أوردت وكالة (CNN) أن الجولة الخارجية التي سيقوم بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب والتي تشمل السعودية، تهدف إلى الإعلان عن “عهد جديد” في السياسة الخارجية الأميركية، وتساءلت عن التحوُّل في موقف ترامب من اتهام هذه المملكة بدعم الإرهاب ومطالبتها بالمال مقابل الحماية، الى الإشادة بها كشريك في مكافحة الإرهاب.
والواقع أن هذا التحوُّل، ما هو سوى تكتيك لتحقيق استراتيجية ترامب التجارية، القائمة على أن السعودية “بقرة حلوب تدرُّ ذهباً” كما قال خلال حملته الإنتخابية وبعدها، وهذا التكتيك مبني على وسائل سحب المال السعودي، وتأتي صفقات بيع الأسلحة الأميركية للمملكة في طليعة الأهداف، سيما وأن السعودية اشترت أسلحة بمليارات الدولارات من أميركا وأوروبا خلال عقدٍ من الزمن، وتستكمل “أميركا ترامب” حالياً سياسة سحب المال السعودي بطريقة غير مباشرة لصالح “لوبي التصنيع الحربي” وتجارة الأسلحة الأميركية، وكالعادة، إيران هي “البعبع” الذي تلوِّح من مخاطره أميركا أمام العالم وأمام السعوديين بشكلٍ خاص، والآن آن أوان بيع الأسلحة مجدداً تحت عنوان تحالف “لمحاربة الإرهاب” والتصدِّي لإيران وحلفائها.
ولأن إيران تُحيي حالياً عرسها الديموقراطي في انتخاباتها الرئاسية، فإن هذا العُرس جنازة مُسبقة للممالك والعروش الديكتاتورية، سيما وأن وكالة الإستخبارات الأميركية، تنبأت بزوال المملكة العائلية السعودية ما بين عامي 2030 و 2050، وذلك حصل قبل إشعال آل سعود حرائق المنطقة مع أتباعهم الخليجيين والتي انتهت بهم الى نكسة اليمن، وإذا كان ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يقدِّم دورياً أوراق إعتماده الى الإدارة الأميركية، سواء في عهد أوباما أو عهد ترامب، على أنه يُعتَمد عليه في أن يكون شرطي المنطقة، فهُنا الواقعة الكبرى، لأن الحلف المُزمَع إعلانه على أنه “إسلامي” مع أميركا ما هو سوى حلف ما بين قُبَّعة كاوبوي متهوِّر و”غترة” سعودية طائرة تُجيد الهروب، فور اشتعال حرب إقليمية، تماماً كما هرب السعوديون المَيسُورون الى أوروبا خلال الحرب التي أعلنها صدام حسين على إيران عام 1980 أو خلال اجتياحه للكويت عام 1990، ثم خلال اجتياح الأميركيين العراق عام 2003 حيث تظهَّر التورُّط السعودي المُعلن مع أميركا، ما دام العرش العائلي السعودي مُصاناً بضمانة أميركية وأموال نفطية.
ومع إعلان المقرَّبين من ترامب، أن محمد بن سلمان سيكون الشريك الأبرز في قيام “ناتو إسلامي سنِّي” بدعم أميركي، يتوقَّف المراقبون عند الأحلاف السابقة التي نسجتها السعودية والتي كان آخرها إعلان محمد بن سلمان في شهر ديسمبر/ كانون الأول من العام 2015، عن قيام تحالف اسلامي عسكري يضم 34 دولة سيتولى مهمة التصدي للارهاب، عبر غرفة عمليات مشتركة للتنسيق، مقرها الرياض، ويتساءلون عن الإنجازات التي حققتها السعودية مع حلفائها في اليمن، سوى تدمير وتهجير وتفقير شعبٍ عربي يرفض الإنحناء للظلم، وها هو الحراك الجنوبي بات حراكات، وجميعها تُجمع على الإنفصال عن اليمن الشمالي وتحذِّر الرئيس الهارب الى السعودية عبد ربّه منصور هادي من مغبَّة الهبوط بطائرته على أرض عدن، إضافة الى كوارث الجوع والفقر والمرض ووباء الكوليرا الذي بدأ يفتك باليمنيين وتدفع وستدفع الجارة السعودية الأثمان الباهظة للتداعيات على أرضها.
مهما كان عنوان الحلف الجديد الأميركي السعودي، فهو في تكتيك الرئيس ترامب إشعال الحروب وزرع الخوف و بيع الأسلحة، لأن قطاع تصنيع الأسلحة وتجارتها ضاغط على الإقتصاد الأميركي أكثر من قطاع إنتاج السيارات، وهو “لوبي” قائم بذاته، ولا يستطيع أي رئيس أميركي سوى العمل على تسويق “إنتاجه”، والسعودية طليعة المستوردين شاءت أم أبت لأن استخراج حليب البقرة بنظر رُعاة البقر الجدد يتمّ ببث الذعر في أوصالها.
الحروب ليست فقط بالقوة التسليحية، بل بالشعوب المُحارِبَة المُجاهدة الصابرة، وبالمجتمع العقائدي المتماسك خلف قيادته، وإذا كانت “إسرائيل” بكل جبروتها قد استسلمت أمام صواريخ عبارة عن إسطوانات مُصنَّعة في وِرِش تعدين داخل قطاع غزة، فإن الشعب الإيراني صَمَد عشر سنوات تحت حصارٍ قاسٍ ظالم وما زال صامداً، واستنفر طاقاته للإنتاج والإكتفاء الذاتي وخصَّب اليورانيوم وصَنَّع الطاقة النووية للإستخدام السلمي، وهذا الشعب العقائدي الصابر الصامد مع حلفائه على كل ظُلم، لن يأبه بأحلاف كرتونية تبني أحلاماً لممالك من كرتون ستنهار على رمال البادية عند أول مواجهة، ومحمد بن سلمان الذي هدَّد بنقل الحرب الى داخل إيران، جاءه الردّ الإيراني بأن كل السعودية لن تكون آمنة باستثناء الأماكن المقدَّسة، وحق الردّ الإيراني مقدَّس بوجود تحالفات صلبة وثابتة مع دولٍ كبرى وفي طليعتها روسيا، وما على محمد بن سلمان سوى إحصاء “الغترات” السعودية الطائرة ذعراً في قاعات المغادرة بمطارات المملكة عند إطلاق شرارة أية مواجهة مع إيران ومحور المقاومة..
المصدر: موقع المنار