وجّه وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى في عدد اليوم من جريدة النهار بمعرض ردّه على مقال ورد فبها بالأمس انتقد قراره بشأن فيلم “باربي”، رسالةً الى كل راغب بعرض هذا الفيلم وكلّ منتقدٍ غير موضوعي لقراره، وقال انه في العادة لا يردّ على ” كل سفيهٍ يُلقي الكلام على عواهنه دون أن يتبيّن شيئاً على حقيقته كحاطبِ ليلٍ يخلطُ بين الدرّة والبعرة”، وتابع ليردّ ولكن دون ان يعير الكاتب اي ذكر وفنّد الاسباب التي حملته على اتخاذ قراره ليقول في الختام بتهكّم لكل راغبٍ بعرض الفيلم: إفعل هذا وسوف اسعى لمساعدتك على حضور جميع الأفلام التي تريد.
وفي ما يلي النصّ الحرفي لما كتبه المرتضى: ” “التاريخ يحاسب أحيانًا على الصمت”. فلعلَّ هذه هي الجملة الوحيدة المفيدة في كل ما تضمّنه مقال الكاتب الذي لا أعرفه، والذي تبيّن لي بعد سؤال “غوغل” عنه أنه يعتبر نفسه “ناقداً سينمائياً”. وعملًا بهذه الجملة-“التاريخ يحاسب أحيانًا على الصمت”-، أتخلّى عن عادة الصمت التي انتهجتها تجاه كلّ انتقادٍ بعيدٍ عن الموضوعية، وتجاه كل سفيهٍ يلقي الكلام على عواهنه دون أن يتبيّن شيئاً على حقيقته كحاطبِ ليلٍ يخلطُ بين الدرّة والبعرة، وأردُّ على المقال الذي اختلط فيه كلّ شيءٍ بكلِّ شيء، حتى أصبح ككشكول الجوالين فيه من كل موضوعٍ وموضع، فلم يترك حابلًا ولا نابلًا إلاَّ وكان له من هجومه شرٌّ مستطير”.
واضاف:” ما لنا ولهذا، فأنا لن أعلّق على سيلِ الهجاء الذي فاض به المقال، مما يخرج أصلًا عن سمْت الصحافة اللبنانية الأصيلة، وعن نهج “النهار” بالتحديد، “فكلُّ قلمٍ نضّاحٍ بحبره”. لكنني أودّ بإيجاز أن ألفت عناية الكاتب إلى تعسُّفِه الشديد جدًّا، حين جزم بأنني لم أشاهد الفيلم ولم أطّلع على مضمونه، فهذا غير صحيح، والقرار الصادر بشأنه يُثبت نصُّه عكس ذلك. لكنني أعذره على قوله، فلعلّه لم يفقه مضمون القرار ومنطوقه، أو لم يقرأه برويةٍ وإنعام نظر، بل أخذه الانفعال غير المبرّر إلى اعتماد موقفٍ استهلاكي مكرَّرٍ كثيرًا، لا ينبغي لأيّ مسؤولٍ في موقع وزيرٍ قاضٍ أن يقف عنده أو يهتمَّ به،” وتابع المرتضى:” مسألة الثقافة هي مسؤولية عظمى تقوم على الإيمان بالإبداع المتجدّد بلا انقطاع، والناتج عن ممارسة الحريّة ووعي القوانين والضوابط في آنٍ معًا. علمًا أنّني في مسيرتي كلّها، لم أسمح لنفسي بأن أدعو أحدًا إلى اعتناق معتقدٍ أو قيمٍ مهما كان نوعها، وهذا طبعًا ما لم أسعَ إليه في القرار المتعلّق بفيلم باربي، بل كلُّ ما فعلته وأفعله هو تطبيق الدستور والقانون اللذين يبدو أنَّ كاتب المقال لا يقيم لهما وزنًا، ويُعدُّهما قيدًا على حريّته التي يريدها بلا ضوابط، ويجهل في الوقت عينه أنَّ وزير الثقافة ليس من وضعهما، فيُنحي عليه باللائمة وبالمواعظ الحضارية. ”
واردف:” ولإنعاش الذاكرة، ألفت عناية القارىء الكريم إلى أن المادتين التاسعة والعاشرة من الدستور اللبناني تنصّان بوضوح على واجب الدولة في احترام التعاليم الدينية والقيم الأخلاقية المنبثقة عنها، وعلى منع أيّ تعليمٍ يناقضها. وفي الوقت نفسه من المعلوم أن المسيحية والإسلام، بمختلف مذاهبهما، ينبذان الشذوذ الجنسي ويعتبرانه مخالفاً ل”نظام الخالق”–وهذا التعبير الأخير هو لغبطة الكاردينال بشارة الراعي الذي تمنّى أن يَرِدَ صراحةً في “بيان الديمان” الصادر في تاريخ 8/8/2023-، كما يرفضان التحلّل الأُسري ويعتبرانه آفةً، ويدعو الدينان كلاهما إلى مواجهة هذه الظواهر لمنع تأثيراتها السلبية على المجتمع”.
وختم:” من هنا ليس أمام من يريد ان يفرض على أبناء المجتمع كافةً توجهاته “الحرّة” التي يريدها ويُبشّر بها، إلاّ أن يُغيّر التعاليم الدينية بخصوص ما يدعو إليه، وأن يُغيّر الدستور اللبناني ويجعله في حِلٍّ من إحترام هذه التعاليم. فإذا نجح في ذلك-وأعده بأنّه لن ينجح- فسوف أسعى لمساعدته على حضور جميع الأفلام التي يريد، ثبّتنا الله وهدانا، وألهمنا جميعا سواء السبيل، إنّه على كلّ شيءٍ قدير”.
المصدر: النهار