ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء 06-08-2019 في بيروت على حركة الاتصالات السياسية والتصريحات التي عزّزت أجواء من السلبية بفِعل سقوط مساعي الإفراج عن الحكومة من قفص حادثة البساتين ــ قبرشمون (عاليه)، وإجراء المصالحات بين فريقي النزاع
الأخبار
«قبرشمون»: استسلام آخر المفاوضين!
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “عزّزت حركة الاتصالات السياسية والتصريحات أجواء من السلبية بفِعل سقوط مساعي الإفراج عن الحكومة من قفص حادثة البساتين ــ قبرشمون (عاليه)، وإجراء المصالحات بين فريقي النزاع. فالمعطيات المتقاطعة تؤشّر الى استسلام آخر المفاوضين في هذا الملف، بعدَ أن أصبح مؤكداً أن المعركة الحقيقية فيه هي بين رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط من جهة والتيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية ميشال عون من جهة أخرى. وقد تعزّز هذا الاقتناع بعد الحديث عن مبادرة يقوم بها رئيس مجلس النواب نبيه برّي بهدف تحقيق مصالحة بين جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي، قبلَ أن يأتي الرد من بعبدا على لسان عون بأنه «ليسَ شيخ عشيرة وأن المكمن أُعدّ لوزير الخارجية جبران باسيل». في غضون ذلك، فسّرت مصادر سياسية رفيعة المستوى الكلام المنسوب إلى عون وكأنه ردّ على مبادرة رئيس مجلس النواب للتعبير عن رفضها، ما دفع بري الى الجلوس جانباً بعدَ أن أظهر عون نفسه طرفاً مباشراً في النزاع. وإضافة إلى بري، «استسلم» أيضاً المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي اقترح أكثر من مبادرة في الأسابيع الماضية.
أوساط مطّلعة على أجواء بعبدا أكدت أن «كلام عون ليسَ رداً على برّي، بل على جنبلاط الذي رفض عقد لقاء مصالحة مع أرسلان في بعبدا، بحجة أنه لا يريد تخطّي رئيس مجلس النواب، وأصرّ على ذلك لأنه لا يريد تكبير حجم أرسلان، وهو مستمر في التعامل مع هذه الأزمة وكأنها اشتباك بينه وبين حزب الله ورئيس الجمهورية». وفيما تأكد من مؤشرات الساعات الماضية أن «الأمور مقفلة» بحسب أكثر من مصدر مطّلع، استقبل برّي رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد وعرض معه آخر التطورات. واكتفى رعد لدى مغادرته عين التينة، رداً على سؤال عما إذا كانت الأمور تتجه إلى الحلحلة، بالقول «نحتاج إلى الدعاء»، فيما أكد بري خلال ترؤسه طاولة حوار لدعم الصناعة أن «الوضع الحالي الخطير لا يسمح لنا بالتقدم لا في الصناعة ولا في غيرها، ونأمل أن نتمكن من تجاوز هذا الوضع في أسرع وقت»، مضيفاً: «لا استثمار ولا نهوض بالاقتصاد من دون الاستقرار السياسي والأمني». وشدّد على «أننا نمر بفترة خطيرة جداً نأمل أن نتجاوزها قريباً جداً».
وفي هذا السياق، قالت مصادر مقرّبة من الحزب الاشتراكي إن «الأخير لم يتبلغ أي جديد من الرئيس برّي الذي سيلتقي اليوم الوزير السابق غازي العريضي في عين التينة». وقالت المصادر إن «الحزب يرى أن هناك مسارين للأزمة، قضائي وسياسي، وأن جنبلاط طلب عدم مهاجمة رئيس الجمهورية في خلال المؤتمر الصحافي الذي سيُعقد اليوم»، إلا أن المعطيات تبدّلت بعد الكلام المنسوب إلى عون الذي «أقحم نفسه في القضية وأدان فريقه وأهان حلفاءه، أي أرسلان، لأنه أكد أن المشكلة معه وأن أرسلان هو تفصيل». أضافت المصادر: «نعلم بوجود كمائن سياسية وقضائية ولن نقع فيها»، لافتة إلى أن «الحزب سيعمَد اليوم خلال المؤتمر الصحافي الى التشكيك في تحقيقات المحكمة العسكرية، وسيشرح تفاصيل تدخّل وزراء التيار الوطني الحر في مسار عملها من خلال استبعاد قضاة وتكليف آخرين، وسيطلب الطعن فيهم تحت عنوان الارتياب المشروع».
اللواء
مجلس الوزراء معلَّق على المصالحة.. وبري متوجِّس!
8 آذار تصعِّد في قضية «مبنى تاتش».. ومؤتمر التقدُّمي يترافق مع توقيفات مناصرين
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “السؤال المحوري، الذي يشغل الأوساط الرسمية والاقتصادية والدبلوماسية: ما السبيل للخروج من المأزق القضائي – الوزاري أو الحكومي؟
هل تكون المعالجة سياسية مع دخول مجلس الوزراء شهراً ثانياً من تعطيل جلساته، ووضع جملة من الانتظارات الإدارية والمالية والاقتصادية على الرف، بانتظار جلاء المسار الحالي، الذي بات ينتظر مبادرة من نوع سياسي، مبني على قرار بتجاوز الأزمة، والذهاب إلى المعالجة، من زاوية سياسية، تبدأ بمصالحة بين النائب السابق وليد جنبلاط والنائب طلال أرسلان. وتراهن مصادر سياسية على مسعى مرشّح له، دون غيره، الرئيس نبيه برّي. وتعتبر المصادر ان انعقاد مجلس الوزراء، قبل اجراء مصالحة من هذا النوع، بات أمراً غير متيسر في المدى القريب.
بري: الوضع خطير
في هذا الوقت، اتخذ التصعيد السياسي والإعلامي المرتبط بحادثة قبرشمون – البساتين في الجبل وجهاً بالغ الخطورة وينذر بمضاعفات واسعة، بعدما ارتفعت وتيرة التحدي إلى ذروة غير مسبوقة، بعد دخول رئيس الجمهورية ميشال عون على الخط من خلال كلام نقله عنه زواره واتهم فيه مباشرة الحزب التقدمي الاشتراكي بنصب مكمن لصهره الوزير جبران باسيل في بلدة البساتين، وليس للوزير صالح الغريب، بالتزامن مع نعي بعبدا لكل مبادرات الحلول لازمة الجبل، وتحول المعالجات لتداعيات الحادثة إلى صراع مكشوف على الصلاحيات الرئاسية، بشكل بات يُهدّد التوازنات السياسية والطائفية، ومعها التسوية الرئاسية، في ظل الاتصال الهاتفي الذي اجراه الرئيس عون لدعوة رئيس الحكومة إلى تحديد موعد لجلسة لمجلس الوزراء، بالتوازي مع إرسال رسالة إلى مجلس النواب لتفسير المادة 95 من الدستور، رغم ان المادة المذكورة واضحة وضوح الشمس بالنسبة لحصر طائفية الوظيفة بالفئة الأولى.
وعدا عن توقع اتساع رقعة المضاعفات الأمنية والسياسية مع المؤتمر الصحفي الذي يعقده الحزب التقدمي الاشتراكي ظهر اليوم الثلاثاء في مقر الحزب في المصيطبة، لعرض حقائق ووقائع ما حصل في البستاتين في ظل تأكيد للحزب الاشتراكي بأن المؤتمر سيكون تصعيدياً، فإن استمرار التصعيد في المواقف يؤشر بوضوح إلى ان التعطيل الحكومي سيطول مع غياب أي معطى جديد لحل قريب، باستثناء حديث عن مبادرة لرئيس المجلس نبيه برّي، الذي حذر أمس من «الوضع الحالي الخطير لا يسمح بالتقدم لا بالصناعة ولا في غيرها»، لافتاً إلى «ان الاستمرار في الوضع القائم حالياً، يبقي لبنان مشوه حرب ينتظر على رصيف المؤسسات الدولية وابواب الدول المانحة مستجدياً القروض والهبات». ورأى برّي اننا «نمر في فترة خطيرة جداً نأمل ان نتجاوزها قريباً، مضيفاً لا استثمار ولا نهوض بالاقتصاد دون الاستقرار السياسي والامني».
وبدا واضحاً ان برّي يؤشر في حديثه عن الوضع الخطير في البلد، إلى اصطدام كل الحلول والمبادرات بالحائط المسدود، وإلى اقتناعه بأن الاستمرار في وضع الشروط والشروط المضادة وتصعيد المواقف والاتهامات المتبادلة، لا تخدم مصلحة أحد، بل بالعكس، من شأنها الاضرار بمصالح البلاد والعباد، ولذلك، فهو يرى بحسب ما قال وزير الصناعة وائل أبو فاعور مستلهما من اجوائه بأن على السياسيين التوقف عن نصب الكمائن لبعضهم البعض، وعن العبث بالمؤسسات القضائية والدستورية والتحدي، سواء في مجلس الوزراء أو مؤسّسة القضاء أو مؤسّسة المجلس النيابي والانصراف إلى ما ينفع اللبنانيين، ويؤمن النهوض بالاقتصاد وبالاستقرار.
ولم يأت برّي امام الوفد الصناعي الذي زاره في عين التينة على ذكر أي شيء بالنسبة لما يُحكى عن مبادرته، لكن استوقف الانتباه، استقباله رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمّد رعد الذي لم يشأ الإدلاء بأي تصريح، مكتفياً بالقول رداً على سؤال عمّا إذا كانت الأمور تتجه إلى الحلحلة: «البلد بحاجة إلى الدعاء»، في إشارة تعكس أيضاً، شعور الجميع بالوضع الخطير في البلد.
وفيما لم يعرف ما إذا كان لقاء برّي – رعد تطرق بشكل خاص إلى المسعى الذي يمكن ان يقوم به رئيس المجلس، لإعادة تحريك العجلة الحكومية، من خلال التفاهم على حل لازمة حادثة البساتين، وتحييد عمل الحكومة عن تداعيات الحادثة المذكورة.
ونقلت قناة «المنار» الناطقة بلسان «حزب الله» عن مصادر عين التينة قولها ان الرئيس برّي يقوم بمسعى لترتيب لقاء مصالحة بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، يفتح الباب لحل المشاكل بين الرجلين، ويكون بمثابة بداية لمشروع حل شامل. ولفتت المصادر إلى ان عين التينة تعمل خارج التجاذبات القائمة، والهدف الأساس هو حل الأزمة، لأن الوقت المهدور يُهدّد من مصلحة البلد.
بعبدا تصعّد
في الاثناء بقيت أجواء بعبدا في مدار التصعيد، وقالت مصادر مطلعة على موقف الرئيس عون لـ«اللواء» ان رئيس الجمهورية مصر على ان يقول القضاء كلمته في حادثة قبرشمون، مشيرة إلى ان كل المبادرات وصلت إلى حائط مسدود، سواء على صعيد رعاية مصالحة بين الحزب الاشتراكي والحزب الديموقراطي، في بعبدا في حضور الرئيسين برّي أو الحريري، والتي كانت واردة ضمن بنود المبادرة الأولى، أو بالنسبة إلى إعادة تحريك العمل الحكومي، كاشفة انه في اللقاء الأخير بين رئيسي الجمهورية والحكومة تمّ الاتفاق على عقد جلسة للحكومة لكن أي دعوة لم توجه.
إلى ذلك، استغربت المصادر اتهام جنبلاط للقاضي مارسيل باسيل باللعب بالتحقيق قبل تسلمه مهامه، مشيرة إلى ان فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي هو من تولى التحقيق الأوّلي، وقال المحققون ان أنصار الوزير صالح الغريب اطلقوا النار في الهواء في حين ان عناصر الاشتراكي اطلقوا النار على الموكب، وهناك وقائع وتسجيلات صوتية لأحد الموقوفين يُشير إلى انه جرى تفويضه لقتل المرافق سامر أبو فراج.
وذكرت ان الحملة التي يقودها جنبلاط والحزب الاشتراكي تهدف إلى تعطيل القضاء أو الايحاء بأن القضاء طرف، وكررت التأكيد بأن ما حمله لقاء جنبلاط مع الوزراء الغربيين خطير.
يُشار إلى ان قاضي التحقيق العسكري باسيل أصدر أمس 4 مذكرات توقيف وجاهية بحق الموقوفين الأربعة من مناصري الحزب الاشتراكي، مشيرا لمواد الادعاء من دون ان يبدأ باستجوابهم بسبب انهم استمهلوا لتوكيل وكلاء عنهم.
ردّ الحزب الاشتراكي
في المقابل، وعشية المؤتمر الصحافي لقيادة الحزب الاشتراكي اليوم للرد على الاتهامات في ملف حادث قبر شمون، وكلام رئيس الجمهورية عن الكمين المنصوب للوزير باسيل، اعتبر عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب مروان حمادة، ان كلام عون مردود إلى مصادره، ثم خصوصاً إلى الصهر المدلل الذي يغلب مصلحته الخاصة وطمعه بالرئاسة المبكرة على سلامة لبنان الداخلية والخارجية.
وإذ وصف حمادة العهد «بالفاشل» وبأنه «تتشابك فيه اوصاف الخفة والغباء المغلقة بمشاعر الحقد والتعصب»، أكّد ان الحزب لن يسكت عن أي اتهام باطل، محذرا من ان اللعب بالقضاء على حساب الحقيقة سيرتد على أصحاب الكمائن الحقيقية، وزراء البلاط الذين يحيكون منذ أشهر مؤامرة لاطاحة المصالحة التاريخية ويعملون على تحويل النظام الديموقراطي البرلماني إلى ديكتاتورية فاشية عائلية.
ومن جهة، دافع عضو اللقاء الديموقراطي النائب هادي أبو الحسن عن لقاء جنبلاط بالسفراء الغربيين، فقال ان هؤلاء سفراء معتمدون من بلادهم موجودون في لبنان يلتقون جميع الناس من دون استثناء ويتعاطون بكل التفاصيل ويطلعون على الأوضاع، من حقنا أن نقول وجهة نظرنا عندما نسأل، ومن حق الآخر أن يقول وجهة نظره. لماذا توصيف هذه الحالة كأنها مؤامرة ضد فريق معين؟ كفى محاولة تركيب أفلام وخلق أوهام. هذا الموضوع اعتدناه في زمن الوصاية، ويا للأسف هناك وصاية جديدة تطل علينا من خلال النظام المحلي الذي بدأ يشبه النظام السوري الذي كان يحكم لبنان».
ومن جانبه، أعتبر مفوّض الإعلام في «الحزب التقدّمي الإشتراكي» رامي الريس أن الحزب الإشتراكي كان ولا يزال يراهن ان يكون رئيس الجمهورية على مسافة واحدة من جميع اطراف النزاع وأن يكون راعيا للمؤسسات الدستورية وليس طرفا فيها وان لا يطلق الأحكام القضائية ويستبق التحقيقات انطلاقا من قسمه الدستوري الذي أكد فيه حماية الدستور.
مبنى «تاتش»
في هذا الوقت، ما زالت قضية المبنى الذي اشترته وزارة الاتصالات لشركة «تاتش» للهاتف الخليوي في الوسط التجاري، تتفاعل، باعتبارها قضية «رأي عام»، على حدّ تعبير رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النيابية حسين الحاج حسن الذي قرّر ان يعقد جلسة للجنة النيابية يوم الخميس المقبل، تخصص لهذه القضية بالذات، والتي وصفها النائب جميل السيّد «بالفضيحة»، ولوقف كل ما يجري من انفاق غير مجدي وغير مبرر في قطاع الاتصالات.
وكشف النائب الحاج حسن في مؤتمر صحفي عن عرض تقدمت به اللجنة لوزير الاتصالات السابق باستئجار مبنى خارج العاصمة توفيراً للمال العام، ويبين الحاج إلى ان الايجار المتعلق بمبنى «تاتش» في وسط بيروت حصل في الحكومة الماضية، وقد أُثير الموضوع في اللجنة من قبل العديد من النواب، ومعظم أعضاء اللجنة كانوا معترضين على الإيجار، وأجاب الوزير آنذاك بأنّه سيتابع الموضوع». وكشف «أنّنا طلبنا محاضر جلسات 8 و15 و18 أيار، وسنبدأ بقراءتها بالكامل لأنّ وزير الاتصالات السابق لم يجزم ما إذا كان قد تمّ عقد الايجار».
وفي المعلومات، ان ديوان المحاسبة تحرك طالباً من وزارة الاتصالات تزويده بالمستندات اللازمة، فيما أكّد رئيسه القاضي أحمد حمدان انه يتوجّب على الإدارات العامة ان تعرض عملية شراء عقار تفوق قيمته المائة مليون ليرة على ديوان المحاسبة لإبداء الرأي فيه والحصول على الموافقة وهو الأمر الذي لم يحصل في قضية مبنى «تاتش».
ومن جهته، أوضح رئيس دائرة المناقصات جان العلية ان قانون المحاسبة العمومية يحظر على الجهة المعنية دفع قيمة النفقة قبل التنفذ، وبالتالي فإن مخالفة كبيرة حصلت عبر تسديد جزء من هذه القيمة.
البناء
إدلب تتصدّر المشهد الإقليمي مع المراوحة الخليجية… وواشنطن تحشد جماعتها لإشغال المقاومة
الاستعصاء يحكم الوضع الحكومي… وملف قبرشمون… والاستقطاب يعود إقليمياً
الضغوط الإعلامية مالياً أحد أوراق ربط النزاع السياسي بانتظار معارك المنطقة
صحيفة البناء كتبت تقول “مع إعلان القيادة العامة للقوات المسلحة السورية استئناف العمليات العسكرية في إدلب تدخل المنطقة مرحلة جديدة، وفقاً لمصادر متابعة كانت تعتبر أن ما قبل معركة إدلب فرصة لإقفال المعارك الجانبية، استثمرتها دولة الإمارات لفتح قنوات اتصال مع إيران جمدت خلالها موقعها كشريك في جبهة الأعداء لإيران، بانتظار ما ستسفر عنه المواجهات المقبلة في سورية، حيث يرتبط بنهايتها رسم صورة الموقف الأميركي المرتبط بمشروع مقايضة الوجود الأميركي في سورية بالوجود الإيراني فيها، والذي سيصبح مخاطرة بعد نهاية معركة إدلب لصالح الجيش السوري وفتح ملف شرق الفرات، الذي يبدو أن الرئيس التركي يريد استثماره مبكراً مسبباً المزيد من الإحراج للأميركيين.
انتقال الجبهة المشتعلة إلى سورية وما يترتب على ذلك أميركياً يعني برأي المصادر نفسها، أن كل الأوراق التي يملكها حلفاء أميركا تصير بيد أميركا لتحريكها في خدمة استباق ما سيحدث في سورية، ومنها بل وفي مقدمتها ما يملكه حلفاء واشنطن في لبنان، ففي لبنان حزب الله الشريك الرئيسي لسورية وإيران في معادلات المنطقة، والمواجهة التي لم يعد حكام الخليج قادرين على تحمل فواتيرها مع أنصار الله خليجياً، يمكن لهم خوضها بالواسطة لبنانياً، وقد بدت معالم الاستعداد لمعركة إدلب، وتوريط لبنان بالتحول إلى ساحة تفاوض واشتباك، من حادثة قبرشمون وما رافقها من تصعيد سياسي برفض الإحالة إلى المجلس العدلي، ورفع شعارات من نوع للمناطق أبواب ولا دخول إليها من الشبابيك وما فيه من استعادة للغة المناطق المقفلة في زمن الحرب. وجاءت ملفات تصعيد القوات اللبنانية على جبهات عدة لتؤكد وجود مشروع سياسي عبر عنه رئيس حزب القوات بإطلالة إعلامية مبرمجة للغرض نفسه، ليقول إن كل شيء في لبنان هو 8 و14 آذار بما في ذلك القضاء، متوجاً الخطوات التصعيدية القواتية بفتح ملف الوجود الفلسطيني، والتصويت ضد الموازنة، وفتح النار على رئيس الجمهورية، وصولاً لتشكيل حزب جديد بقرار سعودي هو رؤساء الحكومات السابقون واستدعائه للقاء الملك السعودي لتشكيل مرجعية رديفة لرئيس الحكومة وضاغطة عليه عند الضرورة، تحت عنوان الصلاحيات واتفاق الطائف وحقوق الطائفة، ولكن في خدمة ما وصفه الرئيس فؤاد السنيورة بالهدف الرئيسي وهو، الفصل بين الدولة وحزب الله، وبالتالي اكتمال عناصر مشهد سياسي مفتوح على الاستعصاء وعلى المعادلة الإقليمية من بوابة ما ستحمله تطورات معركة إدلب.
تقول المصادر المتابعة إن الضغوط الإعلامية في الملف المالي خارجياً وداخلياً هي جزء من المعركة، وإن تجميد تنفيذ مقررات سيدر والتمويل المرتقب يبدو أمراً واقعاً، والتهديد بالتصنيف الائتماني للبنان، والتلويح لمصرف لبنان وحاكمه بضغوط وفتح ملفات تقودها قوى سياسية كانت تؤيده حتى الأمس وانقلبت لصالح مشروع الربط بصندوق النقد الدولي، ما يعني أن الأمل بحلول قريبة لا يبدو وارداً، خصوصاً أن الرؤساء الثلاثة الذين يبدون مستهدفين في الخطة التي رسمت للبلد يملكون القدرة على قيادة المشهد السياسي والمالي نحو الحلحلة، لكنهم لا يتحركون على قلب رجل واحد، وكل منهم ينظر بعين الريبة والشك لما يضمره الآخر، وتبدو القراءة الحاكمة لمواقفهم باصطفافاتها المحلية أكبر من قراءة الأبعاد الإقليمية لخلفيات الحلفاء وحلفاء الحلفاء، والخصوم وخصوم الخصوم، بينما ينجح حلفاء الحلفاء وخصوم الخصوم بتغييب خلفياتهم الإقليمية في التحرك وينجحون بوضع الرؤساء في ضفاف متقابلة بدلاً من تمركزهم الموضوعي والطبيعي على ضفة واحدة.
عاد الحديث عن مسعىً لرئيس مجلس النواب نبيه بري لترتيب لقاء بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان في سياق إيجاد حل شامل لقضية قبرشمون، علماً أن مصادر كتلة التحرير والتنمية تشير لـ البناء الى أن مساعي الرئيس بري وطروحاته يمكن وضعها في خانة ضرورة عدم استباق القضاء وانتظار التحقيقات الأمنية والقضائية، والضغط لإجراء مصالحة بين جنبلاط وارسلان لان من شأن أي مصالحة أن تساهم في الاستقرار.
وفيما تشير كل الأجواء الى ان الامور عادت الى نقطة الصفر في ظل التصعيد الحاصل على خط بعبدا المختارة، كان موقف رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد لدى مغادرته عين التينة بعد لقائه الرئيس بري أننا نحتاج للدعاء ، كفيل لتأكيد المؤكد ان المراوحة سيدة الموقف.
واعتبر عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق أن المسؤولية الوطنية تفرض على المخلصين للوطن أن يعملوا على موقف جامع لإعادة الاجتماع للحكومة، مؤكدا أن حزب الله ليس جزءاً من هذه المشكلة الحالية أو من الأزمة العالقة، فهو في الموقع الحريص على إنجاح المبادرات والجهود المبذولة للمعالجة، ولأجل تفكيك عقد مشكلة عدم انعقاد جلسة للحكومة.
الى ذلك، فإن التصعيد سيكون سيد الموقف عند الحزب التقدمي الاشتراكي الذي سيعقد ظهر اليوم مؤتمراً صحافياً في المصيطبة لعرض ما يسميها حقائق ووقائع ما حصل في حادثة البساتين. وبحسب مصادر التقدمي لـ البناء ، فإن التسجيلات ستدحض كل ما يُحكى عن كمين وستضع النقاط على حروف مَن يحاولون رمي الاتهامات لغايات سياسية، خاصة أن ما يجري من تدخل من قبل بعض وزراء لبنان القوي في القضاء يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول دولة المؤسسات. وتستغرب المصادر ذهاب رئيس الجمهورية ليكون طرفاً بدل أن يعمل على ايجاد حل يكون منسجماً مع قسمه الدستوري، مشددة على ان ما يريده الحزب الاشتراكي عدم تحريف التحقيقات لغايات سياسية، لافتاً إلى ان ما يجري من لعب بالقضاء لن يمر، ونحن اليوم سنضع كل ما لدينا على الطاولة وأمام الرأي العام ليبنى على الشيء مقتضاه فنحن لن نسمح بالتطاول علينا، معتبرة ان ما يسرب في الاعلام ان التحقيقات انتهت الى ان مناصري الاشتراكي أطلقوا النار بهدف قتل الوزير صالح الغريب عارية عن الصحة، فهناك من يعمل على خلق روايات تنسجم مع مواقفه السياسية.
في المقابل، فإن أجواء تكتل لبنان القوي لا تعير اتهامات الحزب الاشتراكي للعهد أي اهتمام، وبحسب مصادره لـ البناء فإن كل التحقيقات تثبت ان هناك كميناً كان سيستهدف وزيراً، واياً يكن الوزير وهذا لا يمكن ان يمر مرور الكرام في عهد الرئيس العماد ميشال عون، معتبرة أن النائب السابق وليد جنبلاط لا يريد الاحتكام الى القضاء، فهو شيطن المجلس العدلي ورفض إحالة الحادثة اليه، وفي الوقت نفسه لا يريد ان تحال الى القضاء العسكري، معتبرة ان جنبلاط جل ما يريده أن تحل هذه القضية سياسياً، لكن ذلك لا يمكن ان يحصل. فالقضية يجب أن تعالج أمنياً وقضائياً ثم سياسياً، غامزة من قناة أن لا مصالحة او لقاء في بعبدا قبل أن تذهب هذه الحادثة الى القضاء، واكدت المصادر أن الوضع الراهن لم يعُد يحتمل فكل المبادرات يقابلها الاشتراكي بالرفض بالتصعيد وهذا لا يمكن أن يسمح رئيس الجمهورية باستمراره طويلاً لأن ما يجري هو تعطيل للبلد وللحكومة.
اما على خط مصادر المستقبل لـ البناء ، وبانتظار ان يعود رئيس الحكومة سعد الحريري، فالأمور ليست إيجابية فلا بوادر حلحلة، معتبرة أن لا بشائر لانعقاد مجلس الوزراء هذا الاسبوع، رغم أن الرئيس سعد الحريري نشط على خط الاتصالات لإيجاد حل يعيد العجلة الحكومية، لكنه يتريث نتيجة المواقف التي لا تزال متشنجة ومتوترة، فلا يريد ان ينتقل المشكل الى داخل مجلس الوزراء ولهذا يتريث في الدعوة على امل ان تنجز بعض المصالحات التي من شأنها أن تهدئ النفوس قليلا بين الوزراء.
الى ذلك، مثل أربعة موقوفين على ذمة التحقيق في حادثة قبرشمون – البساتين، أمام قاضي التحقيق العسكري مارسيل باسيل، الذي لم يتمكن من استجوابهم، بعد أن استمهلوا لتعيين محامين للدفاع عنهم، فتقرّر إمهالهم مدة 24 ساعة، وأصدر مذكرات توقيف وجاهية بحقهم، سنداً لمواد الادعاء والتهم المنسوبة اليهم.
من ناحية أخرى، قال الرئيس نبيه بري خلال ترؤسه طاولة حوار لدعم الصناعة اللبنانية في عين التينة أن الوضع الحالي الخطير لا يسمح بالتقدم لا في الصناعة ولا في غيرها. ورأى اننا نمر في فترة خطيرة جداً نأمل أن نتجاوزها قريباً ، مضيفاً لا استثمار ولا نهوض بالاقتصاد دون الاستقرار السياسي والأمني .
اما في ما خص ملف تاتش، فكشف النائب حسين الحاج حسن أن موضوع إيجار مبنى تاتش تمت مناقشته في لجنة الاعلام والاتصالات مع وزير الاتصالات السابق، مؤكداً أن معظم أعضاء اللجنة اعترض على هذا الأمر وأن الوزير قال حينها بشوف شو بدي أعمل .
وقال في مؤتمر صحافي في مجلس النواب: آن الأوان لوضع قطاع الاتصالات على محمل الاهتمام الجدي لوقف كل ما يجري من إنفاق غير مجد وغير مبرر. وأشار الى أننا قمنا كلجنة اتصالات بتوصية لشركتي تاتش وألفا بالاستئجار خارج وسط العاصمة .
ومن ساحة النجمة أيضاً أكّد النائب جميل السيد أن قضية مبنى تاتش فضيحة، معتبراً أن الاستملاك كان يجب أن يحصل خارج العاصمة. وقال: يمكن لوزير الاتصالات أن يصرف الأموال بتوقيع منه ولكن الصرف يخضع للانظمة الرقابية، فالإيجار غير مسموح كما حصل، مشدداً على ان القضية خرجت الى العلن وباتت بعهدة الوزراء والنواب والقضاة.
وأكد وزير الخارجية جبران باسيل أن الأزمة الاقتصادية التي يرزح لبنان تحتها حادة لكن البلاد ليست على شفا الإفلاس والانهيار، بفضل خطة اقتصادية معتمدة بدأت تؤتي أكلها من خلال انخفاض مستوى العجز في الخزينة العامة.
وقال باسيل في حديث الى يورو نيوز : شراكتنا مع حزب الله كلفتنا شعبياً ودبلوماسياً، لكننا غنمنا استقرار ووحدة لبنان، لأن حزب الله جزء من الشعب وليس مجموعة مسلحة. وهذه الشراكة ليست حكراً على التيار الوطني الحر. فالجميع في لبنان شريك لحزب الله، بدليل حكومة الوحدة الوطنية . وأشار الى أن العقوبات الأميركية على حزب الله تؤذي لبنان، ولكن الحكومة تعمل على إزالتها .
المصدر: صحف