حدث اليوم | من “مسدس أبو فريد” إلى “سيف القدس”… حكايةٌ لم تنتهِ بعد – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

حدث اليوم | من “مسدس أبو فريد” إلى “سيف القدس”… حكايةٌ لم تنتهِ بعد

"حماس" 35 عاماً من الجهاد والمقاومة
"حماس" 35 عاماً من الجهاد والمقاومة

تدين “حركة حماس” في انطلاقتها لأبي فريد، أو جمعة عبد الملك أبو غالي. منذ خمسٍ وثلاثين عاماً، وفي الوقت الذي كانت فيه الحركة قيد التأسيس، اجتمع الشهيد والمؤسس الشيخ أحمد ياسين ورفقائه للبحث في كيفية البدء بالعمل العسكري وحل مشكلة تأمين السلاح. وقتها، كان مسدس أبي فريد هو الحل. اقترح الشيخ ياسين الإستعانة بمسدس جاره في حي الزيتون للقيام بأول عملية، والتي ستمكن المقاومين من الاستيلاء على سلاح الجنود الاسرائيليين. وهكذا كان، تمت العملية بنجاح، وانطلقت الحركة في عملها المقاوم ضد كيان الاحتلال. تاريخٌ كامل من مراكمة التجربة العسكرية والسياسية، وصولاً إلى مقاومة قادرة على فرض معادلة ردع مع العدو وتهديد وجوده.

في مطلع عام 1992 أعلن رسمياً عن الذراع العسكري لحركة حماس “كتائب الشهيد عز الدين القسام”، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة من العمل المقاوم في فلسطين. أذاق استشهاديو الكتائب جنود العدو الموت بعرباتهم وأحزمتهم الناسفة، وبموازاة ذلك كانت عمليات أسر الجنود الصهاينة لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين، والتي شكلت هاجساً لدى قادة الاحتلال.

انتفاضة الأقصى… الانعطافة

في الانتفاضة الثانية، ظنّ العدو أنه من خلال ضرباته الموجعة، ومن خلال الاستهداف المكثف للمجاهدين أنه لن تقوم لهم قائمة.

في الضفة المحتلة، كان الاستشهاديون العنوان الأبرز لجهاد كتائب القسام، وفي القطاع عكست الكتائب فصول حكاية جيش تحرير آخذ بالتشكل، فتحت وقع الضربات الكبيرة وعلى رأسها حرب الأنفاق، اضطر العدو مرغماً على الانسحاب من القطاع أواخر العام 2005.

هذا الانسحاب كان حصيلة تطور كبير على مستوى “التكتيك القتالي”، إذ شكلت انتفاضة الأقصى منعطفاً مهماً في تاريخ المقاومة الفلسطينية. وقتها، بدأت أسلحة وتكتيكات جديدة تدخل على خط المعركة وتحقق نجاحات مهمة وظل مشوار مراكمة القدرة القتالية وتطوير الوسائل القتالية ورفع كفاءة المجاهد القسامي يأخذ منحنى تصاعدياً، كما زاد اهتمام القسام بالتصنيع المحلي الذي كان له دور بارز في مختلف المراحل، فجيشت الجهود والعقول لأجل هذا الهدف وكانت النتائج كبيرة. فكيف تطور التكتيك القتالي للقسام؟

تطور القدرة القتالية: السلاح والتكتيكات

في التفاصيل، وعلى صعيد الصواريخ، بدأت كتائب القسام دكّ مواقع العدو داخل قطاع غزة وفي محيطه بصواريخ بدائية الصنع من طراز قسام 1-2-3، وكانت مديات الصواريخ لا تزيد عن الـ 10 كيلومترات، وحملت رؤوساً حربية تزن بضع كيلوجرامات من المواد المتفجرة.

كيف تطور التكتيك القتالي للقسام؟
كيف تطور التكتيك القتالي للقسام؟

تطورت القدرة الصاروخية للكتائب وكان للتصنيع المحلي نصيب كبير في ذلك، لتدخل لاحقاً أجيال جديدة من الصواريخ للخدمة أبرزها المقادمة والرنتيسي والجعبري والسجيل والعطار وأبو شمالة بمديات تصل لأكثر من 160 كيلومترا، إضافة إلى صاروخ العياش الذي وصل مداه 250 كيلومتراً وكشف عنه القسام خلال معركة “سيف القدس” (المعركة الأخيرة مع كيان العدو والتي خيضت عام 2021)، كما استطاع القسام إدخال صواريخ وقذائف من تصنيع دولي بمديات مختلفة لقطاع غزة من دول شتى، من خلال تقنية الأنفاق التي شكلت عاملاً أساسياً لامداد الحركة وغيرها من الحركات المقاومة
في القطاع بالسلاح.

بالنسبة للعبوات، اعتمدت الكتائب في تصنيع العبوات على المواد الأولية، واستطاعت تفجير العديد من المواقع العسكرية والآليات بهذه العبوات، ومع تطور هذه الصناعات
تمكن مهندسو الكتائب من تصنيع عبواتٍ خصصت بحسب طبيعة المهمات (أرضية – برميلية – مضاد للأفراد – مضاد للدروع…).

كما شمل التطور مضادات الدروع والطيران، فبعد أن كانت قذائف البنا والياسين والبتار وبعض قذائف الـ (RPG) هي التي يستخدمها المجاهدون في استهداف الآليات، أدخلت إلى حيز الاستخدام قذائف الـ P29 والتاندم ولاحقاً الصواريخ الموجهة من طراز كورنيت وفونيكس وكونكورس وغيرها.

 كما طورت الكتائب من قدراتها في الدفاع الجوي من التصدي لطائرات الاحتلال بالرشاشات الثقيلة إلى استخدام صواريخ الكتف التي شكلت إزعاجاً لسلاح الجو الصهيوني وأصابت بعض طائراته.

على صعيد الطائرات المسيرة، وفي قفزة نوعية سيرت كتائب القسام عدداً من طائراتها من نوع أبابيل لأول مرة في تاريخ الصراع مع العدو فوق مدن الاحتلال ومبنى وزارة الحرب الصهيونية عام 2014، حيث أنتج القسام بعقول مهندسيه وعلى رأسهم الشهيد المهندس محمد الزواري طائراتٍ بمهام متعددة: استطلاعية، هجومية، وانتحارية. وخلال معركة سيف القدس أدخل القسام للخدمة طائرات شهاب الانتحارية وطائرة الزواري للاستطلاع والمراقبة، ولا زال التطوير في هذا المجال متواصلاً دون توقف، بانتظار الكشف عنها في المواجهات المقبلة مع كيان الاحتلال.

على صعيد تطور التكتيكات القتالية، بدايةً كانت المجموعات القسامية قليلة العدد وتعمل بشكل منفصل وبعتاد متواضع، لتصبح لاحقاً أشبه بتشكيلات الجيوش النظامية تضم تخصصات وصنوفاً متعددة يتم قيادتها بشكل مركزي.

خلال الانتفاضة الأولى والثانية تصدى مجاهدو القسام ببسالة لتوغلات الاحتلال، وواصلت كتائب القسام تصديها للعدو في معارك عدة فكان الصمود الأسطوري في معركة الفرقان وانتصار حجارة السجيل والعصف المأكول وإدخال “تل أبيب” عاصمة الكيان ضمن المناطق التي تطالها صواريخ المقاومة دون تردد، وليس انتهاء بمفاجآت معركة سيف القدس التي أذهلت العدو.

من جهة ثانية، نفذت “كتائب القسام” منذ التأسيس 30 عملية ومحاولة أسر لجنود صهاينة إلى أن توجت “عملية الوهم المتبدد” بصفقة تحرير أكثر من ألف أسير فلسطيني منهم المئات من الأسرى أصحاب المحكوميات العالية.

كما طورت كتائب القسام من استخدامها للأنفاق، فكانت الهجومية التي نفذت منها عمليات التسلل خلف خطوط العدو، والدفاعية التي كمن فيها المجاهدون لجنود العدو وآلياته حينما تقدمت لتخوم القطاع الشرقية فجعلت منهم أسرى او قتلى أو جرحى في مرمى نيران المجاهدين.

 أما في “الجهاد البحري”، فقد شكل إضافة نوعية في تكتيكات القسام، إذ شكلت عملية “زيكيم” البحرية في معركة العصف المأكول عام 2014 نقلة نوعية في ذلك، عندما هاجمت وحدة كوماندوز من الضفادع البشرية القسامية قاعدة “زيكيم” العسكرية واستهدفوا العدو وآلياته هناك، ولا زالت وحدات الكوماندوز البحري المختلفة تطور قدراتها وتكتيكاتها لمواجهة العدو خلال أي معركة قادمة. كما أفشلت الكتائب العديد من المخططات الصهيونية للسيطرة على شبكة الاتصالات الخاصة بالمقاومة كما حدث في دير البلح، وعملية حد السيف شرق خانيونس، وليس انتهاء بسراب وغيرها من عمليات الاختراق وحرب العقول التي لا زالت على أشدها.

وفي عام 2022، كشفت الكتائب عن أكثر أسلحتها سريةً وغموضًا، وهو “سلاح السايبر” الذي شكل نقلةً نوعية في صراعها مع العدو الصهيوني، إذ أعلنت وقتها عن أبرز عمليات هذا السلاح من اختراقات وإنجازات على مدار 8 سنوات منذ تأسيسه عام 2014 على يد الشهيد القسامي القائد جمعة الطحلة.

انفتاح وعلاقات سياسية متوازنة

في موازاة التطور العسكري، كان المسار السياسي، إذ راكمت الحركة على هذا الصعيد تجربة هامة، بنيت حسبما يرى قياديوها على “الانفتاح والتوازن”. تبنت الحركة منذ انطلاقتها عام 1987 سياسة ثابتة بالانفتاح على مكونات الأمة كافة، ودول العالم، بما يخدم الحقوق والقضية الفلسطينية.

في السياق، يؤكد رئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية في حركة حماس خليل الحية أن “الحركة حرصت منذ تأسيسها على إنشاء علاقات سياسية مع كل الدول التي سمحت بذلك وبالشكل وبالطريقة التي ترغبها”، مشيرًا إلى أن “حماس تتمتع بعلاقات متميزة مع كثير من الدول رسميًا وشعبيًا”.

ويرى قياديو حماس أن الأخيرة “تحرص الحركة على بناء علاقات سياسية قائمة على نقاط الالتقاء والعمل لتعزيزها وتوسيعها مهما كانت التباينات الأخرى، وترى أن تحالفاتها تهدف إلى خدمة المقاومة وقضيتنا الفلسطينية، وأن المقاومة هدفها فلسطين وليس لديها معركة خارجها”، لافتين إلى أنه “بالرغم من الحصار السياسي المفروض على الحركة منذ نجاحها في الانتخابات التشريعية عام 2006، استطاعت تطوير علاقاتها السياسية مع العديد من الدول في الساحة الدولية والإقليمية”.

من معركة “الفرقان” (عام 2008)، إلى “حجارة السجيل” (عام 2012)، إلى “العصف المأكول” (عام 2014)، وختاماً بمعركة “سيف القدس” (عام 2021)، تزداد الحركة قوة في مواجهة العدو الذي رغم كل أنواع الحصار والاغتيالات، بات يحسب حساباً لأي معركة جديدة قد تحدث مزيداً من التغيير في  قواعد الاشتباك لصالح المقاومة، خصوصاً أن الجولات القتالية لم تعد تخاض من قبل حماس وحدها، بل تشمل قوى المقاومة موحدةً في إطار غرفة مشتركة هدفها واحد: تحرير فلسطين.

المصدر: موقع المنار+وكالة شهاب الفلسطينية

رأيكم يهمنا

شاركوا معنا في إستبيان دورة برامج شهر رمضان المبارك