تناولت الصحف الصادرة صباح اليوم الإثنين 03/04/2017 الملفات الأبرز التي تشغل الشارع اللبناني على رأسها ملف قانون الانتخاب، والسجال حول خطة الكهرباء، إلا أن التطورات المتعلقة بالمنطقة طغت على حديث الداخل، فتوقفت الصحف عند الموقف الأميركي المعلن مؤخراً عن أن مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد يحدده السوريون، ولم تغب الإجرءات الاحتياطية لكيان العدو التي تعكس حال الذعر للعدو عن اهتمامات الصحف اللبنانية.
النهار
“توتر عالٍ” في ملف الكهرباء … وتشكيك
فيما اللبنانيون منهمكون بمشاكلهم الداخلية وبفتح ملفات طابعها خلافي تعكس التباعد في وجهات النظر، تستمر اسرائيل في اتخاذ اجراءات احتياطية في مواجهة “حزب الله” وقد اعلن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو أمس بدء تشغيل نظام جديد لاعتراض الصواريخ اسمه “مقلاع داود”، رأى انه “قد يثني من يريدون مهاجمة اسرائيل عن القيام بذلك”. وتقول اسرائيل إن “حزب الله” يملك أكثر من مئة الف صاروخ متوسط وقصير المدى، اضافة الى مئات الصواريخ البعيدة المدى القادرة على بلوغ القسم الاكبر من الاراضي الاسرائيلية.
اما في الداخل، فقد برز العرض العسكري لـ”حزب الله” ضد مروجي المخدرات ومتعاطيها في الضاحية الجنوبية كرسالة الى المؤسسات الامنية والسياسية أكثر منه خطوة فاعلة في اتجاه الهدف المعلن. واذ تناقضت المعلومات عنه من الحزب والبلديات والاهالي، شكك الناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي في تحقيقه الهدف المنشود اذ أفاد هؤلاء أ، الحراك تجنب الشوارع البؤر. وقد غابت التعليقات الرسمية على العرض منذ مساء الجمعة، بينما صدر موقف لافت عن وزير الداخلية نهاد المشنوق أمس قال فيه: “استعراض حزب السلاح مدان ومرفوض جملة وتفصيلاً وهو صفعة في وجه العهد وتحد لمنطق الدولة. لن نرد على هذا الاستعراض العسكري الا بمزيد من المواجهة مع هذا المنطق لصالح الدولة فقط”. واضاف: “اننا سنتخذ الإجراءات التي يفرضها القانون منعاً لكل أفكار الامن الذاتي التي يرفضها اللبنانيون”.
واذا كانت الامور عالقة في ملف قانون الانتخاب في انتظار “اسبوع الالام” الذي لا تبدو تباشير القيامة بادية في نهايته، فان التوتر السياسي على أشده، أقله في المواقف المعلنة، مستبقاً جلسة مناقشة الحكومة الخميس والجمعة المقبلين أمام مجلس النواب. وقد بدأ التوتر يتفجر في ملفات عدة طفا على سطحها ملف الكهرباء الذي شهد تطورات شد حبال. فقد انتهى الاسبوع الماضي على خلاف على البيان الذي أصدرته الامانة العامة لمجلس الوزراء عن مقررات جلسة مجلس الوزراء الخاصة بخطة الكهرباء والذي قالت فيه إنه تم الاتفاق على خطة الوزارة. ذلك ان قناة “NBN” اعتبرت “أنّ قرار مجلس الوزراء الذي نشر في الجريدة الرسمية حول خطّة الكهرباء مزوّر ومخالف لما تمّ الإتفاق عليه داخل الجلسة التي ناقشت الخطة”. وهذا الأمر أكده أيضا وزير المال علي حسن خليل الذي قال إن “قرار مجلس الوزراء مختلف عما صدر عن الأمانة العامة حول خطة الكهرباء وسنقوم بالإجراءات القانونية اللازمة للتصحيح”. وحذّر مستشار رئيس مجلس النواب علي حمدان من “ان الضبابية التي رافقت تفاصيل الخطة أثارت الكثير من علامات الاستفهام حولها”، وتحدث عن “تحوير في المهمة التي كلف القيام بها وزير الطاقة، إذ أن جوهر الموضوع هو العودة الى الحكومة في كل ما يتعلق ببنود الكهرباء والخطوات المقبلة التي ستتخذ”.
لكن الأمانة العامة لمجلس الوزراء نفت ما ذكر واكدت أن القرار المتعلق بخطة الكهرباء “صدر وفقا لما قرره مجلس الوزراء”، وبغض النظر عما اذا كان القرار مزوراً أم لا، يجدر التذكير بما قاله وزير الاعلام ملحم الرياشي إثر الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من أن “الخطة أقرت في المبدأ وسيتم عرض تفاصيلها وما سيتم استدراجه من عروض للبواخر وللخطة الفوتوفولتية وما الى ذلك على مجلس الوزراء تباعا”. كما أكد أنه “تم تكليف وزير الطاقة اتخاذ الاجراءات اللازمة واستدراج العروض واعداد المناقصات اللازمة وعرض كل مراحلها تباعا على مجلس الوزراء وفقا للقوانين والانظمة المرعية الاجراء”.
وفيما تشير مصادر متابعة الى أن الرئيس ميشال عون رفع الجلسة بسبب سفره الى الاردن على أن يستكمل البحث في بنودها تفصيلاً في جلسات لاحقة لمجلس الوزراء، استندت الى كلام الوزير رياشي لتدحض ما صدر عن الامانة العامة لمجلس الوزراء من أنه تم الاتفاق على خطة الكهرباء، مشيرة في الوقت عينه الى أن ثمة فارقاً كبيراً بين عبارتي “موافقة مبدئية” و”اقرار خطة الكهرباء”. وأشارت الى أن ثمة بنداً في الخطة يلحظ أن يوافق مجلس الوزراء عليها قبل 31 آذار الماضي إذ ورد فيها الاتي: “إقرار الخطة الإنقاذية بكل بنودها وخصوصاً التعديلات التي تقدمت بها شركة Karpowership على العقد الحالي قبل نهاية شهر آذار 2017، والسماح للشركة المذكورة بتنفيذ الأشغال والأعمال المطلوبة، على أن تستكمل الإجراءات اللازمة للاستحصال على التراخيص والمراسيم المتوجبة بشكل لاحق، وعلى سبيل التسوية، بغية إنجاز الأعمال البحرية والكهربائية المطلوبة وإتمامها في الموعد المحدد”. وهذا يعني، استناداً الى المصادر نفسها، أن الاتفاق مع الشركات والبواخر قد أنجز قبل اقرار الخطة في مجلس الوزراء بما يرسم علامات استفهام حول المستفيدين منها و”الصفقات” التي تضمنتها، خصوصا أنها استندت الى عرض قدمته الشركة التركية “كارباورشيب” التي يستأجر منها لبنان حالياً باخرتي كهرباء (“فاطمة غول” و”أورهان بيه”).
الى ذلك، لاحظت المصادر ان الخطة ستزيد الاعباء المالية على المواطنين بدليل ما لحظته من زيادة للتعرفة بدءاً من 2017/7/1 بنسبة 42,6% كمعدل وسطي على أساس سعر برميل النفط 60 دولاراً، وهذا الامر في رأيها يدعو الى الاستغراب خصوصاً أن تنفيذ الخطة يتطلب نحو 10 سنين لتأمين الكهرباء 24/24، بما يعني أن اللبنانيين لن يكونوا قادرين على الاستغناء عن مولدات الكهرباء أقله قبل خمس سنوات. ودعت الى التوقف عن تحميل المواطن تكاليف فشل المسؤولين في انقاذ القطاع والتركيز على كشف مزاريب الهدر والفساد فيه والذي كلف الخزينة أكثر من 16 مليار دولار منذ 2008.
من جهة أخرى، أبلغت مصادر مطلعة في مجلس ادارة مؤسسة كهرباء لبنان “النهار” ان كل ما روج له غير دقيق، فطلبات استدراج العروض للبواخر تنشر حالياً في الصحف، ليتم تقديم الطلبات والتعاقد مع شركة جديدة قبل حزيران المقبل لزيادة التغذية بمعدل 3 الى 4 ساعات يومياً مع الصيف، ويصار تالياً الى بدء رفع التعرفة لتسديد المتوجبات.
الأخبار
قصة رسالة ترامب الى الأسد
منذ عامين وأكثر، ارتفعت الاصوات في الغرب احتجاجاً على السياسات المتّبعة في سوريا. الأمر لا يقتصر على ما يجري في أوروبا. وبخلاف الانطباع السائد أن الغالبية الاميركية غير مهتمة لما يدور في بلاد الشام، وأن الادارات السياسية والعسكرية والامنية مانعة لأي نقاش، تظهر معطيات ومداولات أن النقاش صار يحتدم يوماً بعد يوم، لكن هناك من يغلق الابواب والأعين. وما كشفته الانتخابات الرئاسية عن الازمة المهنية التي يعانيها الاعلام الاميركي بكل تنوّعاته، عكس أيضاً الازمة الاخلاقية العميقة التي تصيب هذا الاعلام الممسوك من قوى نافذة في الادارة والاقتصاد. حتى النخب الثقافية فيه، تُظهر فوقية أكبر من تلك الموجودة عند أهل القرار. وهي فوقية صارت معمّمة في كثير من دول العالم. وأظهرت نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية عجز الميديا عن الامساك كل الوقت باتجاهات الجمهور.
تولسي غابارد، عضو في الكونغرس عن ولاية هاواي، ومن فريق الحزب الديموقراطي. سبق لها أن أدلت بآراء بدت سجالية حول ما يجري في بلادنا. والمرأة التي يبرز صوتها في المؤسسات وفي الاعلام، مثّلت أحد الاصوات غير المرغوبة من قوى النفوذ في الادارة. قررت التعرّف عن قرب على حقيقة ما يجري عندنا، وتحديداً في سوريا.
منتصف الصيف الماضي، نضجت عند غابارد فكرة زيارة سوريا في رحلة تقصّي حقائق. الترتيبات كان تشير الى إمكانية حصول الزيارة في تشرين الاول الماضي. احتاج الامر إلى بعض الإجراءات، من توفير تمويل الرحلة، الى ترتيب جدول الاعمال، الى الحصول على موافقة لجنة الاخلاقيات في الكونغرس على الزيارة.
الامور أنجزت أواخر الصيف. لكن الذي حصل أن غابارد التي يعرفها فريق المرشح القوي دونالد ترامب، كانت منخرطة في الانتخابات. لم تكن معجبة أبداً بهيلاري كلينتون، وأيّدت صراحة المرشح الديمقراطي بيرني ساندرز، وهو أمر لفت انتباه فريق ترامب الانتخابي. وبعد فوز الاخير في الانتخابات، بحث مع فريقه إمكانية إقناع غابارد بتولي منصب حكومي بارز في إدارته الجديدة. وأثناء التواصل والبحث، علم ترامب بنيتها زيارة سوريا، فطلب إليها تأخير الزيارة ريثما يتسلم مهماته، لأن لديه ما يقوله لها.
وافقت غابارد على التأجيل. وفي 21 تشرين الثاني عام 2016، استقبلها الرئيس المنتخب دونالد ترامب لأكثر من ساعتين ونصف ساعة. أبلغته أنها لا تقدر على تأجيل الزيارة أكثر، وأن برنامجها محدد منتصف كانون الثاني بين سوريا ولبنان، وأنها ستكون هناك يوم تولّيه الحكم رسمياً. فقدمت له التهاني مسبقاً، واعتذرت عن عدم قدرتها على حضور حفل التنصيب.
خلال اللقاء سألها أن تشرح له وجهة نظرها حول الوضع في سوريا والعراق. وبعد سماعها، أبلغها أنه موافق على تحليلها. وقالت له إنها تعمل على إعداد معطيات لأجل سنّ قانون يمنع الاميركيين من أي تعاون مع أي شخص يكون له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالمجموعات الارهابية في العالم، وخصوصاً تنظيم داعش.
سألها ترامب: هل ستلتقين الأسد في دمشق؟
قالت له: على الأرجح!
قال لها: حسناً، اسأليه إن كان مستعداً للتواصل معنا، وأنا مستعد للاتصال به هاتفياً. ولكن، ليكن معلوماً منذ الآن أن التعاون سيكون عنوانه قتال «داعش». سيجد أن مطلب إطاحته من منصبه ليس في دائرة اهتماماتي. وهو عنوان سيختفي من التداول تدريجياً. أما التواصل المباشر وإلغاء العقوبات، فهما أمران يحتاجان الى وقت، والمهم أن نعرف كيفية تصرفه، ومدى استعداده للتعاون معنا بمعزل عن الروس والإيرانيين. نحن يجب أن نغيّر سياستنا تجاه الأسد. الاحتواء المباشر قد يكون مفيداً. الرجل صمد في موقعه. الواقع يقول لنا إنه يجب أن نتعامل معه إذا كنا نريد مواجهة داعش فعلياً.
رامب، البراغماتي والعملاني، يرى أن سياسة أوباما خرّبت النفوذ الاميركي في الشرق الاوسط، ويحمّل سلفَه مسؤولية ترك المنطقة مفتوحة أمام النفوذ الروسي، معتبراً أن على إدارته العودة والمشاركة في إدارة المنطقة، ولا سيما ملفي سوريا والعراق. وفي هذا السياق، يريد ترامب تغيير كل سياسات الادارة، خارجياً كما داخلياً. وهو يتعهد بعدم المواجهة مع روسيا، ويريد محاصرة إيران وإنهاء مفاعيل الاتفاق النووي، ولو من دون التخلي عنه. ويعتقد أن سوريا هي ساحة التفاهمات مع الروس والآخرين.
يرى ترامب أن داعش هو الخطر الاساس على الجميع. هو متأكد من دور السعودية وقطر وتركيا في دعم داعش وكل فروع القاعدة. ورغم كرهه لإيران، يعتقد أنها الأكثر جدية في قتال داعش. وهو لا يريد إجراء تغيير سياسي جوهري وحسب، بل يريد تغيير الاستراتيجية، ولذلك يعتقد أن المهم الآن التركيز على داعش وتجاهل كل الاهداف الاخرى، بما في ذلك هدف إطاحة الأسد.
يعرف أن لديه خصوماً كثراً في أميركا، من الاحزاب الى الاعلام والمخابرات، وصولاً حتى قسم من الجيش. لكنه لا يريد التراجع.
بعد انتهاء اجتماعها مع ترامب، طلبت غابارد تكثيف الاستعدادت للسفر. لكن الذي حصل هو انطلاقة حملة لتعطيلها، داخل الولايات المتحدة، من خلال رجال الاستخبارات «سي. آي. إيه.» و«أف. بي. آي.». وحصلت اتصالات مع كل المعنيين بالزيارة لأجل إقناعهم بالعدول عنها. ومن ثم بوشرت المساعي من وزارة الخارجية أيضاً لمواجهة رحلة غابارد.
السفيرة الاميركية في بيروت، اليزابيث ريتشارد، تلقّت ما يشبه «التعليمة» بأن عليها عرقة الزيارة. سبق لها أن أعلنت أمام الكونغرس، ثم لدى وصولها الى لبنان، أن مهمتها محصورة في مواجهة حزب الله والحكومة السورية. وهي لم تكن مرحّبة أصلاً بزيارة عضو الكونغرس، لكنها لا تعرف ــ رسمياً ــ هدف الزيارة. وافترضت أنها ستكون حكماً المرجع الذي يضبط الزيارة، ويحدد المواعيد، ويضع المحظورات.
لم يتأخر الوقت حتى فوجئت السفيرة برسالة معاكسة لرغباتها. هي تعيش أصلاً حالة من التوتر الكبير جرّاء قرار إدارتها تجميد أعمالها مع دبلوماسيين آخرين في العالم. هي لم تكن في وارد وضع برنامج جدّي. لكن غابارد نفسها طلبت من مساعديها إبلاغ السفارة الاميركية في بيروت أنها لا تريد منهم المشاركة في التحضيرات ولا حتى في الترتيبات. وقالت لفريقها: لا أريد من السفارة هناك أي شيء. لا حماية أمنية، ولا إجراءات لوجستية، ولا استضافة، ولا ترتيب مواعيد، ولا مشاركتي في الزيارات. وتم إبلاغ السفيرة الاميركية بالأمر.
فكرت السفيرة في أن عليها التحرك سريعاً. ومع وصول مساعدي عضو الكونغرس الى بيروت، قبلها بأيام، سارعت السفيرة ريتشارد الى طلب الاجتماع بهم، في مقر السفارة، وأحضرت المسؤول الأمني لكي يشرح تفاصيل عن الوضع الخطير في لبنان، مع توصيات معينة. وعرض المسؤول الأمني أن تبيت غابارد في بيت الضيافة في مقر السفارة. ومرة جديدة، صدمت السفيرة المحرومة من نِعَم لبنان. فقد أبلغها مساعدو غابارد أنها غير معنية، ولا أحد يريد شيئاً منها، وأن غابارد تفضّل أن تكون زيارتها بعيدة عن كل أشكال البروتوكول، وهي تريد أن تختار من تقابل وأين وكيف.
لأمنيون في السفارة ضغطوا لأجل وضع شروط، من اسم الجهة الأمنية الرسمية اللبنانية التي ستواكب النائبة الأميركية أثناء وجودها في لبنان، مع شرح توضيحي للمناطق التي لا يمكنها زيارتها أبداً (المنطقة الحمراء) أو تلك المفضّل زيارتها نهاراً فقط (المنطقة الصفراء) وتلك المفتوحة ليلاً ونهاراً (المنطقة الخضراء). ثم أودَع المسوؤل الأمني في السفارة مساعدي غابارد أرقام هواتف للاتصال عند الضرورة، قائلاً بلغة الواثق: لدينا وحدات منتشرة في كل لبنان جاهزة للتدخل متى تطلب الأمر.
في الرابع عشر من كانون الثاني غادرت غابارد العاصمة الاميركية متوجهة الى مطار بيروت. وصلت غابارد برفقة زوجها المخرج السينمائي، الرجل الثري من أصول هندية ابراهام وليامز، والوفد المرافق، يوم الاحد. كان مساعدون لها في انتظارها، برفقة قوة من جهاز أمن السفارات في قوى الامن الداخلي، كانت قد توافرت بعد اتصال مع وزير الداخلية نهاد المشنوق. ومن المطار توجه الموكب مباشرة صوب منطقة اليرزة، للحصول على تأشيرة دخول الى سوريا من السفارة السورية هناك. وكان السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم الذي استضافهم ريثما تنجز أوراق التأشيرات.
ما حصل هو أن موكب الضيفة الاميركية اختار طريقاً قصيرة للوصول الى منطقة اليرزة. وهذا يعني أنها عبرت منطقة الضاحية الجنوبية، المصنّفة ضمن المنطقة الحمراء. وأثناء مرورها هناك، سألت: أين نحن؟
الجواب: نحن في منطقة حزب الله.
سألت: لكن أين هي القواعد العسكرية والمسلحون؟
الجواب: لا وجود لهذه الأشياء أصلاً.
سألت: هل أنتم متأكدون من أننا نمرّ في منطقة يسيطر عليها حزب الله بصورة كاملة؟
الجواب: نعم! وخلال دقائق نكون في منطقة تخضع تماماً لسيطرة الجيش اللبناني، وهناك يقع مكتب السفير السوري ومنزله.
هناك، كانت قوة من فرقة «الفهود» التابعة لقوى الامن الداخلي قد وصلت. تبيّن أن المسؤولين الأمنيين في السفارة الاميركية غير راضين عن الاستعانة بجهاز أمن السفارات. فمعلوماتهم تفيد بأنه يقع تحت تأثير حزب الله، وأنهم يفضّلون «الفهود». قَبِل مساعدو غابارد بالأمر، لكن عند وصولها الى غرفتها في أحد فنادق العاصمة، اتصلت السفيرة الاميركية طالبة مقابلتها، لكن غاربارد اعتذرت، مكررة القول: لا أريد أي شيء من السفارة.
الثامنة من صباح الاثنين ينطلق الموكب من الفندق مباشرة باتجاه الحدود السورية. وعند نقطة المصنع، يتوجه الموكب صوب نقطة يوجد فيها فريق أمني يسهّل الوصول الى صالة كبار الزوار، حيث كان أفراد من تشريفات القصر الجمهوري، برئاسة موفد رئاسي سوري، في الانتظار مع سيارات الموكب. وبينما بقي الأمن اللبناني عند الحدود، توجهت غابارد والوفد مباشرة الى لقاء الرئيس بشار الأسد.
استقبلها الأسد بابتسامته المعهودة. صافح أعضاء الوفد، وسألها عن الرحلة، ثم دخلت هي مباشرة في الحديث:
«أنا هنا في زيارة تقصّي حقائق. أريد أن أزور أكثر من منطقة في سوريا إن استطعت، وأن أجتمع بأشخاص على الارض. وأريد مساعدتي في تقديم معطيات موثقة ومؤكدة حول من يدعم المنظمات الإرهابية، وخصوصاً داعش والقاعدة. أنا هنا بموافقة من الكونغرس، وكنت أنوي الحضور قبل أشهر، لكن التأجيل حصل بطلب من الرئيس ترامب نفسه».
ثم عرضت غابارد للأسد تصوّرها للموقف في سوريا والمنطقة. وقالت له: «أنا التقيت الرئيس ترامب قبل مجيئي الى هنا. وأنا أحمل لك رسالة منه. لقد طلب مني أن أنقل لك تصوّره وأفكاره بشأن المنطقة، وطلب أمراً آخر بصورة مباشرة».
واصل الاسد الاستماع، وأفاضت غابارد في عرض وجهة نظرها وما سمعته من الرئيس الاميركي المنتخب. وكررت أمامه ملاحظات الادارة الاميركية على سياسات حلفائها في سوريا، من السعودية الى تركيا الى بقية دول الخليج. وقالت له إن الاولوية المطلقة عند ترامب هي محاربة داعش. وهو سيأخذ بعين الاعتبار في مقاربته ملف ايران. إنها دولة جدية جداً في محاربة داعش. الرئيس ترامب يريد تغييراً جذرياً في سياسة أميركا حيال سوريا والمنطقة.
سألها الاسد: هل هذا هو انطباعك بعد الاجتماع مع ترامب؟
ردّت غابارد: لا، هذه هي أفكاره، وهو طلب مني أن أنقلها إليك. نحن باختصار، نريد التعاون معك في محاربة داعش. ترامب معجب بذكاء روسيا في إدارة الملف السوري، وهو يريد بناء تفاهم مع الروس في سوريا.
ثم فجأة سألت غابارد الأسد: إذا اتصل بك الرئيس ترامب، هل تردّ على المكالمة؟
ابتسم الأسد وسألها: هذا سؤال افتراضي، أم هو اقتراح؟
قالت له: ليس افتراضياً.
الأسد: هذا اقتراح منك؟
ردّت: لا، هذا سؤال لك من الرئيس ترامب، وهو طلب مني أن أنقله إليك، وسأعيد طرح السؤال: إذا اتصل بك هل ستردّ على المكالمة؟
فوجئت غابارد بردّ سريع من الأسد: بالطبع، وسوف أعطيك رقم هاتف يمكن الوصول إليّ عبره سريعاً.
ي هذه النقطة، بدت غابارد متفاجئة بعض الشيء، وكأنها كانت تحت تأثير تشويش، بأن الأسد لن يجيب مباشرة، وأنه سيطلب وقتاً للتفكير. لاحقاً، تبيّن أن إدارة ترامب كانت تعتقد أن الأسد سيطلب الوقت قبل الإجابة، لأجل التشاور مع حلفائه الروس والايرانيين. الاميركيون فكّروا بصراحة أن الأسد «لن يجرؤ على التواصل معهم من دون إذن موسكو».
قبل نهاية الاجتماع، عادت غابارد وشرحت للأسد حاجتها الى جولة في سوريا من أجل إعداد تقريرها حول ما يجري. وسألت إن كان بمقدورها زيارة حلب، بعدما كان الجيش السوري قد استعاد مع حلفائه السيطرة عليها كاملة.
في غضون نحو ساعتين، سمع الاسد عرض غابارد، ثم قدم وجهة نظره ومعطيات حول ما يجري ودور الولايات المتحدة الاميركية المباشر أو غير المباشر في دعم المجموعات الإرهابية. بعد ذلك، انتقلت غابارد الى مكتب آخر، حيث اجتمعت لساعتين أيضاً مع زوجة الرئيس السوري أسماء الأسد، ودار الحديث حول الجوانب الاجتماعية والآثار السلبية للحرب القائمة على الناس في سوريا. بعدها انتقلت للقاء مفتي سوريا بدر الدين حسون، وزيارة الجامع الكبير في دمشق، ثم التقت البطريرك أغناطيوس افرام، وبعده حصل اجتماع مع رجال أعمال وأكاديميين عرضوا لآثار الحرب على سوريا.
بات الوفد ليلته في مقر رسمي للضيافة، وفي ذلك المساء، لبّت غابارد دعوة مستشارة الاسد الدكتورة بثينة شعبان الى العشاء، بحضور مندوب سوريا في الامم المتحدة بشار الجعفري، ثم جرت ترتيبات لاجتماع مع وزير الخارجية وليد المعلم.
صباح اليوم التالي، واكب فريق رسمي سياسي وأمني من القصر الجمهوري الضيفة الاميركية، وغادر الجميع على متن طائرة رئاسية الى حلب. وهناك، كان فريق آخر في الانتظار، وقامت بجولة استمرت لساعات طويلة، التقت خلالها المحافظ وأعضاءً في البرلمان ورجال دين وناشطين ومواطنين، وتفقدت مخيّماً للنازحين.
قبل مغاردتها حلب، تلقّى مساعدوها اتصالاً يفيد بأن الرئيس الأسد قرر استضافتها الأربعاء، طوال اليوم، وأنه أجرى الترتيبات لعقد لقاءات مفصّلة، يتخللها غداء عملأ وأنه سيزوّدها بوثائق دامغة تؤكد التورط المباشر لأمنيين أميركيين، بطلب من إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، في دعم الإرهابيين في سوريا. وهذا ما حصل، فكان قرار تأجيل مغادرتها دمشق من الأربعاء إلى الخميس. وخلال نهار الاربعاء، التقت غابارد الأسد مرتين بحضور مسؤولين في الدولة السورية من الذين أحضروا معهم الوثائق والملفات. وعرض عليها ما مثّل بالنسبة إليها الصدمة وليس المفاجأة فقط. وأعطيت من الأدلة ما يتيح لها التثبّت من صحتها عند عودتها الى الولايات المتحدة الاميركية.
عادت غابارد الخميس الى بيروت، حيث كان من المفترض أن يكون جدول أعمالها مليئاً بمواعيد مقررة مسبقاً، وفق لائحة لم تشمل لأول مرة الشخصيات التي تلزم السفارة الاميركية كل زائر أميركي بمقابلتهم. وجاءت المقترحات تلبية لرغبة غابارد. وضمّ الجدول لقاء الرؤساء الثلاثة وقائد الجيش والمدير العام للأمن العام والرئيس السابق إميل لحود والبطريرك الماروني بشارة الراعي، مع التشديد على أن لا يحضر اللقاءات أيّ موظف من السفارة الاميركية في بيروت. وهي كانت قد حددت موعداً لمقابلة السفيرة ريشارد في لقاء عاجل وعابر.
الذي حصل، والذي شكل مفاجأة، كان رفض مكتب رئيس المجلس النيابي ترتيب لقاء مع الرئيس نبيه بري، ليتبيّن لفريق غابارد سريعاً أن السفارة الاميركية تدخلت، وهي أبلغت مكتب رئيس المجلس، وأيضاً المعنيين في القصرين الجمهوري والحكومي، وحتى القيادات الأمنية، أن الزيارة غير منسّقة مع وزارة الخارجية.
علمت غابارد بالأمر، وطلبت من مساعديها إبلاغ السفيرة أن ما تقوم به هو عمل غير قانوني، وسوف يتم إبلاغ البيت الأبيض به، وسوف تتم محاسبة السفيرة على عمل يناقض مصلحة الولايات المتحدة الاميركية.
قبل مغادرتها بيروت، عقدت غابارد اجتماعاً لم يكن مقرراً مع وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري الذي صودف وجوده في بيروت، ثم سافرت في وقت لاحق عائدة الى الولايات المتحدة، ليكون في انتظارها حشد من خصومها الذين شنّوا عليها حملة إعلامية استمرت لعدة أسابيع. كانت هي تنتظر موعداً للاجتماع بالرئيس ترامب لإطلاعه على نتائج الزيارة، بينما باشرت العمل على إعداد تقريرها الخاص عن سوريا… ولهذه المرحلة حكايتها الطويلة أيضاً!
البناء
ارتباك جبهة الحرب على سورية بعد إعلان البيت الأبيض أنها خارج أولوياته
دي ميستورا: على المعارضة السورية قراءة الموقف الأميركي قبل الخسارة
برّي يحذّر من الفراغ والفوضى الدستورية والسياسية… والتمديد التقني حتميّ
لا تزال تردّدات الموقف الأميركي المعلن من مستويات متعددة تأكيداً على جديته، وطابعه الرسمي والنهائي، تلقي بظلالها على القوى التي تورطت بالحرب على سورية، خصوصاً تركيا والسعودية و«إسرائيل»، حيث كانت الجولة الأخيرة من حرب دمشق وحماة هي الفرصة التي طلبها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعد تحضيرات استهلكت شهوراً امتدت منذ مطلع العام، ومحاولات لتحييد الموقف الروسي من استانة إلى زيارة نتنياهو لموسكو. وجاءت المفاجآت المتصلة من الدرع الصاروخية السورية المدعومة روسياً بوجه الغارات «الإسرائيلية»، والدينامية العسكرية المتسارعة لامتصاص الجيش السوري هجمات دمشق وحماة التي كانت تهدف للسيطرة على ساحة العباسيين في دمشق والسيطرة بالنار على خمسة أحياء متصلة بها، وبالتالي نقل المعركة إلى داخل العاصمة، بينما تهدف لفعل الشيء نفسه في مدينة حماة بعد الزحف من ريفها الشمالي، ليكون الردّ على سيطرة الجيش السوري على الأحياء الشرقية في حلب أقوى انتصاراً على الانتصار.
تبدد الهجوم الأخير وتمكّن الجيش السوري بدعم سريع ونوعي من الحلفاء بشرياً ونارياً من الانتقال للهجوم المعاكس واسترداد ما تمكّن مسلحو جبهة النصرة كرأس حربة للحرب من السيطرة عليه، ومواصلة الهجوم على عمق مناطق سيطرة النصرة والجماعات التي تقاتل معها خصوصاً مَن شاركوا في أستانة كجيش الإسلام السعودي وفيلق الرحمن التركي.
الترددات كانت إعلاناً تركياً بنهاية عملية درع الفرات من دون إعلان الانسحاب تريّثاً وترقباً للتطورات، وخشية اضطرار سعودية للتأقلم مع الموقف الأميركي وفقاً لتفاهم واشنطن الذي تضمّن، وفقاً لمصادر متابعة، التزام واشنطن في حال نجاح الهجوم على دمشق وحماة بالتراجع عن الذهاب نحو موقفها الجديد المعلن تجاه الرئيس السوري، ولكنّها تلزم السعودية بمواءمة موقفها مع التوجه الأميركي في حال الفشل، أما حكومة نتنياهو فتجاهلت المواقف وركّزت في إعلامها على خطر حزب الله وكيفية التعامل معه، مطلقة مواقف من عيار استعدادها لعمل ما يلزم عندما يتعرّض أمنها للخطر.
لبنانياً، تستعدّ الحكومة للمثول أمام المجلس النيابي في جلسة مناقشة عامة، ويستعدّ المجلس النيابي بعدها لفتح ملف الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب، مقابل تعهّد حكومي بالانصراف لملف قانون الانتخاب. ووفقاً لهذه الثلاثية يفترض أن ينتهي الجدل حول اللاءات، بين قانون الستين والتمديد والفراغ. وقد نقل زوار رئيس المجلس النيابي عنه الفصل بين التمديد كخيار شبيه بما جرى خلال السنوات الأربع الماضية، وهو من المحرمات، وبين تمديد تقني بات حتمياً لو أقر قانون الانتخابات غداً، أو لم يتم إقراره، ففي الحالين موجب التمديد التقني لا مفرّ منه، محذراً من مجرد النقاش في خيار اسمه الفراغ، مستعيداً كلاماً للمشرع والدستوري أدمون رباط، عن أن الفراغ في المجلس النيابي في نظام برلماني ينشئ وضعاً دستورياً يسقط فيه الدستور والدولة، ويدخل البلاد في فوضى دستورية وسياسية، لا يعلم أحد تداعياتها ولا النهايات التي يمكن بلوغها.
باسيل: للتصويت على «القانون»
مع غياب جلسات مجلس الوزراء الأسبوع الحالي ووجود المعنيين بقانون الانتخاب خارج البلاد، ستخرق جلسات ساحة النجمة التي دعا إليها رئيس المجلس النواب نبيه بري لمناقشة الحكومة، يومي الخميس والجمعة المقبلين، جمود المشهد السياسي.
وإضافة الى ملفات اقتصادية وإنمائية وهموم ومشاكل حياتية وإثارة بعض الكتل النيابية لقضايا سياسية بهدف الاستثمار الانتخابي ستشكل محور أسئلة النواب لحكومة «استعادة الثقة»، ستنتقل النقاشات والمداولات في الصيغ الانتخابية الحيّ منها والمنتهي الصلاحية من غرف اللقاءات الثنائية والثلاثية والرباعية الى قاعة الندوة البرلمانية العلنية.
وإذ كانت الاقتراحات قد سقطت الواحد تلو الآخر بعد تعرضها لإطلاق النار السياسي وضاعت صيغ أخرى في سوق المصالح السياسية، فإن محاولات إنعاش اقتراح رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الأخير لإبقائه على قيد الحياة لم تتوقف، بعد أن دخل مرحلة بين الحياة والموت، فلا صيغة بديلة عنه حتى الساعة، كي تعلن وفاته ومراسم دفنه.
لكن يبدو أن جعبة الوزير باسيل قد نضبت من الاقتراحات مع النفاد التدريجي للمهل الدستورية لإجراء الانتخابات النيابية في حزيران المقبل، ما دفعه أمس الى الإعلان بأن القانون الأخير الذي تقدّم به لا يزال حياً ولا أحد يمكنه قتله، مهدداً بعرض اقتراحات ومشاريع قوانين الانتخاب على التصويت في مجلسي النواب والوزراء في حال تعذّر الاتفاق. وقال باسيل: «لا أحد يمكنه قتل لبنان، نحنا بعدنا طيبين».
وأشار في مؤتمر صحافي من أستراليا الى أن «اقتراحه لا يزال قيد النقاش بين الأفرقاء والجواب عليه لا يزال من حزب الله الذي سيعطي جوابه النهائي». وأعرب باسيل عن قناعته بأن «هذا القانون يجب أن يكون «بالتوافق بين اللبنانيين»، محمّلاً مسؤولية ذلك لجميع الفرقاء. ولفت الى أن «أسبوع الآلام سيكون أسبوع قانون الانتخاب، وسنصلب جميعاً لقيامة قانون الانتخاب». وأضاف: «قانون بلا إجماع، ولكن بتوافق كبير أفضل من تمديد من دون توافق أو فراغ أو ستين من دون توافق، وإذا لم يتم التوصل الى حل فليصوّت مجلسا الوزراء والنواب».
وبحسب ما علمت «البناء» فإن «البحث في نقاشات قانون الانتخاب لا تزال تدور في حلقة مفرغة ولم تتقدم خطوات جديدة، ما دفع الرئيس بري الى إطلاق تحذير من أن عدم قيام الحكومة بأخذ الملف على عاتقها سيدفع إلى انقلاب يطيح بكل إنجازاتِها، كما علمت بأن ثنائي أمل حزب الله استمهلا باسيل مزيداً من الوقت لدرس نقطتين قوبلتا برفض الحزب والحركة إحداها الصوت التفضيلي، أما الحزب التقدمي الاشتراكي فلا يزال عند موقفه وهو الرفض المطلق لاقتراح باسيل إذا لم يُمنح ما يريده، أما تيار المستقبل فموقفه الأكثر غموضاً ولا يتجرّأ على إعلان رفضه كي لا يتحمّل مسؤولية تعطيل إنجاز قانون جديد».
وردّ وزير التربية مروان حمادة أمس، على باسيل، معتبراً أن «الأهم أن لا يتألم الشعب اللبناني من قانون انتخاب غير عادل»، مشيراً الى «أننا لن نقبل بقانون غريب عجيب وقانون جبران باسيل هذا لن نقبل به ونحن بتنسيق دائم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري بري ورئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط وضع مطالبه المتواضعة وهي صحة التمثيل».
شهر الحسم أم الأزمة؟
لكن مصادر نيابية مطّلعة ترجّح لـ»البناء» أن «يكون شهر نيسان الحالي حاسماً لجهة إنجاز قانون انتخاب جديد وتنقل عن رئيس المجلس النيابي تفاؤله لبتّ الملف في هذا الشهر، وإلا سنكون أمام أزمة انتخابية وسياسية طويلة من غير المعروف كيفية الخروج منها».
وتبني المصادر تفاؤلها على جملة من المؤشرات أبرزها «اتفاق الفرقاء كافة على أن النسبية ستكون في أي صيغة انتخابية ولا مجال لتراجع أي فريق عن ذلك، كما أن الوقت والمهل الدستورية تداهم الجميع وبالتالي أي من الأطراف غير مستعدّ لتحمّل مسؤولية أخذ البلد الى مكان مجهول». وتلفت المصادر الى أن «الرئيس بري سيطالب الحكومة خلال جلسات المناقشة في المجلس النيابي للإسراع في تحمّل مسؤولياتها والعمل على إقرار مشروع قانون الى المجلس النيابي، وأن تبدأ بذلك في جلستها الأولى أو الثانية بعد انتهاء جلسات المناقشة، وأوضحت أن «تحذير بري من اهتزاز الحكومة وتضييع إنجازاتها هو حثّ للحكومة على إيلاء الشأن الانتخابي أهمية»، ولفتت الى أن «تعثر الحكومة في موضوع قانون الانتخاب سيؤدي الى إضعاف الثقة بها، لكن لن يؤدي الى تهديد الاستقرار الحكومي أو وحدتها، فلا أحد يتحمّل مسؤولية إسقاط الحكومة على مشارف أشهر من الانتخابات النيابية».
وعن الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب، توقعت المصادر أن يعمل المجلس النيابي على إيجاد الحلول المناسبة لها لكن يبقى قانون الانتخاب أولوية بالنسبة لجميع القوى، لأنه يشكّل بداية الحل للمشاكل والأزمات الأخرى».
وتعتبر أن «جلسات مناقشة الحكومة مهمة، وإن كانت القوى في الحكومة هي نفسها في المجلس النيابي، فهناك بعض التباينات داخل الفريق الواحد، وبالتالي تستعيد الحيوية البرلمانية وتدفع الحكومة مجتمعة والوزراء منفردين الى مزيدٍ من العمل وتقويم بعض الثغرات والتقصير».
«التيار»: القضية خيارات وجودية
وتشير أوساط قيادية في التيار الوطني الحر الى أن «قانون الانتخاب ليس قضية تقنية أو سياسية، بل مسألة خيارات وجودية وهي إضافة الى تمثيل كل الأطراف السياسية العابرة للطوائف في المجلس النيابي، فهناك مصير وموقع المكوّنات اللبنانية بمن فيهم المسيحيون في هذا البلد. والسؤال المحوري الغائب اليوم هو ماذا نفعل كلبنانيين لضمان استقرار هذا البلد السياسي والأمني والاجتماعي بجميع مكوّناته، وهل نحن جدّيون في تطبيق الطائف؟ وما هي الشروط لذلك؟».
وتوضح الأوساط نفسها لـ»البناء» أن «التيار الوطني الحرّ مع النسبية الكاملة، لكن في ظل التطور والتفاوت الديمغرافي والواقع الاجتماعي الحالي وتلاعب بعض القوى السياسية بالهويات وعمليات التجنيس والتوزيع الديموغرافي والانتخابي العشوائي والاستنسابي، تصبح النسبية الكاملة لمصلحة مكوّن ضد آخر ولا تناسبنا، لذلك النقاش دخل في دوامة مفرغة ولا مؤشرات لحل قريب لقانون الانتخاب، حيث تعمل بعض الأطراف على إعاقة أي مقترح والالتفاف عليه وإجهاضه».
وترى بأن «الحلّ الذي آن أوانه للخروج من الأزمة هو وضع الآليات التي يلحظها اتفاق الطائف موضع التنفيذ، لا سيما تشكيل الهيئة العليا لإلغاء الطائفية السياسية واعتماد نظام المجلسين وتحديد صلاحية مجلس الشيوخ وإنشاء اللامركزية الإدارية الموسّعة لكسر حدّة النقاش والخلاف حول قانون التمثيل الانتخابي».
غرق صيدا في مستنقع الأمطار
وفي ظل الغرق السياسي في المستنقع الانتخابي، غرقت صيدا أمس في مستنقع من سيول الأمطار التي تساقطت بغزارة وغمرت عدداً من شوارع المدينة لبعض الوقت نتيجة العاصفة الرعدية، فيما لازم صيادو الأسماك رصيف المرفأ بعدما تعذّر عليهم الإبحار، وخلفت السيول أضراراً فادحة في سيارات المواطنين والمحال التجارية ومراكب الصيادين.
وفيما تبخّرت الوعود المتجددة التي يطلقها كل من رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة والنائب بهية الحريري لأهالي صيدا عند كلّ استحقاق نيابي، بإصلاح البنية التحتية للصرف الصحي في المدينة، دعا رئيس بلدية صيدا السابق عبد الرحمن البزري بلدية صيدا الى إقامة دعوى ضدّ مصلحة مياه لبنان الجنوبي والوزارات المسؤولة عن نظام الصرف الصحي في المدينة، وعن مبالغ الأموال الكبيرة التي تمّ دفعها، حيث تمّ نقل مجاري مياه الصرف الصحي لمئات الآلاف من المواطنين لتصبّ في مدينة صيدا من دون أن تتمّ مراعاة خصوصية هذه المدينة.
في المقابل، أعلن رئيس بلدية صيدا محمد السعودي أنه «استنفر فرق الطوارئ والشرطة البلدية والإطفاء من أجل العمل على مواجهة تداعيات العاصفة ومدّ يد المساعدة للمواطنين». وأشار إلى أنّ «هذه الفرق تعمل على فتح الأقنية ومصارف مياه الشتاء التي كانت أكبر من القدرة الاستيعابية لهذه المصارف بسبب غزارة الأمطار التي هطلت في وقت قصير».