لم تكن الاعترافات الصهيونية التي وردت امس في بعض وسائل اعلام العدو بقتل فلسطينيين في اعدامات ميدانية دون وجود “خطر” يدفع لهذا القتل، الا محاولة للتغطية على الجرائم المستمرة بحق الفلسطينيين والايحاء بان الجيش الصهيوني يجري تحقيقات جدية ومحاكمات ومراجعات.
لكن الحقائق منذ سياسة التصفيات الاخيرة بل منذ وُجد الاحتلال على ارض فلسطين تدل على العكس وحتى لو قدّم الجيش الصهيوني الاف التقارير عن تحقيقات يجريها حول ممارساته بحق الفلسطنيين لن يكون ذلك كافيا للحديث عن الحالات اليومية منذ انشاء كيان الاحتلال التي يعاني فيها الفلسطينيي من سياسة القتل والاجرام الممنهجة.
منذ الهبة السلطينية الاخيرة شهدنا حالات اعدام عديدة بدم بارد بل ترك الضحية تنزف على الارض، وتحدثت الوقائع والصور والفيديوهات الموثقة التي بثتها وسائل الاعلام عن بعض هذه الحالات التي كان يتم فيها تصفية فلسطينيين في الشوارع بحجة حمل سكين او حتى الاشتباه بوجود سكين!
بل حتى ان بعض الفيديوهات اثبتت ان بعض الضحايا الفلسطينيين كانوا عزّلا حتى من السكين عندما فتحت النار عليهم حتى الموت، وفي حالات كثيرة لم يكن يتم اطلاق النار على الجزء السفلي من الجسم بل على الرأس او الصدر في تصرف يهدف للقتل بشكل واضح.
وحتى لو اوحى الاحتلال انه يجري تحقيقات بحق جنود تجاوزوا “الاوامر” او اطلق كل فترة تقارير عن محاكمة جنود، فلن يلمّع هذا حتى زاوية صغيرة من صورة الاحتلال الارهابية، بل هنا نتساءل لماذا انطلقت هذه الهبة اساسا؟ اليس بسبب انتهاكات الاحتلال والمستوطنين المتمادية وسياسة الاستيطان والتهويد وقتل اي حياة وانتهاك كل حقوق؟
ما اوردته الاذاعة العامة الاسرائيلية امس انه بعد مراجعة احداث اخيرة قامت خلالها قوات الامن الاسرائيلية بقتل فتاة فلسطينية كانت تحمل سكينا وفتى اخر كان يلقي الحجارة، تبين انه كان يمكن تجنب استخدام القوة المميتة. هذا التقرير للجيش الصهيوني ليس الا الباسا للحقيقة بقناع الزيف والخداع والايهام بتحقيقات وان ما يجري من اعدامات ميدانية ليس سياسة متبعة بل خرق تعليمات ، ولكن من جانب اخر يمكن الاستفادة من هذه الاعترافات لتوثيق اقرار العدو نفسه بجرائمه واستغلال ذلك في حملات عالمية موجهة للراي العام والمجتمع الدولي.
بحسب التقرير الذي نقلته وكالة فرانس برس ذكرت الاذاعة الصهيونية انه تم اطلاق النار بعد ان لاحقت دورية اسرائيلية مجموعة من الفتيان الفلسطينيين القت حجارة على حافلة اسرائيلية مرت من المنطقة. يضيف التقرير “حاول احد الفتية القاء الحجارة من مسافة قصيرة على قائد القوة الذي اطلق النار عليه وقتله” مشيرا الى انه “بحسب التحقيق. لم يكن هناك اي خطر على حياة (القائد). لم يكن يتوجب عليه اطلاق النار بهدف القتل”.
لكن اللافت ان المتحدث يقول ان التحقيقات هي اجراء روتيني وهو ما يؤكد فكرة ان ما يريده الاحتلال من هذه التقارير الايهام ان هذا الجيش الارهابي يجري تحقيقات دورية لمنع التجاوزات! حيث قال المتحدث للوكالة انها كانت مراجعة روتينية لمعاينة ادائنا وتحسينه.
في هذا الوقت ياتي ما نشرته صحيفة “هآرتس” من تفاصيل جديدة حول عملية إعدام الشهيدة رحيق البيراوي، على حاجز زعترة جنوبي نابلس قبل أيام ليشكل نموذجا عن مئات بل الاف الحالات المشابهة ، حيث تبين ان عملية الإعدام للشهيدة رحيق تمت بإطلاق 30 رصاصة عليها من قبل خمسة جنود من “حرس الحدود الإسرائيلي”.
وأوضحت التحقيقات بأن إطلاق الرصاص تم على مرحلتين، الأولى أطلق خلالها جندي الرصاص تجاه الشهيدة فأصابها بساقيها، ثم أطلق أربعة جنود آخرين الرصاص تجاهها مجددًا، مما تسبب باستشهادها، بعد أن كان الجندي الأول قد أطلق النار على ساقيها وأصابها بجروح.
لا بد ان نذكر ان الاحتلال يعلن احيانا عن تحقيقات ولكن فيما بعد يقفل كافة ملفات التحقيق او يوقف المحاكمات عن جنوده بحيث لا تتم اية محاسبة بعدما يكون استثمر ذلك اعلاميا امام العالم والراي العام العالمي في محاولة التضليل الممنهج.
المصدر: موقع المنار