العملية في مستوطنة “عيلي” هي الأصعب في أراضي الضفة الغربية منذ بداية العام الحالي، ففي هجوم القدس قُتل سبعة أشخاص، بينما وصل عدد القتلى في الهجمات منذ كانون الثاني 2023م إلى 28 قتيل مقارنةً بـ 20 قتيل في ذات الفترة من العام الماضي وأيضاً عدد الإنذارات مرتفع مقارنة بالعام الماضي.
تقرير حول الهجوم في مستوطنة عيلي
عملية الضفة كانت الصفعة الثانية خلال 24 ساعة للكيان الصهيوني، فعملية جنين وتفجير العبوات بالاليات العسكرية الصهيونية كانت خارج توقعات الاستخبارات الصهيونية حيث نجحت المقاومة الفلسطينية في استدراج القوات الصهيونية والمستعربين الى كمين محكم ومحاصرتها لاكثر من 10 ساعات لتبدأ بذلك مرحلة جديدة من المواجهة في الضفة الغربية في ظل تطور سريع للمقاومة ونمط عملياتها
ماذا يحدث في الضفة
مضى وقت طويل على تقديرات الجيش الصهيوني التي قدمها للمستوى السياسي، وبحسب هذه التقديرات هنالك ساحتين متفجرتين هذا العام على وجه التحديد، وهما الشمال بسبب إيران وحزب الله والضفة الغربية بسبب المقاومة الفلسطينية.
ويعتبر كيان العدو ما يحصل بالضفة الغربية الآن مُختلفاً عن كل السنوات السابقة، فهو يحمل طابعاً منظماً مدروساً، دخلت فيه جهات خارجية، تشارك بما يحدث في الضفة الغربية، حيث يرسم العدو مسارًا يضخم فيه ما يحدث في جنين، ويعتبرها بأنها نموذج عن غزة أو جنوب لبنان، ويتهم إيران وحزب الله بأنه حاضر في صورة الأحداث الجارية هناك إضافة لحماس .
ويعتبر معلقون صهاينة ان اكثر ما يلفت في العمليات الاخيرة في جنين والضفة انه من الواضح أن المقاومين في المنطقة يتحركون بثقة عالية بالنفس وجرأةٍ واضحة هكذا كان الأمر أول أمس في العملية ضد الجيش الصهيوني في جنين وكذلك في الهجوم على مستوطنة (عيلي) الذي هو نتاجٌ لعمليةٍ مخططٍ لها (مدبرة) وليس مجرد خلية فردية أو عمل تنظيمي على غرار عرين الأسود وهو يدل على أن الامر لن يتوقف هنا وان احتمال حدوث هكذا عمليات وفي وقت قريب هو امر وارد حتما .
انقسام حول عملية سور واق-2
دفعت عملية جنين مجدداً إلى واجهة النقاش الصهيوني مسألة وجوب القيام بعملية (اعتداء) عسكرية واسعة في الضفة الغربية من عدمها. وعلى الرّغم من أنّ الحديث عن مثل هكذا عملية هو في الواقع سابقٌ لحادثة تفجير العبوة في جنين، وللعملية البطولية في مستوطنة عيلي، إلا أنّ هذه العمليات بما حملته من نتائج مادية ودلالاتٍ معنوية، أعطت زخماً قوّياً لهذا النقاش، ولمؤيّدي عملية “سورٍ واقٍ _2”.
وفي هذا السياق ذكرت تقارير إعلامية متواترة أنّ ثمّة تباين في الرأي بشأن العملية من عدمها، بين المستويّين السياسي والأمني- العسكري من جهة، وداخل كلّ مستوى من جهة ثانية.
الكاتب والخبير في الشؤون الصهيونية حسن لافي هناك خلاف بين الجيش والشاباك
ومع غياب موقف رسمي واضح صادر عن الحكومة أو رئيسها، أشارت العديد من التقارير الإعلامية إلى ضغوط تمارَس من جانب وزراء وشخصيّات في الحكومة، لاسيّما من “الجانب الصقوري” الأكثر يمينية، باتجاه شنّ عملية “سور واق 2”. وأشارت هذه التقارير إلى أنّ الضغوط ازدادت في الأسابيع الأخيرة، على خلفية ارتفاع عدد عمليات إطلاق النار التي وقعت في الضفة، والحملة التي تقودها قيادات المستوطنين، بمطلب السيطرة من جديد على منطقة جنين.
أمّا من ناحية رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الذي لم يَصدر عنه أو عن وزير الحرب موقفٌ واضحٌ وحاسمٌ تجاه هذه المسألة، فإنّ نتنياهو امتنع- حتى اليوم- عن تنفيذ عملية كهذه خشية تصعيد وانفلات الأمور، وهو متنبّه- بحسب مُعلّقين- لمزاعم اليمين المتطرّف والمستوطنين. مع ذلك يرى مُعلّقون أنّ هناك إغراءً مختلفاً، قد يدفع باتجاه عملية واسعة، يكمُن في تغيير جدول الأعمال العام والإعلامي عن تشريع الانقلاب القضائي، الذي مُني بالفشل حتى اليوم.
من جهة ثانية، فإنّه رغم الكلام التهديدي من جانب وزراء في الحكومة، فإنّ رئيس الحكومة ووزير الحرب يدركان جيداً أنّ الكيان المؤقت لديه الكثير ممّا يخسره أيضاً من تصعيدٍ إضافي في الضفة الغربية، ولذا فإنّ القرار- بالتركيز على مهامٍ عملانية هدفها ضرب القدرات الهندسية (العبوات) التي تتطوّر في جنين- يمكنُ أن يكون أولوية على جدول الأعمال في المرحلة المقبلة.
الكاتب والخبير في الشؤون الصهيونية حسن لافي لا هجوم واسع في الضفة
وفي حين أشار أغلب المُعلّقين إلى أنّ الجيش لا يزال “يتحفّظ” على عملية واسعة، أو بالحد الأدنى “غير متحمّس لها”، ذكر بعض المُعلّقين أنّ الشاباك بدأ بـ “تغيير رأيه بالتدريج”، لجهة دعم هكذا عملية، وذلك لمبررَين: تحسّن ملحوظ في مستوى العبوات التي يتمّ تجهيزها في مخيم جنين ومحيطه، والخشية من تمدّد الفوضى السائدة في شمال الضفة إلى مناطق أخرى تخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية.
وتتمثّل اعتبارات الأجنحة المعارضة للعملية في المؤسّسة الأمنية والعسكرية في أنّ تنفيذ عمليةٍ كهذه قد تحرف المؤسّسة الأمنية والعسكرية عن الاهتمام بإيران وحزب الله، وتعقّد على الكيان وضعه في الملعب الدبلوماسي في قبال الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي ودول عربية.
الكاتب والخبير في الشؤون الصهيونية حسن لافي معادلة وحدة الساحات لا زالت على الطاولة
وفي ضوء الاتجاه العام التصعيدي الذي تسلكه الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية، يرى الكثير من المُعلّقين أنّه بات من الضروري والحتمي القيام بعملية سور واقٍ_2، بُغية “تنظيف” المنطقة من المطلوبين والوسائل القتالية. ويَكشِف مُعلّقون أنّ “خيار عملية كهذه موجود على الطاولة منذ أكثر من سنة، لكن يبدو أنّه نضج الآن لإخراجه إلى حيّز التنفيذ”.
في الخلاصة فان المقاومة في الضفة وجنين تتطور بسرعة، ويدرك الكيان الصهيوني ان أي عملية واسعة ستكون باهظة الثمن وقد تكون نقطة تحول على مستوى انتفاضة جديدة في كامل الضفة الغربية بالاضافة لنقطة أساسية يضعها قادة الكيان على طاولتهم دوما، معادلة وحدة الساحات لا زالت قائمة ولا يمكن المناورة دائما على حافة الهاوية.
المصدر: موقع المنار