انتظر الحزب الديمقراطي الاميركي 8 سنوات ليحقق الاغلبية في مجلس النواب.. اتى ذلك في عهد دونالد ترامب صاحب السياسات المثيرة للكثير من الجدل الداخلي والدولي على السواء، بل المثيرة للاعتراض الى حد التوتر مع حلفائه الدوليين الذين تبعدهم قرارات ترامب شيئا فشيئا عن واشنطن.
ولا شك ان هذه السياسات المقلقة للكثير من الجمهور الاميركي الداخلي لعبت دورها في تراجع شعبية ترامب وفي تحقيق الحزب المنافس فوزا بالاغلبية في مجلس النواب في انتخابات الكونغرس التي جرت بالامس، اضافة الى عدم نجاح ترامب في الكثير من تعهداته في الشؤون الداخلية والاقتصادية مع انه اعتمد على مسالة “جلب الاموال” من الصفقات الخارجية لاغراء الجماهير.
لكن الحزب الجمهوري المنتمي اليه ترامب احتفظ بالمقابل بالأغلبية في عدد اعضاء مجلس الشيوخ. الاحتفاظ باغلبية مجلس الشيوخ يفترض ان يحقق نوعا من التوازن في عدد من الملفات بين ادارة ترامب ومعارضيها، لكن لا شك ان لمجلس النواب ادوارا مهمة بما يعني ان سياسات ترامب ستكون مقيدة في الفترة المقبلة، وهو امر لا يمكن توقع مداه الا في التطبيق وفي طرح السياسات والقوانين ومدى ذهاب الديمقراطيين الى صدام مع ترامب في المرحلة القادمة.
الرئيس الأمريكي فقد الأغلبية المريحة في مجلس النواب الاميركي لمصلحة الديمقراطيين الذين باتوا يسيطرون على نسبة 50.3% من أعضاء مجلس النواب مقابل 44.4% ، بعد فوز 219 نائبا لهم مقابل 193 نائبا جمهوريا من أصل 435 مقعدا.
بانتظار توضح المواقف الدولية من هذه النتائج يمكن القاء نظرة على تقييم الصحافة ووسائل الاعلام العالمية لما حصل وهي شبه مجمعة ان سلطة ترامب ستكون اضعف.
وفيما كتبت “واشنطن بوست” الأمريكية أنه “انتصار حزين” للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وحزبه الجمهوري، ووصفت شبكة “إن بي سي نيوز” الأمريكية فوز الديمقراطيين يعد بمثابة “مخرز في خاصرة ترامب، وسيعيق بشكل قوي عددا كبيرا من سياساته وقوانينه التي يسعى إلى تمريرها”.
بدوره كتب موقع شبكة “سي ان ان” تحت عنوان “ماذا يعني فوز الديمقراطيين بأغلبية مجلس النواب الأمريكي؟ “ان فوز الديمقراطيين بأغلبية النواب سيخولهم بفرض رقابة مؤسسية على رئاسة ترامب، وهو الدور الذي اختار الجمهوريون عدم القيام به نظرا لسيطرته الكاملة على اليمين، وهو ما شأنه التأثير على أجندة البيت الأبيض في تمرير عدد من الملفات الأساسية بنظر ترامب”.
اضاف “سيلقي هذا الفوز الضوء على التكتيكات التي اتبعها الرئيس الأمريكي قبيل الانتخابات النصفية والتي استندت على مهاجمة الديمقراطيين واستخدام “لغة عنصرية” عند تناول مسائل مثل الهجرة عوضا عن الارتكاز على مسائل مثل الاقتصاد الأمريكي.
من جهته موقع شبكة “بي بي سي” قال : تعد استعادة الديمقراطيين السيطرة على مجلس النواب، بعدما فقدوا الأغلبية فيه قبل 8 أعوام، بمثابة “صفعة” للرئيس دونالد ترامب. ويعتبر انه “بذلك يستطيع الديمقراطيون فتح تحقيقات بشأن إدارة ترامب وأعماله التجارية وعائدات الضرائب واحتمال تضارب المصالح.
وكالة نوفوستي نقلت في هذا السياق عن الخبير الروسي أندريه سوزدالتسيف، “أن نتيجة انتخابات الكونغرس ستزيد الضغط على الرئيس دونالد ترامب، وستفاقم الانقسام السياسي داخل المجتمع الأمريكي. ووفقا له، فإن نتيجة الانتخابات ستزيد من ضغط الكونغرس على ترامب.
واعتبر الخبير سوزدالتسيف أنه :”حتى مع سيطرة الجمهوريين على الكونغرس، كان الكابيتول يمارس هيمنته على سياسة ترامب الخارجية. وبالنظر إلى أن الديمقراطيين سيسيطرون في مجلس النواب، ستكون السيطرة هائلة، وسيحرم ترامب عمليا من السلطة”.
اما وكالة الصحافة الفرنسية فقالت ان “دونالد ترامب الرجل الذي درج على الاستهزاء ب”الفاشلين” تكبد نكسة كبيرة مساء الثلاثاء مع خسارة حزبه الجمهوري مجلس النواب لصالح خصومه الديموقراطيين. لكن من غير المتوقع أن يحمله ذلك على تبديل نهجه ولا سيما على ضوء تفاصيل النتائج المتشعبة.
لكنها اكدت ان “انتزاع الديموقراطيين مجلس النواب سيشكل عائقا كبيرا بوجهه خلال النصف الثاني من ولايته الرئاسية”.
المصدر: موقع المنار + مواقع اخبارية