يحتدم الصراع في كيان العدو الصهيوني على تحقيق الأغلبية في لجنة تعيين القضاة لما لهذه الأغلبية من أثر على توجّهات الجهاز القضائي، الذي يُعدّ من أبرز العناوين الخلافية في خطة الإصلاحات القضائية، التي اقترحها ائتلاف نتنياهو الحكومي.
وتمثَّل انجاز المعارضة في انتخابات ممثّل لها في لجنة تعيين القضاة، بعد أن كانت خطة نتنياهو تقضي بإسقاط مرشحَيْ المعارضة والائتلاف معاً، اللذين من المفترض أن يُمثّلا الكنيست في اللجنة، ومن ثم تأجيل انتخاب ممثلَي الكنيست إلى وقت لاحق، ريثما يتمكّن من ترتيب أوضاعه الداخلية في الائتلاف.
أظهرت نتائج فرز الأصوات أنّ ثمّة تمرّدا حصل في صفوف الائتلاف الحكومي، أدّى إلى تمكين ممثلة المعارضة “كارين الهرار” (وزيرة الطاقة السابقة) عن حزب “يوجد مستقبل” بقيادة يائير لابيد، من الفوز بعضوية اللجنة (انتخبت بفارق بسيط 58 صوتاً مقابل 56 يصوتاً معارضاً)، وفي الوقت عينه جرى إسقاط المرشّحة “تالي غوتليف” من حزب الليكود، التي ترشّحت خلافا لرغبة نتنياهو.
وأظهرت الأرقام أنّ 4 أعضاء كنيست – على الأقل – من الائتلاف الحكومي صوّتوا لمصلحة ممثلة المعارضة (الهرار)، كانتقام من نتنياهو، بحسب ما أشار إليه مُعلّقون، ولم تُعرف هويّة هؤلاء المتمرّدين لأنّ التصويت يجري سرّياً خلف الستار.
جدير بالذكر أنّ لجنة تعيين القضاة تتألّف قانوناً من 9 أعضاء على النحو التالي: 3 قضاة بينهم رئيس “المحكمة العُليا”، ممثلَين عن الكنيست (جرت العادة أن يكون أحدهما من المعارضة)، ووزيرين أحدهما وزير القضاء (رئيس اللجنة)، إضافة إلى ممثلَين عن نقابة المحامين، التي يدور حولها أيضاً صراع بين الائتلاف والمعارضة.
نتنياهو في مأزق
تكمن معضلة نتنياهو في مجال لجنة تعيين القضاة في وقوعه بين مطرقة شركائه في الائتلاف الذين يضغطون للسيطرة المُطلقة على اللّجنة، وسندان الاحتجاج الشعبي الداخلي، والضغط الخارجي من إدارة الرئيس الامريكي جو بايدن، التي تدفع باتجاه تليين الخطة القضائية.
وفي محاولة منه للإمساك بالعصى من وسطها، لجأ نتنياهو إلى مناورة “تأجيل الحسم”، عبر إسقاط كِلا المرشّحَين لعضوية اللّجنة (عن الائتلاف والمعارضة)، ومن ثم إعادة التصويت بعد 30 يوماً، وهذه المناورة كانت – برأي مُعلّقين – خطأً فادحاً، لأنّها منحت انتصاراً للمعارضة، وأظهرت ضعف نتنياهو داخل بيته الائتلافي.
وفي محاولة من نتنياهو لعدم إثارة وتقوية الاحتجاج الشعبي الذي خفّت وتيرته في الآونة الأخيرة، فضّل التمسّك باتفاقه غير الرسمي مع قادة المعارضة (يائير لابيد وبني غانتس) وعدم كسر عُرف انتخاب أعضاء الكنيست من الائتلاف والمعارضة.
وفي حين أدّى عدم انتخاب عضو كنيست ثان لعضوية اللجنة إلى تأجيل تشكّلها، أعلن قادة المعارضة (لابيد وغانتس) في مؤتمر صحفي مشترك تجميد المحادثات مع الائتلاف الحكومي حول الخطة القضائية التي تجري برعاية رئيس الكيان الصهيوني إسحاق هرتسوغ.
وعلى الرغم من فوز ممثلة المعارضة فإنّ اليمين سيحاول السيطرة على اللجنة من خلال السيطرة على نقابة المحامين التي تتمثّل بعضوين في لجنة تعيين القضاة. وإذا لم ينجح اليمين في ذلك، فثمّة إمكانية لأن يمنع وزير القضاء وعرّاب الخطة القضائية ياريف ليفين انعقاد اللّجنة، إذ أنّه يعترض على نفس شرعيتها.
الائتلاف خارج سيطرة نتنياهو
وأظهرت نتائج فرز الأصوات أنّ فوز مرشّحة المعارضة إنّما حصل بفضل عدد من أصوات أعضاء الكنيست من الائتلاف الحكومي، وذلك خلافاً لخطة نتنياهو القاضية بإسقاط المرشحَين.
وفضلاً عن “تمرّد التصويت”، فإنّ المرشّحة من حزب الليكود، تالي غوتليف، رفضت طلب نتنياهو سحب ترشيحها، ما اضطره إلى طلب التصويت ضدّها وضدّ “الهرر” معاً. وقد فُسِّرت مناورة نتنياهو برغبة تجنّب خرق الاتفاق الائتلافي مع بن غفير- لأنّ عضواً من حزبه يفترض أن يحصل على ممثلية الائتلاف في اللجنة.
هذه التطوّرات فتحت الباب للحديث عن فقدان السيطرة من جانب نتنياهو على الائتلاف، ورأى مُعلّقون أنّه “من الواضح أنّه لولا ضعف وجُبن نتنياهو، لكانوا امتنعوا عن التمرّد”.
وأشار مُعلّقون أنّه في الوقت الذي “لم تنتعش فيه إسرائيل من ضعف نتنياهو أمام شركائه خلال سرقة الميزانية العامة، لدينا نتنياهو ضعيف أمام عضو(ة) كنيست من حزبه تالي غوتليف”. وكتب مُعلّقون أنّ “رئيس الحكومة المتّهم بجنايات هو شخص ضعيف، جبان، ومشلول. لم يعد قادراً على فرض إرادته حتى في ساحة بيته، فما بالكم بإدارة دولة”.
المصدر: موقع المنار