اعتبر السيد علي فضل الله، في خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك،ان في لبنان يستمر الجدل على كل شيء، من دون أن نرى حلولا لما يجري، وهي وإن وجدت، فهي حلول آنية، وكأن قدر اللبنانيين أن لا يصنعوا الحلول، بل أن تأتيهم إملاء. هذا ما نشهده في الجدل الدائر حول من يكون قبل، الانتخابات النيابية أو الرئاسية أو عكس ذلك! ليتوقف بعدها البلد، أو الجدل الجاري حول القانون الانتخابي، حيث يسعى كل فريق سياسي إلى الوصول إلى قانون يتناسب مع مصالحه، ويؤمن التمثيل لطائفته أو مذهبه أو إطاره السياسي، وكأن الحياة تبدأ عنده وتنتهي عنده! حتى بات يقال أن عدد مشاريع قوانين الانتخاب بعدد الطوائف والمذاهب، من دون أن يؤخذ بعين الاعتبار القانون الانتخابي الأكثر تطورا وحداثة، والذي يضمن المشاركة للجميع، ويساهم في تجديد الحياة السياسية وتداول السلطات، وعندما يكون الأمر كذلك، فمن يحسم؟ وعندها من الطبيعي أن يعود الحديث عن التمديد أو إلى قانون الستين، كما تبدو الصورة حاليا، مع إجراء بعض التجميل عليه، ليصبح مقبولا مع كل التبعيات المترتبة عليه”.
وكرر “دعوة القوى السياسية إلى أن تخرج ـ ولمرة واحدة ـ من حساباتها الخاصة إلى حسابات إنسان هذا الوطن ومستقبله، وليكن قانون الانتخاب هو البداية. وعندما تفكر في ذلك، فلن تحتاج إلى قانون انتخابي حتى يؤمن لها حضورها، بل ستكون حاضرة دوما، فالتاريخ، كما الحاضر، لن يذكر إلا الذين كانوا أكبر من مصالحهم”.
وقال السيد فضل الله : “كل ذلك يجري والبلد عرضة لتحديات الخارج، حيث تكبر الحرائق من حوله ويشتد سعيرها من دون حلول قريبة، بل ما يبشر به البعض هو صيف حار، وإذا كان من حلول، فهي لن تقوم على الخرائط السابقة، بل على خرائط جديدة للمنطقة قد لا يسلم لبنان من تداعياتها، وهو عرضة لأزمات الداخل على المستوى الاقتصادي والمالي، مما قد يصل به إلى الإفلاس، فيما التشظي هو طابع الحياة السياسية، الأمر الذي يعقد فرص الحلول. وفي الوقت نفسه، يسعى الإرهاب إلى ابتداع وسائل جديدة للنيل من الاستقرار في هذا البلد، وينتظر أي ثغرة حتى ينفذ منها، تؤكد ذلك التحقيقات الأمنية، وإيقاف بعض الخلايا الإرهابية. وهنا نقدر سهر الجهات الأمنية على الاستقرار، ودورها في منع هؤلاء من تحقيق أهدافهم”.
وتابع: “بموازاة ذلك، يستمر العدو في ممارساته الاستفزازية، والتي تجلت في اكتشاف معدات التجسس في الباروك، والمناورات التي يجريها على مقربة من الحدود اللبنانية، والتي تحاكي الهجوم على قرى لبنانية، فضلا عن حديث التوطين المتزايد للسوريين. إن كل ذلك يستدعي ارتقاء القوى السياسية إلى مستوى التحديات التي تواجه هذا البلد، وإلى معاناة الإنسان فيه، الذي يزداد فقرا يوما بعد يوم”.
وقال: “نصل إلى العراق، حيث الإرهاب الذي تجلى في التفجيرات الدامية التي جرت في كربلاء وبغداد وغيرها، والذي ما زال يمسك بقرار العديد من مناطق العراق، إذ يقف الجيش العراقي، ومعه الشعب بكل تنوعاته ومذاهبه، لمواجهته، بعد أن بات واضحا أنه لا يفرق بين مذهب ومذهب، أو بين دين ودين، فهو مشكلة للجميع، ولن يكون يوما ما قوة لأحد”.
وحذر من “الأصوات التي تسعى إلى تضخيم الأخطاء، إذا حصلت، أو تجييش الجانب الطائفي أو المذهبي لمصالح فئوية بعيدة عن مصلحة أية طائفة أو مذهب، فضلا عن مصلحة العراق ككل. إن رهاننا سيبقى على وعي الشعب العراقي ووحدته، في مواجهة من لا يريد للعراق أن يكون قويا، وأن ينعم بالاستقرار والوحدة”.
وتابع: “نصل إلى فلسطين، حيث استطاع الشعب الفلسطيني التأكيد مجددا على حيويته وعدم استطاعة العدو، رغم كل إجراءاته القمعية، الوقوف في وجه إرادته وعزيمته، كما استطاع أن يصل إلى حيث يهدد عمق هذا العدو، وفي قلب عاصمته. إن هذه العملية تؤكد مجددا أن جذوة الجهاد لا تزال حية في هذا الشعب. ونحن نحيي هذه الروح الجهادية التي هي السبيل لإعادة فلسطين إلى أهلها، ولإجبار العدو على إعادة النظر في غطرسته واحتلاله، وهي الرد على سياسته القمعية واعتدائه المستمر على المسجد الأقصى”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام