولية، والقمة الروسية الفرنسية وتعبيرها عن محاولات أوروبا للتملص من تداعيات التصعيد الأميركي مع روسيا تحت عنوان الأزمة الأوكرانية، تعود الوفود التفاوضية حول الملف النووي الإيراني، بعد أسبوع من المشاورات في مراكز صنع القرار، خصوصاً في واشنطن وطهران، بعد صدور أول قرار أميركي برفع رسمي لعقوبات مفروضة على البرنامج النووي الإيراني، وفي ظل بيان للخارجية الأميركية قال إن «هناك اتفاقاً محتملاً يتطرق إلى المخاوف الأساسية لجميع الأطراف، لكن إذا لم يبرم في الأسابيع المقبلة، فإن التقدم النووي الإيراني المستمر سيجعل عودتنا إلى خطة العمل الشاملة مستحيلة»، سبقه تصريح لمندوب روسيا في فيينا ميخائيل أوليانوف، قال فيه إن «مسودة الوثيقة النهائية حول استعادة خطة العمل الشاملة المشتركة أي الاتفاق النووي، تمّت صياغتها».
وسط هذا التجاذب بين عناصر ترجيح الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران، والتصعيد بين واشنطن وموسكو، والتفاهم بين موسكو وبكين، والارتباك الأوروبي الذي عبرت عنه قمة باريس وموسكو، تستقبل بيروت المبعوث الأميركي الخاص للتفاوض حول ترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين، في ظل غموض يطال ما يحمله هوكشتاين، مقابل ما تقوله مصادر معنية بملف التفاوض تقول إن الرسالة اللبنانية الى مجلس الأمن ستكون حاضرة في حسابات هوكشتاين الذي بات يعلم أنه ما لم تتم عملية ضبط الجنوح الإسرائيلي نحو الإجراءات الأحادية بمنح الامتيازات والتراخيص للتنقيب في المناطق المتنازع عليها خصوصاً في حقل كاريش، وفقاً لما تقتضيه أصول وقواعد التفاوض المتعارف عليها دولياً، فإن لبنان سيتجه قانونياً لبت أمر تثبيت الخط 29 ونصله من كونه خطاً تفاوضياً الى اعتباره خطاً سيادياً لترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان. وهذا يعني استحالة التفاوض حوله أو قبول أية حلول وسط تطاله. وهذا هو حال الخط 23 اليوم، واذا كان لبنان كدولة لا يملك الا المواجهة بالطرق القانونية، فإن الدولة اللبنانية عندما أعلنت الخط 23 خطاً سيادياً لا يقبل التفاوض، وهذا ما ظهر في الإجماع على رفض خط المبعوث الأميركي السابق فريدريك هوف، كانت تدرك أن وراءها مقاومة قادرة على حماية هذا الخط، والأمر نفسه سيحدث عندما يعلن الخط 29 خطاً سيادياً بديلاً، وعندها على العالم الذي يرفض ردع «اسرائيل» عن الاعتداء على الحقوق اللبنانية ان يتحمل تبعات ما سيحدث. وأضافت المصادر ان البديل لتجنب كل ذلك لا يزال متاحاً اذا قام الوسيط الأميركي بما عليه، وصرف النظر عن شعوذة مطالبة لبنان باستبدال ترسيم الحدود بالدخول مع شراكة مرفوضة مبدئياً مع «إسرائيل».
على الصعيد السياسي، لا يزال النقاش حول الموازنة يراوح عند عتبة مصير سلفة مؤسسة كهرباء لبنان، من جهة، والسجال الذي فتحته حول خطة التعافي والعودة لنقاش توزيع الخسائر، موقف جمعية المصارف منها، وسط تجاذب داخلي وخارجي حول الوضع القانوني لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة في ظل الملاحقات المتعددة أمام محاكم أوروبية ومن قضاة لبنانيين، وبقي الحاضر الدائم مشهد التحضير للانتخابات النيابية، مع تأكيد أطلقه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم عن استعداد حزب الله للاستحقاق الانتخابي بقوله «نحن ننتظر موعد الانتخابات النيابية المقبلة ليقرّر النّاس ماذا يريدون ولسنا قلقين من هذه الانتخابات»، فيما كان لافتاً كلام السفيرة الأميركية دوروتي شيا عن مخاطر تحيط بإجراء الانتخابات النيابية، غامزة من قناة تحميل حزب الله مسؤولية السعي للتأجيل، تحت شعار خشيته من فقدان قوته في مجلس النواب، وهو ما رأت فيه مصادر مقربة من المقاومة بداية تمهيد أميركي للحديث عن تأجيل الانتخابات، لأن فقدان فرص الرهان على الانتخابات لإضعاف المقاومة وحلفائها حضورهم ووقتهم في البرلمان، أمر بات الشغل الشاغل للسفيرة وفريق عملها في ضوء الإحصاءات المخيّبة للآمال التي تصلها يوماً بعد يوم، وسط تراجع الحديث عن حظوظ القوات اللبنانيّة بزيادة عدد نوابها والتسليم بمخاطر تقلّص هذا العدد، مقابل غياب كتلة المستقبل، واستحالة تعويض هذه الخسائر عبر ما ستربحه تشكيلات المجتمع المدني، الذي سيغرف من صحن حلفاء واشنطن أكثر مما سيلحق الضرر بحلفاء المقاومة. وقالت المصادر إن هذا أول كلام أميركي عن فرضية تأجيل الانتخابات بذريعة القلق من النتائج، رغم محاولة إلصاق التهمة بالمقاومة، خصوصاً أن كل المؤشرات والمواقف تشير الى جدية المقاومة وحلفائها بملاقاة الاستحقاق الانتخابي، وغياب أية إشارة او موقف من أية شخصية محسوبة على المقاومة او حلفائها يمكن ان يستنتج منها ما تحدثت عنه شيا من قلق من النتائج أو سعي للتأجيل، ونشر الشائعات من سفيرة دولة كأميركا لا يتم عبثاً ولا يشكل حرب نيات، بل هو على الأرجح نقل ما يتم تداوله سراً حول سقوط الرهان الأميركي على الانتخابات لمحاصرة المقاومة، الى العلن، تحت صيغة عرض تفاوضيّ علّ هناك مَن يشتري!
يزدحم المشهد الداخلي بجملة من الملفات والتطورات البارزة، ما يجعل الأسبوع الحالي حاسماً على أكثر من صعيد سياسي ونفطي واقتصادي ومالي ترسم نتائجه معالم المرحلة المقبلة حتى موعد الانتخابات النيابية في أيار المقبل.
وتستقبل بيروت اليوم الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود آموس هوكشتاين الذي سيجول على المسؤولين اللبنانيين ويلتقي رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الدفاع موريس سليم وقاد الجيش العماد جوزاف عون، وكذلك يلتقي مستشار رئيس الجمهورية النائب الياس بوصعب، وسط تكتم حول هدف زيارته وما يحمله من جديد.
وفيما تردد أن هوكشتاين يحمل في جعبته اقتراحات لحل ملف الترسيم، علمت «البناء» أن الوسيط الأميركي لا يحمل أي جديد في يده، بل الهدف من زيارته استطلاع الوضع وجس نبض المسؤولين وسؤالهم عن موقفهم حيال طرحه خلال زيارته الأخيرة الى لبنان في تشرين الماضي. وأكد مصدر مطلع على ملف الترسيم لـ»البناء» أن «الرسالة التي وجهها لبنان الى الامم المتحدة والتي تعكس توجهاً من رئاسة الجمهورية والموقف الرسمي اللبناني، ستدفع المبعوث الاميركي لإعادة تقييم الموقف وتكتيكاته التفاوضية وأسقطت جميع اقتراحاته السابقة وأعادت التوازن التفاوضي الى الملف لصالح لبنان، وبالتالي عطلت الرسالة البرنامج الاميركي والأحلام الاسرائيلية بقرصنة حقوق لبنان النفطية تحت وطأة الضغوط الاقتصادية والحصار المالي وسلاح العقوبات»، وأشار المصدر الى أن الأخطر والأهم في الرسالة هو أنها أطلقت يد المقاومة وفتحت لها الطريق كي تتدخل لحماية الثروة النفطية والغازية اللبنانية في جميع الحقول ولردع الاحتلال الاسرائيلي عن البدء بالتنقيب واستخراج النفط في المنطقة المتنازع عنها وتحديداً في حقل «كاريش» الذي يقع ضمن هذه المنطقة.
وحضر ملف الترسيم وزيارة هوكشتاين في قصر بعبدا في اجتماع الرئيس عون ووزير الدفاع الوطني موريس سليم. وتوقعت أوساط سياسية عبر «البناء» أن تستخدم الولايات المتحدة كافة وسائل الضغط السياسية والاعلامية والدبلوماسية والاقتصادية للضغط على لبنان لدفعه للتنازل عن حقوقه، لكن وحدة الموقف اللبناني والتسلح بالمقاومة وقوة الردع التي تملكها وتأكيد حق لبنان بالطرق الدبلوماسية على غرار إرسال رسالة الى الامم المتحدة، تشكل السد المنيع والحصين في وجه كل الضغوط الخارجية.
وفي سياق ذلك، شن نائب الأمين العام لحزب الله الشّيخ نعيم قاسم، هجوماً لاذعاً على السفارة الأميركية في لبنان، فأكد أن هذه السفارة «لعبت دورًا كبيرًا داخل السّاحة اللّبنانيّة، فهي ترعى منظّمات للمجتمع المدني، تربّيها وتبنيها على إثارة الفوضى والقلاقل وتخريب واقع البلد، وقطع الطرقات، وإفساد الأجيال بأفكار وقناعات منحرفة، وكذلك هي تموّل شخصيّات تريدها أن تكون بديلًا عن شخصيّات موجودة الآن في إدارة البلد».
وفي حديث إلى وكالة أنباء «فارس» الإيرانيّة، شدد قاسم على أنّ «هذه السّفارة ترعى قيادات فاسدة بعنوان أنّها معارضة، ولكن في الحقيقة تاريخها مليء بالفساد والانحراف، وكذلك هي تتبنّى مسار «حزب القوات اللبنانية»؛ هذا الحزب الّذي ارتكب مجازر بحقّ اللّبنانيّين في كلّ تاريخه». وأشار إلى أنّ «الولايات المتحدة الأميركية تبذل جهدها تمامًا لإثارة الفوضى بين النّاس، عن طريق الضغط الاقتصادي». وأوضح أنّ «هذه السّفارة قامت من خلال قرار الإدارة الأميركية، بالضّغط الاقتصادي والمالي على لبنان، من أجل إسقاط قدرته على النهوض المالي، وإثارة القلاقل بين الناس بحجّة أنّ السّبب هو «حزب الله». هذه الإدارة تعمل على وضع أسماء وأشخاص وجهات على لائحة العقوبات، وتتّهم «حزب الله» بالإرهاب وتحرّض عليه، وتدفع لوسائل إعلاميّة مختلفة أموالًا طائلةً من أجل الضّغط على الحزب لإنهاء المقاومة».
وشدّد على «أنّنا نعمل على محورين كحزب الله: محور المقاومة وحماية البلد وحماية الرّؤية الّتي ترفض أن نكون أتباعاً لـ»إسرائيل» وأميركا، وفي آنٍ معًا نكون باستعداد كامل لأيّ تحدّ وأيّ عدوان مهما بلغ، بحيث أنّ الإسرائيلي يعلم بأنّ الاعتداء على لبنان مكلف جدًّا بالنّسبة إليه، لأنّ المقاومة جاهزة ولن تنتظر أحدًا لتردّ وتلقّن العدو درسًا وهزيمةً كبيرة».
وفيما حذرت مصادر «البناء» من توجه أميركي الى خلق فوضى اجتماعية وأمنية في الداخل لتطيير الانتخابات النيابية، اذا وجدت واشنطن أن حزب الله وحلفاءه سيحصلون على الاغلبية النيابية، وبالتالي تحميل الحزب وحلفاؤه مسؤولية ذلك، اتهمت السفيرة الأميركية حزب الله من دون أن تسميه بمحاولة تأجيل الانتخابات، ولفتت شيا الى أنه «يتعين إجراء الانتخابات البرلمانية في لبنان في موعدها في أيار، وسط مخاوف من أن تسعى أحزاب قوية لتأجيلها لأن نتيجتها قد تؤدي إلى فقدان هذه الأحزاب بعض قوتها في مجلس النواب». ولفتت في حديث لوكالة «رويترز»، إلى أن «هناك إجماعاً في المجتمع الدولي على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها بصورة تتسم بالنزاهة والشفافية»، مشددةً على أن «لا مجال للمناورة». في المقابل لفت قاسم الى أنّنا «نعمل ايضًا على خدمة النّاس من خلال وجودنا في البرلمان أو في الحكومة أو في المؤسّسات اللّبنانيّة المختلفة، وأيضًا من خلال وجودنا الميداني كـ»حزب الله» وكمؤسّسات اجتماعيّة وثقافيّة وصحيّة، وبالتّالي نحن ننتظر موعد الانتخابات النيابية المقبلة ليقرّر النّاس ماذا يريدون ولسنا قلقين من هذه الانتخابات».
وحضر الملف اللبناني، في الاجتماع بين وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، ويائيل ليمبرت، مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى. وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي، أن لامبرت والجبير «ناقشا قضايا إقليمية، بما في ذلك لبنان، والتعاون لتعزيز الجهود المتعددة الأطراف من أجل حل دبلوماسي سلمي للصراع في اليمن».
في غضون ذلك، يطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الساعة الثامنة من مساء اليوم في حوار على قناة «العالم» الإخبارية، وسيتحدّث نصرالله في هذه المقابلة الحصرية، عن قضايا شتى منها الثورة الاسلامية، دور الإمام الخميني والقيادة الإيرانية على صعيد انتصار وديمومة الثورة الاسلامية، محور المقاومة، دور حزب الله وسائر أعضاء هذا المحور، صمود محور المقاومة والانتصارات المتتالية والمستمرة لهذا المحور في مواجهة أميركا و»اسرائيل».
وعلمت «البناء» أن السيد نصرالله لن يخوض بالملفات الداخلية بل سيفصل بين الملفات الإقليمية والدولية المتعلقة بمعاني الثورة الايرانية وأبعادها وانعكاساتها المتعددة وأهمية الدور الإيراني في المنطقة وأثره على ساحات المقاومة ضد العدو الاسرائيلي، وسيؤجل الملفات المحليّة الى إطلالته في ذكرى الشهداء القادة في 16 شباط المقبل.
وفي موازاة ذلك، يشهد القصر الحكومي اليوم جلسة لمجلس الوزراء على جدول أعمالها بنود عادية لا سيما تعديل اصول المحاكمات الجزائية لجهة تخفيف صلاحيات المدعي العام التمييزي لصالح منحها لوزير العدل، في ظل معارضة قوى عدة من بينها رئيس الحكومة لهذا الامر. وتتجه الأنظار الى بعبدا الذي يشهد جلسة أخرى لمجلس الوزراء برئاسة عون لإجراء قراءة نهائية لمشروع موازنة 2020 في ظل خلاف ايضاً على سلفة الكهرباء التي يُصرّ عليها عون والوزراء المحسوبون على التيار الوطني الحر مقابل رفض ميقاتي ووزراء آخرين يفضلون فصلها عن الموازنة لعدم جدواها الاقتصادية وإرهاق الخزينة والموازنة.
ونفى وزير العمل مصطفى بيرم «وجود أي خطر انتكاسة لجلسات مجلس الوزراء»، مؤكداً أن «لا جوّ من النكايات في النقاشات خلال الأسبوعين الماضيين، بل كانت بناءة وعلمية في ظل رغبة موحدة كاملة بالوصول الى نتيجة تراعي الأحوال المعيشية ومالية الدولة على حد سواء».
أما عن فصل خطة الكهرباء عن الموازنة، فقال في تصريح «ما من رفض للموضوع، لكن التجارب السابقة أظهرت ان دفع السلف لم تحقق الغاية المطلوبة»، مشيراً الى أن «وزير الطاقة اعتبر أنها بمثابة مساعدة للدولة، فيما كان لرئيس الحكومة رأي آخر بأن يندرج المبلغ ضمن احتياط الموازنة، لكن الدفع يتمّ تبعاً لخطوات واضحة على طريقة القطعة قطعة». ورداً على سؤال، أكد بيرم «أنه فور الانتهاء من إقرار الموازنة سيدعو لجنة المؤشر الى اجتماع لبتّ موضوع الحد الأدنى للأجور وإعادة النظر في الأرقام السابقة».
وأطلع وزير الطاقة وليد فياض رئيس الجمهورية على نتائج الاتصالات مع البنك الدولي لتمويل عملية استجرار الكهرباء والغاز من مصر وسورية والأردن، وتناول البحث ملاحظات الوزير فياض على مشروع الموازنة.
ورجّحت مصادر حكومية لـ»البناء» إقرار الموازنة في مجلس الوزراء الخميس المقبل او في جلسة أخرى كحد اقصى، لكنها توقعت أن تأخذ مساراً وطويلاً لإقرارها في مجلس النواب وسط خلافات عميقة وجوهرية على مشروع الموازنة في ظل عدم وضوح الرؤية حيال خطة التعافي المالي والاقتصادي التي تحوم حولها خلافات بين بعبدا والسراي الحكومي وبينهما مصرف لبنان والمصارف.
وليس بعيداً، رفضت جمعية مصارف لبنان مسودة خطة حكوميّة لمعالجة الأزمة المالية تقترح إلغاء بعض الديون وتقليصاً جزئياً للمدخرات في البنوك، قائلة إن ذلك سيؤدي إلى فقدان الثقة في القطاع المالي لفترة طويلة. وتنص مسودة خطة لسد فجوة ضخمة في النظام المالي، اطلعت عليها رويترز الشهر الماضي، على إعادة 25 مليار دولار فقط من إجمالي 104 مليارات دولار من الودائع بالعملة الصعبة إلى المدخرين بالدولار الأميركي، وسيتم تحويل معظم ما تبقى إلى الليرة اللبنانية على عدة أسعار صرف، أحدها من شأنه أن يمحو 75 بالمئة من قيمة بعض الودائع، وتبلغ القيمة التقديرية للخسائر في القطاع المالي، بحسب الخطة، 69 مليار دولار.
وقالت جمعية مصارف لبنان في بيان مكتوب أرسلته إلى رويترز «تشير هذه المسودة الافتراضية للخطة إلى أنها يمكن أن تقضي على ما يسمّى «الخسائر» من أجل موازنة الدفاتر. هذا النهج… هو نهج تصفية وسيؤدي إلى فقدان الثقة بشكل دائم على مدى أجيال مقبلة». واضافت جمعية مصارف لبنان أنها لن تؤيد خطة من شأنها أن تؤدي إلى «خفض اسمي لودائع العملاء» أو القضاء تماماً على حقوق المساهمين، لكنها منفتحة على تحمل بعض الخسائر من إعادة هيكلة السندات الدولية (يوروبوندز) وقروض القطاع الخاص.
في المقابل أعرب مصدر بارز بالحكومة اللبنانية، في حديث لوكالة «رويترز»، عن تفاجئه من رفض جمعية المصارف للخطة، موضحاً أن «خطة الإنقاذ المالي لم تكتمل بعد وتجري مناقشتها مع صندوق النقد الدولي».
ولفتت أجواء مطلعة على خطة الحكومة لـ»البناء» الى أن «المصارف تحاول التنصل من مسؤولياتها والتهرب من تحمل الجزء الطبيعي من الخسائر وذلك بالتكافل والتضامن مع مصرف لبنان، ويحاولان معاً تحميل الجزء الاكبر من الخسائر والديون الى المودعين (55 في المئة) مقابل تحملهم فقط 19 في المئة. وهذه معادلة غير عادلة»، متوقعة مساراً طويلا من الصراع والتجاذب في هذا الملف من غير المعروف نهايته.
الا أن رئيس جمعية مصارف لبنان سليم صفير، لفت في بيان مساء امس الى أن «ما جاء عبر وكالة رويترز شكل اجتزاء من نص رد أُرسل إلى الوكالة يبين بوضوح ومن السطر الأول عدم اطلاع الجمعية على أي خطة معدة من قبل الحكومة وحتى عدم وجود خطة، اما الرفض الذي تناولته رويترز فكان في معرض الافتراض حول ما سُرّب وهو ينطلق من مبدأ الجمعية الداعي لحماية حقوق المودعين».
وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال لقائه في عين التينة الأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان علي حجازي على «ضرورة العمل الجاد نحو معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية»، كما جدد الرئيس بري، بحسب ما نقل عنه حجازي موقفه «حول ضرورة دعوة سورية الى اجتماع اتحاد البرلمانات العربية».
في سياق ذلك، أكد المكتب السياسي لحركة أمل أن «الطريق الوحيد لإنهاء قضية كارتيلات الاحتكار للسلع بمختلف انواعها والتي ينوء تحتها اللبنانيون جميعاً يكمن في إقرار قانون المنافسة وضرب الاحتكارات وإلغاء كافة الوكالات الحصرية التي تجعل من أصحابها متحكمين برقاب اللبنانيين ومصائرهم الحياتية». واعتبر المكتب أن «روح الحل الاقتصادي تكمن في رؤية الإمام موسى الصدر ببناء اقتصاد الإنتاج وإسقاط اقتصاد الريع والاستهلاك المرضي الذي تعمل على ترويجه فئات ترتبط بمراكز وقوى الإنتاج لدى الدول الكبرى والمصدرة لمنتجاتها على حساب الاقتصاد الوطني».
بدوره، تساءل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط: «هل التصريحات لمسؤول كبير في حزب اساسي، ذات بعد إقليمي، والتي تشكك بجدوى التفاوض مع المؤسسات الدولية، تهدف الى التعطيل الكامل للحكومة، أم ان هذه التصريحات من باب المزايدة». ولفت، في تصريح على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى أن «لماذا عدنا إلى سلف الكهرباء من خارج الموازنة، وأين اصبحت الطاقة الأردنية والغاز المصري».
اللواء
مواجهة بين المصارف والوكالات الحصرية مع الحكومة واقتراح حزب الله
عون يبحث مع فياض الملاحظات على الموازنة!
في المخاض الداخلي، ومع بدء العد التنازلي لاجراء الانتخابات النيابية، وقرب انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون بعد ثمانية أشهر ونيف، تحتدم الخلافات والنقاشات حول مسائل اقتصادية ونقدية (مصير حاكم مصرف لبنان عزله أو بقائه إلى ما بعد انتهاء ولاية عون) فضلاً عن انتقال النزاع إلى الوكالات الحصرية في مجلس النواب بين مطالب بإلغائها بالكامل، وبين مطالب بإعطائها جزءا من الحماية من قبل الدولة، إضافة إلى شؤون قضائية كتقليص صلاحيات النائب العام التمييزي وتجييرها إلى وزير العدل (البند 16 المدرج على جدول اعمال مجلس الوزراء اليوم) اضافة إلى استمرار التجاذبات، ولو بالخفاء، حول مسار التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت.
يضاف إلى كل ذلك، ازمة الكهرباء الآخذة بالاعتضال (التحول إلى معضلة) او داء ليس من السهل معالجته، على الرغم من انه بات مطلباً دولياً لإجراء الاصلاحات.
وبين سلسلة التشابكات والتجاذبات أصدر وزير المال يوسف خليل قراراً باعطاء مساعدة اجتماعية مؤقتة للعاملين في الادارات العامة مهما كانت مسمياتهم الوظيفية عن شهري ت2 وك1 بين شباط وآذار المقبلين.
رفض المصارف لخطة الحكومة
وسط ذلك، رفضت جمعية مصارف لبنان مسودة خطة حكومية لمعالجة الأزمة المالية في البلاد تقترح إلغاء بعض الديون وتقليصا جزئيا للمدخرات في البنوك، قائلة إن ذلك سيؤدي إلى فقدان الثقة في القطاع المالي لفترة طويلة.
وتنص مسودة خطة لسد فجوة ضخمة في النظام المالي، على إعادة 25 مليار دولار فقط من إجمالي 104 مليارات دولار من الودائع بالعملة الصعبة إلى المدخرين بالدولار الأمريكي.
وسيتم تحويل معظم ما تبقى إلى الليرة اللبنانية على عدة أسعار صرف، أحدها من شأنه أن يمحو 75 بالمئة من قيمة بعض الودائع. وتبلغ القيمة التقديرية للخسائر في القطاع المالي، بحسب الخطة، 69 مليار دولار. وتحدد الخطة إطارا زمنيا مدته 15 عاما لسداد أموال جميع المودعين.
وقالت جمعية مصارف لبنان في بيان مكتوب «تشير هذه المسودة الافتراضية للخطة إلى أنها يمكن أن تقضي على ما يسمى ’الخسائر’ من أجل موازنة الدفاتر. هذا النهج… هو نهج تصفية وسيؤدي إلى فقدان الثقة بشكل دائم على مدى أجيال مقبلة».
وموافقة الجمعية ليست مطلوبة من أجل أن تتبنى الحكومة الخطة وتبدأ تنفيذها، لكن خبراء يقولون إن دعم القطاع المصرفي لها يمكن أن يساهم في حل الأزمة. وقالت الجمعية إنه لم يكن لها أي دور في صوغ هذه الخطة ولم تطّلع على نسخة رسمية منها.
وقالت «إذا كان هذا صحيحا، فإن هذا النهج الوارد لمعالجة الخسائر التي حدثت في القطاع المالي غير مقبول على الإطلاق، ولن يؤدي بالتأكيد إلى تعويض انهيار الاقتصاد».
إلغاء بعض الديون
وقالت جمعية مصارف لبنان إنها لن تؤيد خطة من شأنها أن تؤدي إلى «خفض اسمي لودائع العملاء» أو القضاء تماما على حقوق المساهمين، لكنها منفتحة على تحمل بعض الخسائر من إعادة هيكلة السندات الدولية (يوروبوندز) وقروض القطاع الخاص.
وكانت البنوك اللبنانية مقرضا رئيسيا على مدار عقود للحكومة، غير أن هدر الأموال والفساد أديا إلى الانهيار المالي في عام 2019.
كما اشارت الجمعية إلى «اعتراضها الشديد» على مقترح أن يحتفظ مساهمو البنوك بأغلبية الاسهم بالقطاع مقابل ضخ مليار دولار في رأسمال جديد.
ولاحقاً، أوضح رئيس جمعية مصارف لبنان سليم صفير أن ما نشر شكل اجتزاء من نص رد يبين بوضوح ومن السطر الأول عدم اضطلاع الجمعية على أي خطة معدة من قبل الحكومة وحتى عدم وجود خطة.
اما الرفض فكان في معرض الافتراض حول ما سُـرّب وهو ينطلق من مبدأ الجمعية الداعي لحماية حقوق المودعين.
وتمت الاشارة بوضوح ايضاً إلى أن ما سرب، ان كان صحيحا وكرد افتراضي، لا يشكل حلا للازمة الاقتصادية المتسارعة.
وقال متحدث باسم صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي إنه ليس بوسعه التعقيب على تقارير أفادت بأن الصندوق رفض جوانب من خطة الحكومة أثناء المحادثات التي بدأت في يناير كانون الثاني.
وقال مسؤول لبناني إن صندوق النقد طلب من المسؤولين اللبنانيين «العمل على أجزاء من الخطة».
وفي إطار الجهود المبذولة لسد الفجوة البالغة 69 مليار دولار في النظام المالي، تشير مسودة الخطة إلى إنقاذ كبار المودعين بما يصل إلى 12 مليار دولار، أو ما يعادل 72 بالمئة من الأسهم في القطاع المصرفي، وبالتالي تقليل المساهمين والدائنين إلى أقل من الثلث.
الوكالات الحصرية
نيابياً، اقرت اللجان النيابية المشتركة اقتراح قانون المناقشة المقدم من «كتلة الوفاء للمقاومة» ورحلت المادة الخامسة المتعلقة بالغاء الوكالات الحصرية نظرا للخلاف حولها الى الهيئة العامة، في ظل وجود اقتراح آخر من النائب سمير الجسر حول هذه المادة، وانقسم النواب بين مطالب بالغاء الوكالات الحصرية بالكامل، وبين مطالب باعطائها جزء من الحماية من قبل الدولة.
وقال النائب حسين الحاج حسن بعد الجلسة: « هو قانون اصلاحي وينظم المنافسة في السوق اللبنانية، ومن اجل تنظيم المنافسة شكلت هيئة، وهو يقع في 66 مادة. النقاش كان حول المادة الخامسة التي تتعلق بحماية الدولة للوكالات الحصرية واخذت نقاشا طويلا في اللجنة الفرعية وفي اللجان المشتركة».»ما حصل ان الوزير سمير الجسر قدم اقتراح قانون ناقشناه في اللجنة الفرعية وتفاهمنا على جزء من هذا الاقتراح وجزء اخر لم نتفاهم عليه، «الوزير الجسر خفف من سيئات المرسوم الصادر منذ زمن، وتم الخلاف حول البند الرابع وفق ما تقدم به، ومن ثم جاء موضوع التعويض. هناك اصرار على حماية عدد قليل من التجار تحت عنوان ان لهم حقوقا، وندعو زملاءنا لعدم التفريط بهذه الخطوة الاصلاحية بما فيها المادة الخامسة مع اعطاء فرصة للشركات الام بالتعويض في حال فسخ العقد».
وبدورها، حذرت النائب عناية عز الدين من «محاولات يقوم بها بعض النواب لتفخيخ قانون المنافسة ، ورات «ان ما يجري يصب في مصلحة عدد محدود من أصحاب الوكالات بمعزل عن مصلحة المواطن».
ويعاود مجلس الوزراء جلساته العادية اليوم، لمناقشة جدول اعمال عادي لن يكون متوتراً حسبما افاد وزير العمل مصطفى بيرم لـ«اللواء»، مستغرباً الحديث عن بنود خلافية ومتفجرة، ومعتبراً انه قد تكون هناك وجهات نظر مختلفة حول بعض البنود لكن بحثها يتم في اجواء حوارية وهادئة ولا داعي لإثارة هذا الهلع، خاصة حول ما قيل عن البند 16 المتعلق بتعديل بعض احكام قانون اصول المحاكمات الجزائية.
وقال بيرم: نحن في تواصل دائم مع كل الوزراء ولا شيء يوحي بوجود خلافات حتى لو كانت موجودة في المطابخ السياسية لكنها تنعكس فوراً على عمل الحكومة. ولكن عادة لا تُطرح الامور بحدية، وأي بند ذي طابع غير متفق يعالجه رئيس الحكومة باسلوبه الهادئ وبحنكته وقد يُسحب من التداول.
واضاف: ورأيي انه لا بنود متفجرة في جلسة الثلاثاء، لكن النقاش الاساسي سيكون في بنود الموازنة العامة في جلسة الخميس وهي الدسم، وهناك ملاحظات ستعرض، ولا سيما حول موضوع الضرائب، وستعرض في الجلسة أيضاً التخريجة النهائية لسلفة الكهرباء والصيغة النهائية لمساعدات موظفي القطاع العام. وسنحدد ايضاً اي معيار يُعتمد بالنسبة للدولار الجمركي لأنه لا يمكن التعاطي مع نظام الجمارك افقيا وبالتساوي بين المواد المشمولة، بل عمودياً او طولياً، فمثلاً لا يمكن اعتماد نفس المعايير في المواد الغذائية بين الكافيار والأرز والسكر.
ورداً على سؤال، أكد بيرم «أنه فور الانتهاء من إقرار الموازنة سيدعو لجنة المؤشر الى اجتماع لبت موضوع الحد الأدنى للأجور وإعادة النظر في الأرقام السابقة».
وفي اطار الجلسات الحكومية، استقبل رئيس الجمهورية ميشال عون وزير الطاقة والمياه وليد فياض، الذي أطلعه على المعطيات المتعلقة بخطة الكهرباء وسبل استكمالها في ضوء المناقشات التي دارت في جلسات مجلس الوزراء.
وأوضح الوزير فياض أنه أطلع رئيس الجمهورية على نتائج الاتصالات مع البنك الدولي لتمويل عملية استجرار الكهرباء والغاز من مصر وسوريا والأردن، وأن البحث تناول ملاحظات الوزير فياض على مشروع الموازنة.
كما استقبل الرئيس عون وزير الدفاع الوطني موريس سليم الذي بحث معه في حقوق العسكريين بالنسبة إلى المساهمات الاجتماعية، كما تناول البحث موضوع ترسيم الحدود البحرية الجنوبية في ضوء الزيارة المرتقبة للموفد الاميركي آموس هوكشتاين المرتقبة مساء اليوم. وأوضح الوزير سليم انه بحث أيضا مع الرئيس عون في قضايا إدارية تتعلق بحاجات المؤسسة العسكرية، ولا سيما موضوع التلزيمات والحاجات اللوجستية.
وعقد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي اجتماعاً وزارياً لاستكمال البحث في موضوع قطاع الكهرباء، ضم وزير المالية يوسف خليل، وزير الطاقة والمياه وليد فياض ورئيس مجلس إدارة كهرباء لبنان كمال حايك.
من جهة ثانية، اعلنت وزيرة التنمية الإدارية نجلا رياشي، في حديث لقناة «الحرة»، أن «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» ستبدأ عملها في غضون 3 أشهر وستطبق قوانين مكافحة الفساد التي أقرها مجلس النواب عام 2017، والتي بقيت من دون تطبيق على أرض الواقع.
وأوضحت أنه سيكون للهيئة مطلق الصلاحيات من دون المرور أو أخذ الإذن من الدولة اللبنانية، وتستطيع أن تتكلم مباشرة مع هيئات الرقابة والهيئات القضائية وتقوم باستقصاءات. وقالت: بإمكان اللبنانيين أن يلعبوا دورا أيضاً كونهم يملكون حق الوصول إلى المعلومة. وكل لبناني يعتبر أن لديه أي تساؤل عن أمر حصل في إدارة معينة، عن التزام حصل بمكان ما، عن نفقة صرفتها إدارة معينة، يحق له ان يذهب الى هذه الإدارة ويطلب المعلومات التي يريدها. وإذا لم يُعطَ المعلومة بإمكانه تقديم شكوى لدى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
وعن الضمانة لتحصين الهيئة أمام التدخلات السياسية، كشفت عن أن طريقة تعيين الأعضاء كفيلة بضمان استقلاليتها عن أي محاصصة أو زبائنية.
وردا على سؤال عما إذا كان عمل الهيئة يقتصر على القطاع العام، قالت: «إن القانون يقول إن الهيئة تكافح الفساد في القطاع العام، لكن بإمكانها أن تتناول بعض القضايا في القطاع الخاص في حال تضاربت مع مصالح القطاع العام».
بري وهيئة المكتب
وفي تطور برلماني، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري، هيئة مكتب المجلس، الى إجتماع يعقد في الثانية من بعد ظهر الخميس الواقع فيه 10 شباط الحالي، في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة. للبحث في عقد جلسة للمجلس وفي ابرز بنود جدول اعمالها.
مواقف
في المواقف، أكد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، أمام زواره «ان الوضع في لبنان دقيق وصعب للغاية، وعلينا التحلي بالحكمة ومعالجة الأمور بالتعاون والتشاور ووحدة الصف ولم الشمل، في ظل الظروف المصيرية التي يمر بها البلد، خصوصا واننا أمام استحقاق انتخابي نيابي يتطلب الكثير من الوعي والتبصر والعمل على إنجازه لإنجاحه لتحقيق ما يريده الناس بكل حضارة ورقي واتزان».
وقال دريان: «إن دار الفتوى كانت وستبقى قائمة بدورها الديني والوطني التوحيدي، الذي يحفظ كيان لبنان وحقوق أبنائه، وهي مع مطالب الشعب ضمن الأطر والقوانين المرعية الإجراء التي تحفظ البلد من التراجع والانهيار».
وغرد رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط عبر «تويتر»: هل التصريحات لمسؤول كبير في حزب اساسي ذات بعد اقليمي والتي تشكك بجدوى التفاوض مع المؤسسات الدولية تهدف الى التعطيل الكامل للحكومة أم ان هذه التصريحات من باب المزايدة. ولماذا عدنا الى سلف الكهرباء من خارج الموازنة واين اصبحت الطاقة الاردنية والغاز المصري؟
ويطلّ الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله عند الساعة الثامنة من مساء اليوم الثلاثاء، في حوارٍ عبر قناة «العالم» جرى تأجيله لأسباب لم تُعرف، ويتطرق فيه إلى مختلف الملفات الراهنة على الساحة اللبنانية والإقليميّة.
كما يتحدث السيد نصر الله في ذكرى «القادة الشهداء» مباشرة يوم 16 شباط، عبر شاشةٍ عملاقة في احتفالٍ مركزي سيُقام في مجمع سيد الشهداء بالضاحية الجنوبيّة لبيروت.
الوضع المعيشي
على الصعيد المعيشي والمطلبي، افادت معلومات شبه رسمية ان الاجتماع الذي ترأسه الرئيس ميقاتي وحضره كل من وزير التربية القاضي عباس الحلبي، ورئيسة لجنة التربية النيابية النائب بهية الحريري بالاضافة الى مختلف لجان الأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي، انتهى الى توافق على العودة الى التعليم بشكل نظامي في المدارس الرسمية، بعد ان طلب رئيس الحكومة إدراج مبلغ 100 مليار ليرة في الموازنة العامة كبدل نقل للأساتذة المتعاقدين، ما اعتبره المتعاقدون انصافاً لهم، وبالتالي قرروا توقيف اضرابهم والعودة الى مدارسهم.
وتابعت مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد جولاتها الرقابية في الاسواق، حيث تمّ اقفال سوبرماركت بالشمع الاحمر في جزين. كما أقفلت سوبرماركت في قضاء النبطية، ونُظمت محاضر ضبط بحق العديد من المخالفين.
وجالت دورية من مديرية أمن الدولة – مكتب البترون في عدد من السوبرماركت والمحال التجارية في المنطقة لمراقبة الأسعار وضبط المخالفات في حال وجدت. وتم الطلب من صاحب محل بيع بالجملة والمفرق الاقفال لحين تصحيح الأسعار وفق الأصول. وستشمل دوريات المديرية أنحاء قضاء البترون كافة.
على الأرض، قضائياً، قطع اهالي ضحايا انفجار المرفأ الطريق عند مستديرة العدلية بالإطارات المشتعلة احتجاجاً على المماطلة في التحقيقات.
978125 إصابة
صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة في تقريرها اليومي حول مستجدات فيروس كورونا امس عن تسجيل 6351 اصابة جديدة بكورونا (6208 محلية و143 وافدة) ليصبح العدد الاجمالي للاصابات 978125.
ولفتت الوزارة في تقريرها الى تسجيل 19 حالة وفاة جديدة، وبذلك يصبح العدد الاجمالي للوفيات 9730.
الاخبار
«حزب الله يفعّل معادلة نصر الله الجوية»؟ إسرائيل تعترف: المقاومة تهدّد سلاح الجو
«إصبع حزب الله في عين إسرائيل»؟ تل أبيب قلقة من معادلة نصر الله الجوية
في إقرار غير مسبوق بالتشكيك في تفوّق سلاح جو العدو في سماء لبنان، أكّدت إسرائيل أنها «تلقّت» أخيراً «رسائل» تشكّل تهديداً لسلاح الجو الإسرائيلي وحرية حركته، وتضع «إصبعاً في عين إسرائيل»، مع تعمّد المقاومة في لبنان الكشف عن منظومات دفاع جوي باتت في حوزتها
حذّرت إسرائيل من «اتجاهات تغيير» في معادلات الساحة اللبنانية، من شأنها أن تلقي بأعباء ثقيلة ومخاطر غير سهلة على سلاح الجو الإسرائيلي، تمنع عنه هامش المناورة في سماء لبنان، سواء في ما يتعلق بالطائرات الحربية، أو تلك المسيّرة من دون طيار.
وأشارت عبر شعبة العمليات في أركان جيش العدو إلى أن حزب الله وجّه رسائل عدة أخيراً، أكد فيها عملياً معادلة الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله بأن قواعد الاشتباك الجوية تغيرت عما كانت عليه في الماضي.
ونقل موقع «واللا» العبري عن مصادر شعبة العمليات أن حزب الله يتعمد في الآونة الأخيرة «الكشف» عن منظومات دفاع جوي باتت في حوزته بعدما نجح في السنوات الأخيرة في إيصالها إلى لبنان عبر سوريا. وهو «كشف»، بالمعايير العسكرية، يجري التعبير عنه عبر تشغيل هذه المنظومات بشكل واضح وعلني من دون إخفاء، كما كان يجري في الماضي، ما يشير إلى نيات واتجاهات عملية مقلقة بالنسبة إلى العدو.
الكلام المنسوب تحديداً إلى شعبة العمليات، هو تعبير عن «قلق عملياتي» فعلي لا يتعلق فقط بتقديرات استخبارية مرتبطة بـ«يوم الحساب»، كما يُعبّر في إسرائيل عن الحرب المقبلة، بل قلق آني يتعلق بإمكان تفعيله في مرحلة ما قبل الحرب، على خلاف سياقات المواجهة غير المباشرة بين الجانبين منذ حرب عام 2006.
على هذه الخلفية، تنظر شعبة العمليات إلى وجود «تصاعد» في مقاربة حزب الله ميدانياً، وهو مصدر إقلاق آني يفرض على المؤسسة العسكرية الإسرائيلية العمل على صده ومحاولة ردع أي إرادة حالية أو لاحقة لتفعيل هذا النوع من التهديدات غير المسبوقة من الساحة اللبنانية، علماً بأن وجود مثل هذه المنظومات في حد ذاته، وإن دون تفعيل حالي، يعدّ تهديداً عملانياً لسلاح الجو الإسرائيلي.
ووفقاً للتقرير الإسرائيلي، بعنوانه اللافت: «إصبع في عين إسرائيل»، هناك تأكيد على أن حزب الله نجح في الحصول على منظومات دفاع جوي برعاية وتسهيل من سوريا وإيران، من بينها أنظمة دفاع جوي روسية الصنع من نوع SA-8 وSA-17 وغيرها من المنظومات التي من شأنها أن تهدد وتعطل نشاط سلاح الجو الإسرائيلي في لبنان، وهي تهدف إلى إسقاط الطائرات في «يوم الأمر»، في إشارة إلى الحرب. وتشير التقديرات، وفقاً للتقرير نفسه، إلى أن عناصر حزب الله تلقّوا تدريباتهم العملية على أنظمة الدفاع الجوي داخل الأراضي السورية.
بطبيعة الحال، الحديث عن هذا النوع من التهديدات يخدم في جزء منه توجّهات ردعية موجّهة إلى مستويات القرار في حزب الله، في مرحلة ترى فيها تل أبيب أن الحزب يواجه عوائق عملية وانتقادات داخلية من شأنها لجمه ومنعه من المبادرة، ودفعه إلى تلقّي الأفعال من دون ردود متناسبة. وهنا، تكمن المفارقة الإسرائيلية بين اتجاهَي تقدير متناقضين: الداخل يلجم حزب الله، مع تحذير عملي بأنه مدفوع إلى المبادرة!
الجيش الإسرائيلي: حزب الله يتعمّد الكشف عن منظومات دفاع جوي باتت في حوزته
إلى جانب محاولة ردع حزب الله، ثمّة توجّه إلى الجمهور الإسرائيلي نفسه بهدف طمأنته. إذ يرد في التقرير أن «الجيش الإسرائيلي ووزارة الأمن يعملان لمواجهة المتغيرات في الساحة اللبنانية من خلال التطوير التكنولوجي وأنماط عمل إبداعية كي يبقيا على تفوق سلاح الجو، والاستعداد لاحتمال أن يحاول حزب الله إسقاط طائرة حربية أو طائرة من دون طيار». وهو إقرار غير مسبوق بالتشكيك في تفوّق سلاح جو العدو في الساحة اللبنانية، وإن عبر النفي.
وشدّد مسؤولون أمنيون إسرائيليون أخيراً على أن الجيش الإسرائيلي لن يتنازل عن حرية العمل في سماء لبنان لـ«جمع معلومات استخبارية» تتعلّق بتهديدات، من بينها مشروع دقة الصواريخ الذي لم يتوقف العمل فيه رغم الجهود الإسرائيلية التي بذلت في سبيل ذلك خلال السنوات الماضية.
ولا خلاف في أن «كشف» إسرائيل عن متغيرات ذات أهمية استراتيجية تتعلق بتنامي قدرة حزب الله إلى مستويات جديدة، من شأنها أن تقرّب الحزب من التموقع العملاني الآني للإضرار بـ«درّة تاج» جيش العدو، أي سلاح الجو. كما يعدّ كشفاً عن تطور لا يمكن قياسه بأيّ متغير أو تهديد آخر، وإن حاول العدو عبر التقرير، كما عبر غيره، إرفاق هذا التطور بتهديدات للساحة اللبنانية باتت في الحد الأدنى محلاً للتشكيك.
رئيس «القومي» لـ«الأخبار»: لن نمنح أصواتنا من دون دعم مقابل من حلفائنا
أكّد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي، ربيع بنات، في أول إطلالة إعلامية منذ انتخابه قبل نحو عام، أن «الحزب الآن يتعافى، ويستعيد قواعده والقوميين، وأمامنا ورشة دستورية داخلية كبيرة»، مشدداً على «أننا نحن جزء أساسي من قوة جبهة المقاومة في لبنان والشام وسنبقى كذلك». وأكد أن «من المبكر جداً حسم أي موقف انتخابي من الآن، لكن تحالفنا الرئيسي مع حزب الله لمنع عزل قوى المقاومة»، والثابت هو «أننا لن نمنح أصواتنا من دون دعم مقابل من حلفائنا حيث نحتاج إليهم». وفي ما يلي نص الحديث:
نتابع منذ مدة التغيير في حزبكم ووجود قيادة جديدة، ما هو وضع الحزب حالياً؟ كيف تتعاملون مع الانقسام الحالي؟
الحزب اليوم يستعيد قواعده والقوميين، ويُراكم بهدوء لكي يستعيد دوره الفاعل. كنّا نتمنّى أن يحتكم الجميع لإرادة القوميين، لكن للأسف البعض رفض وشكّل حالة انشقاقية صغيرة والوقت كفيل بالمعالجة. أبواب الحزب مفتوحة للجميع تحت سقف النظام والدستور والمؤسسات الحزبية، ونحن تجاوبنا في ما سبق مع العديد من المبادرات، لكن تمت عرقلتها، آخرها بعد مهرجان المقاومة والتحرير في الحمرا في 23 أيار. الحزب الآن يتعافى وأمامنا ورشة دستورية داخلية كبيرة لمعالجة أزمة انبثاق السلطة، ولدينا دور كبير في المجتمع نستعد للقيام به لناحية نشر الوعي وصناعة النماذج الإنتاجية.
الحزب طرف أساسي في المقاومة وكان له دور عسكري في الدفاع عن سوريا، ألم يؤثر ما حصل داخلياً في هذا الدور؟
إطلاقاً، هذا الدور لا يمكن للحزب التوقف عن القيام به لأنه في صلب عقيدته، ومهما حصل من كبوات، فإن هذا العمل منفصل عن كل المسارات الأخرى. نحن جزء أساسي من القوة الاستراتيجية لجبهة المقاومة في لبنان والشام، وسنبقى كذلك، وفي حال حصول أي عدوان عسكري سيكون القوميون الاجتماعيون في طليعة المدافعين عن لبنان.
نحن جزء أساسي من قوة جبهة المقاومة في لبنان والشام وسنبقى كذلك (عباس سلمان)
كيف تقاربون مسألة الانتخابات النيابية؟ وهل ينعكس وضعكم الداخلي على مقاربتكم؟
نحن منذ البداية، نعتبر قانون الانتخاب الحالي قانوناً طائفياً يتعمّد إقصاء القوى الوطنية، ويميّز بين المرشحين والناخبين على أساس طائفي – مناطقي، يفرّق ولا يجمع ولا يعكس التمثيل الصحيح. ونطالب بإقرار قانون انتخابي على أساس نسبي ولبنان دائرة انتخابية واحدة خارج القيد الطائفي، بالتوازي مع قوانين الأحوال الشخصية الموحّدة والزواج المدني وغيرها من التشريعات الضرورية لإلغاء الطائفية. لكن مع ذلك، نعتقد أن الانتخابات المقبلة محطّة يريد منها الخارج عزل سلاح المقاومة وإحداث انقسام كبير في البلد. لذلك ندرس مشاركتنا بعناية ونعتبر أن الندوة البرلمانية منبر مهم جداً للتعبير عن مواقفنا ولتقديم مشاريعنا الإصلاحية ولخلق رأي عام مؤيّد للحلول الوطنية. أما مسألة الوضع الداخلي في حزبنا، فهي ذات تأثير محدود، لأن الوزن الحزبي الناخب هو ضمن المؤسسة الحزبية وليس مع الحالات الانشقاقية، وهذا الأمر يعرفه جميع حلفائنا وأخصامنا، ولو أنكره البعض، وحاول التسلّل من مسألة الانشقاق لينتزع من الحزب حقّه في التمثيل في دوائر معيّنة.
ألا تشعرون أن هناك إرباكاً لدى حلفائكم في التعامل مع الحزب؟ هل حسمتم تحالفاتكم؟
لا نشعر بأي إرباك لدى حلفائنا. مسألة الانقسام والعلاقة مع الحلفاء أصبحت خلفنا. نحن على اتصال بالجميع تقريباً في فريق 8 آذار القديم، ومع العديد من القوى الوطنية خارجه، وحتى المجموعات الجديدة التي تتفق معنا على ثوابتنا في حماية سلاح المقاومة ونبذ الطائفية ومنع تقسيم لبنان. من المبكر جداً حسم أي موقف انتخابي من الآن، لكن تحالفنا الرئيسي مع حزب الله لما يجمعنا من مسائل استراتيجية معمّدة بالدم ولمنع عزل قوى المقاومة، ونتواصل بشكل جدي مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ومع التيار الوطني الحرّ وحركة أمل. وطبعاً لدينا تحالف ثابت مع رئيس حركة الشعب نجاح واكيم. وقد تتسع مروحة العمل الوطني أكثر خلال الشهرين المقبلين. هناك ثوابت محدّدة بالنسبة إلينا: أن يكون تمثيلنا النيابي على حجم انتشارنا ودورنا، ونحن موجودون في كلّ الدوائر من دون استثناء، وأصواتنا مؤثّرة خصوصاً أن المعركة هذه المرة على الصوت. سنسعى جاهدين لنتمثّل في العاصمة بيروت وفي دوائر جبل لبنان، وهناك الدوائر التي لدينا فيها حضور وازن في الجنوب والبقاع والشمال.
هل صحيح أنكم قد تقاطعون الانتخابات إذا لم تتفاهموا مع حلفائكم؟
قرارنا حتى الآن هو المشاركة في هذه الانتخابات لما لها من أهمية سياسية على مستقبل البلد ولأننا نريد أن نصل بكتلة وازنة إلى البرلمان تستطيع حمل مشروعنا والنضال لتحقيقه. هناك آراء عدة في الحزب نابعة من تجاربنا السابقة داخلياً ومع حلفائنا، وكلها تناقش تحت سقف مصلحة الحزب ومصلحة موقفنا السياسي، وطبعاً لدينا ثوابت بأن لا نمنح أصواتنا من دون دعم مقابل من حلفائنا حيث نحتاجهم.
هل تعتقدون أن خروج الرئيس سعد الحريري يتيح لكم تحصيل حصة أكبر مع حلفائكم خصوصاً مع الحديث عن انكفاء سني؟
أولاً نحن لسنا انتهازيّي فرص، ومن المبكر الحديث عن تجاوب المواطنين مع الانتخابات. أما حول مسألة الحريري، وبمعزل عن موقفنا السياسي منه، نعتقد أن إخراجه بهذا الشكل هدفه خلط الأوراق وإدخال عوامل جديدة.
كيف تنظرون كحزب علماني إلى ارتفاع وتيرة الخطاب الطائفي؟
هذا الخطاب مقصود فهو وقود الصراعات، ونلاحظ انعكاساته على الأرض كوننا موجودين في غالبية القرى والمناطق من الشمال إلى الجنوب. هناك قوى تحرّض مباشرةً لخلق انقسام طائفي داخلي يولّد اقتتالاً مسلّحاً أو يمهّد الأرض أمام التدويل والتقسيم والمناطق العازلة. من هنا بدأت كذبة «الاحتلال الإيراني» وغيرها من وسائل التحريض والانقسام. دورنا النقيض، أن نشكّل عاملاً إيجابياً وعامل طمأنينة في المناطق، وأن نحشد معنا القوى اللاطائفية لمواجهة هذا الخطاب، ونحن نسعى في هذا الاتجاه لتشكيل جبهة وطنية من قوى علمانية ومدنية وطنية على اتصال وتنسيق مع غالبية الوطنيين. صحيح أن الخطاب الطائفي ينتشر، لكن هناك شريحة واسعة من شعبنا يبدو أنها استفاقت من كبوة الطائفية، ونحن نعوّل على المستقبل.
من يحرّض؟ هل تقصدون القوات اللبنانية؟
القوات وغيرها. كل من يحرّض طائفياً متآمر.
أنتم أكثر جهة لديها صراع مع القوات، هل تتخوفون من اعتداء عليكم؟ هل تخشون طيونة جديدة؟
لدينا خصومة سياسية في الداخل، وليس عداوة مع أحد. وإن كنّا على عداوة مع مشروع رئيس القوات، فهذا لا يعني أننا نعادي أحداً من أبناء شعبنا. عدوّنا الوحيد معروف وهو العدو الإسرائيلي، ومن يتعاون معه طبعاً. خطورة جريمة الطيونة أنها تصبّ في مشروع الحرب الأهلية ويجب أن يحاسب مرتكبوها، خصوصاً أن مسؤولين حزبيين حرّضوا عليها وتبنّوها. نتمنّى أن تكون الطيونة خاتمة هذه الأحداث الأليمة، ولا نتخوّف من اعتداء علينا من قبل أحد لأننا لا نعتدي على أحد، ودماؤنا تطفئ نار الفتنة كما حصل في كفتون في الكورة. وإذا هوجمنا نضع الأمر أوّلاً عند الدولة وأجهزتها والجيش اللبناني، وإذا تخلّفت الدولة، عندها لكل حادث حديث، ونعرف كيف ندافع عن أنفسنا.
كيف تصفون الواقع في لبنان؟
الواقع في لبنان يرتبط بمنطقتنا وأمّتنا. نقرأ الأحداث من خلفية وجود خطر الدولة اليهودية الزائلة والأطماع الخارجية المتجسّدة اليوم بالمحور الغربي وملحقاته العربية وتركيا. والهدف سرقة الثروات في البرّ والبحر وإجبار لبنان على دخول قطار التطبيع. كذلك هناك أزمة النظام الطائفي وما أنتجه من انهيار اقتصادي – اجتماعي يهدّد مصير بلادنا ويهجّر شعبنا وشبابنا ويفكّك بنيتنا الاجتماعية والثقافية. وهذا امتداد أيضاً للحرب التي شُنَّت على دمشق طوال السنوات الماضية وامتداد للحرب قبلها على العراق، وطبعاً الهجمة الاستيطانية الشرسة في فلسطين والجولان. من هنا، نحن نقيّم خطورة عالية على مستقبل لبنان.
اللامركزية المالية مرفوضة واللامركزية الإدارية قابلة للتطبيق كحلّ إداري
ترفضون التفاوض حول ملفّ الثروة البحرية. هذا يضعكم في موضع اتهام بمنع لبنان من استثمار ثروته الغازية؟
موقفنا نابع من رفضنا لأصل وجود هذا الكيان المصطنع على أرضنا، بالتالي أي عملية تفاوض لا تعنينا، ولا يعنينا أي اتفاق يحصل ولسنا ملزمين به. لا نعترف بحقوق غير حقوق شعبنا في لبنان وفلسطين. نسمع عن طروحات يحملها عاموس هوكشتين حول صناديق مشتركة لتقاسم الثروة. هذه الطروحات مرفوضة ولا مكان لها في البلد. وهي، حتى من الجانب الاقتصادي المجرّد، لا تسعى إلى تأمين مصلحتنا إنّما مصلحة العدوّ والشركات الأميركية. أما اتهامنا بمنع لبنان من استثمار ثرواته، فهو اتهام سطحي يكرّره الواهمون بأن الوسيط الأميركي قد يكون موفداً عادلاً، أو بعض الذين يرحّبون باتفاق مع العدوّ من خلفية تسوويّة، وهم يعرفون مسبقاً أنه ضد مصالحنا. الشركات المعادية بدأت بالتنقيب في الحقول الفلسطينية المحتلة، والعدوّ يهدّد الشركات التي تريد التنقيب في الحقول اللبنانية. كيف نردّ؟ كيف نحمي ثروتنا؟ نحن نطالب الحكومة فوراً بالطلب من شركات شجاعة حليفة البدء بالتنقيب، ولنرَ إن كان العدوّ سيجرؤ على منعها بالقوة. وإذا فعل، فهل تستطيع شركاته الاستمرار بالتنقيب في الحقول المحتلة؟ المشكلة أن هناك من يسلّم بالقرار الخارجي على اعتبار أنه قضاء وقدر، بينما التجارب، في بلادنا والعالم، علّمتنا أن الشعوب الحيّة تستطيع فرض إرادتها.
ما هي رؤيتكم لحل الأزمة الاقتصادية إذاً؟
لدينا رؤية مفصّلة أساسها يقوم على الإنتاج وعلى صناعة السيادة في الغذاء والدواء والطاقة، والتوقّف نهائياً عن سياسة الاستدانة والاتكالية، وضرب الفساد في الداخل من جذوره. الحلول ليست اقتصادية فحسب، إنما عمليّة تغيير شاملة للنظام وبنائه على أسس وطنية، وبناء الدولة التي لم تنشأ يوماً. لا يمكن لنظام طائفي تحاصصي يقوم على تحالف بين الإقطاع القديم/ الجديد والقوى الطائفية وأصحاب الوكالات الحصرية والمصارف أن يعالج المشكلة، وأبسط دليل ما يحصل في قانون الوكالات الحصرية. كيف يكون صاحب الحلّ هو سبب المشكلة؟ خطتنا ورؤيتنا هي نقل الاقتصاد من الوهم إلى الزراعة بشكل أساسي والسياحة البيئية والصناعات المتعدّدة، لا سيّما الصناعة الثقافية والفكرية التي يمكن أن يتميّز بها الكيان اللبناني في ظلّ غياب الموارد اللازمة للصناعات الثقيلة والمتوسّطة، والتعاون الاقتصادي الوثيق مع عمق لبنان في الشام والعراق، والاستفادة من الثروة الغازية لرفع مستوى حياة شعبنا. البعض يتمسّك بالنظام من الناحية المادية لأنه منتفع ويستفيد منه ويسمّيه «الاقتصاد الحرّ» بينما هو اقتصاد الفوضى والربح السريع والاستغلال. وبدل أن نتجه عكس السائد، يتمسكون بعقد اتفاق مع صندوق النقد الذي نعرف مسبقاً نواياه وأهدافه. ونعارض بشكل قاطع هذا الاتفاق.
نسعى إلى تشكيل جبهة وطنية من قوى علمانية ومدنية
هل تشجعون التوجّه شرقاً؟
الشرق آتٍ إلينا، وعلينا أن نعدّ البنية التحتية للاستفادة من المشاريع الاقتصادية الكبرى، لا سيّما مبادرة «حزام وطريق». نشجّع على التعاون الاقتصادي مع روسيا والصين بما يحفظ سيادتنا وحقوقنا، وهناك العديد من المشاريع التي طرحها الروس والصينيون على البلد واطلعنا عليها مباشرةً، منها مصافي النفط والغاز، لكن فريق السفارة الأميركية عطّلها. لا نقول بالقطع مع الاقتصاد الغربي، إنما وضع مصلحة بلدنا كأساس وليس مصالح الوسطاء أو الشركات الكبرى كما يحصل اليوم في ملفّ المرفأ والمحاولات الفرنسية للسيطرة عليه ومشروع سكك الحديد.
يكثر الحديث عن تغيير النظام، ما رأيكم؟
النظام سيتغير عاجلاً أم آجلاً. لكن كيف وما هي النتيجة؟ نحن قبلنا باتفاق الطائف لإنهاء الحرب الأهلية، لكن كل الإصلاحات الجوهرية في الطائف كإلغاء الطائفية تمّ إهمالها. قبل الحديث عن تغيير الطائف يجب أن نطبّق الإصلاحات الأساسية فيه. وإن كان النظام سيتغير ولا بدّ، يجب أن تكون الدولة الجديدة دولة مواطنة تنظر للمواطنين بعدل وتعطيهم حقوقهم وواجباتهم من دون تمييز طائفي أو مذهبي أو مناطقي. موضوع اللامركزية الإدارية، رغم تحفظّنا عليه، قابل للتطبيق كحلّ إداري تقني للإدارة المحلية، لكن بشرط إلغاء الطائفية. أما مسألة اللامركزية المالية فمرفوضة من قبلنا، وهي غير منطقية أساساً.
ضغوط فرنسية ومصرية وسنّية لتغطية فراغ الحريري: ميقاتي مرشحاً في انتخابات أيار؟
المُقال في موقف الرئيس نجيب ميقاتي ان الانتخابات النيابية حاصلة في موعدها. اما غير المُقال فهو موقفه من نفسه: مرشح لها أم عازف كالرئيس سعد الحريري، لكن بلا حجة مقنعة ولا ارادة ملزمة؟
لأنه لم يقل، حتى الآن على الاقل، أي خيار اتخذه، يقع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عند تقاطع مربك: رئيس حكومة الانتخابات في الغالب مرشح لها ورئيس لائحة مكلف اجراءها ناهيك بالاصلاحات الاقتصادية والنقدية، وفي الوقت نفسه عضو نادي الرؤساء السابقين للحكومة الذين اختار اثنان من اربعة منهم علناً العزوف: الرئيس تمام سلام اولهم، ثم الرئيس سعد الحريري. اما رابعهم الرئيس فؤاد السنيورة، فيُفترض ان يسري حكماً عليه قياس النائبة بهية الحريري، نائبة صيدا، غير المرشحة وهي رئيسة الكتلة النيابية لتيار المستقبل.
ثلاثة من اربعة في نادي رؤساء الحكومات السابقين، الموصد الابواب في وجه عضو خامس، يدورون في فلك واحد هو تيار المستقبل، بينهم رئيسه. إما اعضاء اصيلون او اعضاء حلفاء. وحده ميقاتي من خارجه وخارجهم. تجربته مختلفة عن اسلافه الثلاثة، وهو اقدمهم في السرايا. القاسم المشترك بينه وبينهم، في ناديهم، المحافظة على الصلاحيات الدستورية لرئيس مجلس الوزراء، ومنع الاعتداء عليها، والتمسك بها الى حد الاجتهاد في تفسيرها، ومطّ هذا التفسير اكثر مما يحتمل احياناً، كما لو ان النظام المنبثق من اتفاق الطائف يدور من حول رئيس مجلس الوزراء وحده. اما ما يتعدى الالتقاء على الصلاحيات، فيمكن العثور على حجج وأسباب للافصاح عن عدم الود:
أولها، تقليدي تاريخي. وهو ان زعماء المدن السنّية الثلاث، بيروت وطرابلس وصيدا، لا يهضم احدهم الآخر وهم في تنافس دائم. عندما يكون احدهم في الموالاة، فالآخر في المعارضة الى ان يصبح في السرايا، فتنقلب الآية. اعتادوا قديماً التناوب بلا استئثار.
ثانيها، تجارب معبّرة في مراحل شتى، في ما بعد عام 2005، دلت على وطأة التناقضات. لعل اكثرها وقْعاً ما حدث في كانون الثاني 2011، بعد اسقاط الثلث+1 حكومة الحريري، فترشح وميقاتي لترؤس الحكومة التالية. اذا الحريري يسجّل السابقة الاولى منذ ما بعد اتفاق الطائف، وهي خسارته التكليف والغالبية النيابية قبالة منافسه بفارق ثمانية اصوات. لم يكن سهلاً تقبّل هزيمة كهذه يحصدها الحريري رئيس الغالبية النيابية وقتذاك، المنبثقة من انتخابات نيابية تعود الى ما قبل اقل من سنتين. آل ذلك الى محاولة تيار المستقبل احراق طرابلس وبث الفوضى فيها احتجاجاً على خسارة الحريري، من دون ان يكون ميقاتي هو المسؤول عن تقويض غالبية قوى 14 آذار، بل النائب حينذاك وليد جنبلاط وكتلته.
ثالثها، ان ميقاتي كالحريري، وكالسنيورة لاحقاً، احد اكبر الاثرياء السنّة المقتدرين، القادرين على تمويل انتخابات نيابية عامة والفوز فيها، ما احاله مرجعية رئيسية في طرابلس، تحتاج قوى المدينة – كما من خارجها – الى التحالف معه او تُرغم على منافسة غير مستغنٍ عنها واياه.
عندما كُلف ميقاتي ترؤس الحكومة الحالية، كان محرّراً من اية قيود. في ما مضى، قبل ترؤسه اولى حكوماته عام 2005، كان شرط وصوله الى السرايا التعهد بعدم الترشح للانتخابات النيابية. وهو ما فعل. بيد ان الحكومة التي ألّف يومذاك، تحت وطأة صدمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، جنحت بكليتها الى قوى 14 آذار، وهو الفريق المناوىء لميقاتي المعروف منذ اول توزير له عام 1998 انه صديق شخصي للرئيس السوري بشار الاسد. اما عند تكليفه ثالثة حكوماته في تموز المنصرم، فلم يكن ثمة شرط مماثل، بل مهمة مزدوجة منوطة به هي الاصلاحات والانتخابات. لذا بدا من الطبيعي، حتى 24 كانون الثاني الفائت، ان يتحضّر الافرقاء جميعاً – بمن فيهم رئيس الحكومة – لخوض انتخابات ايار، الى ان فاجأهم الحريري – بعدما فوجىء هو بنفسه – بما يتجاوز الخروج من الانتخابات، وهو اعتزال الحياة السياسية بعنوان تعليقها.
للتو فُهِمَ من خيار كهذا، من باب الاستنتاج والاستطراد المنطقي، ان زعيماً سياسياً وقائد طائفة لا يمكن ارغامه على قرار في وطأة ذاك، الا اذا صدر عن مرجعية من القوة والنفوذ والتغلغل في الطائفة يسعها ان تفرض على زعيمها هذا الرضوخ لارادتها. بَانَ اول تفسير للصدمة كأن الطائفة السنّية برمّتها مدعوة الى الخروج من الانتخابات النيابية ومقاطعتها، وليس زعيمها المُعاقَب ربما. لاحقاً سارع قادتها الى بث ارادة معاكسة للمقاطعة التي اوحى بها قرار الحريري، بتأكيد مشاركة السنّة وانخراطهم في الانتخابات. القصاص هو لتيار المستقبل ورئيسه وعائلته ليس الا. فُهم السبب، فبطُل العجب.
اعتزال الحريري يحيل ميقاتي المرجعية السنّية الاولى والمرشح الوحيد لحكومة ما بعد الانتخابات
منذ صدمة الحريري، لاذ ميقاتي بالصمت بإزاء خياره. الرجل ليس في تيار المستقبل كي يسري عليه القرار. ليس ايضاً جزءاً من المشكلات الشخصية والمالية التي تخبط فيها سلفه، كي يكون معنياً بما فعل ذاك. مع ذلك، لم يفصح رئيس الحكومة عن قرار ترشح او عزوف. اما ما يتجاوز الاسباب هذه، فهو انه بات الآن، في ظل المعطيات الجديدة، المرجعية السنّية الرسمية والسياسية ليس الاولى فحسب، بل الوحيدة، ناهيك بأنه يترأس حكومة الانتخابات النيابية. هو مكلف اجراءها، وفي الوقت نفسه يمسك بمفاتيحها من خلال وزير للداخلية طرابلسي محسوب عليه. يُزاد الى ذلك انه اضحى مرجعية رئيسية في مسقطه، من غير ان يكون الوحيد. لا يسهل عليه التخلي عن قاعدته السنّية اولاً، وتحالفاته الانتخابية التي اعتاد عليها منذ انتخابات 2009، كما على ترؤس لوائحها.
ثمة دوافع اضافية تجعله معنياً بأن يكون حاضراً في الاستحقاق:
1 ـ ضغوط دولية وعربية، قطباها الرئيسيان باريس والقاهرة تدعوانه الى الانخراط في انتخابات ايار. ناهيك بضغوط سنّية داخلية في السياق نفسه. ليس رئيس البرلمان نبيه برّي بعيداً من تشجيعه على الترشح كذلك، لكسر وطأة قرار الحريري.
2 ـ الخشية التي تقاسمه اياها دار الافتاء، وهي تجنّب تفلت الاقتراع السنّي المنتشر في معظم الدوائر الانتخابية، بحيث لا «ينهبه» الافرقاء الآخرون ويسيطرون عليه، بغية اكسابهم مقاعد اضافية تكون جزءاً لا يتجزأ من حيثياتهم هم. اقرب ما تكون الى عصي مشكوكة في كتلهم.
3 ـ سلفاً اضحى ميقاتي، في ظل الامر الواقع المستجد، الرئيس المكلف تأليف اولى حكومات ما بعد الاستحقاق. هو الوحيد، المحاور والمفاوض والمتحالف معه، المرشح لملء الشغور السنّي الذي خلّفه خروج الحريري من اللعبة السياسية حتى اشعار آخر. وهو تالياً سيكون معنياً بقيادة طائفته في المرحلة المقبلة ابان انتخابات رئاسة الجمهورية.
المصدر: صحف