شدد رئيس مجلس النواب نبيه بري، خلال كلمة في الدورة الـ 30 الطارئة للاتحاد البرلماني العربي الذي التأم في الاردن، دعما للشعب الفلسطيني وقضية فلسطين ومساندتهما ومناقشة ما سمي “صفقة القرن”، على أن “صفقة القرن هي نسخة طبق الأصل لمشروع نتنياهو بيهودية الكيان منذ العام 2011″، مشيرا إلى أن “فلسطين اليوم تستصرخ في العرب قيم الشجاعة والمروءة والشهامة، ليس طلبا لطوق نجاة لنفسها إنما هي أيضا صرخة فلسطينية لكل العرب لإيقاظ الوعي حيال الخطر المحدق بالأمة من محيطها إلى خليجها، انطلاقا من الجغرافيا الفلسطينية، وصولا الى كل الجغرافيا العربية، فسقوط فلسطين سقوط للأمة”.
وأشار الى أن “صفقة القرن التي تدعو الى نزع سلاح المقاومة في قطاع غزة، تمثل دعوة صريحة إلى الاقتتال الفلسطيني – الفلسطيني”، سائلا: “أي فلسطين من دون القدس وأي إسلام ومسلمين من دون أقصى ومعراج النبوة وأي مسيحية من دون كنيسة القيامة ومهد السيد المسيح؟ فلسطين تحتاج الى الصدق لا الى الرياء، وتحتاج إلى أن تكون السيوف معها لا عليها، ولا تحتاج الى التجرؤ على ارتكاب فعل المساومة أو الخيانة. صفقة القرن مشروع حرب وليس مشروع سلام”.
وشدد، باسم لبنان والمجلس النيابي، على “رفض الصفقة بكل مندرجاتها وإدانتها والرفض المطلق لفرض توطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم، وعلى أن ثابتتين فقط تجعلاننا قريبين من فلسطين ومن خلالهما نضع الحلم الفلسطيني في التحرير والعودة إلى طريق التحقيق هما الوحدة والمقاومة”.
وجاء في نص الكلمة:
“سلام لفلسطين هبة السماء. سلام للقدس أولى القبلتين وملتقى القيم ومعراج الرسالة. سلام للأقصى وقبة الصخرة. لبيت لحم وكنيسة المهد التي لم تغادر جلجلتها منذ قرن. وحيدة تنشد القيامة والبشارة والرجاء. سلام للضفة والقطاع. سلام لبيسان ويافا وحيفا والجليل. سلام لأطفال الحجارة وللقابضين على جمر القضية وحجرها والزناد وما بدلوا تبديلا. انه امتحان فلسطين، امتحان القدس، امتحان العرب، امتحان المسلمين، امتحان المسيحيين. أصلا انه امتحان الانسانية. سلام للذين يستوطنون حلم الدولة وحلم العودة في قلوبهم وعقولهم وفي حلهم وترحالهم في مخيمات اللجوء والشتات في لبنان والأردن وسوريا ومصر وفي كل مكان. انه سياق طويل أدى الى هذه النتيجة – الصفعة بدءا بأنفسنا وصولا لترامب، وهي نسخة طبق الأصل لمشروع نتنياهو بيهودية الكيان منذ العام 2011، وهو المشروع الذي رماه الزميل رئيس مجلس الأمة الكويتي في سلة المهملات”.
وقال: “ها نحن اليوم ومجددا لا نجتمع إلا على نحو طارىء، وكما في كل مرة تجمعنا فلسطين ليس لتؤمنا في صلاة نصر طال انتظاره، إنما تجمعنا صفعة الصفقة. مجددا فلسطين توقظنا للانتباه حيال آخر ما تبقى من كرامة. مجددا فلسطين، ولا سمح الله وربما للمرة الأخيرة، تستصرخ فينا قيم الشجاعة والمروءة والشهامة، ليس طلبا لطوق نجاة لنفسها، إنما هي أيضا صرخة فلسطينية لنا ولكل العرب لإيقاظ وعينا على الخطر المحدق بالأمة من محيطها الى خليجها، انطلاقا من الجغرافية الفلسطينية وصولا الى كل الجغرافيا العربية. صدقوني إذا سقطت فلسطين سقطت الأمة، فهل سمعنا الصرخة الفلسطينية؟ هل قرأنا جيدا وبهدوء، بعيدا من الانفعال والارتجال والتعصب الجهوي والمذهبي، الخرائط التي تتضمنها الصفقة؟ هل وضعنا النقاط على الحروف في الثمانين صفحة التي تختصر في أولى مراحلها حكاية التصفية للقضية الفلسطينية وما سينجم عن تلك الجريمة من ارتدادات وتداعيات على مستوى المنطقة؟ ما هو مطروح اليوم على المائدة ليس إلا كأسا من السم الزعاف، يراد للفلسطيني أن يكون أول من يتجرعه، بعد ذلك تكر السبحة ويتسلل السم الصهيوني الى الجسد العربي برمته”.
أضاف: “الصفقة أيها السادة تتحدث عن فلسطين جديدة عاصمتها أبو ديس أو شعفاط بمساحة لا تتجاوز 4 كيلومترات مربعة، أي فلسطين هي من دون قدس، وأي إسلام ومسلمين من دون أقصى ومن دون معراج النبوة وأي مسيحية من دون كنيسة القيامة ومهد السيد المسيح؟”
وتابع: “الصفقة الرشوة مهرها 50 مليار دولار، فهل القضية باتت قضية عقارية وهل القدس وفلسطين حكاية الأرض والسماء والتي يمتلك حق التصرف بها واحد أحد رب السماء، باتت عقارات مطروحة في مزاد علني؟”
ورأى أن “الصفقة الصفعة تمنح الفلسطينيين دولة على شكل أرخبيل بري مقطع الأوصال ومنزوع السلاح والسيادة في البر والبحر والجو. دويلة ملزمة بالنص فيها السلطة الفلسطينية الجديدة بإعادة السيطرة على قطاع غزة ونزع سلاح فصائل المقاومة فيه وإعلانه منطقة منزوعة السلاح. إذا، دولة من دون أظافر ودعوة صريحة إلى الاقتتال الفلسطيني – الفلسطيني”. واعتبر أن “التسوية التي يسوقون لها تلزم الفلسطينيين، وبالتالي من خلالهم العرب والمسلمين وكل الدول، الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية والقدس موحدة بشرقها وغربها عاصمة أبدية لها. وأيضا التسوية بأبشع صورها تشترط إسقاط حق العودة تحت عنوان حل قضية اللاجئين المقيمين في أماكن تواجدهم”.
وقال: “نعم أيها السادة، بيانات الرفض والإدانة مطلوبة وضرورية في هذه المرحلة، وبخاصة تلك التي صدرت أو سوف تصدر عن منظمات ذات شخصية قانونية، لكن المطلوب في المقابل أن تتضمن تلك البيانات والتوصيات آليات تلزم المصوتين والموقعين عليها أخلاقيا وقانونيا، عدم التسلل أو الهرولة لخطب ود الجلاد وطلب صكوك الغفران منه من تحت الطاولة أو خلف الأبواب الموصدة، وحبر البيانات لم يجف بعد. هذا ما حصل قبل إعلان الصفقة وهذا ما يحصل بعد إعلانها ومن المتوقع أن يحصل مزيد منها في المستقبل القريب”.
أضاف: “فلسطين تحتاج الى الصدق لا الرياء. فلسطين تحتاج إلى أن تكون السيوف معها لا عليها. تحتاج الى امتلاك الجرأة بقول كلمة لا للاحتلال، لا للمقايضة. ولا تحتاج الى التجرؤ على ارتكاب فعل المساومة أو الخيانة”.
وتابع: “لأننا أمام مشروع حرب باسم صفقة القرن وليس مشروع سلام، ولأننا أمام خريطة طريق تأخذ المنطقة الى التشظي والتفتيت انطلاقا من فلسطين، ولاننا أمام مشروع استباحة غير مسبوقة لأمننا القومي العربي، اسمحوا لي وبموازاة التأكيد لمؤتمركم، باسم المجلس النيابي اللبناني وباسم الشعب اللبناني، رفضنا وإدانتنا لهذه الصفقة بكل مندرجاتها، ورفضنا المطلق لفرض توطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم، نجدد من خلال هذا المؤتمر تأكيد التزامنا الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع بكل الأساليب لتحقيق أمانيه بالعودة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف”.
وختم بري: “انطلاقا مما تقدم، ولأن الأمة على هذا النحو من التشتت والتشظي على محاور الاحتراب الداخلي وتضييع البوصلة عن وجهة الصراع الحقيقي مع العدو الأساسي، ومع استنفاد كل الأساليب التي ترغم هذا العدو على الإقرار بالحقوق العربية المشروعة بتحرير الأرض وإحلال السلام العادل والشامل لا الاستسلام إنفاذا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وهي لا تعد ولا تحصى، نوصي مؤتمركم بثابتتين اثنتين لا ثالثة لهما، وحدهما تجعلاننا قريبين من فلسطين، ومن خلالهما نضع الحلم في التحرير والعودة على طريق التحقيق، هما ثابتة الوحدة وثابتة المقاومة، ثم المقاومة، ثم المقاومة”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام