احتلت التطورات الاخيرة المتسارعة بين ايران وجمهورية آذربيجان صدارة الاهتمام الامر الذي جعل الانظار تتجه نحو الحدود المشتركة بين البلدين ومدی احتمالية تصاعد حدة الازمة بينهما .
ما يحدث من توتر علی الحدود الايرانية الآذرية ربما يكون احد حلقات التأزيم التي تسعی لها دوائر متعددة في المنطقة وخارجها من اجل الضغط علی المواقف الايرانية التي باتت تزعج تلك الدوائر، خصوصا في ظل حكومة ايرانية جديدة تريد ان تعيد صياغة علاقات ايران الخارجية وفق قواعد جديدة.
وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبد اللهيان المعروف بهدوئه ورصانته صرح بلهجة لا تخلو من التهديد عندما خاطب سفير جمهورية اذربيجان لدی طهران خلال تقديمه اوراق اعتماده قائلاً “لن نتسامح مع اي تواجد للكيان الصهيوني بالقرب من حدودنا وسنتخذ ما نجده مناسبا لأمننا القومي”.
ما اقلق ايران في حدودها الشمالية دخول “الكيان الاسرائيلي” علی خط الحدود الآذرية الارمينية ذات الاهمية ليس لهاتين الدولتين فحسب وانما للجانب الايراني الذي يشكل معبرا مهما للقارة الاوروبية .
علاقة الكيان الصهيوني بآذربيجان تعود الی تسعينيات القرن الماضي وتحديدا لتاريخ اعلان استقلال الجمهورية الاذرية في 1991 حيث وجد العدو الاسرائيلي في هذه الجمهورية الفتية احتياطيات كبيرة من النفط وتحتل موقعا جيوسياسيا مهما علی بحر قزوين وبالقرب من الحدود الايرانية اضافة الی اتصاله بتركيا واوروبا عبر الحدود البرية .
وقد نبهت ايران حكومة اذربيجان من مغبة السماح للكيان الصهيوني من التمدد او اعطائه امتيازات علی حساب العلاقة التاريخية التي تربط باكو بطهران مع العلم ان هذه الجمهورية تتناصف اليوم الشعب الآذري الذي بتقاسم جانبي الحدود الايرانية الاذارية.
هنا لا يمكن اغفال الدور التركي السلبي في تلك المنطقة والذي ترجم تعاوناً وثيقا بين اردوغان والعدو الصهيوني في دعم اذربيجان خلال حربها الاخيرة ضد ارمينيا وذلك في محاولة لتحقيق احلام اردوغان العثمانية على حساب ايران.
المعلومات التي تمتلكها السلطات الايرانية تتحدث عن سماح الحكومة الاذرية لعناصر تابعة لجهاز المخابرات الصهيوني “الموساد” بنصب اجهزة تنصت وقواعد امنية بالقرب من الحدود الايرانية اضافة الی قيام هذه العناصر بعمل حثيث لدعم حركة قومية آذرية تنادي بانفصال اقليم آذربيجان الايراني وانضمامه لجمهورية اذربيجان، وهو ما يتناغم مع رغبة تركية اردوغانية لتأسيس مجموعة الدول الناطقة بالتركية وهو الحلم العثماني الذي يسعی اليه الرئيس التركي اردوغان.
ايران تسعى لتفادي حصول متغيرات جيوسياسية قد تذهب اذربيجان الى القيام بها مع ارمينيا بمساعدة تركية “اسرائيلية” من اجل سيطرة اذربيجان علی اقليم “سونيك” ، وهو شريط حدودي المسمی بالطريق 41 والذي يمتد 21 كليومترا بين ايران وأرمينيا والذي يعتبر معبر التجارة الايرانية نحو اوروبا مقابل منح ارمينيا مناطق في اقليم قرباغ .
قيادة الحرس الثوري الايراني قامت مؤخراً باجراء مناورات عسكرية “فاتحو خيبر” على الحدود المشتركة مع جمهورية اذربيجان في رسالة ايرانية واضحة تعبر عن رفض ايران الصريح لأي تغيير جيوسياسي في المنطقة وبان ايران على استعداد لخوض حرب عسكرية في تلك المنطقة اذا لزم الامر. رغم المناورات العسكرية والتحذير الايراني الا ان تركيا واذربيجان اعلنتا يوم امس عن قيام مناورات عسكرية مشتركة في منطقة نخجوان القريبة من الحدود الاذرية الايرانية.
من مصلحة اذربيجان الاخد بعين الاعتبار الامن الاستراتيجي لمنطقة القوقاز او للبلاد المطلة على بحر قزوين التي تعتبر منطقة روسية مغلقة وان لا تصبح اذربيجان الخاصرة الرخوة لايران و رفض التسليم لرغبات اردوغان المشتركة مع العدو الاسرائيلي او الرضوخ للعبث بامن وجغرافية وديمغرافية ايران للاسباب التالية:
-اولاً ايران كانت الداعم الرئيسي لاذربيجان في بسط سيادتها علی اقليم قرباغ
-ثانياً ان اردوغان اليوم ليس اردوغان الامس بعد خسارته احلام مشروع باراك اوباما الشرق الاسط الجديد القائم على تسليم الحكم الى تنظيم الاخوان المسلمين وخصوصاً بعد خسارة التنظيم و انكفائه عن مخلفات الربيع العربي وعن المشهد السياسي في الوطن العربي
-ثالثاً الرهان على الامريكي او على العدو الاسرائيلي هو رهان خاسر وعلى اذربيحان اخذ العبرة من انكفاء امريكا من المنطقة وانسحابها من افغانستان واعلانها الخسارة الاستراتيجية.
ايران بما تمثله من حضور فاعل في المنطقة و الاقليم نجحت في تطويق العدو الاسرائيلي بمحورمقاومة متماسك بدءا من غزة مروراً بالجولان وصولاً الى جنوب لبنان، لكن ايران تجد نفسها اليوم امام تحد من نوع جديد يتمثل بمحاولة اسرائيلية تركية مشتركة لخرقها من الخاصرة الآذرية انطلاقاً من اذربيحان.
اشتهرت ايران بصبرها الاستراتيجي لكنها اشتهرت ايضاً بردها العسكري الاستراتيجي ، تذكروا ماذا حل بقاعدة عين الاسد في العراق وقاعدة الموساد الاسرائيلي في اربيل.
الموقع غير مسؤول عن النص وهو يعبر عن وجهة نظر كاتبه فقط
المصدر: خاص