من أقصى الجنوب السوري إلى أقصى الشمال الشرقي مروراً بكثير من مناطق وطنه، تحريراً وتطهيراً ثم صموداً، وبعدها فك الحصار، ومن ثم بداية جديدة للتحرير، إنه العميد الشهيد عصام زهر الدين، أو كما يلقبه السوريون “أسد الحرس الجمهوري”.. لتكون آخر خطاه على لغم أرضي مودعاً آخر معاركه واقفاً كما الأشجار حاملا صلابة البازلت أينما حطت رحاله.
العميد الركن الشهيد عصام زهر الدين من مواليد عام 1961 في مدينة السويداء جنوبي سورية، ينتمي لعائلة عريقة معروف عنها الأصالة والوطنية، بعد تخرجه من الكلية الحربية تدرج بالخدمة العسكرية بصفة ضابط ضمن صفوف الجيش العربي السوري – مرتبات الحرس الجمهوري قائد للواء 104، حتى وصل رتبته التي استشهد حاملاً على كتفيه عوضا عنها همَّ تحرير الوطن من التكفيريين، أسوة بباقي الشهداء.
اللواء 104 حرس جمهوري تنقل في العديد من مناطق سورية بقيادة العميد الشهيد عصام زهر الدين، فكان من أشهر وأشرس المناطق التي حررها من دنس التكفيريين منطقة “بابا عمرو” في حمص، وتحرير بلدة التل في ريف دمشق إضافة إلى العديد من المناطق الأخرى.
العميد زهر الدين ومنذ وصوله إلى دير الزور وتشكيله ما عرف بفصيل “نافذ أسد الله”، قاد الصمود الأسطوري انطلاقاً من حامية المطار بدير الزور، صمودٌ استمر لمدة ثلاث سنوات، فكان من أعقد محطات الصمود خلال الحرب على سورية، وقياسا بالظروف المحيطة بالمدينة يعتبر هذا الصمود على أنه الأعقد تاريخيا، إذ أحاطت بها صحاري من إرهابيي داعش الذين عرفوا بأنهم الأشرس من بين جميع الفصائل الإرهابية التي دخلت سورية والأكثر إجراماً من بين ما شهده التاريخ.
عُرف عن الشهيد أنه رأس الحربة لقواته في جميع الميادين، إذ يتقدمُ الجميعَ في كل ساحات القتال التي يدخلها محرراً، فارتبط اسمه بعنوان للتحرير المؤكد في كل الاماكن التي خاض فيها أشرس المعارك ضد التكفيريين.
أبناء الحامية العسكرية في دير الزور وقبلها في كثير من المناطق الذين تنقلوا فيها بقيادته، عرفوا العميد الشهيد عصام زهر الدين أباً وأخاً وقائداً مغوار، حيث اعتبر نفسه جندياً في المقدمة، ومن أهم ما حرص عليه هو مساعدة الجرحى والمحافظة على أرواح جنوده ومساعدة المدنيين في أي منطقة يدخلها للتحرير أو الدفاع عنها، فقدم العون قدر المستطاع لأهالي دير الزور طيلة فترة الحصار.
زهر الدين واحد من أكثر القادة الذين أشعلوا رأس عناصر تنظيم داعش الإرهابي رعباً، إذ تمكن الشهيد عصام زهر الدين، من صد جميع هجمات التنظيم الإرهابي حول حامية مطار دير الزور على مدار ثلاث سنوات، وكثيرا ما تمكن من استرجاع مناطق كان يحتلها التنظيم في السنوات الثلاث تلك رغم ظروف الحصار الجائرة.
أبرز محطات التحرير في دير الزور..
في أبرز محطات تحرير دير الزور التي خاض معظمها العميد الشهيد عصام زهر الدين بعد تأسيسه لهذا التحرير بصموده، قاد قواته في غالبية المناطق من المدينة بعد فك الحصار عنها مباشرة، إذ بدأ بفك الحصار عن حامية المطار والفوج 137 بالتعاون مع القواد الواصلة من خارج المدينة، ثم الفرقة 17، وتدرجت الآلة العسكرية السورية في مطاردة إرهابيي داعش ففكت الحصار عن حيي هرابش وطحطوح بداية، بعد تحرير تلة الربيعات ونقطة خيم الدفاع، إضافة لعدد من النقاط والتلال الحاكمة، أبرزها جبال الثردة جنوبي المدينة.
بدأ بعدها تحرير المناطق يتسارع مترافقاً مع انهيارات أسرع في صفوف الإرهابيين من تنظيم داعش، وتم فك الحصار عن المدينة ليستمر بعدها تحرير غالبية الأرياف الجنوبية والغربية من دير الزور.
لم يقف الإنجاز في دير الزور للجيش السوري عند هذا الحد، فبرزت واحدة من كبرى المحطات في المدينة الشرقية، إذ ما كان يعتبره كثيرون على أنه عصي على الجميع استطاع الجيش السوري كسره من خلال دخول الميادين وبدء تحريرها من إرهابيي داعش.
كل هذا أسس وترافق مع مرحلة مفصلية واستراتيجية من المعركة، فجاء عبور نهر الفرات نحو الضفة الشرقية، حيث اعتبرت من الخطوط الحمراء التي أقدم الغرب على تحصينها بعد احتلالها عن طريق داعش، إلا أن الجيش السوري وحلفائه كسروا تلك التحصينات وعبروا الفرات ومن ثم بدأ تحرير الريف الشرقي من المدينة، حيث انقلبت معادلة الميدان وأُلغيت معادلات السياسة التي كانت تخطط لمشروع التقسيم في سورية.
إلى هذا ومحطات كثرة من التحرير خاضها العميد عصام زهر الدين في دير الزور قبل ان يودع معركته الاخيرة شهيداً بلغم أرضي أثناء توغله على رأس قوات من الجيش السوري لتحرير منطقة حويجة صقر بدير الزور.
وسيتم تشييع جثمانه الطاهر برتبة لواء شرف في مسقط رأسه بمدينة السويداء جنوبي البلاد بعد وصول جثمانهم إلى مطار دمشق الدولي عند عصر اليوم الأربعاء. بعد أن كان قد أوفى بعهده للوطن، ونفذ وعده للشهداء الذين ارتقوا خلال الدفاع بسنوات الحصار عن دير الزور، فحافظ على جثامينهم الطاهرة حتى لحظة فك الحصار، بعدها أرسل كل منهم إلى مدينته أو قريته.
المصدر: موقع المنار