كثير منا يلجأ إلى الصيدليات لشراء الفيتامينات، بهدف تعزيز المناعة وتقوية الجسم في حالات الإصابة بالمرض ونزلات البرد، كما يستعمل العديد من الناس الفيتامينات بشكل مستمر، ويعتبرون أن المصنّعة منها هي المكون السحري للتمتع بصحة جيّدة ولإطالة العمر.
فما مدى صحة هذا الاعتقاد؟
أجرى العديد من العلماء في الجامعات الطبية والمختبرات الكبرى أبحاثاً معمّقة، أثبتت في نهاية المطاف أن هذا النوع من الأدوية يهدد صحة الإنسان.
أوصى لينوس بولينج، العالم الأميركي المعروف، وأحد الحائزين جائزة نوبل، في كتابه “فيتامين (سي) ونزلات البرد”، بتناول جرعات من هذا الفيتامين لا تتجاوز 18 غراماً.
ووفقاً لما نُشر من دراسات علمية منذ ذلك الوقت، كان بولينج على حق؛ حيث وجد أن فيتامين (سي) يقلل من أعراض البرد، ويقلّص مدة المرض. وعلى الرغم من أن فيتامين (سي) موجود في المواد الطبيعية، فإن الناس يتناولون جرعات منه للتغلب على نزلات البرد ومحاربة الشيخوخة.
ففي خمسينات القرن الماضي، افترض العلماء أن الجذور الحرة؛ وهي خلايا تتفاعل مع جزيئات الطعام المهضوم، تنتج ثاني أكسيد الكربون والماء والطاقة. وفي أثناء هذا التفاعل تخرج بعض الجزئيات الحرة (الجذور الحرة) وتبدأ في البحث عن مكان في الجسم لتتحد معه، وفي حال عدم حدوث هذا الاتحاد (طبعاً هي عبارة عن إلكترونات مفردة سالبة الشحنات)، فلا بد أن تجد هذه الجذور بديلاً يتمثل في مادة موجبة الشحنات حتى تتحد معها كي لا تقوم بتدمير خلايا الجسم، وبما أن هذه الخلايا موجودة لدى كل إنسان، فإن تناول الفيتامينات المصنعة، سيشكّل خطراً عليها، ما سيتسبب في الإصابة بالشيخوخة المبكرة.
وخلال القرن العشرين، تقدم العلماء بهذه النظرية، وأقروا بأن الجذور الحرة هي العدو الذي يجب أن نحرر منه أجسادنا.
ومن ثم، لإثبات ضرورة التخلي عن استعمال المضادات للأكسدة، والتخلص من تهديد الفيتامينات المصنعة، أجرى الخبراء مجموعة من التجارب المتنوعة على الفئران على مدى عقود توصّلوا من خلالها إلى نتائج مذهلة.
ماذا عن البشر؟ يُمنع إحضار الناس من مختلف مراحلهم العمرية قسراً وإجبارهم على الخضوع للتجارب والبقاء تحت تصرف العلماء فترات طويلة، مما يجعل التجارب صعبة.
إلا أنه وبعد جهود كبيرة تم تنفيذ تجارب علمية على مجموعة من الناس المنتمين إلى العمر نفسه، ومن المحيط نفسه تقريباً. وقد تم تقسيم المجموعة إلى فرعين؛ حيث تتناول المجموعة الأولى الفيتامينات والمكملات الغذائية المضافة، في حين تتناول المجموعة الثانية دواء آخر لم يتم ذكر اسمه. وقد كانت النتائج مشجعة.
أسوأ النتائج، فقد ظهرت ضمن دراسة أجريت سنة 1996؛ إذ إن 17 في المائة من المصابين بسرطان الرئة لقوْا حتفهم بسبب الفيتامينات المصنعة، فضلاً عن ضعف جهاز المناعة.
وفي دراسة أجراها المختصون سنة 2011، شارك فيها نحو 35 ألف شخص، أصبحت مجموعة من الرجال المتمتعين بصحة جيدة، بسبب تناولهم الفيتامين (إي) المصنع وعنصر السيلينيوم؛ عرضة لخطر الإصابة بسرطان البروستات بنسبة 17 في المائة.
على الرغم من أن فيتامين (سي) يعدّ أحد أهم المواد المضادات للأكسدة، فإن له العديد من الجوانب السلبية، وللتثبّت من مدى نجاعتها، ربط العلماء الجذور الحرة بالخلايا القادرة على النمو والانقسام تلقائياً. ففي كل مرحلة من مراحل الحياة، تمثل الجذور الحرة الخلايا الحيوية التي ترسل إشارات حول تعرض الجهاز المناعي لخطر عندما تدخل البكتيريا غير المرغوب فيها أو الفيروسات إلى الجسم.
ولهذا، فإن تناول الفيتامينات المصنعة قد يدمر الخلايا ويقتلها ويجعل الجسد معرضاً أكثر من غيره للأمراض.
ومن ثم، ليس هناك ما يثبت أن الفيتامينات المصنعة ومضادات الأكسدة الأخرى ضرورية حتى يتمكن الإنسان من عيش نمط حياة صحي، ولكن في حال وصف لك الطبيب بعض الفيتامينات وأمرك باتباع نظام غذائي متوازن، فإن ذلك من شأنه أن يؤدّي إلى إطالة عمرك.
وتجدر الإشارة إلى أنه بعد الآلاف من التجارب التي أجريت على متطوعين، والملايين من الدولارات التي أُنفقت على التجارب السريرية؛ فإن أفضل نصيحة يقدمها أطباء وعلماء القرن الحادي والعشرين هي التخلي عن الفيتامينات والمواد المصنعة وتناول المزيد من الخضروات والغلال.
المصدر: هافينغتون بوست