تشكل التقارير عن تصاعد ما يسمى قاعدة الجهاد في جزيرة العرب وخصوصا “الفرع اليمني” لتنظيم القاعدة والتي تقول انه بات “أقوى من أي وقت مضى”، دليلا جديدا على ما تسببت به الحرب على اليمن من ارض خصبة لتنامي الجماعات الارهابية ، وذلك بشهادة مجموعات دولية محايدة. وقد تحدثت بصراحة مجموعة “انترناشونال كرايزيس غروب” عن استفادة القاعدة في اليمن وكذلك “داعش” من الحرب على اليمن منذ اذار 2015 والتي سميت عاصفة الحزم ولم تؤد الا الى عاصفة من الفوضى والتفتيت والمعاناة للمدنيين وصعود الجماعات المتطرفة.
هذا التصاعد الذي يواجهه الجيش واللجان بموازاة مواجهتهم العدوان يشكل ايقافه مهمة وطنية حيث اصبح من المعروف مشاريع رسم مستقبل للمنطقة قائم على التطرف والتقسيم والفوضى التي تفيد في ادامة السيطرة على المقدرات وإشغال الساحات، وهو امر يشكل خطرا على اليمن حتى بعد ان يتوقف العدوان الاميركي السعودي عليه.
هذ يعيدنا الى ما ذكرته “بي بي سي” في تقرير سابق عن أدلة تفيد بأن قوات من التحالف الذي تقوده السعودية باليمن قاتلت خلال إحدى المعارك الكبرى على نفس الجبهة مع مسلحين موالين لتنظيم القاعدة ضد “انصار الله”. وقالت حينها ان الفريق الذي يعمل على وثائقي ل”بي بي سي” زار الخطوط الأمامية قرب مدينة تعز حيث توجد قوات من الإمارات والسودان ومسلحين تابعين لتنظيم القاعدة يقاتلون “الحوثيين”، لكن في نقاط تماس منفصلة.
ومنذ ما سمي بالحرب على القاعدة في اليمن التي قادتها واشنطن لم يؤد ذلك الى نتائج واضحة في اضعاف الارهابيين بل نتج عنه مقتل مدنيين كثر مما يثير تساؤلات حول ما اذا كان ذلك لخلق نتائج عكسية وزيادة المنضمين الى الجماعات المتطرفة. واليوم قال في هذا الاطار الناطق باسم “التحالف الدولي لرصد جرائم العدوان” عبد الله علاو، إن جردة لعدد الغارات التي نفذتها الطائرات الأميركية في اليمن خلال الأعوام الأربعة الماضية تحت مسمى مكافحة الإرهاب، تكشف أن العدد تجاوز الـ 800 غارة نفذتها طائرات بدون طيار، و90% من هذه الغارات لم تحقق أية أهداف، بل أدت إلى مقتل مواطنين باستهدافها قوافل لسيارات المدنيين ومناطق تجمعات لبدو رحل، وقرى ومساكن.
اذاً فالضربات الاميركية لمن تؤد الى نتائج مهمة بل انها ادت لمقتل مدنيين مما ادى الى نتائج عكسية ، بينما ادت الحرب في اليمن الى بروز داعش في هذا البلد منذ 2015 حيث نذكر هنا بما ذكرته حينها “سي ان ان” بأن “داعش” باشر الانتشار في اليمن وتشكيل حضور ميداني له وتجنيد الأنصار في البلاد ، ومنذ عام تقريبا افاد موقع “فوكاتيف” الأميركي أن تنظيم “داعش” الإرهابي يعتبر “الحوثيين” عدوه رقم واحد في اليمن. واستند تقرير الموقع إلى بيانات نشرها التنظيم بوكالة “أعماق” التابعة له، وبحسب الموقع فإن التنظيم نفذ 25 هجوما إرهابيا في اليمن في أقل من عام، و60% من هذه الهجمات استهدفت الحوثيين (انصار الله).
ولا شك ان بروز داعش الذي أصبح مؤخرا يسارع إلى تبني كل عملية إرهابية ، او زيادة قوة ما يسمى القاعدة في جزيرة العرب، له النتيجة والهدف نفسه فالاول خرج من رحم الثاني ، وقد اتهم السيد عبد الملك الحوثي خلال كلمة متلفزة له منذ اشهر اميركا باعادة القاعدة الى جنوب اليمن بعد أن طردها الجيش واللجان الشعبية، مشيرا الى ان ظاهرة الإرهاب بدأت تتنامى برعاية من اميركا ودعم من أدواتها.
والوطنيون في اليمن يعون مخاطر هذه الجماعات ومحاولة سيطرتها على مناطق يمنية تحت غطاء ودعم من العدوان، وان مشروع العدوان في الجنوب هو تفريغه من أبنائه الذين يقاتلون الاحتلال، وهم كما تصدوا للعدوان الذي يدخل عامه الثاني قريبا ولم يستطع رغم كل التنكيل والتجويع والقدرات العسكرية والاستخبارية ان يُخضع اليمنيين، سيكون وعيهم مضاعفا بوجه جماعات الارهاب المتطرفة التي تشكل عدوانا من نوع آخر بحاجة الى مزيد من الصبر والتكاتف.
المصدر: موقع المنار