أن تكون مستيقظاً لا يعني أن دماغك مستيقظ بالكامل! فوفقاً لبحث جديد، هناك مجموعات صغيرة من الخلايا العصبية تتأرجح باستمرار بين حالتي اليقظة واللايقظة، كما لو أنها تنام ثم تستيقظ ثم تنام ثم تستيقظ مرة أخرى بشكل دائمإذ وجد علماء الأعصاب بجامعة ستانفورد أن نفس دورات نشاط الدماغ المتذبذبة التي تحدث في أثناء نومنا؛ تحدث أيضاً في أثناء يقظتنا، وإن كان على نطاق أقل.
وفي حين يتأرجح نشاط الدماغ بأكمله صعوداً وهبوطاً في موجات في أثناء النوم، يبدو أن مناطق صغيرة من الدماغ “تغفو”، و”تستيقظ” أيضاً بشكل منفصل بينما نحن متيقظون.
فيما يسهل الكشف عن هذه الدورات في أثناء النوم بسبب حدوثها للدماغ بأسره، لكن يغدو الأمر أصعب في حالة اليقظة، لاستغراقها ثانية أو أجزاء من الثانية فقط، وكذلك لحدوثها في مناطق صغيرة ومتمركزة عبر الدماغ.
وقد أظهرت نتائج الدراسة، التي نُشرت في مجلة ساينس في يوم 1 ديسمبر/كانون الأول، أن الخلايا العصبية تقضي مزيداً من الوقت في حالتها النشطة أو اليقِظة عندما نقوم بالانتباه والتركيز على شيء ما، واستخدم الباحثون تقنية تعتمد على استخدام أجهزة استشعار تشبه الدبوس لتحفيز الدماغ وتسجيل النشاط في عمود معين من الخلايا العصبية لاكتشاف ذلك.
وفي هذا الصدد، قال كوابينا بوين، وهو مهندس بيولوجي بالجامعة وكبير باحثي الدراسة، في بيان له: “في أثناء حالة الاتصال أو اليقظة تبدأ الخلايا العصبية في التحفُّز والاستثارة بشكل سريع للغاية، ثم فجأة يبدأ المعدل بالانخفاض، ويحدث هذا التبادل طوال الوقت، كما لو أن الخلايا العصبية تقلّب عملة ما لتقرر ما إذا كانت ستأخذ وضع الاتصال أو عدم الاتصال”.
وليس بجديد على العلماء معرفة أن الخلايا العصبية الفردية تميل إلى المبادلة بين الحالات الأعلى والأقل نشاطاً؛ لكنها المرة الأولى التي يُلاحَظ فيها ذلك بين مجموعات من الخلايا العصبية، على غرار ما يحدث في أثناء النوم.
وتعلق تاتيانا إنجل، وهي زميل ما بعد الدكتوراه في الجامعة وأحد معدّي الدراسة، قائلةً: “الاهتمام واليقظة أمران مترابطان بإحكام، فيبدو أن العقل يصبح أكثر يقظة قليلاً خلال وقت الاهتمام والانتباه”.
ومع ذلك، ليس من الواضح تماماً بعد لماذا تتوقف الخلايا العصبية بينما نحن مستيقظون، ربما تكون هذه الدورات طريقة الدماغ للحفاظ على طاقته، وربما تكون حالات النشاط المنخفض هذه أيضاً وسيلة لإعطاء الخلايا العصبية فرصة لطرد النفايات الناشئة كناتج ثانوي عن النشاط العصبي (وهي وظيفة هامة يقوم بها الدماغ أيضاً في أثناء النوم).
إذاً، نحتاج إلى مزيد من البحث لترجيح أي من هذه الاحتمالات، ويمكن أن يؤدي إيجاد طريقة تُمكّن من الحفاظ على الخلايا العصبية في الوضع النشط لفترة أطول؛ إلى تطوير تقنيات جديدة للتعزيز الإدراكي والأدائي.
المصدر: هافينغتون بوست