وصف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف قرار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بإصدار ما أسمته “مذكرة اعتقال” بحق الرئيس بوتين بـ “انهيار لمنظومة القانون الدولي”.
جاء ذلك فيما نشره مدفيديف بقناته الرسمية على تطبيق “تليغرام”، حيث تابع بأن علينا الاعتراف بأن هذه المنظومة “لم تكن فعالة من قبل، وتحديدا مؤسساتها الدولية”.
وعاد ميدفيديف بالتاريخ إلى انهيار عصبة الأمم، وأعاد إلى الأذهان كيف كان الاتحاد السوفيتي يفكّر في الانسحاب من الأمم المتحدة.
وكتب مدفيديف: “اليوم يتم تبني الاتفاقيات وغيرها من الإجراءات الدولية بصعوبة، بينما يبرز التحيز الكامل والإملاءات من قبل مجموعة الدول الأنغلوساكسونية”. لكن العيب الرئيسي، وفقا له، يكمن في منظومة القانون الدولي العام وعدم كفاءتها، حيث لا ترغب الدول في تنفيذ القرارات المتحيزة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فيما يستخدم حق النقض الفيتو ضد قرارات مجلس الأمن، وتترك الدول مؤسسات الأمم المتحدة المختلفة، بسبب عدم جواز الظلم القائم على الإكراه من قبل مجموعة من الدول ذات السيادة لمجموعة أخرى من الدول ذات السيادة أيضا، واستشهد مدفيديف بأحد القواعد الراسخة في القانون الدولي Par in parem non habet imperium، بمعنى أنه لا سيادة للسواسية على بعضهم البعض.
وتابع: “لنأخذ هذه المحكمة الجنائية الدولية غير المجدية، والتي أنشئت على أساس نظام روما الأساسي، والتي لم تنضم إليها أكبر الدول، ضد من تصدر هذه المحكمة قراراتها؟ ثلاثون من الأشخاص المجهولين، فيما يبصق الرئيس السوداني على هذه الاتهامات، ورغم الانقلاب العسكري في بلاده، إلا أنه لا زال غير متاح لـ (العدالة)، والبقية لا يستحقون الذكر على الإطلاق، بمعنى أن كفاءة هذه المحكمة هي صفر. إنها ليست محكمة (نورنبرغ) و(طوكيو)، اللتين تم إنشاؤهما بشكل خاص، أو حتى محكمة يوغوسلافيا المريبة، وهو أمر مفهوم”.
وأشار مدفيديف إلى أنه من الممكن الحكم على دولة وقادتها في حالتين: “عندما يكون البلد نفسه ضعيفا بشكل كبير، وكاد يفقد سيادته ويقرر الاعتراف بالحكم على نفسه، أو عندما تخسر البلاد الحرب وتستسلم”، وخلاف هاتين الحالتين يرى مدفيديف أن تنفيذ أحكام هذه المحكمة “مستحيل”.
وتابع: “إن الحلقة الأكثر تشويها لمصداقية هذه المحكمة، وما قضى نهائيا على سلطتها مرتبط بجرائم الولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان والعراق. حيث كانت المحكمة معطلة بالكامل ولم تستطع فعل أي شيء. من الواضح أن الصراخ القوي كان من جانب الولايات المتحدة، التي صرحت بأنها لم تصدق على قانون روما الأساسي على الإطلاق، فلتلعبوا بعيدا أيها الخنازير.
اليوم يقررون محاكمة رئيس قوة نووية أخرى، لا تشارك في المحكمة الجنائية الدولية على نفس الأسس مثل الولايات المتحدة وغيرها من الدول. من الواضح أن هناك مدخلات أكثر صرامة من بلاد الماو ماو، بلا أي قيمة”.
إلا أن العواقب، وفقا لمدفيديف، على القانون الدولي ستكون وخيمة، حيث أن ذلك يمثل “انهيارا لأسس ومبادئ القانون الدولي، بما في ذلك مسلمات حتمية المسؤولية. والآن لن يذهب أحد إلى أي هيئات دولية، وسيتفاوض الجميع فيما بينهم”، وشدد مدفيديف على أن “كل القرارات الغبية للأمم المتحدة وغيرها من الهياكل سوف تنفجر في حلقاتها الأضعف”، ووصف ذلك “الانهيار المحزن” لنظام العلاقات الدولية برمته، فقد ضاعت الثقة، بل وتحمس قضاة المحكمة الجنائية الدولية عبثا، ولسان الحال يقول: “انظروا كم نحن شجعان، ولم نخش مواجهة أكبر قوة نووية”.
وتابع: “للأسف، أيها السادة، نسير. ومن الممكن لنا أن نتخيل استهدافا لصاروخ (أونيكس) فرط الصوتي من سفينة روسية في بحر الشمال نحو محكمة لاهاي، فهل يصيبه؟ قطعا مع الأسف. المحكمة مجرد منظمة دولية بائسة، ولن تضير سكان إحدى دول (الناتو)، لهذا لن تبدأ الحرب من أجل ذلك. سيخافون، ولن يشعر أحد بالأسف عليهم. لهذا عليكم أيها السادة القضاة أن تحدقوا جيدا في السماء…”.
المصدر: وكالات