طالما اعتُبر الشمال السوري أحد أبرز عناصر الازمة الجارية في بلاد الشام باعتبار ان الحدود التركية مشرّعة لادخال السلاح والمسلحين، فهل سيكون هذا الاقليم هو المدخل للحل؟ بعد انقشاع غبار المعارك الجارية اليوم.
وإلى ماذا سيفضي “شد الحبال” او “الكباش” المتعدد الاطراف من الحسكة الى جرابلس الى الريف الحلبي بأكلمه.
صحيح ان البعض استبشر خيرا بالاستدارة التركية بعد مرور “قطوع” محاولة الانقلاب في تموز/يوليو وحصول انفراجات على خط العلاقات التركية الروسية والتركية الايرانية.
إلا ان تركيا لن تسلم كل شيء بمجرد الاستدارة وبدون اي مقابل، انما هي ستحاول الحصول على مكاسب جديدة، عبر تحسين شروطها التفاوضية لتحقيق مصالحها والحفاظ على ما تعتبره امنها القومي والتأكيد انه من غير المسموح للاكراد إقامة “دويلة” لهم في الجهة السورية من الحدود.
وخط العلاقات المفتوح بين انقرة وروسيا وايران، سمح للاكراد بالحصول على الدعم الاميركي، فواشنطن تهدف لتحقيق عدة أهداف من خلال ما يجري وتعمل على تحقيقها، ليس أولها إرباك الجميع بالجميع وليس آخرها الايحاء للاتراك بالاثمان التي سيدفعوها في حال انتقلوا كليا الى المحور “الروسي الايراني” مع ما يحمله ذلك من ضربة قاصمة للمحور الذي تقوده اميركا في المنطقة.
الازمة السورية.. واحتمالات التسوية؟!
تداخل كبير حاصل في الشمال السوري، فدمشق معتدىً على سيادتها تركياً، حتى لو كان هناك مصلحة لها بمنع تمدد الاكراد واقامة “دويلة” بدعم غربي اميركي. وتضع كل جهة العملية برمتها في ميزان الارباح والخسائر قبل اللقاءات المرتقبة على هامش قمة العشرين في الصين في 4 و5 من ايلول/سبتمبر المقبل، خاصة بين الرئيسين باراك اوباما وفلاديمير بوتين وبين اوباما الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، مع ما يستتبع ذلك من تساؤلات حول نتائجها وأثرها على الواقع في سوريا والمنطقة بشكل عام وحل من حلول قادمة وعلى اي معايير.
فهل سيتم التأسيس لحل لكل الازمة السورية انطلاقا من بوابة الشمال وما يجري فيها من حلب الى الشمال السوري؟ وهل سيكون الدور التركي وما ستحصل عليه أنقرة من مكاسب، عاملا مؤثرا في رسم المشهد النهائي للازمة اضافة الى الحديث عن بوادر اتفاق روسي اميركي؟ تساؤلات ستكون الاجابة عليها رهنا بالوقت الذي يحدد بدقة حقيقة مواقف مختلف الدول.
حول ذلك اعتبر المحلل السياسي سركيس بوزيد ان “هناك تفاهم اميركي روسي يشمل محاربة الارهاب وايجاد الاجواء المناسبة للوصول الى تسوية سياسية في سوريا والمنطقة”، ولفت الى ان “الاتراك بعد تحسين العلاقة مع ايران وروسيا سيحاولون إظهار تغيير ما في سلوكهم من الازمة السورية”، وتابع “إلا ان دولة كتركيا بالدور الذي لعبته طوال الازمة السورية لا يمكن ان تقوم باستدارة وتغيير في مواقفها وسياساتها 180 درجة”.
بوزيد: المرحلة انتقالية وكل الاحتمالات مفتوحة
ورأى بوزيد في حديث لموقع “قناة المنار” ان “تركيا اليوم تعمل على تهيئة الاجواء باتجاه التحول التدريجي لايجاد تسوية مع ايران وروسيا للحل في سوريا”، واوضح “اننا اليوم في مرحلة انتقالية والاحتمالات المتناقضة مازالت واردة لان كل الخيارات التي ستتخذ مرتبطة بشكل أساسي بما يجري في الميدان وما تحققه مختلف الاطراف من تقدم على الارض عسكريا”، واضاف ان “تركيا متخوفة كثيرا من قيام كيان كردي على حدودها وستمنع من قيامه وهذا ما قد يشكل عاملا مساعدا في منع مرور مشاريع تقسيم سوريا”.
ولفت بوزيد الى ان “أي تسوية ستجري في سوريا والمنطقة لا بد أنها ستأخذ مصالح كل الاطراف بعين الاعتبار والسعي للوصول الى حل يرضي جميع الجهات الموجودة على الارض قدر الامكان”، وأكد ان “المسألة ذاهبة الى حل وان كان سيأخذ بعض الوقت إلا انه آت لا محالة”، ورأى ان “أي حل سيؤثر فيه الموقف النهائي للولايات المتحدة الاميركية التي تعيش الآن في الوقت الضائع بانتظار انتخاب رئيس جديد”، واضاف “من الممكن كثيرا ان يكون الشمال السوري هو بوابة الحل للمنطقة كلها بعد ترتيب تسوية بين مختلف الافرقاء”.
وحول دور بعض الدول العربية من كل ما يجري، أكد بوزيد ان “الدور العربي هو دور غير فاعل وغير مؤثر”، وسأل “أين جامعة الدول العربية من الاعتداء التركي على السيادة السورية؟”، واشار الى انه “رغم الدور السعودي المعطل في معظم قضايا المنطقة إلا ان الرياض تعاني من مرحلة ضياع وتردد فهي غارقة في المستنقع اليمني وتحاول البحث عن دور ما في المنطقة”، واعتبر ان “مشكلة السعودية هي غياب رؤيتها الواضحة على المستوى الاستراتيجي وماذا تريد فعلا لذلك دورها سلبي”، ورأى ان “السعودية لن تستطيع الوقوف بوجه الحل في المنطقة وسوريا اذا ما حصل اتفاق على ذلك بين مختلف الاطراف لا سيما ان من بينهم الولايات المتحدة الاميركية”.
المصدر: موقع المنار