هل حقاً الطعام الذي يسقط على الأرض آمن طالما بقي أقل من 5 ثوانٍ عليه؟ أم هو مليء بالميكروبات الضارة التي لا نراها بالعين المجردة؟!
لنوضح هذا أولاً، إن البكتيريا التي تنتظر من أجل مهاجمة الطعام الذي يسقط على الأرض، ليست على شكل مجموعات كبيرة جداً، ولكنها بالفعل تحيط بنا من كل جانب، أي إن الأماكن التي تم تنظيفها حديثاً يوجد بها بكتيريا، فيما يقول العلماء إن الطعام يصبح ملوثاً في اللحظة التي يلمس فيها الأرض.
ووفقاً لدراسة أُجريت في عام 2005، فإنه من الممكن إيجاد 9 آلاف نوع من الميكروبات الحية بالغبار والأتربة الموجودة في المنازل، وإن 7 آلاف منها تكون على هيئة بكتيريا، لكن معظمها يكون غير ضار، وفقاً لتقرير على موقع Mynet التركي.
وهذه البكتيريا تحيط بنا من كل جانب، فهي في أيادينا، ووجوهنا، ومنازلنا، وبشرتنا، والهواء الذي نتنفسه مليء بالبكتيريا، حتى إن أدوات المطبخ الأكثر نظافة تكون مليئة بالبكتيريا.
ويقول عالِم الأحياء الدقيقة في جامعة شيكاغو الدكتور جاك غيلبرت: “من غير الممكن تجنّب الميكروبات، في الواقع نحن نعيش ببحر من البكتيريا”.
وتوضح الأبحاث أن كل شخص يطلق نحو 38 مليون خلية بكتيرية في محيطه خلال ساعة واحدة، ويقول غيلبرت إننا نستخدم الأقوال التي تتعلق بالقضاء على جميع الميكروبات، وإنها خطرة للغاية، ولكن على الرغم من جنون العظمة في هذا الموضوع، فإننا لم نفهم قط احتمالية الإصابة بالبكتيريا المسببة للأمراض.
يضيف غيلبرت أنه يلتقط الطعام الذي يسقط على الأرض ويأكله في حال كان المكان المحيط به نظيفاً على شكل منتظم وطبيعي، ويقول: “ليس عندما يسقط الطعام في موطن للجراثيم بالطبع”.
لكن، إذا كان يوجد شخص مريض في المنزل، أو كنت بدولة لا يتم الالتزام فيها بالقواعد العامة للنظافة على نحو جيد، فإن الوضع لن يكون صالحاً. وبطبيعة الحال، فإنه توجد بعض الميكروبات المسبِّبة للأمراض من حولنا، ولكن حقيقة أن الميكروبات موجودة على الأرض، فتكون أيضاً باحتمالٍ كبير موجودة في أدوات المطبخ، أو على مقابض الأبواب، فهنا يمكن أن تصاب بالمرض، ولا يرتبط ذلك بتناول الطعام الذي يسقط على الأرض من عدمه.
بكتيريا السالمونيلا، تتكاثر بالأطعمة النيئة مثل اللحوم والبيض غير المطهي أو المأكولات والمشروبات الملوثة، يصاب بها في الولايات المتحدة سنوياً نحو 1.4 مليون شخص، تؤدي إلى التسمم الغذائي وحمى التيفوئيد والحمى المعوية والتهاب المعدة والأمعاء، تتراوح أعراض الإصابة بها بين رعشة وإسهال، وحمى وتقلصات البطن ووجود دم في البراز وألم بالعضلات، بحسب موقع Medical News Today.
في الواقع، إن جميع التحذيرات تكمن هنا، على سبيل المثال، إذا كان فيروس السالمونيلا يوجد في مكان ما، فإن تناول الطعام الذي يسقط على الأرض قد يجعلك تصاب بالمرض.
وفي دراسة أُجريت عام 2006، تمت ملاحظة أنه إذا تُرك الطعام مكانه 5 ثوانِ، فإن احتمال انتقال هذا الفيروس سيكون أقل من دقيقة واحدة.
لا يوجد حاجز سحري بيننا وبين عالم الميكروبات، حتى طرق التنظيف الأكثر دقةً لا تُبقيه في معزل عنا، في الواقع إن الاتصال مع عالَم الميكروبات يكون ذا فائدة لنا.
يقول الخبراء إنه من الجيد تعرّض الطعام للميكروبات، طالما لم يسقط في عيادة الطبيب أو المراحيض، ويعتقد العلماء أن الميكروبات تلعب دوراً مهماً في تطوّر الإنسان، فنحن نكون على اتصال مع العديد من البكتيريا مِن حولنا عندما نكون صغاراً، ولكن عندما يصل الطفل إلى عمر الثانية، تكون قد وصلت الميكروبات المختلفة، إلى مستوى وجودها عند البالغين على الأغلب.
ليست الأرض فقط؛ إذ يُمكن أن يتحول الفراش إلى حديقة غنية بالنسبة للبكتيريا والفطريات، بحسب تأكيدات فيليب تيرنو، أستاذ علم الأحياء الدقيقة (الميكروبيولوجي) بجامعة نيويورك، لموقع Business Insider الأميركي. نقضي أكثر من ثلث حياتنا في السرير؛ لذا من الضروري أن نعرف أن هذا الجزء المهم من بيتنا ليس آمناً بما يكفي لننام عليه ونحن مطمئنون على صحتنا.
ويوضح الخبراء أن الطعام الذي يسقط على الأرض ويحتوي على ميكروبات، يساعد في تطوير الجهاز المناعي للإنسان، فيقال إن الجهاز المناعي للإنسان لن يتطور على نحو جيد وسط بيئة تهتم بالنظافة بشكل مفرط، ويوجد أيضاً على بشرتنا العديد من البكتيريا، باختصار يمكن أن نقول إن قاعدة بقاء الطعام على الأرض 5 ثوانِ، هي عبارة عن هراء.
فإذا كان يوجد في المكان البكتيريا المسبِّبة للمرض، فلا يمكن منع حدوث الإصابة بالمرض، حتى وإن ظل الطعام على الأرض فترة أقصر بكثير.
المصدر: هافينغتون بوست