كَثُرَ الطاعنون، كما القانطون، ولكنْ يبقى لِلُبنانَ استقلالُه.
هذه حقيقة، بل حقٌّ يَستحقُ الدفاعَ عنه، وله من المعاني ما تَرجَمتهُ الارضُ والسماءُ معاً ، ودمَغتهُ التجاربُ والمعادلاتُ من دونِ ايِّ ترددٍ ولا ارتجاف.
لكلِّ من يتغنى بعكسِ ما يتمنى، الاستقلالُ ليس شاشاتٍ، ولا منابرَ، ولا شعاراتٍ جوفاء، بل هو الانسانُ بقيمتِه، وعزةٌ تَوأَمُهُا الاِيمان، ومن هنا تكونُ البدايات، وتُصانُ الاوطان.
لبنانُ الوطنُ هو اليومَ في اشتباكٍ معَ الارتهانات، ولا حاجةَ للتفسيرِ امامَ حجمِ الادلة، فلا حكومةَ في الافقِ بسببِ العرقلةِ الاميركيةِ الفَظَّة، وحصارٍ اقتصاديٍّ مدمِّرٍ يشتركُ فيه البعضُ بلا ايِّ رحمةٍ تجاهَ ابناءِ وطنِهم، ومن المؤسفِ ان يكونَ هؤلاءِ من المتحدثينَ بالاستقلال، فعن ايِّ استقلالٍ يتحدثون؟
للاستقلالِ في لبنانَ إِخْوَةٌ أعزّاءُ يتكاملُ معهم: تحريرٌ للجنوبِ عامَ الفين، وآخرُ للجرودِ عامَ الفينِ وسبعةَ عشر، وبينَهما انتصارٌ في آبَ الفينِ وستة. اِنها ايامٌ عظيمةٌ جداً ، لا قدرةَ لتاريخٍ على انكارِها، ولا لمتغاضينَ على فرضِ نِسيانِها. وبما يعترفُ اشرسُ الاعداءِ وابغضُهم، وجنودُه الفارونَ على الحدود، المختبئونَ في آلياتهم، فإنَ للبنانَ سيادةً متينةً من صنفِ الذهبِ اللامعِ في عينِ الشمس، لن تكونَ لقمةً سائغة، ولن يَضيعَ لها حق.
كثيرةٌ هي مَطالبُ اللبنانيينَ في عيدِ استقلالِهم، يتقدمُها تأليفُ حكومةٍ ترعى شؤونَهم بصدق، وتَحترِفُ الموقفَ والكلمةَ والعمل، واَنْ يَترُكَ بعضُ اهلِ السياسةِ اَهواءَهم ، ويُقلِعُوا عن مرامِيهم، ويَتوحَّدوا معَ الاخرينَ في مواجهةِ الفسادِ وتحقيقِ الانتصارِ عليه بعدما اصبحَ اداةً طيعةً في يدِ المتدخلينَ الفارضينَ للشروطِ من وراءِ البحارِ او من داخلِ الصالونات. وهنا يترددُ كلامُ رئيسِ الجمهوريةِ العماد ميشال عون في رسالتِه بالامس عن وطنٍ أسيرٍ للفسادِ المغطَّى بالدروعِ الـمُقَوننة، وكذلك دعوتُه لملاقاةِ المتغيراتِ الدوليّةِ والاقليميّةِ بحوارٍ وطنيٍّ يَحمي حقوقَ لبنانَ وحدودَه السياديةَ كاملة.
المصدر: قناة المنار