على ضوء انتصارات الجيش السوري وحلفاؤه في محافظة دير الزور شرقي سورية حيث الحدود مع العراق ولقاء القوات العراقية والسورية، وأيضاً تحرير مدينة البو كمال آخر معاقل “داعش” الإرهابي، وأخبارٌ إضافية في سياق الانتصارات ذاتها، فتحت مجال الحديث عن استراتيجية انتصارات مزلزلة وصلت ارتداداتها لتقلب طاولات التخطيط الغربي في عواصمهم وغرفهم السوداء.
ولشرح وتوضيح التداعيات السياسية وتأثيرها على مخططات الغرب، وما يبنى على انتصارات محور المقاومة شرقي سورية، التقى موقع قناة المنار الباحث والمحلل السياسي الدكتور أسامة دنورة.
التقاء القوات وما فيه من معانٍ استراتيجية..
بدأ دنورة كلامه بالتأكيد على ان التقاء القوات السورية والعراقية في محافظة دير الزور ليس خبراً تطرب لسماعه الآذان الامريكية والغربية والاسرائيلية، معتبراً أنه يختزن معانٍ استراتيجية وسياسية عديدة صنفها بالدرجة الأولى من منظوره أن التقاء الجيشين في منطقة دير الزور يعني توسع وتجذر القطاع الجغرافي الذي يعبر عن التواصل البري بين سورية والعراق (بالتالي بين شرق وغرب محور المقاومة)، متابعاً “فبدلاً من ان يكون جسراً برياً قلقاً يهدده تواجد الامريكيون ومرتزقتهم في التنف، اصبح اليوم قطاعاً عريضاً يعبر عن تواصل حقيقي يمثل حالة مستقرة عسكرياً واستراتيجياً للقاء يحمل ابعاد التنسيق الميداني واللوجستي والاقتصادي.
ويرى الباحث أن التنسيق العسكري بين الجيشين في هذه المنطقة وسواها من المناطق الحدودية يرقى لأن يكون اول تنسيق مشترك بين الجيشين الشقيقين منذ حرب عام ١٩٧٣ بكل ما يمثله ذلك من معان سياسية ورمزية قومية.
ويستمر دنورة بالشرح حول هذا التنسيق من باب أنه رسالة هامة لمرتزقة الولايات المتحدة سواء ممن يتواجدون في التنف والشدادي او الآخرين من اصحاب الفكر الانفصالي التقسيمي انهم اصبحوا الآن امام تكامل قوتين كبيرتين خبيرتين مؤهلتين عسكرياً لخوض أية مواجهة مستقبلية، حققت أحداهما نصراً على تنوع ارهابي لم يسبق أن واجهته اي دولة على عدة جبهات في آن معاً ونعني هنا الجيش العربي السوري، وقوة أخرى دحرت الارهاب وأفشلت المشروع التقسيمي في بلدها ونعني بها الجيش العراقي.
ومن باب متصل واصل الباحث في لقائه مع موقع المنار إلى ان مشاركة قوى الشعب المسلحة ممثلةً في الحشد الشعبي من الجانب العراقي والقوى الرديفة من الجانب السوري يمثل بعداً استراتيجياً هاماً ومستجداً ما يعني افشال مشاريع الارهاب والتقسيم والاحتلال في المنطقة حيث يستند الى عمق شعبي قادر على مواجهة اي قوة كانت بحرب استنزاف لا متناظرة طويلة الامد يستحيل على قوة محتلة ان تنتصر بها.
بعدٌ استراتيجي في العمق الجغرافي..
يصل سياق الحديث مع الباحث السياسي أسامة دنورة، إلى تحقيق التقاء جغرافي على نطاق عريض بين الجيشين، يعني ان كلا الطرفين بات يمتلك عمقاً استراتيجياً لدى الطرف الآخر، كعمق استراتيجي عسكري وديمغرافي واقتصادي متكامل.
وفي تجليات اهمية تحقيق هذا العمق الاستراتيجي تقوية الجبهة المشتركة في مواجهة القوى الانفصالية والاحتلال الامريكي والعدو الاسرائيلي وبقايا الارهاب قرب الحدود الاردنية، وحتى انعكاسه الايجابي مستقبلاً على مواجهة المجموعات الارهابية الموجودة في الشمال السوري.
وان هذا الالتقاء وتكامل جهد الجيشين في جانبي الحدود يعني عملياً اجهاض محاولات التقسيم سورياً وعراقياً والتي قامت على اساس وجود كيان ارهابي يتستر بعباءة خلافة مزعومة ويستغل ارض كل من الطرفين ليعزز وجوده في اراضي الطرف الآخر.
كما يعني عملياً اجهاض منظور الاستنزاف العسكري والسياسي المزمن طويل الامد للجيشين السوري والعراقي بالدرجة الاولى، ولايران والمقاومة والجيش الروسي بالدرجة الثانية، وهو ما يعني أيضاً ان دول المحور المعادي للإرهاب افشلت واحداً من اهم الاستثمارات الغربية في ظاهرة الارهاب والفوضى “البناءة” الا وهو تحقيق الاستنزاف المزمن لكل القوى آنفة الذكر حسب ما قاله دنورة.
ان تحقيق هذا التواصل يعني عملياً تدعيم الموقف الاستراتيجي العسكري والسياسي للمقاومة في مواجهة اسرائيل، كما أن تحقيق التنسيق بين الجيشين والقوى الرديفة لكل منهما يمثل بذرةً واعدة لقيام جسم متحد عسكريا يحسب له ألف حساب من قبل الكيان الصهيوني والولايات المتحدة والدول العميلة لمشروعهما كالسعودية والاردن وسواهما.
كما ان التقاء الجيشين يجعل من تواجد الامريكي ومرتزقته في التنف معطىً عقيماً سياسياً واستراتيجياً ومحاصَراً عسكرياً، ويلقي ظلالاً مسبقة من الفشل على اي نزوع تقسيمي في مناطق الشمال الشرقي السوري.
ويختم دنورة حديثه لموقعنا بأن هذا الالتقاء كمحصلة يعزز بنية الاستقرار الدولي والسياسي لكل من العراق وسورية معاً، كما يدعم انتصارهما الناجز على الظاهرة الارهابية ، وأيضاً يعزز منظومة الاستقرار الاقليمي والامن الجماعي في المنطقة، ويساهم بإنهاء واضعاف مشاريع الاحتلال والتقسيم.
المصدر: موقع المنار