تسببت تخفيضات إنتاج النفط التي تقودها «أوبك» في ارتفاع الطلب الآسيوي على النفط الأوروبي إلى مستوى قياسي، وجعلت من الصين ثاني أكبر مستهلك لخام بحر الشمال، مع هبوط الإمدادات المعتادة التي تتلقاها من موردي الشرق الأوسط.
ومما يدعم الإقبال الآسيوي المتزايد على خام بحر الشمال في الأساس هبوط علاوته السعرية فوق نفط الشرق الأوسط المنافس، وقد يستمر هذا الطلب بعد انتهاء تخفيضات إمدادات «أوبك» إذا ظل التسعير مواتيا.
وتظهر بيانات منصة (تومسون رويترز آيكون) أن الصين استوردت نحو 38 مليون برميل من خام بحر الشمال منذ بداية العام حتى أواخر أبريل/نيسان، مقارنة مع نحو ثمانية ملايين برميل في الفترة المقابلة من 2016.
وفي الوقت الحالي تأتي الصين بعد بريطانيا، أكبر مستهلك لخام بحر الشمال، والتي اشترت 49.7 مليون برميل بحلول أواخر أبريل الحالي. وفي الفترة بين يناير/كانون الثاني وأبريل 2016 جاءت الصين في المرتبة السابعة. وقال جيمس ديفيس، المحلل لدى «إف.جي.إي» للسمسرة «في شرق السويس (آسيا)، يبدو أن الفجوة في ميزان العرض والطلب على الخام ستتقلص تدريجيا صوب نهاية 2017.» وأضاف «على جانب المعروض، نعتقد أن الحاجة ستدعو لتدفق الخام إلى آسيا من بحر الشمال.»
ومع رفضها التخلي عن حصتها السوقية لصالح منتجي النفط الصخري الأمريكي، أبقت دول «أوبك» على أسعارها الرسمية للبيع منخفضة، وتستخدم مخزوناتها من الخام للمحافظة على إمدادات عملاءها.
لكنها تعتزم خفض إنتاج الخامات متوسطة ومرتفعة الكبريت الأرخص سعرا، مع الإبقاء على تدفقات النفط الخفيف منخفض الكبريت الذي عادة ما يباع بسعر أكبر.
ومع وجود كميات أقل من تلك الخامات المتوسطة في السوق، ارتفعت أسعار ذلك النفط، مما دفع العلاوة التي تدفع عادة لنفط بحر الشمال إلى أدني مستوياتها منذ عام 2010. انخفضت علاوة خام برنت، المستخرج من بحر الشمال والذي يرتبط به الكثير من الخامات الخفيفة في العالم، فوق خام دبي القياسي دون 50 سنتا للبرميل، من 2.50 دولار في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني حين أعلنت «أوبك» عن تخفيضاتها. ويشكل خام دبي أساسا للخامات المتوسطة والثقيلة الشائعة في الشرق الأوسط. وقال تاجر في مصفاة في شمال آسيا «خام بحر الشمال مستمر في التدفق على آسيا، وفي الوقت الحالي لا بد وأن يكون هناك المزيد في ضوء هيكل الأسعار.»
وتظهر بيانات جمركية صينية أن تكلفة استيراد نفط بحر الشمال كانت أفضل في مارس/آذار، حيث بلغت تكلفة استيراد برميل الخام البريطاني 56.70 دولار مقارنة مع 57.80 دولار لبرميل النفط الإماراتي، رغم أن الإمارات العربية المتحدة أقرب للصين من ساحل بحر الشمال في اسكتلندا بواقع 8000 ميل.
وقال تاجر في سنغافورة «نفط بحر الشمال يناسب احتياجات السوق الكورية، وربما يواصل الصينيون شراءه إذا كان السعر مناسبا.» وتشجع عوامل أخرى المستهلكين الآسيويين على تدبير إمدادات جديدة. وتقلص إنتاج النفط الصيني بسبب ضعف أسعار الخام، في الوقت الذي تتوسع فيه المصافي في أكبر سوق للسيارات في العالم. وستزيد طاقة التكرير الآسيوية بصافي 450 ألف برميل يوميا في 2017، بارتفاع 1.5 في المئة عن إجمالي الطاقة العاملة في آسيا في الوقت الحالي البالغ نحو 29 مليون برميل يوميا، وفق ما تظهره بيانات (تومسون رويترز آيكون).
وقالت «إنرجي أسبكتس» الاستشارية في مذكرة «نتوقع أن تواصل الواردات تسجيل زيادة على أساس سنوي مع تقلص الفارق بين برنت ودبي… مما يشجع على شراء خامات حوض الأطلسي في آسيا»، رغم أنها قالت ان الصين «أفرطت بوضوح في شراء» الخام في الربع الأول من الــعام.
المصدر: رويترز