للقدسِ رجالٌ منتفضونَ لقداستِها في كلِّ ساح، وآخرون من صنفِ تاريخِها يأبَوْنَ الذل، يُؤذِّنون باسمِها على كلِّ منبرٍ وفي كلِّ مَحفل، وعندَ اشتدادِ النزال..
معَ تدحرجِ الهبةِ الفلسطينيةِ العابرةِ لكلِّ القيودِ الميدانيةِ وحتى السياسية، علت اصواتُ القمةِ الاسلاميةِ التي انعقدَت في اسطنبول على نيةِ القدس.. حضرَ قادةٌ فاعلون موقفاً وحضوراً وصدقاً او مشاركون بروتوكولياً او مرغمونَ تحتَ عنوانِ القضية، وغابَ آخرونَ لم يَنظُروا للقدسِ اولوية، بل لمكافحةِ الفسادِ في بلادِهم الواقعةِ على مفترقِ الزمان..
لم يجعل هؤلاءِ القدسَ محطةً جامعة، ولم يتعالَوا عن الخلافاتِ كرامةً للمقدسات، فغابَ كثيرونَ عن القمة، لتُوَجَّهَ لهم الدعوةُ العلنيةُ من وزيرِ الاستخباراتِ الصهيونية، الذي اطلَّ عبرَ موقعِ ايلاف السعودي، داعياً الاميرَ محمد بن سلمان لزيارةِ الكيانِ العبري..
وفيما كانَ رئيسُ الجمهوريةِ اللبنانيةِ يربطُ فلسطينَ بتاريخِها الاسلامي والمسيحي، ويدعو باللغةِ العروبيةِ المقدسيةِ الى ما يشبهُ انتفاضةً شعبية، مخاطباً الشعوبَ العربيةَ للتحركِ في بلدانِها واماكنِ انتشارِها كقوةِ ضغط، والحكوماتِ بالذهابِ الى مجلسِ الامنِ لتعطيلِ القرارِ الاميركي، كانَ قرارُ بعضِ السعوديين، فتحَ قطارِ التطبيعِ على اسرعِ سِكَكِه معَ الاسرائيلي. فمقابلةُ موقعِ ايلاف معَ وزيرِ الاتصالاتِ والاستخباراتِ الصهيوني يسرائيل كاتس، لم تكن بريئةً في توقيتها، وكذلكَ دعوةُ كاتس الى معاودةِ فتحِ خطوطِ قطارِ الحجازِ ووصلِ اسرائيلَ بمحيطِها..
اِنهم بعضُ العربِ الواقفينَ اليومَ على مرمى حجرٍ من علاقاتٍ علنيةٍ معَ “اسرائيل”، تُنهي تاريخاً من العلاقاتِ السريةِ معها، فيما اطفالُ القدس وفلسطين، يَنظُرونَ بعينِ الاسفِ الى اُمّةٍ باعت مقدَّساتِها في ساعاتِ تَخَلٍّ معَ احقادِها، او طمعاً بكرسيِّ مُلْكِها..
المصدر: قناة المنار