عشية يوم 24 أيار/مايو 2000، كان المحتشدون في حارة حريك في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت بانتظار عرس آخر من أعراس النصر التي كانت تتوالى على مدى يومين. مساء ذلك اليوم، وصل الأسرى المحررون إلى بيروت تستقبلهم حشود الأهالي على طول الطريق الممتد من معتقل الخيام إلى الضاحية الجنوبية، تواكبهم السيارات حتى باحة شورى حزب الله في حارة حريك.
ضاقت باحة الشورى بحشود جماهير المقاومة، التي كانت تنتظر عودة المعتقلين مزهيين بنصر كان عماده دماء الشهداء. أطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من الباحة التي أينما حل ذكرها حضرت صورة المقاومة.
بارك الأمين العام لحزب الله للجموع المحتشدة ولمن تابعوه من وراء الشاشات من مسلمين وعرب الانتصار التاريخي المجيد الأول على “إسرائيل”، منذ بدء الصراع العربي–الصهيوني. أكد أن هذه الحرية لم تكن مِنة من أحد، لا من “إسرائيل” ولا من المجتمع الدولي، بل أنها انتزعت بفضل دماء الشهداء.
قال السيد نصرالله مخاطباً الأسرى: “يمكنكم أن ترفعوا رؤوسكم الآن، فإن دماء الشهداء… هي التي مكّنتكم من أن تعودوا إلى الوطن، وتحت راية المقاومة”.
وأضاف سماحته: نحن مجتمعون هنا وعند الحدود دعت حكومة العدو الصحافة العالمية حتى تكون على إحدى البوابات الحدودية لتصوير آخر جندي إسرائيلي يذهب ذليلاً من الشريط المحرر. هم الآن كما في الليالي الماضية يخرجون أذلاء مهزومين تحت جنح الظلام، ويفككون بسرعة آخر المواقع، لكنهم لم يكونوا يخططون للخروج بهذه السرعة.
وتابع: نحن لا نعتبر أن الانسحاب الذي حصل اليوم عند الساعة الثالثة ظهراً انسحاباً كاملا، لأن هناك أرضاً لبنانية ما زالت محتلة، ولأن هناك رجالاً لبنانيين ما زالوا قيد الاحتجاز.. والفرحة تبقى ناقصة لأن هناك أخوة ما زالوا في السجون وقيد الاعتقال، وأكد سماحته أن الذين قاوموا وقاتلوا وقدّموا الشهداء سيتابعون الطريق حتى تحقيق الأهداف.