يقال ان الحرب خدعة ولكي ترتفع حظوظك في تحقيق اهدافك يجب ان تملك عنصر المفاجأة ، شرطان اساسيان من قواعد الحرب استطاعت حماس أن تحافظ عليهما فتمكنت من مفاجأة العدو كما لم يتوقع ، مفاجأة مكنته من الوصول الى عمق 8 كيلومترات داخل مستوطنات غلاف غزة خلال ساعات و دون ان يدرك العدو ما الذي يصيبه ، مفاجأة استطاعت أن تسقط فرقة غزة معنويا وعسكريا ، فتبخرت الفرقة بين قتيل واسير حيث تظهر المشاهد حالة الرعب التي كان يعيشها الجنود الصهاينة .
تخدير مخابرات العدو
قال قائد فرقة غزة في الجيش الصهيوني وهي الفرقة المسؤولة عن مراقبة حدود غزة في أول تصريح منذ بدء عملية طوفان الاقصى : “فوجئنا بالهجوم يوم السبت ولم نكن نعرف عنه شيئاً ”
قبل عملية طوفان الاقصى اوهمت حماس الجميع بأنها تريد الهدوء مقابل المنافع الاقتصادية في غزة بينما كانت تتدرب ليوم العملية ، فعلى مدى عامين، نفذت حركة حماس وجناحها العسكري حملة خداع إستراتيجي دقيقة، الأمر الذي مكّن قوة تستخدم الجرافات والطائرات الشراعية والدراجات النارية من التغلب على جيش يُوصف بأنه “الجيش الذي لا يُقهر” و يعترف مصدر أمني صهيوني بأن حماس خدعت الأجهزة الأمنية الصهيونية، وقال “لقد جعلونا نعتقد أنهم يريدون المال، وطوال الوقت كانوا يشاركون في التدريبات”.
وكجزء من حيلتها خلال العامين الماضيين، امتنعت حماس عن القيام بعمليات عسكرية ضد الكيان الصهيوني، حتى تلك المواجهات التي وقعت بين الاحتلال وحركة الجهاد الإسلامي وابرزها ثلاث معارك رئيسية ( سيف القدس ومعركة وحدة الساحات وآخر المعارك كانت معركة ثأر الاحرار ) خلال تلك الفترة، وهو أمر عرّض حماس لانتقادات عديدة في حينها .
كما انها استطاعت خداع العدو عبر المطالبات الدائمة والوساطات بزيادة عدد عمال غزة الذين يعملون في الداخل تحت شعار زيادة المداخيل الى قطاع غزة .
ومن الحيل التي اعتمدتها حماس ايضا وعلى لسان الكاتب يوسي يهوشوع ، الأزمة على السياج الحدودي، التي خدّرت الجيش وخلقت صورة استخباراتية كاذبة.
لكن الأهم من ذلك ما كشفته صحيفة هآرتس من أن كبار ضباط جيش الاحتلال الصهيوني ومسؤولين في المؤسسة الأمنية أصدروا تقييما الأسبوع الماضي يتحدث عن أن حركة حماس ترغب في تجنب حرب شاملة مع إسرائيل، في أعقاب التصعيد العنيف الأخير بالقرب من حدود غزة في الأسابيع الأخيرة
هجوم متناسق من الجو والبر والبحر
التكنولوجيا ، هي أحد الاسباب الرئيسية التي أدت الى انهيار الخط الدفاعي الاول لفرقة غزة ،وقع الجيش الإسرائيلي في حب التكنولوجية وظن أن الجدار وأجهزة الإستشعار ستمنع أي مقاتل من العبور كونها الأكثر تطور في العالم لكن تم تحييد هذه الوسائل خلال الدقائق الأولى من الهجوم ، واستطاعت حماس أن تقضي على منظومة القيادة والسيطرة خلال الهجوم الاول والتي بقيت خارج الخدمة لمدة 24 ساعة ، ما جعل يوسي يهوشه احد المحللين الصهاينة يقول : لقد نمنا أثناء الحراسة، وباغتونا وسروالنا في الأسفل”
وبعد تعطيل التكنولوجيا بدأت المقاومة الفلسطينية آلاف الصواريخ من غزة وذلك لالهاء القبة الحديدة ولفتح ثغرة لتوغلات قام بها مقاتلون طاروا بطائرات شراعية عبر الحدود.
وعند وصول المقاتلين على الطائرات الشراعية إلى الجانب الآخر، قاموا بتأمين الأرض حتى تتمكن وحدة كوماندوز من النخبة من اقتحام الجدار الإلكتروني والإسمنتي المحصن الذي يفصل غزة عن المستوطنات ، استخدم المقاتلون المتفجرات لاختراق الحواجز ثم عبروها مسرعين على دراجات نارية، فيما وسعت الجرافات الفجوات ودخل المزيد من المقاتلين بسيارات رباعية الدفع حيث هاجمت وحدة كوماندوز مقر قيادة الجيش الصهيوني في جنوب غزة وشوشت على اتصالاته ومنعت الأفراد من الاتصال بالقادة أو ببعضهم البعض
بالتزامن مع الاختراق جوي والبري قام الكوماندوز البحري في كتائب القسام بالعبور عبر البحر من شاطئ قطاع غزة إلى مواقع الاحتلال العسكرية، بينها قاعدة “زيكيم” العسكرية. ونجحت في السيطرة عليها ، وكان للكوماندوز البحري التابع للقسام، دور في إنزال مقاتلين في المستوطنات والمدن المحتلة، في موقع العمليات، بهدف دعم القوات على الأرض.
وهنا يقول المتحدث باسم “قوات الدفاع الصهيونية ” الرائد نير دينار “هذا هو 11 سبتمبر/أيلول.. لقد تمكنوا منا.. لقد فاجؤونا وجاؤوا بسرعة من عدة مواقع، سواء من الجو أو الأرض أو البحر”.
معالم الفشل الصهيوني
كثيرة هي معالم الفشل الصهيوني خلال عملية طوفان الاقصى وكثيرة هي المعلومات التي بدأت تخرج من داخل اروقة الجيش الصهيوني والحكومة الصهيونية من انباء عن تساهل وصولا الى الخيانة ولكن سنتناول 3 أسباب تتعلق بالفشل العملياتي المباشر لجهاز الاستخبارت والجيش .
يُسجَّل الفشل الأكبر، في “طوفان الأقصى”، للاستخبارات العسكرية (أمان) والمخابرات العامة (الشاباك). وما ساهم في تعزيز دلالات هذا الفشل ومؤشّراته، أنّه أتى من قبل مقاومة في قطاع محاصر ضدّ كيان يتبجّح بقوّة أجهزته الأمنية التي تراقبه على مدار الساعة وتجمع عنه المعلومات بمختلف الوسائل البشرية والإلكترونية.
تمثَّل الفشل الثاني الكبير في عدم قدرة الجدار الأمني الذي بناه الكيان الصهيوني حول غزة، وراهنت على قدرته في منع المقاتلين الفلسطينيّين من اختراقه. إلا أنّ خطّة كتائب القسام نجحت في تعطيل أجهزة الرقابة والاتصال ومن ثم اختراق الجدار، ومن ثم توسيع دائرة سيطرتها في محيط غزة والسيطرة على قيادة فرقة غزة، إضافة إلى النقاط العسكرية العديدة وأبراج المراقبة الممتدّة على طول حدود القطاع.
تمثَّل الفشل الثالث، في عدم جهوزية الجيش العملياتية لمواجهة مثل هذا السيناريو. على الرغم من تبجُّحه المستمر بجاهزيته الدائمة لمواجهة كلّ حالات الطوارئ والاحتمالات، وبقدرته على حشد ما يكفي من قوّة لمواجهة أيّ هجوم خلال ساعات من وقوعه.
مع ذلك، فإنّ الجيش لم يفشل فقط في حماية نقاطه العسكرية، بل فشل أيضاً في حماية أكثر من 20 مستوطنة واقعة في غلاف القطاع داخل ما يسمى “الخط الأخضر”؛ والتي تمكّنت المقاومة من اقتحامها وفرض سيطرتها عليها، موقعةً خسائر بقوّات الجيش الصهيوني وأجهزة الأمن المختلفة. وفشل أيضاً في التدخل سريعاً لاستعادة السيطرة عليها
المصدر: موقع المنار