يواجه اليمن السعيد، بشعبه وقيادته وقواته المسلحة، العدوان الأمريكي الإسرائيلي ردًا على مساندته لفلسطين، ممثلة بقطاع غزة وشعبه ومقاومته، بينما يلتزم العديد من حكام العرب والمسلمين الصمت عما يجري في فلسطين كما في اليمن.
وفي جرأة قل نظيرها، نشاهد الصلابة اليمنية في أقوى صورها، سواء من خلال الردود المتواصلة والمباشرة على أي اعتداء أمريكي يستهدف أي منطقة أو محافظة يمنية، أو عبر الثبات الشعبي خلف قيادته، وعلى رأسها قائد أنصار الله في اليمن، السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، الذي أكد للمعتدين أن “التصعيد سيواجه بالتصعيد”.
كما أن الجواب اليمني يأتي واضحًا وحاسمًا لكل من يتساءل عن مدى استمرارية الردود والتصدي للعدوان، بأن الواجب يقتضي الوقوف في وجه الغطرسة الأمريكية الصهيونية، حتى وإن قل المعين أو الناصر، ففي معركة الحق والباطل لا تكمن الأهمية في العدد والعدة، بل في الوقوف حيث يريدنا الله أن نقف، ومجابهة الظالمين، والدفاع عن المظلومين، وقول كلمة الحق مهما كلفت من تضحيات.
بيان القوات المسلحة اليمنية بشأن تنفيذ عملية عسكرية نوعية استهدفت هدفا عسكريا للعدو الإسرائيلي جنوبي منطقة يافا المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي نوع فلسطين2 محققةً هدفها بنجاح بفضل الله
21 رمضان 1446ھ pic.twitter.com/EI4dCaeqZd— نصر الدين عامر | Nasruddin Amer (@Nasr_Amer1) March 20, 2025
وفي هذا السياق، نستذكر، في أجواء ذكرى استشهاد أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (ع) في ليلة الـ21 من شهر رمضان المبارك سنة 40 هـ، أنه ارتقى إمام المتقين في سبيل نصرة الحق بوجه الظالمين، ورفض المهادنة أو التراجع في معركة الإسلام المحمدي الأصيل ضد أعداء الإسلام وأعداء الرسول الكريم محمد بن عبد الله (ص). استشهد خليفة الرسول في محراب صلاته ساجدًا لربه، بعد أن عاش حياته لا تأخذه في الله لومة لائم. وعلى نفس المسار، ارتقى سيد شهداء الأمة، الشهيد السيد حسن نصر الله وثلة من رفاقه القادة والشهداء على طريق نصرة القدس والأقصى، في مواجهة الإجرام الأمريكي الإسرائيلي، في زمن التخلي العربي والإسلامي عن حقوق الأمة.
وعلى هذا النهج، يسير أبناء اليمن العزيز، رفضًا للإجرام المتواصل، وسط صمت العالم المنافق، الذي يثبت يومًا بعد يوم أنه عالم لا يقيم أي اعتبار للإنسان. وهنا تبرز عدة تساؤلات: هل ستبقى الردود اليمنية ضمن أطر ومعادلات محددة، أم أنها ستتوسع ردعًا للعدوان؟ وهل سيبادر اليمن إلى التصعيد بشكل غير متوقع، أم أن التصعيد سيتدرج تصاعديًا بالتوازي مع رفع المعتدين لمستوى عدوانهم؟ وهل سيوسع اليمن رده إلى ساحات أخرى، بمعنى أنه لن يضع حدودًا للرد، أم أنه سيلتزم بضوابط معينة تخدم الإطار العام للمعركة، وتسهم في ردع العدو الأمريكي، وتحقيق نتائج إيجابية لصالح الشعب الفلسطيني؟
في هذا السياق، قال الكاتب والمحلل الاستراتيجي اليمني محمد صالح حاتم، في حديث لموقع قناة المنار “منذ بداية مشاركة اليمن في دعم غزة، كان يسير وفق خيارات استراتيجية، تأخذ بعين الاعتبار طبيعة التصعيد العسكري وحجم التهديدات القادمة من العدو الأمريكي والإسرائيلي”. وأضاف “مع استمرار التصعيد، من المتوقع أن تتوسع الردود وفق المعطيات الميدانية ودرجة التهديد الذي يشكله العدو، دون الخروج عن الإطار الاستراتيجي الذي يحقق الأهداف المرجوة من عمليات الردع”.
وأوضح حاتم أن “التصعيد اليمني مفتوح وليس له حدود، لكنه في الوقت ذاته يحمل عنصر المفاجأة”، مضيفا “يتم الرد وفق خطط تصاعدية تتناسب مع حجم التصعيد من قبل قوى العدوان الأمريكي، لكن في الوقت نفسه، تمتلك القوات المسلحة اليمنية القدرة على تنفيذ عمليات نوعية مفاجئة تكسر التوقعات، كما حدث في استهداف السفن الحربية والتجارية في البحر الأحمر”.
وأكد الكاتب اليمني أن “اليمن أثبت خلال السنوات الماضية أن عملياته العسكرية مدروسة، لكنه في الوقت ذاته لا يفرض قيودًا تمنعه من توسيع عملياته إذا اقتضت الحاجة”، وأشار إلى أن “تصريحات القيادة واضحة؛ إذ سيتم استهداف أي دولة تسمح للولايات المتحدة باستخدام أراضيها وقواعدها العسكرية للهجوم على اليمن”. وأضاف “كذلك، أي دولة تعترض الصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية المتجهة نحو الأراضي العربية المحتلة من قبل الكيان الإسرائيلي ستكون ضمن دائرة الاستهداف”.
أما بخصوص الاستهداف المتكرر لحاملة الطائرات الأمريكية “يو إس إس ترومان”، فقد رأى حاتم أن لذلك دلالات عدة، منها:
1. تأكيد القدرة العملياتية للقوات المسلحة اليمنية، مما يثبت امتلاك اليمن معلومات استخباراتية دقيقة عن تحركات القطع البحرية الأمريكية، وقدرته على تنفيذ عمليات استهداف متكررة رغم التحصينات الدفاعية الأمريكية.
2. إرسال رسالة ردع قوية للولايات المتحدة، مفادها أن تكرار الاستهداف يعني أن اليمن لا يكتفي بالتحذير، بل قادر على تحويل البحر الأحمر إلى ساحة مواجهة مباشرة مع القوات الأمريكية إذا استدعى الأمر.
3. إضعاف الهيبة العسكرية الأمريكية، حيث تسعى القوات اليمنية إلى كسر صورة التفوق المطلق للبحرية الأمريكية، وإثبات أن حاملات الطائرات ليست بمنأى عن التهديدات، مما قد ينعكس على معنويات الجنود الأمريكيين ويضعف الثقة في قدرة واشنطن على تأمين مصالحها في المنطقة.
4. إرباك الحسابات العسكرية الأمريكية، حيث إن استمرار هذه العمليات قد يدفع القوات الأمريكية إلى إعادة النظر في استراتيجيتها البحرية في المنطقة، وقد يحدّ من فاعلية تحركاتها، خاصة مع تزايد المخاطر التي تهدد قطعها الحربية.
5. زيادة الضغط على الولايات المتحدة لإيجاد حلول سياسية، بدلًا من استمرار المواجهة العسكرية، مما قد يدفعها إلى إعادة تموضع قواتها، وبالتالي تعزيز موقف اليمن إقليميًا ودوليًا كقوة قادرة على تغيير موازين القوى في البحر الأحمر.
في الختام، يواجه اليمن اليوم العدوان الأمريكي والإسرائيلي بقوة وعزم، محققًا توازنًا عسكريًا عبر مبدأ “التصعيد بالتصعيد”، حيث تقابل الضربة بضربة نوعية. ورغم التحديات الضخمة التي يواجهها الشعب اليمني، فإن صموده خلف قواته المسلحة يمثل نموذجًا في مقاومة التدخلات الخارجية والاعتداءات على الوطن والأمة وحقوقها. هذا الموقف لا يقتصر على كونه مقاومة عسكرية فحسب، بل هو رسالة للعالم بأن اليمن لن يقبل الخضوع أو الاستسلام للغطرسة الأمريكية والإسرائيلية، كما يرفض نهج الاستسلام الذي تتبناه بعض الأنظمة العربية والإسلامية.
المصدر: موقع المنار