تعيش تونس منذ وصول الرئيس قيس سعيد الى سدة الرئاسة مخاضا سياسيا لا يبدو سهلا ، تبدو افاقه المرسومة ، انهاء ما تمخص عن ما سمي “ثورة الياسمين” التي انهت حكم زين العابدين بن علي الذي لجأ الى السعودية حيث توفي لاحقا.
لم يخف الرئيس قيس سعيد وهو رجل قانون طيلة حياته، او يضمر كما الشرائح السياسية المتعارف عليها ما يرمي اليه منذ وصوله الى سدة الرئاسة ، وهو تركيز حملته في استهداف حركة النهضة التي حكمت تونس فعليا منذ انهيار حكم بن علي.
ان فشل حركة النهضة في تنفيذ الرؤية التي حاربت بواسطها نظام بن علي ،على مدى عشر سنوات في الحكم ، اسّس من دون شك لصراعات داخلية داخل الحركة التي امسك بها زعيمها راشد الغنوشي بقبضة فولاذية ، اضافة الى انفكاك جماهيري من حول الحركة ، بعد ان كانت الجماهير منت نفسها بالمن والسلوى جراء زوبعة ما سمي “الربيع العربي” الذي كانت تونس اولى معاقله.
لقد فاقم الاستقطاب ، او الصراع القطري السعودي في تونس تحديدا ، وان لم يطفُ كثيرا على السطح ، الاوضاع في البلد المنهك اقتصاديا وماليا، واوجد شريحة مستفيدة اثريت على حساب الصالح العام ، ولقد ساهمت هذه الشريحة في افشال تجربة النهضة في الحكم وادارة الدولة.
لقد شهدت حركة النهضة ولادة مجموعة من المتمردين عام 2019 ، الا ان الغنوشي اعتبرها غير ذات تأثير رغم ان البعض من المؤسسين الاوائل ، ما اسهم في الازمة السياسية التي استفاد منها الرئيس قيس سعيد واتخذ اجراءات وقرارات محورية ابرزها ابعاد رئيس الحكومة النهضوي هشام المشيشي ، ثم تعليق البرلمان الذي يرأسه الغنوشي، الذي منعه الجيش من دخول البرلمان، وهي سابقة في تاريخ الجيش التونسي منذ الاستقلال الامر الذي يؤشر الى ان الرئيس سعيد تمكن من استمالة المؤسسة العسكرية ، واستعداد هذه المؤسسة لحماية قرارات الرئيس التي اعتبرها الغنوشي انقلابا على الدستور ، مع اتهام سعيد بالاستبداد.
لا يبدو المخاض في تونس، هذه الدولة المتأثرة كثيرا من الوضع في ليبيا المشتعلة فصولا، سيكون سهلا ، سيما ان الرئيس سعيد قرر حرق مراكب النهضة ، وهو لم يستمع الى احد ، وقد فشلت الضغوط الخارجية المتعاظمة عن ثنيه عن قراراته ، بالتوازي مع اتهامه بانه “ديكتاتور” من طراز جديد ، فيما انصاره يردون بان من يتهم الرئيس بانه ديكتاتور او مستبد ، الاحرى به ان يمارس العكس في حزبه حيث تولد وتترعرع الديمقراطية اصلا.
الموقع غير مسؤول عن النص وهو يعبر عن وجهة نظر كاتبه فقط