يعتمد جزء كبير من الهيمنة الأمريكية العالمية على موقعها في قلب نظام التجارة والتمويل الدولي، فإذا ما فقدت هذا الموقع، قد تنتهي أسطورة الهيمنة.
ولا يمكن لصعود دولة قوية أخرى أن يعطل ذلك التفوق. لكن، ظهور نظام جديد من التمويل والتجارة والتكنولوجيا، في شكل العملات المشفرة يمكنه أن يدمر القوة الأمريكية، حسب ما جاء في تقرير لموقع “ذا كونفرزيشن” الأمريكي.
ولا تزال الولايات المتحدة دون شك القوة المهيمنة على النظام العالمي المعاصر، مع أن النظام قد بدأ الانتقال من نظام أحادي القطبية إلى نظام متعدد الأقطاب، لذلك دائما ما يثار الحديث في دوائر السياسة الخارجية عن عالم ما بعد أمريكا القادم.
ولا يعدّ السبب في تقدم الولايات المتحدة أنها موطن لمعظم الشركات العالمية ولا بسبب التقدم التكنولوجي المستمر، بل لأن الدولار الأمريكي لا يزال عملة الاحتياط العالمي دون منازع.
ومن الناحية المادية، يمكن القول إن مفهوم القوة الأمريكية يعود لموقعها المتميز في التجارة والتمويل الدولي واسع الانتشار.
“البيتكوين”.. والفوضى الدائمة
من المحتمل أن يواجه النفوذ المالي المتوقع للولايات المتحدة تحديات كبيرة في المستقبل القريب، وقد يأتي ذلك من صعود الصين الاقتصادي المستمر أو الاتحاد الأوروبي من خلال حالة فوضى دائمة، ولكن يمكن أيضا أن يتولد الضغط من خلال النمو المذهل للعملات المشفرة مثل “البيتكوين”.
وعلى عكس محاولات القوى الكبرى الأخرى، مثل الصين، للاستبدال الدولار بعملة بديلة تقوم على أساس الدولة، تقدم العملات المشفرة وعدا بخيار غير مركزي وغير حكومي لعملة احتياطية عالمية، وهذا من شأنه أن يقوض القوة المالية الدولية المركزية الحالية للولايات المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، نظرا لأن العملات المشفرة الرئيسية لا يتم إصدارها أو التحكم فيها مباشرة من قِبل أي دولة، فإنه يُنظر إليها على أنها محايدة سياسيا أكثر من أي من الخيارات الحالية. بل إن تصميماتهم غير التضخمية —أو حتى الانكماشية- تجعل منها مخزنا للقيمة أفضل من الدولار الأمريكي.
القوة المالية الأمريكية تتلاشى
وبينما تستحوذ العملات المشفرة بشكل متزايد على خيال الناس والشركات والحكومات— وهي عملية تحدث بالفعل على نطاق عالمي حقيقي- فإن التصور بأن الولايات المتحدة لديها قوة مالية غير قابلة للكسر سوف تتلاشى، ويمكن أن يساعد هذا في فتح البوابات المغلقة نحو اعتماد عملة مشفرة عملة احتياطية عالمية.
ومن الناحية الاقتصادية، من الواضح أن استبدال الدولار الأمريكي بنوع من العملة الرقمية اللامركزية سيقلل من تأثير المؤسسات المالية الأمريكية على الاقتصاد السياسي العالمي. ومن شأنه أيضا زيادة تكاليف الاقتراض بشكل كبير. وهذا من شأنه أن يجعل موقف الولايات المتحدة المثقل بالديون حاليًا ضعيف، مما يؤدي إلى إزالة أي ميزة نسبية تمتلكها حاليا.
وستُفقد التأثيرات المتدنية لهذا، من منظور القوة الدولية، الولايات المتحدة قدرتها على ممارسة فن الإدارة الاقتصادية الفعالة— في ما يتعلق بالعقوبات والحظر وتجميد الأصول.
وبمرور الوقت، فإن مكانة الولايات المتحدة باعتبارها القائد المالي العالمي ستتضاءل.
المصدر: سبوتنيك