ناقش وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان ومستشار الأمن القومي الأميركي جايك ساليفان الصيغة “شبه النهائيّة” للاتفاقيّات الاستراتيجيّة بين بلديهما، والتي تأمل واشنطن أن تمهّد لاتفاق تطبيع بين المملكة وتل أبيب.
وشكّلت الاتفاقيّات التي “قارب العمل على الانتهاء منها”، مدار بحث بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ومستشار الأمن القومي جايك ساليفان ليل السبت وفق الاعلام الرسمي السعودي.
وهي تعدّ جزءاً رئيسياً من مساعي واشنطن للتوصل إلى تفاهم من شأنه أن يجعل السعوديّة تعترف بالكيان الإسرائيلي، وهي جهود عطلّها العدوان على غزة.
والتقى وليّ العهد، الحاكم الفعلي للبلاد والذي يدير شؤونها العامة واليومية، وساليفان في الظهران بشرق السعودية، حيث بحثا في “الصيغة شبه النهائيّة لمشروعات الاتفاقيّات الاستراتيجيّة بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكيّة، والتي قارب العمل على الانتهاء منها”.
وتأمل واشنطن في أن تمهّد هذه الاتفاقيات ذات الطابع الأمني والدفاعي عموماً، الى التوصّل لاتّفاق يشهد اعتراف السعوديّة للمرّة الأولى بتل أبيب.
وبحث بن سلمان وساليفان في “ما يتمّ العمل عليه بين الجانبين في الشأن الفلسطيني، لإيجاد مسار ذي مصداقيّة نحو حلّ الدولتين بما يلبّي تطلّعات الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة”، إضافة الى “المستجدّات الإقليميّة، بما في ذلك الأوضاع في غزة وضرورة وقف الحرب فيها، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانيّة”.
ومن المقرّر أن يزور ساليفان تل أبيب الأحد لإجراء محادثات حول الحرب في غزّة، حسب ما أعلن البيت الأبيض.
وتسعى إدارة بايدن منذ فترة إلى التوصّل لاتّفاق يضمن اعتراف السعودية بالكيان الإسرائيلي، في مقابل إقامة علاقة أمنيّة أقوى مع واشنطن، الشريك الأهمّ للمملكة في هذا المجال.
ولم تعترف السعودية بالكيان الإسرائيلي، ولم تنضم إلى اتفاقات أبراهام المبرمة عام 2020 بواسطة أميركية، التي طبّعت بموجبها الإمارات والبحرين العلاقات مع تل أبيب، وبعدها حذا المغرب والسودان حذو الدولتين الخليجيتين.
خلال مناظرة انتخابية عام 2019، تعهد بايدن معاملة محمد بن سلمان باعتباره “منبوذًا” على خلفية مخاوف يثيرها سجل السعودية في مجال حقوق الإنسان.
وبعد دخوله البيت الأبيض، زار الرئيس الديموقراطي بايدن مدينة جدّة والتقى ولي العهد في تموز/يوليو 2022، وسعت إدارته جاهدةً للتوصل إلى اتفاق سعودي – إسرائيلي من شأنه أن يبني على اتفاقات أبراهام التي اعتُبرت إنجازًا كبيرًا للسياسة الخارجية الأميركية في عهد سلفه الجمهوري دونالد ترامب.
ولم يخفِ السعوديون رغبتهم في الحصول على أكثر مما حصلت عليه دول عربية أخرى لقاء التطبيع مع الكيان، ويفاوضون لنيل مكاسب مثل ضمانات أمنية أميركية ومساعدة في تطوير برنامج نووي مدني قادر على تخصيب اليورانيوم.
في أيلول/سبتمبر الفائت، قال وليّ العهد السعودي في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز الأميركيّة أنّ المملكة تقترب “كلّ يوم، أكثر فأكثر” من تطبيع العلاقات مع تل أبيب.
وبعد طوفان الأقصى، قال مسؤولون سعوديّون إنّ العلاقات مع إسرائيل مستحيلة من دون خطوات “لا رجعة فيها” نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينيّة، وهو ما يعارضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بقوّة منذ فترة طويلة.
وأفاد المحلل السعودي عزيز الغشيان بأنّ “تسلسل الأحداث وتوقيت هذا التسلسل مثير للاهتمام”. وقال “لدينا اتفاق سعودي أميركي، صفقة، ولدينا الآن ما نريده من إسرائيل بشكل عام ومن ثم سنطرحه على الإسرائيليين وأعتقد أن الولايات المتحدة والسعودية اتفقتا على ذلك”.
وتابع “سنعيد الكُرة إلى ملعب (الإسرائيليين) وإذا وافقوا عليها سيكون هذا رائعاً، وإذا لم يفعلوا ذلك سيكون هذا خطأ (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتانياهو”.
ومن غير الواضح إذا كانت الرياض وواشنطن ستمضيان قدما في اتفاقيّاتهما إذا لم تتوصّل السعودية وإسرائيل لاتّفاق تطبيع، بحسب محللين. لكنّ الأكيد هو أنّ المحادثات حيال ما تريده السعودية من الولايات المتحدة قد تواصلت.
وخلال زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأخيرة للرياض في نيسان/أبريل، قال هو ونظيره السعودي فيصل بن فرحان إنّ الاتفاق النهائي بشأن الشقّ الأميركي السعودي في الصفقة “قريب للغاية”. ومع ذلك، قال سوليفان في مؤتمر لصحيفة “فاينانشيال تايمز” في لندن هذا الشهر إن أي صفقة يجب أن تتضمن عنصر التطبيع.
وقالت آنا جيكوبس، كبيرة محللي شؤون الخليج في مجموعة الأزمات الدولية، إن بيان السعودية الأحد “يبدو أنه يشير ضمناً إلى أن المفاوضات، حتى على الجانب الثنائي من هذه الصفقة، لا تزال مستمرة”.
وأضافت “قد يشير هذا إلى أن السعوديين ما زالوا يحاولون إيجاد طريقة لتأمين صفقة ثنائية أصغر مع الولايات المتحدة من شأنها أن تستبعد التطبيع مع إسرائيل في هذه المرحلة، رغم تصريح ساليفان نفسه إنه لن يكون هناك اتفاق من دون إسرائيل”.
المصدر: أ ف ب