رحّبت دول عدة بتبني مجلس الأمن الدولي البارحة قراراً يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، لكن خبراء عدة شككوا في إمكانية تنفيذه على أرض الواقع أو عدمها.
القرار الذي تمّ تبنّيه بغالبية 14 صوتاً مؤيّداً وامتناع عضو واحد (الولايات المتحدة) عن التصويت، يطالب بـوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان على أنّ يؤدي إلى وقف إطلاق نار دائم، وقد حظي بدعم روسيا والصين والمجموعة العربية التي تضم 22 دولة في الأمم المتحدة.
ومع اقتراب شبح المجاعة في غزة في ظل استمرار آلة القتل الإسرائيلية وحشية لستة أشهر على التوالي، أصبح وقف إطلاق النار من أولويات المجتمع الدولي الذي يرزح تحت ضغط الشعوب المستنكرة لهذا الصمت الغير مبرر.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هذا القرار ملزم؟
يجيب عن ذلك الخبير الدستوريّ الدكتور جهاد اسماعيل في تصريحٍ لموقع المنار. ويشير اسماعيل إلى أن “قرارات مجلس الأمن الدولي ، في مختلف صورها، هي ملزمة، وهذه القوة الإلزامية تجد أساسها في المادة ٢٥ من ميثاق الأمم المتحدة الّتي تُلزم أعضاء الأمم المتحدة، بما فيها إسرائيل، بقبول وتنفيذ قرارات مجلس الأمن، لكن القرار ٢٧٢٨، أيّ قرار وقف اطلاق النار في غزّة، لا يتمتّع بصيغة تنفيذية، لأنه صدر بناءً على الفصل السادس لا السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لكونه لم يرسم جزاءً يترتب عن مخالفة العدو الإسرائيلي للمقتضى الوارد في القرار، واستطراداً لم يوصّف الأعمال العدائية الاسرائيلية على أنّها تشكّل تهديداً للسلم والأمن الدوليين، وهو أمرٌ قد تتخذه “اسرائيل” ذريعة للتنصل أكثر فأكثر من قواعد القانون الدولي، لأن درجة إلزامه لم تأتِ بالقوة أو التهديد بها”.
وعن اهمية القرار أوضح اسماعيل، أنه “وفق الاعتبارات السياسية والعسكرية، نستطيع القول بأن القرار متقدّم ويؤسس إلى مرحلة تمهيدية لإنهاء الأعمال العدائية، لكن، من الناحية القانونية، فهو يعلّق، مؤفتا، الأعمال الّتي تهدّد السلم والأمن، لكون مفاعيل تطبيقه جاءت مؤقتة ومقتصرة على فترة زمنية وجيزة، الأمر الّذي يتنافى مع أحكام ميثاق الأمم المتحدة، حيث تدعو، في كافة مندرجاتها، إلى منع العدوان لا تعليقه مؤقتا، علاوة على أن نطاق الإعتداءت الإسرائيلية قد شمل جنوب لبنان، وأحياناً بقاعه، مما يُفقد القرار أهميته الزمانية والمكانية في آنٍ.”
ورغم أن القرار كان غير متوازن فيما يتعلق بالأسرى، لأنه لم يشر صراحة إلى ضرورة إطلاق سراح آلاف الأسرى والمختطفين الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة، إلا أنه أكد على ضرورة إزالة كل العقبات (الإسرائيلية) لوصول المساعدات الإنسانية لجميع مناطق قطاع غزة التي يعاني سكانها من المجاعة.
وفي هذا السياق، قال أستاذ القانون العام في الجامعة العربية الأميركية أحمد الأشقر، للأناضول، إن قرارات مجلس الأمن بصفة عامة قرارات ملزمة، لكن هذا القرار لا يتمتع بأي صيغة تنفيذية، لأنه صدر بناء على الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، ولم يصدر بناء على الفصل السابع، ولم تتم الإشارة فيه إلى مسألة تهديد الأمن والسلم الدوليين.
وهذا ما يوضحه منشور على منصة “أكس” للأمين العام الأممي، أنطونيو غوتيرس، والذي كتب فيه أنه “ينبغي تنفيذ هذا القرار.. إن الفشل سيكون أمراً لا يغتفر”، ما يلمح الى أن ثمة شكوكاً حقيقية في إمكانية إلزام الكيان الإسرائيلي بتنفيذه.
This resolution must be implemented. Failure would be unforgivable.
— António Guterres (@antonioguterres) March 25, 2024
لم يتمكّن مجلس الأمن الدولي، الذي يشهد انقساماً منذ سنوات بشأن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، من تبنّي إلّا قرارين من أصل تسعة قرارات تمّ طرحها منذ السابع من أكتوبر، وهما قراران إنسانيان في الأساس.
ويقول خبراء عدة أن قرارات مجلس الأمن التي من المفروض أن تكون ملزمة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لا تحظى دائما بنفس القدر من الرغبة في التطبيق. فبناءً على تجارب سابقة مع قرارات مجلس الأمن الموجهة إلى الكيان الإسرائيلي، هناك أكثر من 70 قرار يتعلق بالضفة الغربية والجدار العازل لم يطبقها الكيان، ناهيك عن تلك الخاصة بلبنان.
المصدر: موقع المنار