لطالما بذل الكيان المؤقت ومنذ تأسيسه جهودا كبيرة ومنظمة في محاولة تفريغ فلسطين من بعدها التاريخي والحضاري والديني والاجتماعي، ذلك لعدم اقتصار الهدف الصهيوني على تفريغ فلسطين من أهلها لتغيير مستقبلها، بل يصل الهدف الى حدود محاولة تزوير التاريخ ليتمكن من تعزيز أحقيته المكذوبة في أرض فلسطين وأماكنها المقدسة.
تلك الجهود لا تقتصر أهدافها على تمرير سياسة العدو الاحتلالية والقمعية بحق الفلسطينيين أو لتبرير المشاريع الاستيطانية المخالفة للاتفاقيات الدولية، بل يسعى الكيان الصهيوني من وراء نشر وترويج تلك الروايات إلى إقناع الرأي العام العالمي بأن “اليهود أساس الحضارة في أرض فلسطين وأحق الناس بها”، بالتالي الحصول على وتأييدهم للمشروع الصهيوني.
الدعاية الصهيونية
تعتبر الدعاية الصهيونية من أنجح الدعايات الإعلامية التي تقوم بأكبر عملية غسل أدمغة على المستوى العالمي، ذلك لما يملكه الصهاينة في العالم من امكانيات إقتصادية ومالية، إضافة إلى معرفتهم كيفية مخاطبة العقل الغربي، حيث سهلت عليهم جذورهم الغربية أن يحققوا اكبر عملية اقناع وتزوير لصالح “قضيتهم” التي عملوا من أجلها عند الغرب، ألا وهي تهويد فلسطين وتغيير معالمها ومن أهم ما نتجته الدعاية الصهيونية لتحقيق اهدافها هو “الهاسبارا”.
الباحث في الشؤون الصهيونية أيمن الرفاتي ” كيف نواجه الدعاية الصهيونية
الهاسبارا
تشكّل حملات “الهاسبارا” الإلكترونية (تأسّست في العقد الماضي) نموذجًا فعّالاً يستخدمه العدو الصهيوني كأسلوب سياسي ودبلوماسي وإعلامي لتلميع صورته وتبرير ممارساته العدوانية وانتهاكاته لحقوق الناس وللقوانين الدولية. و”الهاسبارا ” تعبير يستخدم للدلالة على البروباغندا الصهيونية والتي تستهدف جمهور ما وراء البحار، بهدف “إفهام العالم بأنّ لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها”. والهاسبارا هو مصطلح عبري يعني “شرح وتفصيل وتبسيط”.
الباحث في الشؤون الصهيونية أيمن الرفاتي
تدير “هاسبارا” مجموعة من ضبّاط الاستخبارات والأمن السيبراني، بتوجيه وتمويل من حكومة العدو وبعض الشركات الخاصّة، وينشط من خلالها العديد من الصحافيين والمدونين والاعلاميين الذين يعملون ليل نهارعلى نشر الدعاية الكاذبة وتحريف الحقائق والتلاعب بالمعلومات والأخبار، مستخدمين تقنيات متطورة وأساليب مبتكرة.
أهداف الهاسبارا
بالإضافة إلى كتيّب “Hasbara Handbook” وهو كتيّب تدريبي يشرح تفصيليًا استراتيجيات الدفاع عن الكيان الصهيوني في العالم الافتراضي وأسس المجادلة والدخول في النقاشات، فهناك العديد من الاهداف للهاسبارا وأهمها:
الباحث في الشؤون الصهيونية أيمن الرفاتي “ما هي أهداف الهاسبارا “
• تبرير الهمجية والوحشيّة تحت عنوان “محاربة التطرّف والإرهاب”.
• اختلاق الوقائع وقلب سياقها في إطار تزييف الأحداث وتشويه الحقيقة والتلاعب بالوعي وحرف الأنظار عن المجرم الحقيقي.
• تحوير أي نشاط معارض للكيان المؤقت وتحويله إلى نشاط “معاد للساميّة”، وهي “تهمة” يعاقب عليها القانون في بلدان عدّة.
• تشويه سمعة أي جهة تنتقد الكيان الصهيوني ولو بالشعارات والخطابات (المنظمّات الدولية مثالاً).
• ترويج صفة “اليهودي الكاره لنفسه” ضدّ اليهود المعارضين لـ”إسرائيل” وأفعالها.
• ترويج لفكرة أن الكيان الصهيوني هو ضحيّة و جهة بريئة تتعرّض لتهديد إرهابي وبالتالي فإن أي انتقاد موجّه له سيتحوّل إلى تبرير للإرهاب.
• دفع شركات الإنترنت الكبرى لاتخاذ تدابير صارمة بحقّ الأصوات المعارضة والتواطؤ معها لقمع الرأي الآخر وإغلاق الحسابات المنتقدة واعتبارها حسابات «معادية للساميّة»
• دورات تدريبية في مجال المعلوماتية والإنترنت وعلى كيفية التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي لضمان ظهور المنشورات والتعليقات التي تتناسب مع أهدافهم.
• إطلاق التطبيقات الهاتفية وهي من أهمّ أدوات وأسلحة حربهم الإعلامية مثل (4IL Community) والتي تنشر مهمّات للمتطوّعين الراغبين في تنفيذها.
• تبليغ عن الصفحات المعادية لـلكيان المؤقت والمتعاطفة مع القضية الفلسطينية حول العالم على رأسها صفحات “حملة مقاطعة إسرائيل BDS”.
• إطلاق “زمالات الهاسبارا” وهو برنامج تجنيد متطوّعين صهاينة ومن غير الإسرائيليين لا سيما من طلّاب الجامعات في الولايات المتحدة والدول الأوروبية لإضفاء “المصداقية والموضوعية”. وقد برزت هذه الحملات بشكل كبير لخلق تقارب مع الطلّاب والشباب العرب في هذه الجامعات لإضفاء شرعية مزعومة على غرار التقارب الحاصل على مستوى الحكومات من اتفاقيات التطبيع.
كيف نقاوم الهاسبارا
مواجهة حملات “هاسبارا” والتصدّي لكافّة أنواع الدعاية الكاذبة، يكون من خلال فضح ارتكابات العدو وتوثيق إجرامه بالإضافة إلى تثقيف النّاس وتعريفهم بماهية الصراع وحجم الأخطار وسبل المواجهة لا سيما في الفضاء الإلكتروني من دون الوقوع في فخ التفاعل المباشر مع ناشطين صهاينة لما في ذلك من مخاطر عديدة. وكما في الميدان تتّبع المقاومة الالكترونية أساليب واستراتيجيات مبتكرة لدحض الرواية الصهيونية الكاذبة.
الباحث في الشؤون الصهيونية أيمن الرفاتي ” كيف نقاوم الهاسبارا “
انّ حركة المقاطعة (BDS) التي تنشط في العالم الافتراضي بوصفها حركة تستعين بالقانون الدولي وقيم حقوق الإنسان والتحالف مع الشعوب والمجموعات المضطهَدة في العالم. وقد تمكنت من توسيع المعركة ضد “إسرائيل” من مربع القوة المسلحة في الميدان إلى مربع النضال المدني، وهذا جزء أساسي من عملية النضال إلى جانب الكفاح المسلّح.
المصدر: موقع المنار
