انها الدولةُ الباحثةُ عن ابنائِها الغَرقى في بحرِ الموتِ وهم يحاولونَ الهروبَ من بحارِ الازمات، فما كانَ لها الا انتظارُ البحرِ الذي يعودُ بجثثِهم واحداً تلوَ الآخر، لتَنتشِلَهم وتوزعَهم على ذويهم، فيتجددَ الحزنُ غيرُ المنقطع اصلاً، لا سيما في طرابلس، المصطفةِ على شاطئِ المتوسط، تنتظرُ ولو بصيصَ امل..
الى عمق الكارثةِ ينظرُ اللبنانيونَ وهم يسيرونَ معَ جائحةِ كورونا، ورغمَ انَ الارقامَ باتت مخيفةً من حيثُ عددُ المصابينَ وحتى الوفَيَات، فانه لا وفاءَ بالوعود، لا من السلطاتِ بفرضِ الضوابطِ المطلوبة، ولا من المواطنِ المتفلتِ من كلِّ التزام، ما يُنذرُ باغراقِ البلدِ بموجةٍ مخيفةٍ من الاصابات، وستكونُ عندَها وزارةُ الصحةِ والقطاعُ الطبيُ عاجزَيْنِ عن الانقاذ.
امّا الحكومةُ الغارقةُ في بحرِ النكَد، المحبوسةُ لدى حيتانِ السياسة، فما زالت كلُ فرقِ الانقاذِ عاجزةً عن انتشالِها، والمؤسفُ أنَ هؤلاءِ المتعنتينَ – وككلِّ مرة – يعاودونَ الاُسلوبَ المفلسَ نفسَه من التعالي والعِناد، ويتوقعون نتائجَ مغايرة.
لا تغييرَ في المشهدِ الحكوميِّ اذاً مع تآكُلِ المهل، سوى انَ الفرنسيَ زادَ من أسفِه، ودعوتِه القوى اللبنانيةَ للاضطلاعِ بمسؤولياتِها والاسراعِ في تشكيلِ حكومةٍ تكونُ قادرةً على تنفيذِ الاصلاحاتِ والوفاءِ بتطلعاتِ الشعبِ اللبناني. اما التطلعُ الى الحلِّ فسهلٌ اِن قررَ رؤساءُ الحكوماتِ السابقونَ التخليَ عن الاُحاديةِ والاستئثار، والعودةَ الى الشراكةِ الوطنية، والى المنطقِ والاعرافِ بل المواثيقِ السياسية ، فَيُفْرِجُونَ عن الحكومةِ ورئيسِها، وبالتالي يكونُ مَن وراءَهم – اي الاميركي – قد افرجَ عن المبادرةِ الفرنسية.
امّا ما افرجت عنه الصِحافةُ العبريةُ فَيُظهرُ واقعَ الازمةِ ومَوقِعَها الحقيقيَ الذي هو ابعدُ من مداورةٍ او شكلِ حكومة، فالمُهمةُ المطلوبةُ من لبنانَ معَ حديثِ موقعِ والاه العبريِ عن ضغطٍ اميركيٍ لتنفيذِها، هي إقامةِ مفاوضاتٍ مباشرةٍ بينَ اللبنانيينَ والاسرائيليينَ حولَ الحدودِ البحرية. ولتُبْحِرُ مخيِّلةُ المحللينَ في هذا الخبرِ الذي يشيرُ لاوهامِ بعضِ اللبنانيين، المُصِرِّينَ على البقاءِ في دوامةِ الخيبات.
المصدر: قناة المنار