للدلالة على الواقع المأزوم لحزب “المستقبل” يكفي فقط مراقبة وسائل اعلامه وطريقة تعاطيها مع الفشل الذي اُصيب به الحزب خلال محطات رئيسة من الاستحقاق البلدي والاختياري وآخرها في الشمال التي صدمت نتائجه “المستقبليين” قبل غيرهم ليصح معها القول انها كان ضربة انتخابية وسياسية قاسية وليس “مسك الشمال” كما روجت الدعاية الزرقاء.
فحزب “المستقبل” وإعلامه واطراف سياسية عدة عززوا شعبيتهم خلال السنوات الماضية على قاعدة واحدة وهي مهاجمة المقاومة والتحريض عليها تمثلت بحملات مكثفة هدفت الى تحشيد المناصرين عبر حديث طائفي ومذهبي مقيت ، وذلك ضمن اجندة سعودية رفعت شعار معاداة حزب الله وحلفائه اينما وجدوا.
ويبدو ان إعلام المستقبل والمسؤولين عنه لم يجدوا الا مهاجمة حزب الله للتعويض عن الفشل الذي أصابهم خلال إدارة معاركهم الانتخابية في تكرار مُمل للكذب الاعلامي الذي دأبوا عليه منذ العام 2005 ، وفي هذا الاطار نعرض بعضاً مما جاء في مقدمة نشرة اخبار تلفزيون المستقبل ليوم الاحد 29/5/2016 ….(انتهى الشهر الانتخابي. اللبنانيون قالوا كلمتهم. بيروت وصيدا، واليوم طرابلس، أثبتت أنها مع الدولة ومع مشروع الرئيس سعد الحريري، الجامع والذي يستوعب كل المكونات اللبنانية، ويحترم المناصفة والعيش المشترك.الجنوب والبقاع والضاحية قالوا “لا” كبيرة لـ”حزب الله”….).
وعلى منوال القناة نسجت صحيفة المستقبل وجاء عنوانها ليوم الاثنين 30/5/2016 (رياح الشمال توافقية «لطرابلس».. و«حزينة» للحلف الثنائي)…!!
الصحيفة لم تكتف بالعنوان بل جاء مضمونها معاكساً لواقع نتائج الانتخابات وتحديداً طرابلس ، حيث قالت “إذا كانت رياح الشمال قد غلّبت البعد التوافقي الإنمائي (لطرابلس)، غير أنها على ساحة المعارك المسيحية أتت لتلفح بحماوتها العالية «تحالف معراب» العوني القواتي”..ّ!!
كلمات بدت انها أقرب الى التمنيات منها الى الواقع ، الذي كشف عن هزائم انتخابية متنقلة “للمستقبل” سواء في طرابلس والتي اسفرت نتائجها عن تفكك حزب “المستقبل” لصالح مسؤولين محليين ، وهو ما انعكس ايضاً في قضاء الضنية ، حيث خسرت اللائحة المدعومة من النائب “المستقبلي” احمد فتفت في سير الضنية ، وغيرها الكثير من القرى والبلدات التي اما خسر فيها “المستقبل” او تهرب من المواجهة ، كما يرى رئيس مركز بيروت والخبير الانتخابي عبدو سعد ، الذي أكد لموقع المنار ان الاستحقاق الانتخابي في الشمال أسفر عن “زلزال سياسي وسقوط مدوٍ لتيار المستقبل”.
سعد ورغم عدم توقعه النتائج التي آلت اليها معركة طرابلس ، يرى ان الكتلة الناخبة الاسياسية لحزب “المستقبل” لم تصب للائحة ائتلاف الاحزاب ، بل اعطت اللائحة التي يدعمها الوزير المستقيل أشرف ريفي ، ما يؤكد حالة التمرد والتفكك داخل “المستقبل” كما يقول الخبير الانتخابي الذي لا يعفي رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي من المسؤولية جراء عدم اشراكه الفاعلين في منطقة جبل محسن في اللائحة الائتلافية ، ما تسبب بخسارة هذه اللائحة لنحو 4000 الاف صوت والتي ركزت على الاستحقاق الاختياري دون البلدي مع التصويت لبعض المستقلين.
“الاحد الاسود” لم يقتصر على طرابلس بل امتد الى سائر أقضية الشمال كالضنية – المنية (سير الضنية) وعكار (بخعون) والتي حملت هزائم انتخابية بالجملة لحزب “المستقبل” ، ويعتبر رئيس مركز بيروت ان “الكابوس الانتخابي في الشمال أتى تتمة للخيبات الانتخابية التي حلت “بالمستقبل” بدءاً من بيروت واقليم الخروب مروراً بالبقاع وصيدا انتهاء بطرابلس ، وهو ما يُعلق عليه سعد بالقول “ان الخاسر الاكبر من الاستحقاق البلدي هو حزب المستقبل دون منازع”.
ومع انتهاء الانتخابات البلدية والاختيارية ادارياً ولوجستياً، بدأت الاسئلة تُطرح تحديداً داخل الشارع “المستقبلي” واروقة السياسيين ، كيف ستتعامل قيادة حزب “المستقبل” مع التمرد المناطقي في زمن الشح المالي وضمور المشروع؟ وكيف ستتكيف السعودية مع هذا الامر؟ هل تواصل الرياض دعم الرئيس سعد الحريري او تُذكّي اطرافاً الى جانبه لحفظ نفوذها لبنانياً؟ ماذا عن استحقاقي الانتخابات البرلمانية والرئاسية وتحالفاتهما؟..اسئلة ربما تُكشف بعض اجوبتها في الاسابيع والشهور المقبلة بانتظار إنقشاع الصورة كاملة..
المصدر: موقع المنار